عداء اليهود للمسلمين الجزء الأول

عداء اليهود للمسلمين الجزء الأول | مرابط

الكاتب: عمر الأشقر

1119 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

حقيقة عداء اليهود للإسلام

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

تمكن المسلمون من فتح الأندلس، ثم خرجوا منها وليس ذلك بسبب قوة أعدائهم، وإنما بتفرق كلمتهم وتجزئهم وانقسامهم، فأزال الله سبحانه وتعالى دولتهم، وخرجوا من تلك الديار بعد أن عمروها مئات السنين، وبعد أن كان يرتفع فيها صوت الأذان، ويحكم فيها بشرع الله سبحانه وتعالى، فلما تفرقوا وتجزءوا وأصبحوا دولًا؛ أزال الله سبحانه وتعالى دولتهم، وتخلى نصر الله سبحانه وتعالى عنهم، وهذه حال كل من فعل هذا الفعل وسار في هذا الطريق.

واليوم في وسط بلاد المسلمين تقوم دولة لليهود اغتصبت جزءًا من ديار المسلمين في أول الأمر، ثم زادت عليه فأخذت فلسطين كلها، وأخذت أجزاء أخرى من بلاد المسلمين، وهي تطمع غدًا في احتلال الأردن وسوريا ومصر والعراق، وتصل إلى منابع النفط، وإلى المدينة المنورة، وإلى خيبر حيث كان يقيم آباؤهم وأجدادهم في الماضي.

فهذه مطامعهم ولا يخفونها، وهذه خارطتهم يوزعونها على أبنائهم في مدارسهم، ورفعوها شعارًا لهم فوق مجلس الأمة الذي يسمى بالكنيست، وينادون بها في محافلهم ويكتبونها في كتبهم، ثم بعد ذلك نجد الذين يحكمون بلاد المسلمين يمدون أيديهم إلى اليهود يريدون أن يفاوضوهم، ويريدون أن يجتمعوا بهم، ويرضوا بأن يتقاسموا معهم فلسطين!

والمنظمة التي قاتلت أكثر من خمسة عشر عامًا يقول زعماؤها اليوم: إننا نرضى بشبر من فلسطين نقيم عليه دولة الفلسطينيين! يريدون قطعة أرض يقيمون عليها دولة فلسطين، وليس هناك حاكم من حكام الدول العربية إلا وقد صرح بأنه إذا قبل اليهود بالتقسيم ورضوا بأن تقام دولة للفلسطينيين في جزء من فلسطين فإنهم سيسالمون اليهود وسيعقدون معهم صلحًا.

فهذه قضية خطيرة نأمل ألا تسري إلى نفوس المسلمين، فالعداء بيننا وبين اليهود ليس على شبر أرض، فمنذ أن قامت دولة الإسلام نصب اليهود أنفسهم معادين لهذه الدولة، ومكروا ودبروا وخططوا حتى يقضوا على دولة الإسلام في أرضه وفي مهده، وانتصر الإسلام؛ لأنه منزل من عند الله، واستمر الكيد اليهودي إلى اليوم، وقد بين الله سبحانه وتعالى أن اليهود لا عهود لهم ولا مواثيق، والواحد منهم لا يؤمن جانبه، واليهود كما أخبرنا الله -ومن أصدق من الله قيلا- أنهم يعلمون أن ديننا حق، وأن محمدًا مرسل من عند ربه، وأن هذا الكتاب هو كتاب الله، بل يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ومع ذلك يعادون الإسلام، والمسلمين، ويكفرون بالقرآن، ويكذبون بمحمد صلى الله عليه وسلم.

وأخبرنا الله بأن قلوبهم قست، وأن نفوسهم جفت فيها منابع الخير، وأنهم نقضوا عهودهم ومواثيقهم مع ربهم سبحانه وتعالى، فغضب عليهم ولعنهم، وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، فكيف بعد ذلك يُؤمن جانبهم ويؤمن مكرهم؟

فالقضية عند اليهود واضحة، وهدفهم واضح محدد لا يرضون به بديلًا، وإنما يلاينون ويجاملون في بعض المراحل حتى يتمكنوا، ثم بعد ذلك يقفزون قفزات أخرى حتى يحققوا أهدافهم.

وهذا غباء من المسلمين الذين يظنون أنهم يستطيعون أن يهادنوا اليهود ويسالموهم، أو أن يعيشوا وإياهم في دولة واحدة يجمعها سلطان واحد، أو أن يكون لكل منهما دولته وجيشه وسلطانه، فكل هذا لا يمكن أن يتحقق في واقع الأمر أو واقع الحياة.

ثم إن المسألة مسألة دين، وإرضاء لله سبحانه وتعالى قبل أن تكون مسألة أرض، فالأرض تعود، ولكن إذا أغضبنا الله سبحانه وتعالى فمن ينجينا من غضبه وعقابه؟ فالله سبحانه وتعالى لا يرضى أن يذل المسلمون وأن تنتهك حرمات الإسلام، فلا يجوز أن يرضى المسلمون بالدنية في دينهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يرضى ذلك أبدًا، بل إنه يريد للإسلام العزة، ويريد للمسلمين النصر على فئة لا يبلغ تعدادها بضعة ملايين، فما أشبه الحال هنا بالحال في الأندلس!


أول خطوة في طريق النصر


لو كانت دول الإسلام الآن دولة واحدة تخفق رايتها في هذه البلاد الشاسعة، وجيشها جيش واحد، وحكومتها حكومة واحدة، وماليتها مالية واحدة، أيستطيع أن يقترب منهم اليهود؟ أتستطيع أن تناصبهم العداء أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو روسيا؟
لو كان تعداد دولة الإسلام ثمانمائة مليون مسلم فإنهم يستطيعون أن يشكلوا جيشًا يبلغ تعداده عشرون مليونًا، وعندهم هذه المالية الضخمة، والإمكانات الواسعة، والعقيدة الواحدة التي تؤلف نفوسهم وقلوبهم، وعندهم هدف واحد إما النصر وإما الشهادة، فكيف يستطيع أحد أن يعتدي على حماهم؟ وكيف يستهين بهم أعداؤهم؟ لا يمكن أن يتحقق ذلك.

وكنا نأمل من لقاء زعماء المسلمين في مكة، في مؤتمر إسلامي كبير يضم رؤساء الدول الإسلامية أن يقرروا أول خطوة في الطريق نحو النصر، وهي: أن يشكلوا خلافة إسلامية، أو حكومة إسلامية تجمع شتات الدول الإسلامية، وتوحد أمة الإسلام، وتحكمها شريعة القرآن، ويحكمها كتاب الله سبحانه وتعالى، وأن يكون لها جيش واحد، عند ذلك ستحل مشكلات المسلمين في بلاد الإسلام، ويزول ما يعانيه المسلمون، كل ذلك سينهي مشكلاتهم ومعضلاتهم، والأعداء الذين يناوشونهم من كل جانب، والذين يريدون بهم شرًا، كل ذلك سيتوقف؛ لأنهم أصبحوا قوة يحسب لها ألف حساب، فتخطب ودها أمريكا، ولن ترضى أن تساوم اليهود لتكسب عداء دولة كبيرة عظمى كهذه الدولة.

عند ذلك تعود للمسلمين عزتهم ويعود لهم مجدهم، وعندها سيسير المسلم في أرض الله الواسعة، ويتنقل في بلاد المسلمين رافع الرأس، فلا يطأطئ رأسه إلا لربه سبحانه وتعالى، عند ذلك سنجد جموع الإسلام تتجه إلى القدس لتحرير مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، وعند ذلك تنتهي مشكلة الفلبين، ومشكلة أرتيريا، وتنتهي مشاكل المسلمين الاقتصادية، وكل ذلك سيتلاشى وينتهي.

كانت تلك أول خطوة على الطريق نحو النصر، ونحو العزة والكرامة، ونحو دولة تحقق للمسلمين خيرًا كبيرًا، وتحقق لهم العزة في الدنيا والخير عندما يلاقون ربهم سبحانه وتعالى.

هذه أول خطوة في الطريق، وهي: أن لا يتجزأ المسلمون، وألا يبقوا منقسمين، وإلا فسيسهل الانتصار عليهم، ويسهل أن تمتص دماؤهم وخيراتهم.

لقد بكى الباكون على فلسطين دهرًا طويلًا، جعلوها مثل قميص عثمان، وذلك أن بعض الناس شارك في قتل عثمان ثم تباكى طويلًا عليه.

وكذا قضية فلسطين، فقد تباكى عليها المتباكون طويلًا، وكتبوا، وخطبوا، وتكلموا في مجلس الأمن، ولكن الحالة تزداد كل يوم سوءًا، واليهود يبنون دولتهم ويعدون عدتهم ويهيئون أنفسهم، ويشترون السلاح من كل مكان، ويبنون المصانع، بل صاروا يبيعون السلاح في هذه الأيام، ونحن لم نزل بعيدين عن الطريق، لا نصنع شيئًا ولا نجهز شيئًا بل لا نعمل شيئًا!

 


 

المصدر:

محاضرة عداء اليهود للمسلمين، لعمر الأشقر

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اليهود
اقرأ أيضا
ثغرات تسدها المرأة المسلمة: أعمال البر المطلقة | مرابط
تفريغات المرأة

ثغرات تسدها المرأة المسلمة: أعمال البر المطلقة


من الأمور ومن أعمال البر والخير مثلا: مساعدة من يريد الزواج في البحث عن امرأة فهي تسأل وهي التي تأتي بالعناوين والأسماء والمعلومات من العمر والدراسة.. ونحو ذلك هذه مسألة تنجح فيها المرأة نجاحا كبيرا لا يستطيع رجل أن يذهب ويقول: من عندكن من النساء وهاتين معلومات لكن المرأة يمكن أن تقوم بهذا وكانت النسوة من السلف يقمن بدور الخاطبات

بقلم: محمد صالح المنجد
359
آية تقوض مسلك التأويل والتفويض في الصفات | مرابط
مناقشات

آية تقوض مسلك التأويل والتفويض في الصفات


إذا تأمل السني كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ﷺ لوجد فيهما الرد على جميع شبه أهل الباطل والسلف على إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه أو وصفه رسوله ﷺ أو وصفه به الصحابة ومن تبعهم بإحسان.. والآيات التي تنسف طريقة الأشعرية كثيرة ومنها آية في سورة ص يناقشها هذا المقال.

بقلم: حمود بن ثامر
432
الذنوب عدو لدود | مرابط
اقتباسات وقطوف

الذنوب عدو لدود


ومن عقوبات الذنوب: أنها مدد من الإنسان يمد به عدوه عليه وجيش يقويه به على حربه. وذلك أن الله سبحانه ابتلى هذا الإنسان بعدو لا يفارقه طرفة عين.. ينام ولا ينام عنه.. ويغفل ولا يغفل عنه.. يراه هو وقبيله من حيث لا يراه. يبذل جهده في معاداته في كل حال ولا يدع أمرا يكيده به يقدر على إيصاله إليه إلا أوصله ويستعين عليه ببني أبيه من شياطين الجن وغيرهم من شياطين الإنس. قد نصب له الحبائل وبغاه الغوائل ومد حوله الأشراك ونصب له الفخاخ والشباك.

بقلم: ابن القيم
406
دلالة الإجماع على حجية السنة | مرابط
تعزيز اليقين

دلالة الإجماع على حجية السنة


إن المتأمل في كتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم وفي طريقة أصحابه ومن اتبعهم وفي مذاهب أئمة الإسلام وفقهائهم ومفسريهم ومؤرخيهم لا يشك في أن عدم اعتبار السنة حجة لمن أولى ما يدخل في قول الله تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولىالنساء:١١٥ الآية

بقلم: أحمد يوسف السيد
2722
القرآن متضمن لأدوية القلب | مرابط
اقتباسات وقطوف

القرآن متضمن لأدوية القلب


جماع أمراض القلب هى أمراض الشبهات والشهوات والقرآن شفاء للنوعين ففيه من البينات والبراهين القطعية ما يبين الحق من الباطل فتزول أمراض الشبه المفسدة للعلم والتصور والإدراك بحيث يرى الأشياء على ما هى عليه وليس تحت أديم السماء كتاب متضمن للبراهين والآيات على المطالب العالية

بقلم: ابن القيم
718
سأستعمر مصر | مرابط
اقتباسات وقطوف

سأستعمر مصر


سأستعمر مصر كانت هذه هي العبارة التي نزلت كالصاعقة على الجميع عندما تحدث بها نابليون بونابرت وكأنها تكشف نواياه الحقيقية وأطماعه الداخلية في مصر ولكنه يحاول أن يزينها ويحيطها ببعض الحرص على التطوير والتنمية وهذا مقتطف رائع للشيخ محمد جلال كشك من كتاب ودخلت الخيل الأزهر

بقلم: محمد جلال كشك
2271