"وأنذِرهم يومَ الحَسرة"
رُبَّ صاحبِ مالٍ وثراءٍ ودَّ لو كان في الدنيا فقيرًا مُعدَما، لِما يرى في صحيفته من آثام الكسب الحرام والإنفاق الحرام، وقبض اليد عن أداء حقوق العباد!!
ورُبَّ متعلِّمٍ ذي فكرٍ وفلسفةٍ، أفوَهِ اللسان بديعِ القلم، ودَّ لو كان عامِّيًا جاهلا أو كان معتوهًا لا يعقل، لما يرى في صحيفته من آثام ضلاله وإضلاله للآخرين، وقد جاء يحمل وزرَه وأوزارَهم على ظهره!!
ورُبَّ جميلٍ حسَن الوجه، ممشوق القامة، ودَّ لو كان عبدًا حبشيا، لما يرى في صحيفته من أوزار العجب والغرور وأصناف الغواية!!
وكم من صاحب صوتٍ عذبٍ ودَّ لو كان قبيحَ الصوت أو كان أبكمًا، لما يرى في صحيفته من آثام إغواء الناس بغنائه وتطريبه وتهييج غرائزهم في المعاصي!
ورُبَّ مبصرٍ ودَّ لو كان أعمى في هذه الدنيا لما يرى في صحيفته من آثام النظر إلى الحرام!!
ورُبَّ سميع ودَّ أن لو كان أصما!!
ورُبَّ ناطقٍ ودَّ أن لو كان أبكما !!
ورُبَّ ماشٍ ودَّ لو كان أشلاً مقعدًا !!
ورُبَّ قويٍ ذي بطشٍ ودَّ لو كان ضعيفًا أكتَعا !!
وكم من صاحب جاهٍ وسلطان يهابُ الناس سطوته ودَّ لو كان عبدًا وضيعًا مغمورًا بين الناس، لما يرى من مثالب تكبُّره واستعلائه على الخلق، ويرى الحسابَ العسير للكُبراء، كل على قدر مكانته ومسؤوليته!!
وأشدُّ أمانيِّ الكفار غرابةً عند الموقف الأكبر أن لو كانوا بهائمَ لا تعقل، حينما يتمُّ الفصل بينها ويقال لها كوني ترابًا، فيقول الكافر يا ليتني كنتُ ترابا.
ولن يسلم من نوع حسرَةٍ أحدٌ، حتى المُحسن، يودُّ لو أنه استفرغ وسعَه وزاد في إحسانه، ولسانُ حاله؛ "يا ليتني قدَّمتُ لحياتي"!!
المصدر:
صفحة الكاتب على فيسبوك