الإنكار على تصحيح الأخطاء اللغوية

الإنكار على تصحيح الأخطاء اللغوية | مرابط

الكاتب: البشير عصام المراكشي

467 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

كتبت أمس مقالا صغيرا في تصحيح خطأ لغوي شائع، فوجدت تعليقين من شخصين مختلفين، يدوران على معنى واحد:
"اترك الناس يتكلمون كما يشاؤون، ولا تتكلف التصحيح لأخطائهم ..".

وقد وقفت من هذين التعليقين موقف المتعجب المتأمل .. فقد ألفت أن أسمع مثل هذا الإنكار في مواجهة حكم بتبديع أو تفسيق - وإن كان حكما صحيحا -، لكن أن يصل الإنكار إلى التصحيح اللغوي، فهذا تمدد سرطاني علينا السعي في معالجته.

ما الذي يجعل الكثيرين اليوم يأنفون من التصحيح والتقويم والتخطئة؟! الأسباب كثيرة، وهي تؤسس مزاجا عصريا، يستبطنه الناس، حتى يخرج في مثل هذه التعليقات.

من هذه الأسباب:

  • انتشار ️ثقافة التيسير والاختيار، على حساب ثقافة المسؤولية والواجب. وبسط هذه النقطة يطول جدا، ومن أراده فعليه بكتاب "أفول الواجب".
  • تفشي خطاب التنمية الذاتية وتبسيط العلوم وما أشبه ذلك، مما يخيل للناس أن العلم يمكن تحصيله دون جهد، بل دون قواعد، وفي أقصر الأوقات. وجميع ذلك سراب، يعرفه من تبعه عمره كله، فلم يرجع منه بشيء معتبر.
    والصحيح المجرب المتفق عليه بين أهل الاختصاص، أن العلم في ذاته ثقيل؛ لكن من سلك طريقه، وتسلح بالهمة والعمل والصبر وعدم الاستعجال، يسره الله له.
  • رفع قيمة الحرية إلى درجة التقديس والإطلاق. فالتقديس يجعلها مفهوما متجاوزا يهيمن على جميع مناحي المعرفة، ومعيارا لتصحيح المفاهيم أو تزييفها؛ والإطلاق يمنع من أدنى تقييد، ولو أن يكون قواعد لغوية لا يتم تواصل الناس إلا بضبطها!
  • انتشار خطاب رفض "الوصاية الفكرية"، النابع عن تقديس الحرية الشخصية. وقد وصل الغلو في رفض "الوصاية" إلى درجة عدم الاعتداد بكلام العالم أو المصلح أو الخبير أو المجرب أو الوالد .. بل العبرة فقط بالرأي الشخصي، مهما تكن طريقة تكوينه، والمؤثرات التي أنتجته!
  • أنتج الحال المزري للأمة عند الكثيرين يأسا تاما من إمكان الإصلاح. ووصل هذا اليأس إلى درجة تفضيل التطبيع مع الفساد الشائع، على بذل الجهد في مقاومته. فصار قبول الخطأ وتسويغه، أولى عندهم من محاولة تقويمه وإصلاحه.(ولهذا المعنى نماذج كثيرة في مجالات مختلفة، وفي السياسة خصوصا).
    والله الهادي إلى سواء السبيل.
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التصحيح-اللغوي #أخطاء-لغوية
اقرأ أيضا
الرد على المفوضة الجزء الثالث | مرابط
تفريغات

الرد على المفوضة الجزء الثالث


وردت الكثير من الشبه حول مسألة التفويض في آيات الصفات ونسبتها إلى أهل السنة وعقيدة السلف في هذه ذلك هو الإيمان بالمعنى وتفويض الكيف أما المعطلة فيظهر فساد مذهبهم في ذلك وتأثرهم بعلم المنطق وبين يديكم تفريغ لمحاضرة للشيخ الألباني يرد فيه على المفوضة وعلى من نسب عقيدتهم إلى السلف

بقلم: الشيخ الألباني
813
واحذر اللحن | مرابط
لسانيات

واحذر اللحن


ابتعد عن اللحن في اللفظ والكتب فإن عدم اللحن جلالة وصفاء ذوق ووقوف على ملاح المعاني لسلامة المباني: فعن عمر رضي الله عنه أنه قال: تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة وقد ورد عن جماعة من السلف أنهم كانوا يضربون أولادهم على اللحن

بقلم: بكر أبو زيد
285
الدنيا تغيرت الجزء الأول | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

الدنيا تغيرت الجزء الأول


الدنيا تغيرت توظف هذه المقولة للاعتراض على بعض المقررات الشرعية بذريعة أن النصوص الشرعية ثابتة والواقع متغير ولذا لا يمكن أن نجمد على الثابت وقد يسعى بعضهم إلى مقاربة تظهره بمظهر المعظم للشريعة فهو يتحدث عن حجم استجابة الشريعة لمتغيرات الواقع وتقلباته فهي ليست مجرد نصوص جامدة صلبة لا تقبل الزحزحة أو التطوير بل هي تتطور مع تتطور الواقع للتفاعل معه والذي يؤول في الحقيقة إلى جعل الواقع حكما على الوحي وفي المقال فحص لهذه الشبهة ورد عليها

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
1353
أسباب سقوط الأندلس الجزء الثاني | مرابط
تاريخ فكر

أسباب سقوط الأندلس الجزء الثاني


في هذا المقال نعود إلى تاريخ الأندلس لنقف على أهم الأسباب التي أدت إلى سقوطها في النهاية ولنعتبر بكل ما جرى في تلك المرحلة التاريخية الهامة ونستخلص عوامل الانهيار والانحدار التي أوصلت المسلمين إلى فقد هذه الحضارة الزاهية فالمستقبل لا يبنيه إلا من علم أخطاء الماضي وتحاشاها وتجنبها قدر طاقته واستطاعته وإدراك أسباب سقوط الأندلس يعيننا على فهم السنن الكونية وفهم عوامل الصعود وعوامل السقوط

بقلم: علي محمد الصلابي
2511
ليست الدنيا دار جزاء | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

ليست الدنيا دار جزاء


ستتعب إن قاومت هذه الحقيقة ومهما غالبتها ستبقى هي الحقيقة ليست الدنيا دار جزاء فلو كانت دار جزاء لما قتل أنبياء كزكريا ويحيى عليهما السلام ولما عذب عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى الموت كياسر وسمية دون أن يروا قائمة تقوم للإسلام ولما حصل لأهل الأخدود ما حصل

بقلم: د إياد قنيبي
2320
نحن مثلكم ننتقد الدين | مرابط
فكر مقالات

نحن مثلكم ننتقد الدين


في عالمنا الإسلامي -العربي منه وغير العربي- مخلوقات غريبة تريد أن تجمع بين المتناقضات ولا تريد مع ذلك أن يعترض على تناقضها معترض يريدون أن يقولوا لإخوانهم الذين كفروا من أهل الغرب: إنما نحن مثلكم ننتقد الدين كما تنتقدون ولا نلتزم به كما أنكم لا تلتزمون ولا نترك فرصة للسخرية منه ومن المستمسكين به إلا اهتبلناها كما تهتبلون ونرى كما ترون أنه من حق الأديب والفنان أن ينتقد قيم المجتمع ومعتقداته ويدعو إلى نبذها لأنه لا يكون أديبا أو فنانا مبدعا إلا إذا فعل كل هذا بحرية كاملة كما تفعلون

بقلم: الشيخ الدكتور جعفر شيخ إدريس
745