أيها المسلم.. لا تنقطع عن نبيك

أيها المسلم.. لا تنقطع عن نبيك | مرابط

الكاتب: مصطفى صادق الرافعي

430 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

 تريد الإنسانية امتدادًا غير امتدادها التجاري في الأرض، وتحتاج إلى معنى يقود إنسانها غير الحيوان الذي فيه؛ وإذا قاد الغراب قومًا فإنما هو — كما قال شاعرنا — يمرُّ بهم على جيف الكلاب … والإنسانية اليوم في مثل ليلٍ حُوشيٍّ (أي متوحش) مظلم اختلط بعضه في بعض، وليست معاني الإسلام إلا الإشراق الإلهي على هذه الكثافة المادية المتراكمة، وإذا رُفع المصباح لم تجد الظلام إلا وراء الحدود التي تنتهي إليها أشعته.

 

وقد علمنا من طبيعة النفس أن إنسانية الفرد لا تعظُمُ وتسمو وتتخيل وتفرح فرحها الصادق وتحزن حزنها السامي، إلا أن تعيش في محبوب؛ فإنسانية العالم لا تكون مثل ذلك إلا إذا عاشت في نبيها الطبيعي، نبي أخلاقها الصحيحة وآدابها العالية ونظامها الدقيق؛ وأين تجد هذا المحبوب الأعظم إلا في محمد ودين محمد؟

 

وعجيب أن يجهل المسلمون حكمة ذكر النبي العظيم خمس مرات في الأذان كل يوم، يُنادى باسمه الشريف ملء الجو؛ ثم حكمة ذِكره في كل صلاة من الفريضة والسنَّة والنافلة، يُهمَس باسمه الكريم ملء النفس! وهل الحكمة من ذلك إلا الفرضُ عليهم ألا ينقطعوا عن نبيهم ولا يومًا واحدًا من التاريخ، ولا جزءًا واحدًا من اليوم؛ فيمتد الزمن مهما امتد والإسلام كأنه على أوله، وكأنه في يومه لا في دهر بعيد؛ والمسلم كأنه مع نبيه بين يديه تبعثه روح الرسالة، ويسطع في نفسه إشراق النبوة، فيكون دائمًا في أمره كالمسلم الأول الذي غيَّر وجه الأرض؛ ويظهر هذا المسلم الأول بأخلاقه وفضائله وحميته في كل بقعة من الدنيا مكان إنسان هذه البقعة، لا كما نرى اليوم؛ فإن كل أرضٍ إسلامية يكاد لا يظهر فيها إلا إنسانها التاريخي بجهله وخرافاته وما ورث من القدم؛ فهنا المسلم الفرعوني، وفي ناحيةٍ المسلم الوثني، وفي بلدٍ المسلم المجوسي، وفي جهةٍ المسلم المعطِّل … وما يريد الإسلام إلا نفس المسلم الإنساني.

 

أيها المسلم!

لا تنقطع عن نبيك العظيم، وعِشْ فيه أبدًا، واجعله مثلك الأعلى؛ وحين تذكره في كل وقت فكُنْ كأنك بين يديه؛ كُنْ دائمًا كالمسلم الأول؛ كن دائمًا ابن المعجزة.

 


 

المصدر:

مصطفى صادق الرافعي، وحي القلم، مقال الإشراق الإلهي وفلسفة الإسلام

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الرافعي
اقرأ أيضا
اهضم مبدعا | مرابط
فكر ثقافة

اهضم مبدعا


هناك فكرة جميلة يسمونها في الغرب اسرق مبدعا وليس معنى ذلك أن تسطو على أعماله وتنسبها لنفسك وإنما معناه أن تقصد إلى نتاج مبدع في مجاله وفنه وتعكف عليه عكوف المتبتل لا تدير وجهك عنه حتى تتشربه وتقف عليه وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه حتى تهضمه ويسلس لك قياد أعماله.

بقلم: د. طلال من فواز الحسان
361
هل الإسلام دين هش لنخشى عليه من الشبهات؟ | مرابط
أباطيل وشبهات

هل الإسلام دين هش لنخشى عليه من الشبهات؟


فعامة الناس والشباب معهم إيمان مجمل قد تزعزعه رياح الشبهات إذا لم يتيسر له متخصص أو مطلع يزيل أشباحها عنه ولذلك يفترض أن يكون السؤال معكوسا فالسؤال ليس: لماذا نخاف على غير المتخصصين من الشبهات؟ بل السؤال: لماذا نخاطر بإيمان غير المتخصصين والمطلعين من أجل شعارات الثقافة الغالبة؟

بقلم: إبراهيم السكران
382
دلالة القرآن على أن السنة وحي الجزء الأول | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

دلالة القرآن على أن السنة وحي الجزء الأول


نعلم أن سهام منكري السنة تتوجه في الغالب إلى السنة النبوية ذاتها سواء في متنها أو سندها أو حتى حجيتها من الأساس فهم لا يؤمنون بأنها وحي من عند الله وفي المقابل يدعون الإيمان بالقرآن وما جاء فيه ومن هنا ندرك أهمية الوقوف على حجية السنة النبوية من نصوص القرآن الكريم وفي هذا المقال يقدم لنا الكاتب أحمد يوسف السيد أدلة قرآنية تثبت أن السنة النبوية هي وحي من عند الله

بقلم: أحمد يوسف السيد
2322
الحكمة من خلق الخلق ج1 | مرابط
تفريغات

الحكمة من خلق الخلق ج1


تفريغ لمحاضرة هامة للشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني يقف فيها على سؤال بديهي وربما لا يخطر لكثير من الناس رغم حاجتهم الشديدة إليه ألا وهو: لماذا خلق الله الخلق من الملائكة والإنس والجن فمعرفة هذا الجواب وإدراك الغاية والحكمة من الخلق ربما يبدل الكثير من التصورات الخاطئة عند الناس ويعينهم على العودة إلى طريق الرشاد

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
483
النشوز ما هو؟ | مرابط
المرأة

النشوز ما هو؟


النشوز ما هو؟ يقول صاحب أضواء البيان: النشوز في اصطلاح الفقهاء الخروج عن طاعة الزوج. يقول الطبري: نشوزهن: استعلاءهن على أزواجهن وارتفاعهن عن فرشهم بالمعصية منهن والخلاف عليهم فيما لزمهن طاعتهم فيه بغضا منهن وإعراضا عنهم

بقلم: باسم بشينية
284
زهد أبي ذر الغفاري | مرابط
مقالات

زهد أبي ذر الغفاري


حدثنا عبد الله حدثنا محمد بن عبد بن حسان حدثنا جعفر يعني ابن سليمان عن رجل قد سماه عن شهر بن حوشب عن عائذ الله عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما استقللتم على الفرش ولا تمتعتم من الأزواج ولا شبعتم من الطعام ولخرجتم إلىالصعدات تجأرون إلى الله عز وجل فكان أبو ذر إذا حدث هذا الحديث يقول: يا ليتني شجرة تعضد

بقلم: أحمد بن حنبل
1579