إن الانسان سيصبح مغلولًا خلال سنين طويلة في المجتمع التقنيّ لكنه لن يموت في الأغلال. فالمجتمع التقني يستطيع ابتداع الرفاهية، لكنه لا يستطيع خلق الفكر. ومن دون الفكر لا توجد العبقرية. ومجتمع محروم من رجال عباقرة مجتمع محكوم عليه بالفناء. إن المجتمع التقني الذي يحل محل المجتمع الغربي والذي يكتسح سطح الأرض كله، سيفنى هو الآخر. وسوف يعقب انهيار المجتمع التقني هذا اعتراف بالقيم الانسانية والروحية، وسيشرق هذا النور العظيم من الشرق ولا شك، من آسيا. ولكن ليس من روسيا، فقد انحنى الروس بدورهم خاضعين أمام نور الغرب الكهربائي، لذلك لن يعيشوا ليروا الإشراق. سيكتسح الإنسان الشرقي المجتمع التقني وسيستعمل النور الكهربائي لإنارة الشوارع والبيوت. لكنه لن يصبح أبدا عبدًا له ولن يقيم الهياكل كما الحال اليوم في بربرية المجتمع التقني الغربي. ولن يضيء بنور "النيون" خطوط الفكر والقلب، بل سيجعل إنسان الشرق من نفسه سيدا للآلات بعبقريته المستمدة من الجرس الموسيقي. لكنك لن تصل إلى تلك المرحلة، لأننا سنحيا في الزمن الذي يخشع فيه الإنسان أمام الشمس الكهربائية، كالبربري المتوحش.
المصدر:
قسطنطين جيورجيو، الساعة الخامسة والعشرون