هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟

هل يحق للنسويات انتقاد وضع المرأة في الإسلام؟ | مرابط

الكاتب: حمود بن ثامر

119 مشاهدة

تم النشر منذ 5 أشهر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم يبعثون؛ أما بعد:

فبرزت في السنوات الأخيرة كتابات في وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعار النسوية والانتصار للمرأة من المظلومية الأبدية (!) –بحسب زعمهن- وهي خضوعها لتسلط الرجل وعدم مساواتها به.

لن يكون المقال في بيان (حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام) فتستطيع أن تنسخ الجملة السابقة التي بين قوسين وتضعها في محركات البحث فتقذف لك النتائج بكتابات رصينة تكفي طالب الحق.

ولن يكون المقال في بيان أن النسويات على اختلاف أنواعهن يعتبرن الرجل هو النموذج الأكمل الذي يجب تقليده وفعل كل ما يعد فعلًا خاصًا به، حتى تصل المرأة إلى الكمال!

إنما سيكون المقال إجابة على السؤال التالي:
هل يحق للنسويات على اختلاف مرجعياتهن الفكرية أو الفلسفية أن ينتقدن مكانة المرأة في الإسلام؟

والذي دفعني لطرح هذا السؤال أني أرى سجالات مختلفة بين النسويات والنسويين (1) من جهة وبين المدافعين عن الإسلام من جهة ... لكني لم أر بحسب اطلاعي من توقف لحظات وقال: هل يحق لكن ولأذنابكن من النسويين توجيه النقد أصلًا لمكانة المرأة في الإسلام أو على الأحكام التي اختصت بالمرأة في القرآن والسنة؟

النسويات لسن سواء في المشرب والمنزع ويمكن الكلام عن أقسامهن الرئيسية:
فمنهن الملحدة –وهن الأغلب- ومنهن الليبرالية (وهذا القسم فرع عن الملحدات) ومنهن النصرانية واليهودية...وهذا التقسيم لا يشمل المتأثرات بالطرح النسوي -التأثر اليسير- لأن وجود بعض التأثر عند بعض المنتسبات للإسلام لا يجعلهن قسمًا مستقلًا.

فهل يحق لأي واحدة من هذه الأقسام توجيه أصابع السب للإسلام وأحكامه؟ 
المشتغلون بهذه الفلسفات والأفكار والملل توصلوا للجواب مباشرة بحسب ما أظن.

فالملاحدة يقررون أن "الجنس البشري ليس إلا حثالة كيميائية على سطح متوسط الحجم"(2) وكذلك يقررون أنه لا وجود إلا للمادة فلا وجود لمعاني الظلم والعدل والأخلاق؛ قال ريتشارد داوكينز:" الكون في حقيقته بلا تصميم، بلا غاية، بلا شر ولا خير، لا شيء سوى قسوة عمياء لا مبالية(3) ... والداعي لمثل هذه الإشارات لهذه الاعتقادات الإيمانية للملاحدة أن النسوية ذات المرجعية الإلحادية ليس لها نقد مكانة المرأة في الإسلام أو الأحكام التي ميزتها كأنثى ووصفها بالظلم لأنه لا وجود لشيء مادي أصلًا اسمه ظلم يمكن قياسه وإثباته موضوعية في العلم التجريبي ومختبراته !

ناهيك عن نظرة أساطين الإلحاد وآلهة الملحدين للمرأة وجنسها؛ فهذا داروين طاغوت الملاحدة الأكبر يقول "المرأة أدنى في المرتبة من الرجل وسلالتها تأتي في درجة أدنى بكثير من الرجل"(4)

وأما النسوية الليبرالية، فليس لها أيضا انتقاد مكانة المرأة ولا أحكامها في الإسلام، لأن الليبرالية تقرر نسبية الحقيقة، أي الحق عندي ليس بالضرورة هو كذلك عندك، وهذه سفسطة يقررها عامة الليبراليين؛ يقول راسل: "إن الفيلسوف الليبرالي لا يقول: هذا حق، بل يقول في مثل هذه الظروف: يبدو لي أن هذا الرأي أصح من غيره"، وهذا أحد أئمتهم وهو تركي الحمد يصرح قائلا: "لن تكون متقدمًا أو صاحب أمل في التقدم؛ إذا قبلت الرأي على أنه حقيقة، والحقيقة على أنها مطلقة وليست نسبية" (5)

حينئذ جزم الكائن النسوي ذو المرجعية الليبرالية بأن المرأة في الإسلام مظلومة أو مهضومة الحقوق، وعمل المعارك والحملات المتعاقبة والاستعانة بالغرب لتأجيجهم على المسلمين هو مخالف ومناهض لنسبية الحقيقة وهو سعي من الليبرالية النسوية لفرض رؤيتها على أنها حقيقة مطلقة! وأين الحرية المزعومة -تنزلا أسأل-؟

وأما النسوية النصرانية واليهودية فهي آخر من يتكلم أو يهاجم الإسلام؛ فنصوص كتابهم المقدس فيها ما لا يوجد في الإسلام؛ ففي اليهودية مثلًا إذا مات الزوج يفرض على أخوته الزواج من زوجته ويكون ترتيب الحق بالأكبر ويعرض على البقية في حال رفضه...فهي كالمتاع الموروث!، وما يتعلق بحيضها ونفاسها وكيف تعامل بأنها نجسة تنجس كل ما لمست كفاية.

وأما في النصرانية فالأمثلة كثيرة وأقلها ليس للمرأة أن تتكلم في الكنيسة وهذا قبيح منها وإن أرادت أن تتعلم شيئًا فترجع للبيت وتسأل زوجها (6) مع أن هذه الأحكام التي لليهودية أو النصرانية لو ثبتت لن تشكل للمؤمن بها حرجا ولكن المراد من ذكرها أن من تنطلق من صحة تلك المرجعيات لا يحق لها انتقاد وضع المرأة في الإسلام!


الإشارات المرجعية:

  1. وهم رجال تبنوا طرح النسويات
  2. Stephen Hawking
  3. River out of Eden, p.131-132
  4. Darwin, the descent of man ,p. 326
  5. من هنا يبدأ التغيير ص347
  6. 1كورنثوس 14 : 34
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية #المرأة-المسلمة
اقرأ أيضا
الحقيقة الكبرى الناظمة للقرآن | مرابط
مقالات

الحقيقة الكبرى الناظمة للقرآن


يحدثك القرآن عن ظاهرة المصائب والأضرار التي تصيب الإنسان في حياته الشخصية وبالرغم من أن الله شرع لنا اتخاذ الأسباب كالأدوية للشفاء من المرض والتماس الرزق لرفع الفقر إلا أن القرآن يكثف دائرة الضوء على أمر آخر أهم وهو أن يرتبط الفؤاد بالله سبحانه وتعالى وهو يصارع هذه البلاءات

بقلم: إبراهيم السكران
109
كيف تتصرف عندما يعاملك أحد بتقصير؟ | مرابط
تفريغات

كيف تتصرف عندما يعاملك أحد بتقصير؟


وأنت أيها الداعية: كيف تتصرف حينما يتصرف أحد المدعوين نحوك بتقصير أو بكلمة أو بفعل لا يليق؟ أتعاديه وتجانبه وتجفوه أتأمر أصحابك أن يقاطعوه ويهجوه ويهجروه أتتخذ منه موقفا: هو في سبيله وأنت في سبيلك من أجل نفسك إن هذا لا يليق أيها الإخوة.

بقلم: خالد السبت
112
الحياء في الإنسان | مرابط
اقتباسات وقطوف

الحياء في الإنسان


وأما الحياء من الله تعالى فيكون بامتثال أوامره والكف عن زواجره وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استحيوا من الله عز وجل حق الحياء فقيل: يا رسول الله فكيف نستحي من الله عز وجل حق الحياء قال: من حفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وترك زينة الدنيا وذكر الموت والبلى فقد استحى من الله عز وجل حق الحياء

بقلم: الماوردي
225
وضع الحجاب في الأندلس بعد الاستعمار | مرابط
تاريخ تفريغات المرأة

وضع الحجاب في الأندلس بعد الاستعمار


حظر اللباس الموريسكي الموريسكيون هم المسلمين الذين دخلوا في المسيحية حظر اللباس الموريسكي على الرجال والنساء وإلزام النساء بالإضافة إلى ذلك بكشف الوجه -لأنهن كن قد غطين الوجوه- في الزفاف وفي كل أنواع الاحتفالات تمنع رقصة السمرة وإقامة الليالي أي: تقوم الليالي بمصاحبة الآلات الغنائية ويجب أن تضل أبواب البيوت مفتوحة وتمنع النساء من التخضيب بالحناء ويحظر استعمال الأسماء والألقاب الإسلامية

بقلم: عبد العزيز الطريفي
133
تجريم التعظيم | مرابط
مقالات

تجريم التعظيم


الغضب لله أصبح في مجتمعات المسلمين مجرما تجرمه القوانين بل ويجرمه كثير من النخب والرموز الدعوية والهيئات الإسلامية حتى صارت ثقافة تجريم التعظيم شائعة في المسلمين وساعد في نشر هذه الثقافة وجود ممارسات سيئة من بعض الجماعات الإسلامية فكردة فعل عليها هرب الناس من رمضاء الغلو إلى نار التهاون في حق الله وحق رسوله وحق دينه وهذا التهاون لا يقل خطورة أبدا عن خطورة الغلو

بقلم: إياد قنيبي
418
مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن ج2 | مرابط
مناقشات

مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن ج2


تعتبر مقالات محمد الخضر حسين من أهم ما قدم في الرد على كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي وهذه المقالات تفند جميع مزاعمه وترد عليها وتبين الخطأ أو ربما الأخطاء والمغالطات التي انطوت عليها نظريته التي قدمها فيما يخص الشعر الجاهلي وكيف أن هذه الأخطاء تفضي إلى ما بعدها وبين يديكم أحد أهم مقالاته في الرد على كتاب طه حسين حول موضوع الحياة الجاهلية وهل نلتمس ملامحها من القرآن أم من الشعر

بقلم: محمد الخضر حسين
388