قاعدة الخمس ثواني ج1

قاعدة الخمس ثواني ج1 | مرابط

الكاتب: علي محمد علي

415 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

كتاب اليوم اسمه قاعدة الخمس ثوان، The 5 second rule مؤلفة الكتاب هي ميل روبينز. والكتاب تحدث عن تكنيك أو خدعة نفسية بسيطة تسميها المؤلفة قاعدة الخمس ثوان، والمؤلفة ابتكرت هذه القاعدة أو التكنيك خلال مرحلة سيئة في حياتها، حيث سقطت من قمة النجاح إلى قاع الفشل، وباستخدام هذا التكنيك عادت الأمور إلى مسارها من جديد وحققت نجاحًا أكبر من السابق.

 

المؤلفة كانت قد عرضت فكرة "قاعدة الخمس ثوان" هذه في أحد مؤتمرات TEDx.. والفكرة انتشرت بشكل كبير وجربها كثير من الناس وساعدتهم ليغيروا من أنفسهم بشكل كبير.. وبعد الانتشار وقصص النجاح هذه قررت المؤلفة أن تؤلف كتابا عن الموضوع.

 

لكن لأن الموضوع بسيط ولا يستحق كتابا كاملا.. فالمؤلفة اضطررت غالبًا لحشو الكتاب بالكثير من القصص مع بعض الأفكار من كتب أخرى لإثبات فاعلية "قاعدة الخمس ثوان".. لذلك سوف أتجاهل الكثير من هذا الحشو وأركز على المهم فقط في الكتاب.

 

الإنجاز والمزاج

في كثير من الأوقات نعرف أن عملا أو فعلا معينا من مصلحتنا إنجازه، لكن رغم هذا لا يكون لدينا رغبة أو مزاج لعمله. أو أن بعض المشاعر السلبية كالتوتر والإحراج أو حتى الملل تشكل حاجزا بينا وبين الفعل. وينتهي بنا الحال بألا نفعله رغم معرفتنا أنه في مصلحتنا.

 

فكرة أن تربط الفعل بالحالة المزاجية خطيرة جدًا.. وغالبًا ستحرمك من الإنجاز في حياتك! إن أردت الإنجاز في حياتك وأن تحقق أهدافا ذات قيمة.. ستحتاج للقيام بأمور صعبة أو مملة أو فيها مخاطرة أحيانًا. ومزاجك لن يطاوعك دائمًا للقيام بتلك الأمور.. ستجد دائمًا مشاعر الضيق أو الملل أو الخوف حاضرة.. ولو استسلمت لها لن تستطيع القيام بأي شيء!

 

البعض هنا قد يقول أن الحل في التحفيز motivation.. بأن تلجأ لشخص يحفزك لتتمكن من القيام بالأمور المملة أو الصعبة أو المخيفة.. لكن في الواقع هذا الحل غير عملي.

 

مؤلفة الكتاب لها رأي متطرف بعض الشيء فيما يخص التحفيز، لا أتفق معه بشكل كامل. حيث تكرر دائمًا عبارة motivation is garbage.. كلمة garbage تعني
قمامة. وما تقصده هنا هو أن التحفيز عديم القيمة.. ليس له فائدة.

 

مشكلتي مع هذ العبارة أنها لا تفرّق بين أنواع التحفيز.. الكاتبة في الغالب تتكلم عن التحفيز العاطفي.. مثل كلام المدربين أو الفيديوهات التي تشحنك بكلام حماسي عاطفي يختفي أثره بعد فترة قصيرة. من يكررون على مسمعك جمل مثل: "أنت تملك قدرات جبارة؛ لكنك لا تدري"،  "بإمكانك تحقيق المستحيل!" مع موسيقى حماسية ومقاطع مصورة لأشخاص ترفع الحديد أو تتسلق جبالا وكل هذا الجو الحماسي!

 

مشكلة هذا النوع من التحفيز أنه غير صادق.. لأن من يتكلم لا يعرفك أصلًا ولا يعرف ظروفك ولا قدراتك. لذلك حتى لو حماسة اللحظة أَؤْهَمَتك وشَحَنتك قليلا فهذا الوهم سيختفي بمجرد مواجهة الواقع!

 

لكن مع ذلك -حتى مع هذا النوع- لن أقول أنه عديم القيمة بشكل كامل. فقد يدفعك هذا النوع من التحفيز لأخد أول خطوة؛ وهذا مفيد بلا شك. لكن الأكيد أنه لن يستمر معك في باق الخطوات.. فالفيديو الذي شاهدته وَحَفركَ بالأمس.. لن يحفزك بنفس القدر اليوم. وربما لا يكون له عليك أي تأثير غدا.

 

تذكر أن معظم الأمور المهمة في حياتك تحتاج للمداومة على الفعل لفترة طويلة.. وبالتالي فإن هذا التحفيز المؤقت ليس استراتيجية ناجحة أبدًا. هذا غير أن هناك أمورا ليس من المنطقي أن تستخدم معها هذا النوع من التحفيز لتفعلها.. لو أردت غسل أسنانك يوميًا مثلًا لكنك تتكاسل.. هل من المنطقي أن تشاهد كل يوم فيديو تحفيزي لشخص يرفع حديد أو يتسلق جبلا مع صوت يقول لك: "أنت قادر على صنع المستحيل" ليحفزك كي تغسل أسنانك!.. لا أظن!

 

إذن.. طالما التحفيز ليس استراتيجية فعالة.. ما الحل؟

الحل: هو أن تتعلم كيفية القيام بالفعل بغض النظر عن حالتك المزاجية! بغض النظر عن مشاعرك. تتعلم أن تخالف هواك ومزاجك!

مما ورد في الأثر أن عمر بن عبد العزيز أرسل إلى الحسن البصري طالبًا منه موعظة موجزة .. فرد عليه الحسن البصري برسالة قصيرة جدًا.. قال فيها: أما بعد: اعص هواك والسلام.

 

اعص هواك.. هذا هو الحل! لا تجعل مصيرك تحت رحمة مزاجك ومشاعرك المتقلبة. جهاد النفس في أمور الطاعة والدين سينفعك في الآخرة وسينفعك لو استطعت اكتساب هذه القدرة.. فلن تتمكن فقط من إنجاز مهامك أول بأول وتحقق كل تغيير تود تحقيقه في حياتك.. وإنما ستكتسب أيضًا ثقة في النفس صعب اكتسابها بأي أسلوب آخر. ستشعر أن لديك سيطرة على نفسك.. وهذا في حد ذاته يعطيك شعور بالقوة والثقة.

 

وهنا يوجد نقطتان بخصوص المزاج والمشاعر السلبية أريد توضيحهما:

الأولى.. هي أن المشاعر تتبع الفعل وليس العكس. لا تتتظر من مزاجك أو مشاعرك أن تتغير حتى تقوم بالفعل.. ابدأ الفعل ومشاعرك ستتغير لاحقًا! لا تنتظر الشعور بالشجاعة حتى تقوم بأمور تخاف من القيام بها.. قُم بها رغم خوفك وبعد فترة سيختفي الخوف وتحل محله الشجاعة.

 

ربما حدث معك ولو مرة من قبل ألا يكون لديك مزاج لعمل معين -شغل أو مذاكرة أو ممارسة رياضة مثلًا- لكنك بدأت على أي حال وسرعان ما تغيرت مشاعرك بعدما بدأت.. وبعدما انتهيت شعرت بسعادة ورضا عن النفس لأنك أنجزت ولم تؤجل.. وهذا يقودنا للنقطة الثانية..

المشاعر السلبية التي تمنعك من الفعل مثل الضيق أو الملل أو التوتر.. عادة ما تكون مبالغ فيها وأكبر من حجمها الحقيقي..

 

كم مرة حدث معك أن تكاسلت وأجلت العمل أكثر من مرة إلى أن ضاق عليك الوقت؛ ثم بدأت العمل متأخرًا بدافع الخوف من العواقب.. وبعدما أحرزت قدرا من التقدم في العمل.. شعرت بالندم أنك لم تبدأ مبكرًا؟ .. أتعرف لم شعرت بالندم؟.. لأنك اكتشفت أن العمل لم يكن بالصعوبة التي كنت تظنها وجعلتك تسوّف وتؤجل.. وأنك لو كنت بدأت مبكرًا لكنت رحمت نفسك من الضغط العصبي وحققت نتيجة أفضل.

اكتشفت أن المشاعر الني كانت تمنعك من العمل كان مبالغ فيها وغير حقيقية وأن استسلامك لها كان خطأ وكان يجب عليك أن تنجاهلها وتبدأ العمل على أي حال.

 

يأتي السؤال.. كيف تكتسب مهارة أو عادة مخالفة الهوى أو المزاج؟

 

بعد الاستعانة بالله والاستعاذة من العجز والكسل.. هناك حلان:

الأول.. طويل المدى.. ويجب أن تعمل عليه وتطوره مع الزمن.. ألا وهو "قوة الإرادة". كنا قد قدمنا حلقة تفصيلية عن قوة الإرادة أعتبرها واحدة من أفضل حلقات البرنامج حتي الآن.. أنصحك بمشاهدتها -أو قراءة الكتيب- حتى تعرف ما هي "قوة الإرادة" أصلاء وكيفية زيادتها وحسن استخدامها.

الحل الثاني وهو حل سربع يمكن أن تحصل منه على نتائج فورية في كثير من الأحيان، ألا وهو "قاعدة الخمس ئوان" التي يتكلم عنها الكتاب.. وهذه سنشرحها بالتفصيل في الفكرة القادمة.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#قاعدة-الخمس-ثوان
اقرأ أيضا
معرفة حق الله على العبد | مرابط
اقتباسات وقطوف

معرفة حق الله على العبد


وإذا تأملت حال أكثر الناس وجدتهم بضد ذلك ينظرون فى حقهم على الله ولا ينظرون فى حق الله عليهم. ومن هاهنا انقطعوا عن الله وحجبت قلوبهم عن معرفته ومحبته والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره وهذا غاية جهل الإنسان بربه وبنفسه. فمحاسبة النفس هو نظر العبد فى حق الله عليه أولا ثم نظره هل قام به كما ينبغي ثانيا؟ وأفضل الفكر الفكر فى ذلك فإنه يسير القلب إلى الله ويطرحه بين يديه ذليلا خاضعا منكسرا كسرا فيه جبره ومفتقرا فقرا فيه غناه. وذليلا ذلا فيه عزه ولو عمل من الأعمال ما عساه أن يعمل فإذا فاته هذا فالذي....

بقلم: ابن القيم
267
مبنى الدين على قاعدتين: الذكر والشكر | مرابط
اقتباسات وقطوف

مبنى الدين على قاعدتين: الذكر والشكر


مقتطف لابن القيم من كتاب الفوائد يذكر فيه قاعدتين جليلتين في دين الإسلام ألا وهما الذكر والشكر قال تعالى فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ويفصل لنا الحديث عنهما وما جاء فيهما في كتاب الله المحكم وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم

بقلم: ابن القيم
974
تمرير الأفكار الإلحادية في ميديا الوسائل البصرية | مرابط
اقتباسات وقطوف الإلحاد

تمرير الأفكار الإلحادية في ميديا الوسائل البصرية


مقتطف من كتاب الميديا والإلحاد للكاتب أحمد محمد حسن يعرض فيه الوسائل والطرق التي مكنت الأفكار الإلحادية من التسرب إلى الميديا ووسائل الإعلام البصرية مثل تصوير الوجود والحياة بظهر العبثية والعدمية واللاغائية وغير ذلك من الطرق الملتوية

بقلم: أحمد محمد حسن
533
الحكمة من خلق الإنسان؟ | مرابط
تفريغات

الحكمة من خلق الإنسان؟


ما أغفل الإنسان! لا إله إلا الله ما أجفى الإنسان! لا إله إلا الله ما أظلم الإنسان! يوم يأتي من بطن أمه لا ملابس له ولا منصب ولا وظيفة ولا بيت ولا سيارة ولا جاه ليسقط قطعة لحم على الأرض وهو يبكي فإذا ما بصره الله وعلمه وأنبته وتملك وأصبح له وظيفة وأصبح ذا منصب وسيارة وجاه نسي الله وتمرد على حدود الله وانتهك محارم الله وحدوده فأين العقول؟!

بقلم: د. عائض القرني
609
المعاصي في سجن الشيطان | مرابط
اقتباسات وقطوف

المعاصي في سجن الشيطان


ومن عقوبات الذنوب أن العاصي دائما في أسر شيطانه وسجن شهواته وقيود هواه فهو أسير مسجون مقيد ولا أسير أسوأ حالا من أسير أسره أعدى عدو له ولا سجن أضيق من سجن الهوى ولا قيد أصعب من قيد الشهوة فكيف يسير إلى الله والدار الآخرة قلب مأسور مسجون مقيد وكيف يخطو خطوة واحدة

بقلم: ابن القيم
632
الزيادة على القروض | مرابط
مقالات

الزيادة على القروض


كل زيادة على قرض فهي ربا حتى لو كانت هدية وقد بينا أن الهدية من الربا لما فيه من نفع للمقرض وكذا لما فيه من تودد لا ينبغي لأن القرض الغرض منه الإحسان فمن كان لا يهدي له صحابه قبل القرض ثم صار يهدي له فهذا ظاهر فيما ذكرنا.

بقلم: قاسم اكحيلات
392