الصحابة، رضوان الله عليهم، لماذا قربهم الله؟ قال أهل العلم: ﻷنهم صبروا أيام الذلة. وقال الله "لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ..".
أهل العلم قالوا: ليس من الممكن أن يستوي من وقف أيام الشدة وأيام الفاقة وأيام الذلة ولما قل الناصر: وقف في ظهر النبي، ليقول: أنا هنا، مالي موجود، وأنا موجود! أنا لن أتخلى عنك! وشخص آخر جاء وقت الرخاء.. نحن الآن في نفس هذه الأيام، اليوم الدين ليس له أحد، دين الله ليس له أحد، الناس تعيش لحياتها، أنت تصلي لنفسك وليس لدين الله، أنت تصوم لنفسك، وليس للدين، الدين كل يوم يُنقص.
انزل القومية يوم الخميس، انزل شارع مؤمن يوم الخميس، انظر للشباب والبنات، ما الذي يلبسونه، ما الذي يفعلونه، كأن الشياطين تمشي في الشوارع.. ماذا فعلنا نحن؟ لا شيء، أنا مالي.. دة بقى بيحب النبي؟ لا والله. محبة خافتة ضعيفة، اللي بيحب النبي يغضب أن ينقص هذا الدين الذي عاش لأجله، ليس ممكنا أبدًا أن يستوي عبد يقف في هذه الأيام: أنا لن أتخلى، لن أرجع، أنا حياتي لهذا الدين، فداء له، أضحي لأجله، يبذل لأجله.. إن من وراءكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، الصحابة قالوا: يا رسول الله منهم؟ قال لا، بل منكم..
الأخت اللي في الجامعة اللي جنبها البنطلون مقطع، وهي لابسة حجابها، لابسة نقابها، وتسمع كلمة سخيفة من معيد ولا دكتور فاشل، ومع ذلك مصرة وماشية، وترجع البيت أمها تشتمها: اقلعي علشان تتزوجي، ومع ذلك ثابتة!
الشاب الذي يغض بصره وهو يرى الأولاد يصاحبون ويتكلمون مع هذه وتلك، ولكنه عفيف، ويصبر.. الموضوع فعلا صعب، الموظف اللي في المؤسسة، كلهم مرتشين، إلا هو، شريف مش هسرق، مش هرتشي..
القاضي النهاردة وسط خمسين قاضي: لا يظلم، لا يجور.. لا، هذا ظلم وجور، لن أقضي فيه، لن أظلم إنسانا.. يسبح ضد التيار، فعلا شريف، الفئة دي نادرة هذه الأيام.
كالقابض على الجمر، أيام الصبر.. اعلم أن غضك بصرك وأنت وسط هذه المعمعمة، يساوي أجر واحد من الصحابة في خمسين غض بصر أيام مكة والمدينة. لماذا؟ اليوم الذي ينفق لله لدين الله يساوي أجر خمسين صحابي.. خمسين منكم.. أيام الصبر، يوم قل الناصر، يوم قل المنفق، يوم قل المعين.
أختم حديثي بدعوة كان يدعو بها صلى الله عليه وسلم للأمة لكي يملك على قلبك ووجدانك المحبة: يقول أنس: دعى صلى الله عليه وسلم ﻷمته فقال: اللهم أقبل بقلوبهم إلى دينهم وحط من ورائهم برحمتك.