أهواء الناس في وقت الفتن

أهواء الناس في وقت الفتن | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

467 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

كذلك أيضًا فإن شهوات الناس وتشوفهم للفتن يتنوع، فمن الناس من يلتفت إلى فتنة السمع, ومنهم من يتشوف إلى فتنة البصر، ومنهم من يتشوف إلى فتنة الفرج، ومنهم من يتشوف إلى فتنة الكلام، ومنهم من يتشوف إلى فتنة الفكر وغير ذلك، فتتنوع الفتن، فبحسب أهواء الناس تنوعت الطرق، ولهذا قال الله جل وعلا: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" [البقرة:257]ً، فسماها: ظلمات، وسمى الحق: نورًا، فجعله نورًا واحدًا وجعل الظلمات متعددة، وذلك بحسب المشارب، ولهذا كان على كل طريق منها شيطان يدعو إليها.

والتبصر بمعرفة الطرق هذه يرجع إلى حكمة الإنسان ويرجع أيضًا إلى معرفة العالم المتبصر بخطورة هذه الفتن تراكمًا، فإن العالم اليقظ وكذلك الداعية وكذلك العابد الصالح الذي يعرف مواضع الخطورة يعرف الفتنة المقبلة ويعرف الفتنة المدبرة، ويعرف الفتنة العظيمة ويعرف الفتنة الحقيرة، ومرد ذلك كله إلى معرفة العظيم والحقير, والكبير والصغير, والقوي والضعيف بما قدره الشارع من كلام الله جل وعلا, وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن نقيم الشريعة بما قيمها الشارع، ونقيم الدنيا مما تركه الشارع لنا بما ننظر إليه، وما أعطانا الله جل وعلا من حس ومعرفة وإدراك، فالخلط في هذين البابين يجعل الإنسان يضطرب في هذا.

لهذا يقول العلماء: إن أهل العلم العارفين بمواضع الخير والشر هم أهل الإدراك والعناية، وهم أولى أن يستمع لقولهم؛ وذلك أن كثيرًا من الناس ينظرون إلى دائرة واحدة وهي دائرة الشر، أو ينظرون إلى دائرة واحدة وهي دائرة الخير، فلا يميزون أولى مراتب الخير، وكذلك لا يميزون بين أدنى دركات الشر، وهذا الخلط يقع فيه كثير من العامة ويمتحن فيه كثير من العلماء حتى ينساق كثير من العلماء بأخذ الأدنى تلبيةً لرغبة العامة، وهذا من الجهل.

لهذا ينبغي للإنسان ألا يجامل في دين الله جل وعلا، وأن يقدم أمور الدين وأحكامه بحسب تقديم الله جل وعلا، وأن يأخذ الأشد فالأشد بحسب تأكيد الشارع عليه، ولهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الله جل وعلا عليه شريعته على سبيل التدرج، وهذا التدرج جاء بالأهم مع صعوبته وشدته؛ وذلك أن أعظم الأمور ثباتًا ورسوخًا في قلب الإنسان ما يفعله الإنسان على سبيل التعبد والتدين، فإن كفار قريش قد فتنوا بأمر الأصنام والأوثان، وأصلها هي من الأولياء والصالحين فصوروها ثم جعلوا لها أصنامًا وتماثيل ثم عبدوها من دون الله جل وعلا، وهذه تتعلق بأفعالهم وأقوالهم في نومهم ويقظتهم، لا يغادر الإنسان إلا وقد تطير بشيء من أصنامهم واستقسم بالأزلام.

وكذلك أيضًا في حال ولادة أحد له من ذكر أو أنثى، وكذلك في زواجهم، وكذلك أيضًا في ذبائحهم يهلون بها لغير الله، كذلك أيضًا في أقوالهم ومجالسهم وأيمانهم فتشربت قلوبهم بذلك، فمع كون هذا الأمر قد تشرب بقلوبهم ولكنه يتعلق بأمر التوحيد أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل ما كان من أمر الدين ولو كان متأكدًا دون أمر التوحيد، فرسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر التوحيد قدر وسعه وإمكانه، فدعا إليه بمكة مع جملة من فضائل الإسلام والإيمان، وكذلك مكارم الأخلاق التي تتوافق مع الفطرة وتحث على ما كان عليه كفار قريش مما يعضد هذا هذا، فإن في تصحيح أجزاء الفطرة تأسيسًا وتقعيدًا وتأكيدًا أيضًا لذلك البساط الذي نشأ عليه، أو تلك القاعدة التي نشأ عليها بناء الإسلام.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الطريفي
اقرأ أيضا
مقصود القصص القرآني | مرابط
اقتباسات وقطوف

مقصود القصص القرآني


مما صد أكثر هذه الأمة عن تفهم القرآن ظنهم أن الذي فيه من قصص الأولين وأخبار المثابين والمعاقبين من أهل الأديان أجمعين أن ذلك إنما مقصوده الأخبار والقصص فقط كلا وليس كذلك إن ذلك إنما مقصوده الاعتبار والتنبيه بمشابهة متكررة في هذه الأمة من نظائر جميع أولئك الأعداد وتلك الأحوال والآثار

بقلم: فخر الدين أبو الحسن الحرالي
368
المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج2 | مرابط
تفريغات المرأة

المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج2


يقولون: إن المرأة تتحجب لتخفي عيوبها عن زوجها الذي يريدها فهؤلاء أقوام رأوا في أوروبا الحضارة والمدنية والرقي فظنوا أن المرأة كانت مستعبدة لا تملك من أمرها شيئا فجاءت الحضارة والمدنية الحديثة وأعطت للمرأة شيئا من حقها ولكنهم لم يقفوا عند مرحلة الاعتدال فظنوا أن من الحرية أن تختلط المرأة بالرجل والرجل بالمرأة ومن العدالة أن تتمرد المرأة على تعاليم السماء ومن المساواة أن تعمل المرأة عمل الرجل والرجل عمل المرأة فكانوا بين إفراط وتفريط

بقلم: عمر الأشقر
745
الاختلاط هم ووهم | مرابط
فكر مقالات المرأة

الاختلاط هم ووهم


من الأقوال المألوفة التي قد اعتدنا على تداولها وتناقلها حتى غدت من الأشياء الملقاة على قارعة الطريق-كما يقول أديب العربية الرافعي- وبلغ التكثيف بها لحد أن يتوهم بعض الناس أنها من المسلمات الفقهية القول بأن المحرم في الشريعة هو الخلوة لا الاختلاط وأن المجتمع المسلم في نشأته الأولى كان مجتمعا مختلطا يجتمع فيه الرجال والنساء ويسوقون في سبيل ذلك النصوص والأدلة الشرعية المؤيدة له وفي هذا المقال يقف المؤلف على إشكالية الاختلاط وما يسوقه المؤيدون له من أدلة مزعومة

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1177
خطر البدعة وأهلها | مرابط
تفريغات

خطر البدعة وأهلها


ثم أصحاب البدع يحملون أوزارهم وأوزار الذين أضلوهم كما قال تبارك وتعالى:ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علمالنحل:25 إن المبتدعة ليس عندهم علم ولا برهان وإنما هو استحسان شيء ظنه قربة إلى الله عز وجل لذلك نخرج من هذا بالقاعدة المعروفة عند أهل السنة: إن الزيادة في الخير ليست خيرا إلا أن تكون مشروعة

بقلم: أبو إسحق الحويني
776
شؤم إنكار السنة | مرابط
تعزيز اليقين

شؤم إنكار السنة


من شؤم إنكار السنة: عدم القدرة على إقامة فرائض الدين الكبرى التي أمر الله بها في القرآن كالصلاة والزكاة والحج إذ إن تفصيلاتها وحدودها وأركانها وواجباتها إنما اتضحت عن طريق السنة.ومن جمال إثبات السنة: وضوح العبادات العملية والقدرة على أدائها ببرهان ويقين ووضوح.

بقلم: أحمد يوسف السيد
290
الإنجاز اليومي | مرابط
مقالات

الإنجاز اليومي


التمهيد لابن عبدالبر الفتح لابن حجر المغني لابن قدامة إلخ.. لم تكن وليدة شهر ولا سنة ولكنها خلاصة عمر ومشروع حياة نراها في نسختها الأخيرة فنتعجب من قدرة أصحابها التصنيفية - وحق لنا ذلك - لكنا لو نظرنا إلى تدرج تأليفها لعلمنا أن رأس مال الأمر في الجد والمصابرة

بقلم: مشاري الشثري
465