عصر انتكاس الفطر

عصر انتكاس الفطر | مرابط

الكاتب: محمود خطاب

590 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحضارات والتقدم المادي

عندما توصف حضارة ما بالتدهور = لا يعني ذلك بالضرورة أن تكون الأوضاع المادية متدهورة أو أن تكون هذه الحضارة متأخرة اقتصاديا أو علميًا أو ماديًا بشكل عام؛ بل ربما يكون الانهيار في جانب العقائد والفكر والأخلاق والقيم! ولذلك لا بد أن ندرك أهمية المعيار الذي نقيم به الأمور لنضعها في نصابها؛ ونحن كمسلمين لدينا كتاب لا يأتيه الباطل من بين لديه ولا من خلفه، وهو يهدي للتي هي أقوم.

يقول الطبري: إن هذا القرآن الذي أنـزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يرشد ويسدّد من اهتدى به (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) يقول: للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السبل، وذلك دين الله الذي بعث به أنبياءه وهو الإسلام، يقول جلّ ثناؤه: فهذا القرآن يهدي عباد الله المهتدين به إلى قصد السبيل التي ضل عنها سائر أهل الملل المكذبين به. (1)

والوحي بشقيه: القرآن، والسنة = يفيد بأن التقدم التكنولوجي والعلمي والمادي ليس هو المعيار الذي يُحكم به أو يُنظر إليه، تأمل حديث الرسول "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" فإن أفضل القرون وخير أمة أخرجت للناس كانت تعيش في مجتمع بسيط جدًا لم يعرف أي تقدم علمي مقارنة بالحضارات المتاخمة التي تمتعت بتقدم ملحوظ في الجوانب المادية والعلمية.

والتاريخ يشهد على هذه الازدواجية المتكررة، فكثير من الحضارات كانت متفوقة ماديًا وتكنولوجيًا واقتصاديًا وعلميًا = ولكنها تزداد سفولًا في جانب الفكر والقيم والأخلاق والعقائد.. ورغم أن زماننا فيه من التطور ما لم يشهده زمان النبي ولكن هذا كله لا يعطي لزماننا الأفضلية؛ وحتى لو رجعنا إلى زمان النبي، فقد عاصر الكثير من الحضارات المتقدمة والمتطورة ولم يعطها تقدمها المادي والعلمي أي أفضلية في الميزان الإلهي!

"فالنبي بعث إلى الناس وفي عصره أربع إمبراطوريات اقتسمت العالم؛ الرومانية والفارسية والهندية والصينية، فالأولى امتدت لأوروبا، والثانية حاضرة في الشرق الأدنى، والأخريان شبه معزولتين، وكانت معاهد العلوم فيها شامخة، بل إن العلوم المدنية قبيل مبعثه بلغت شأوًا عاليا في قدائق المعقولات..، ومع ذلك كله؛ فإن الله سبحانه وتعالى لما بعث نبيه صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب لم يبعثه ليقول للناس: يا معشر العرب! أنتم تعانون من التخلف المدني، ويجب عليكم أن تتجاوزوا جفوة عروبتكم وتتعلموا من الأمم المتقدمة!..، بل إن الله أخبر نبيه عن القيمة المنحطة في ميزان الله لكل تلك المدنيات التي عاصرت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ووصفها القرآن بالضلال بكل ما تضمنته قوتهم وعلومهم وفنونهم ومدنيتهم.

كما روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث عياض المجاشعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: وإن الله نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك..

فمع كل ما يوجد على هذه الأرض من العلوم المدنية والفلاسفة والأدباء؛ فإنهم لا وزن لهم في ميزان الله سبحانه وتعالى، سواء في ذلك عربهم وعجمهم، ولم يستثن إلا طائفة قليلة من الناس بسبب ما كان لديهم من بقايا النبوات وبعض من أثارة الوحي، فبقايا النبوات وما تضمنته من العلوم والمعارف الإلهية هي نوافذ التنوير الحقيقي في الأرض، قال تعالى "الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ" فحكم الله سبحانه وتعالى على كل البشرية قبيل مبعثه بأنها في ظلمات وأن التنوير الذي تحتاجه هو نور الوحي". (2)

بعد هذه المقدمة تُدرك أن التقدم المادي ليس هو المعيار لأفضلية الحضارات أو خيريتها، وبجانب هذا فما قيمة التقدم العلمي إذا كان المجتمع يسوده الفساد؟ أو كما قيل؛ ما فائدة السيارة الفارهة الحديثة إذا كان سائقها مجنونًا أو شاذًّا؟ .. والهدف من هذا المقال هو تسليط الضوء على انتكاس الفطرة في الغرب، وعلى تدهور هذه الحضارة وانهيارها التام في جانب الأخلاق والقيم والعقائد.. وبين يديكم نماذج موجزة ومقتطفات سريعة للانهيار الفطري والأخلاقي في الغرب، ولما أحدثته الحضارة الغربية من تخريب وإفساد للفطرة.

الشذوذ

تخيل لو حقق قوم لوط تقدمًا تكنولوجيًا كبيرًا وحازوا العلوم الدنيوية كلها = هل كان ذلك يشفع لهم عند الله؟ هل يمكن أن يوصفوا بأن حضارتهم أفضل وأكثر تقدمًا؟ قطعًا لا! لن يمكنك أن تصفهم بهذا الوصف بعد أن غرقوا في ظلمات اللوطية وبعد أن انتكست فطرتهم وانقلبت رأسًا على عقب فارتضوا اللواط..

وأما الغرب اليوم فقد تجاوز ذلك بكثير = فاستخدم التقدم العلمي والطبي لتطبيع الشذوذ، فبتنا نرى مسوخًا كثيرة..

  • فهناك رجال بأعضاء أنثوية، وهناك نساء بأعضاء ذكورية.
  • وهناك رجل يقوم بأعمال النساء ويتزين مثلهن ويلبس مثلهن ويمشي مشيهن، ويتكلم بصيغة المؤنث، وهناك امرأة تلبس كالرجال وتتعامل كالرجال وتتكلم بصيغة المذكر وبألفاظ ذكورية!
  • وهناك رجل يتزوج رجلًا وامرأة تتزوج امرأة ويعيشان معًا في بيت واحد كأسرة مستقلة!

يقول الطريفي: لم تنتكس الفِطَر على مر التاريخ إلا مرتين، في زمن لوط عليه السلام، وهذا الزمن الذي نحن فيه، ولو كان ثمة نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، لبعثه الله عز وجل في هذا العصر.. يوجد مسخ لم تشهده البشرية من قبل.. أصبح الرجل اليوم يأخذ بجواز السفر فلان بن فلان، زوجته فلان بن فلان، ثم يسافر معه في الطائرة إلى جميع دول العالم، هذا لم يحدث في تاريخ البشرية! حتى في قوم لوط لم يكن موجودًا بهذه الصورة! صراعنا مع الغرب ليس صراع إسلام فقط، بل صراع إنسانية، صراع بشرية، صراع فطرة! هم بحاجة لإعادتهم من حياض البهائم إلى حياض البشر ثم بعد ذلك يأتي خطاب الإسلام.

الإنسان من الناحية العلمية إما ذكر أو أنثى فقط = وكل ما يقال غير ذلك هراء. وفي حالة الإنسان بوصفه من الثدييات، فهناك جنس ينتج البويضة ويُطلق عليه الأنثى، وهناك جنس ينتج الحيوان المنوي ويُطلق عليه الذكر 
- كريستيانه نوسلاين، عالمة الأحياء الألمانية الحائزة على نوبل.

عندما انتشر هذا التصريح وروّجه القرّاء = تذكرت عبارة ماتعة لشيخ الإسلام ابن تيمية.. يقول: إن الإقرار والاعتراف بالخالق فطري ضروري في نفوس الناس، وإن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة وهذا قول جمهور الناس وعليه حذاق النظار (3)

والمتأمل للظُلمات المتواترة في الغرب = يُدرك كارثية انتكاس الفِطرة؛ فقد وصل الغربي إلى الوقت الذي يحتاج فيه لمن يذكره بأن النوع الإنساني إما ذكر وإما أنثى، وأنه ليس هناك جنس ثالث بين هذين الجنسين، فهذه هي الفطرة، رجل وامرأة، فقط ولكن هذه الفطرة قد طرأ عليها ما يفسدها ويدمرها تمامًا!
تخيل أن المعارف الضرورية التي هي فطرية مركوزة في داخل كل إنسان خلقه الله، تحتاج الآن إلى نظر وإلى من يثبتها لك علميًا؛ فتحتاج إلى عالِم يقول لك مثلا أن النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفان، فلا يصح أن يوصف الشيء بالوجود والعدم في نفس الوقت! هذا بالضبط ما حدث؛ يحتاج الغربي إلى عالمة تقول أن الإنسان إما ذكر وإما أنثى! .. وهو يرفل في أغلال التيه لا يدري أين تقوده هذه رياح الجندرة والشذوذ!

البيدوفيليا

“هذا عصر الحب لا الحرب.. في يوم من الأيام سننال كل حقوقنا، وسيعترف المجتمع بتوجهنا الجنسي نحو الأطفال. نحن نعاني من التمييز والاضطهاد، رغم أننا قادرون على إنشاء علاقة عاطفية وجنسية مع الأطفال أحيانا أفضل من علاقتهم بآبائهم وأمهاتهم!” 
توم أوكارول

لم يتوقع أحد في البداية أن الشذوذ يمكنه أن ينتشر بهذه الدرجة المهولة في مجتمعات إنسانية سوية بل أن يتم تشريعه وتقنينه؛ ولكنه للأسف قد حدث، وغرق الغرب في ظلمات الجندرة والشذوذ واللواط والسحاق؛ يقول سيلواين ديوك “لو ذهبت إلى أحد الأشخاص في 1950م، وأخبرته أنه خلال جيلين فقط سيكون الشذوذ الجنسي أمرا عاديا ومقبولا، سيرد عليك فورا بأنك شخص مجنون

واليوم لا يتوقع أحد أن تنتشر البيدوفيليا أو تُشرع، والحقيقة أنها نفس الخطوات ونفس المراحل يمر بها الغرب قبل تشريع اشتهاء الأطفال أو البيدوفيليا.. ففي البداية يكون النقاش مفتوحًا وتُطرح القضية بدون توجهات، ومع تكرارها = يألفها الناس ويعتادون وجود هذه التوجهات، ثم تأتي مرحلة تبرأة أصحاب هذا التوجه، فيقولون لك هذه مشكلة تحتاج إلى حل وليس إدانة، كما نُشر سابقًا على نيو يورك تايمز أن البيدوفيليا اضطراب وليس جريمة “Pedophilia: A Disorder, Not a Crime”.. إلى أن تصل إلى مرحلة التطبيع وإخراج الدراسات العلمية التي تثبت أن هذه التوجهات جينية طبيعية.

وبالفعل سمعنا الكثير من الحملات تحت نفس العنوان في الصورة: love is love، وعبارات من قبيل love has no age، وlove has no labels وتستهدف كلها تشريع وتطبيع اشتهاء الأطفال، وميل بعض الشواذ إلى الأطفال..

يقول آلان ويست، السياسي الأمريكي المعروف: يقوم الأطباء النفسيون الآن بإعادة تعريف البيدوفيليا بالطريقة نفسها التي تم إعادة تعريف الشذوذ الجنسي بها منذ عدة سنوات ماضية

ويتفرع عن هذا زنا المحارم وغيره من الطوام الأخرى..

يقول أنتونتي غدنز: إن تجربة الاتصال الجنسي التي أُرغم الأطفال على القيام بها مع البالغين من أفراد عائلاتهم قد ولّدت لدى أغلبهم من الجنسين شعورًا بالتقزز والعيب والاشمئزاز والقلق تجاه الجنس، كما تركت آثارًا عميقة على نفسياتهم وأنماط سلوكهم خلال السنوات اللاحقة من العمر حتى ما بعد مرحلة البلوغ.. إن الدراسات التي أجريت على المومسات والأحداث الجانحين والمراهقين الهاربين من بيوتهم ومدمني المخدرات تظهر أن نسبة عالية من هؤلاء قد عانوا في طفولتهم من الإيذاء الجنسي (4)

الزوفيليا

كما بدأ الأمر تدريجيًا في مسألة الشذوذ الجنسي والبيدوفيليا، فنفس الخطوات ونفس المنطق فيما يخص البهيمية أو الزوفيليا وهو نوع آخر من الشذوذ يميل فيه الشاذ لممارسة الجنس مع الحيوانات، والحقيقة أن الغرب قد أخذ خطوات كثيرة في هذا المضمار، وصار الأمر مقننًا ومشرعًا كما أعلنت المحكمة العليا الكندية أن العلاقات البهيمية قانونية! للقراءة اضغط هنا

وكما جاء خبر آخر بعنوان: نعم.. في فنلندا يمكنك أن تمارس الجنس مع الحيوانات! واشترطوا ألا يتأذى الحيوان من الممارسة فقط للقراءة اضغط هنا

ونُشر أيضًا في إحدى مجلات الطب الجنسي إحصائية سريعة تبرز أن الزوفيليا انتشرت بشكل أكبر مما يتصور القارئ، "وجدت مجلة الطب الجنسي أن حوالي 34 في المائة من الرجال في البرازيل، ومعظمهم من منازل ريفية، مارسوا الجنس مع الحيوانات في كثير من الأحيان" ويأتي في نفس المقال أن هناك منتديات كثيرة لبث القصص الجنسية مع الحيوانات وتبادل النصائح للراغبين في التجربة، بل تجاوز الأمر ذلك ووصل إلى وجود بيوت مخصصة لهذه الممارسات على غرار بيوت الدعارة والبغاء! للقراءة اضغط هنا

وبخلاف كل ذلك يتدفق سيل الأخبار حول ممارسات شاذة مع الحيوانات أدت إلى موتهم في النهاية أو تشويهها.

النسوية

فهذه الفطرة السوية للإنسان قد فسدت، وتبدلت ميوله الجنسية؛ ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فالأسرة أيضًا لا بد أن تنهدم!.. لما تصاعدت موجات النسوية الراديكالية بتنا نرى المرأة تتمركز فقط حول ذاتها كأنثى = لا تعبأ بأسرة أو أطفال أو بيت أو أمومة! ورأينا الكثير من الآراء الشاذة البعيدة عن فطرة المرأة السوية؛ فأصبحت الأمومة اختيار واللا إنجابية اختيار، وخرجت دعوى لوقف الإنجاب لأن المرأة ليست آلة لإنتاج الأطفال.

ومن تشوّهات الفكري النسوي:

  • رفض دور الأب في الأسرة.
  • وادعاء ملكية المرأة لجسدها = فلها أن تمارس الجنس مع من تشاء من الرجال، ولها أن تطلب ممن يزني بها أن يتوقف أو يستكمل، فهي حرة في هذا الجسد.
  • المطالبة بحقها في الإجهاض = وهو ما تم تشريعه بالفعل وساعدت الإمكانات الطبية والعلمية على ذلك!
  • بل حتى اللغة.. حاولت النسوية أن تُغير فيها كل ما يوحي بالذكورية، مثلا كلمة المقطع wo-man لأن فيه كلمة man وتعني رجل.

وبالتالي لم يعد لمؤسسة الزواج والأسرة أي معنى ولا أهمية والواضح أن هناك سعي كبير لقتل الأمومة وإبعاد المرأة عن فطرتها كما يقول علي عزت بيجوفيتش "أحد الأهداف المُعلنة لحركة الدفاع عن المرأة هي النضال ضد تمجيد الأمومة".

وطبعا وصلت أصداء هذه النسوية الراديكالية إلى بلادنا، ومن هنا تحولت علاقة المرأة بالرجل إلى صراع وحرب دائمة؛ وبدأنا نسمع جدالات لم يكن لها صدى في ساحاتنا من قبل:

  • فصار إرضاع الطفل ليس واجبًا على المرأة.
  • ولا يوجد ما يجبر المرأة على القيام بأعباء المنزل من تنظيف وطبخ وخدمة للزوج.
  • والمرأة ليست ملزمة بالقرار في البيت بل يمكنها المبيت في الخارج.

والهدف هو إخراج المرأة من بيتها لتلهث وراء تحقيق ذاتها -زعموا- وتترك دور التربية خلوًا، وبالتالي تُترك أجيالًا كاملة بعقول خاوية يعبث فيها من يشاء..

بل وأكثر جنونًا من هذا؛ حيث قالت إحدى الباحثات أن المرأة أقصر من الرجل لأنها محرومة من اللحم منذ فجر التاريخ
Nora bouazzouni: "les femmes sont plus petites que les hommes car elles ont ete privees de viande depuis la nuit des temps"

وبين يديكم تغريدة تعترف فيها إحدى النساء بالخراب الذي حلّ بها بسبب النسوية: عندما كنت نسوية لم أفهم دعوى "النسوية تدمر العائلة.. أعمل في المختبر لأكثر من سبعين ساعة في الأسبوع، أراجع التجارب العلمية حتى الثالثة صباحًا، حتى في الكريسماس.. صديقاتي لديهن أطفال وعائلات وأنا لدي رسائل علمية منشورة.. لا تقوموا بنفس خطأي.

انهيار الإنسان

رغم أننا لم نتعمق في تفاصيل ومآلات هذه المذاهب السابقة إلا أن هذا الاستعراض السريع كاف لإدراك كارثية انتكاس الفطرة:

  • بات الغربي لا يعرف هل البشر نوعان أم ثلاثة أم خمسة؟ من الرجل ومن المرأة؟ وما وظيفة الرجل وما وظيفة المرأة؟
  • انهارت مؤسسة الزواج بالكامل، وصار الرجل يعاشر الرجل، والمرأة تتزوج المرأة.
  • وانهارت كذلك المنظومة الأسرية بعدما خرجت المرأة تلهث وراء تحقيق ذاتها كأنثى، وترفض دورها كأم، وترفض دور الأب في الأسرة، فتركت خلفها البيت وخرجت متمركزة حول ذاتها.
  • ثم جاءت موجات الزوفيليا والبيدوفيليا لتفسد ما بقي، فأصبح الإنسان يشتهي الأطفال ويشتهي الحيوانات ولا يشتهي النساء!

"قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ 
قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ"

وقوله: (قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) يرشدهم إلى نسائهم، فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد [ للرجال والنساء ]، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة

(قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق) أي: إنك تعلم أن نساءنا لا أرب لنا فيهن ولا نشتهيهن، (وإنك لتعلم ما نريد) أي: ليس لنا غرض إلا في الذكور، وأنت تعلم ذلك، فأي حاجة في تكرار القول علينا في ذلك؟
قال السدي: (وإنك لتعلم ما نريد) إنما نريد الرجال. (5)

فماذا بقي بعد؟ انهارت منظومة الأسرة، وفسدت مؤسسة الزواج وفقدت معناها، ثم انتكست الفطرة وصار الإنسان يشتهي ما يشاء من حيوانات أو أطفال أو نفس جنسه.. إنه زمن انهيار الإنسان.. زمن انتكاس الفطرة وانقلابها على رأسها.. زمن تبدل المفاهيم ومحو المعارف الضرورية المركوزة في داخل كل إنسان بشكل فطري.. كأن هذه الظلمات المتلاطمة محت كل شيء في فطرة الغربي.. هل مثل هذه الحضارة توصف بالأفضلية أو الخيرية؟ .. هنا تُدرك فعلًا: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين!


الإشارات المرجعية:

  1. (تفسير الطبري ج17).
  2. إبراهيم السكران، مآلات الخطاب المدني، ص65 بتصرف
  3. مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (16/ 328).
  4. أنتوني غدنز، علم الاجتماع، ص270
  5. تفسير ابن كثير، ج4
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
منشأ الخذلان عدم سؤال الهداية | مرابط
مقالات

منشأ الخذلان عدم سؤال الهداية


من جميل إشارات ابن تيمية قوله: كثير من خطأ بني آدم من تفريطهم في طلب الحق لا من العجز التام جامع الرسائل 2411 ومن أنواع هذا التفريط عدم سؤال الله الهداية بصدق ﻷن من سأل الله الهداية صادقا هاه وإذا فرط العبد في سؤال الله الهداية خذل وأسلمه الله إلى هواه.

بقلم: د. طلال الحسان
266
مراجعة العلماء | مرابط
اقتباسات وقطوف

مراجعة العلماء


مقتطف هام للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني يشير فيه إلى ضرورة مراجعة العلماء لبعضهم خصوصا لو وقع أحدهم في خطأ ما بدلا من التشنيع عليه مباشرة دون مذاكرته أو مراجعته أو تنبيهه لما بدر منه من خطأ وهذا يحدث كثيرا في عصرنا فقد نأى كل عالم بنفسه وانقطعت حبال التواصل

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
2170
اتباع الهوى والاستراحة إلى المحرمات | مرابط
اقتباسات وقطوف

اتباع الهوى والاستراحة إلى المحرمات


مقتطف ماتع لشيخ الإسلام ابن تيمية من مجموع الفتاوى يظهر لنا كيف يتأقلم القلب ويتشكل تدريجيا إما على طريق الهوى فلا تكون راحته إلا في فعل المحرمات والفواحش وقول الزور وإما على طريق الإسلام فيستريح بالذكر وعبادة الله تعالى

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1931
هم يوسف عليه السلام | مرابط
أباطيل وشبهات

هم يوسف عليه السلام


من الشبهات التي يروجها أعداء الإسلام أن القرآن قد نسب إلى الصديق يوسف عليه السلام الهم في الخطيئة مع زوجة العزيز وزعموا أن كتب التفسير مليئة بصور مشينة لهذا الهم الفاسد الذي لا يليق بنبي كريم وبين يديكم الرد المفصل على هذه الشبهة

بقلم: منقذ السقار
618
الإسلام والإيمان | مرابط
اقتباسات وقطوف

الإسلام والإيمان


ملخص: مقتطف من كتاب جامع العلوم والحكم يفسر فيه ابن رجب الحنبلي رحمه الله معنى الإسلام ومعنى الإيمان عند إفرادهما وعند الجمع بينهما فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل الإسلام هو الأعمال الظاهرة كلها والإيمان هو الأعمال الباطنة وأهل السنة يقولون: الإيمان قول وعمل أي أن الإيمان داخل فيه العمل فكيف هذا يجيبنا ابن رجب رحمه الله على السؤال

بقلم: ابن رجب الحنبلي
2060
أزمة غياب العقلانية بين الباحثين الغربيين | مرابط
فكر مقالات

أزمة غياب العقلانية بين الباحثين الغربيين


من الظواهر الأليمة والمنتشرة بشكل واسع بين الباحثين الغربيين هي أزمة التفكير النصوصي الجامد وغياب العقلانية المفتوحة وهذا ما سبب احتباس وتخلف العلوم الغربية وضعف هيمنتها على العالم ومن المضحك بين الباحثين الغربيين أنهم في سياق البرهنة والاثبات يدورون في حلقة نصوصية متقوقعة ولا يفكرون بعقول مفتوحة غير مرتبطة وخاضعة لنصوص وفي هذا المقال يناقش الكاتب هذه الإشكالية ويوضح معالمها

بقلم: إبراهيم السكران
1400