وأفضل أولياء الله تعالى، أعظمهم معرفة بما جاء به الرسول واتباعا له، كالصحابة الذين هم أكمل الأمة في معرفة دينه واتباعه، وأبو بكر الصديق أكمل معرفة بما جاء به وعملا به، فهو أفضل أولياء الله، إذاكانت أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أفضل الأمم، وأفضلها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأفضلهم أبو بكر رضي الله عنه. وقد ظن طائفة غالطة، أن خاتم الأولياء أفضل الأولياء، قياسا على خاتم الأنبياء، ولم يتكلم أحد من المشايخ المتقدمين بخاتم الأولياء، إلا محمد بن علي الحكيم الترمذي، فإنه صنف مصنفا غلط فيه في مواضع، ثم صار طائفة من المتأخرين يزعم كل واحد منهم أنه خاتم الأولياء، ومنهم من يدعي أن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء من جهة العلم بالله، وأن الأنبياء يستفيدون العلم بالله من جهته.
كما زعم ذلك ابن عربي صاحب كتاب الفتوحات المكية وكتاب الفصوص، فخالف الشرع والعقل، مع مخالفة جميع أنبياء الله تعالى وأولياءه، كما يقال لمن قال: فخر عليهم السقف من تحتهم: لا عقل ولا قرآن. وذلك أن الأنبياء أفضل في زمان من أولياء هذه الأمة، والأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام، أفضل من الأولياء، فكيف الأنبياء كلهم؟! والأولياء إنما يستفيدون معرفة الله ممن يأتي بعدهم، ويدعي أنه خاتم الأولياء، وليس آخر الأولياء أفضلهم، كما أن آخر الأنبياء أفضلهم، فإن فضل محمد صلى الله عليه وسلم ثبت بالنصوص الدالة على ذلك، كقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد آدم ولا فخر» وقوله: «آتي باب الجنة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت، أن لا أفتح لأحد قبلك».
المصدر:
شيخ الإسلام ابن تيمية، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ص93