لكي يكشف عليه الصلاة والسلام أنواع الربا، ولكي يضبط الأمر ويحدده قال: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، فإن اختلفت الأصناف؛ فبيعوا كيف شئتم؛ إذا كان يدًا بيد) رواه مسلم وغيره.
ولذلك يشترط في بيع الأشياء المتماثلة من الأشياء المكيلة والموزونة شرطان:
أولًا: التماثل، مائة غرام ذهب بمائة غرام ذهب، بلا زيادة هللة.
ثانيًا: التقابض في مجلس العقد، سلمني مائة غرام ذهب الآن، وأسلمك مقابلها مائة غرام ذهب الآن، أو ما يقوم مقام الذهب من العملة النقدية الآن؛ لو تأخر لحظة واحدة وقع في الحرام، لو قال: هات الذهب وسأذهب إلى البيت وآتيك بالمال، فيكون هذا البيع حرامًا، فالشرط واضح في الحديث: (يدًا بيد) لو قال: هذا مائة غرام من الذهب القديم آخذ منك سبعين غرامًا من الذهب الجديد، فهذا لا يجوز، وإنما يبيع الذهب القديم أولًا، ويقبض المال، ثم يشتري به ذهبًا جديدًا لو أراد، عقدان لا ترابط بينهما لكي تصبح المسألة حلالًا.
(فإذا اختلفت الأصناف؛ فبيعوا كيف شئتم) سيارة بسيارة مع دفع الفرق جائز، ساعة بساعة مع دفع الفرق جائز، لكن ذهب بذهب مع دفع الفرق حرام، تمر بتمر غير متماثلين حرام، يجب أن يكون التماثل وزنًا في الأشياء الموزونة، وكيلًا في الأشياء المكيلة، يدًا بيد في مجلس العقد، لا يتأخر الدفع لحظة واحدة.
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه: (جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني-نوع جيد من التمور يقال له: التمر البرني- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من أين هذا؟ فقال بلال : كان عندي تمر رديء، فبعت منه صاعين بصاع -تمر أقل جودة، أعطيته صاعين، وأخذت صاعًا من النوع الجيد، والغرض شريف يريد به نفع النبي صلى الله عليه وسلم ولا يريد أن يأكله هو- ولكنه عليه الصلاة والسلام قال: أوه أوه! عين الربا، عين الربا، لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري؛ فبع التمر بيعًا آخر ثم اشتر به) وهكذا يحدد عليه الصلاة والسلام المسألة، ويقطع الطريق على المتلاعبين المتحايلين.
ولذلك قال أهل العلم: الربا أنواع: منه ربا الفضل، ومنه ربا النسيئة، ومنه ربا اليد، ومنه ربا القرض الذي يجر منفعة، لو وضعت ألف ريال في بنك، وأخذت عليها زيادة، فهو حرام لا يجوز، كذلك لو أعطيته ذهبًا وأخذت أكثر من الذي أعطيته، مثلًا أعطيته مائة غرام وأخذت مائة وعشرة أو أخذت سبعين؛ كان ذلك حرامًا، لو قلت: هات الذهب؛ وسأدفع لك بعد خمس دقائق أو أذهب إلى البيت وأحضر الثمن، فذلك حرام.
ولو أنك أقرضته على أن يرجع لك الشيء المقترض بسلة؛ فالسلة حرام، لو قلت له: أقرضك على أن توصلني بسيارتك إلى البيت، وترجع لي القرض نفسه، فذلك حرام، كل قرض جر نفعًا فهو ربا، تأخذ مثلما أعطيت، نفس الشيء بلا تلاعب.