الحياء في الإنسان

الحياء في الإنسان | مرابط

الكاتب: الماوردي

552 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

واعلم أن الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه: أحدها: حياؤه من الله تعالى، والثاني: حياؤه من الناس، والثالث: حياؤه من نفسه.

فأما حياؤه من الله تعالى فيكون بامتثال أوامره والكف عن زواجره، وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استحيوا من الله عز وجل حق الحياء، فقيل: يا رسول الله فكيف نستحي من الله عز وجل حق الحياء؟ قال: من حفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وترك زينة الدنيا، وذكر الموت والبلى، فقد استحى من الله عز وجل حق الحياء ـ وهذا الحديث من أبلغ الوصايا ..... وهذا الحياء يكون من قوة الدين وصحة اليقين ....

وأما حياؤه من الناس فيكون بكف الأذى وترك المجاهرة بالقبيح .... وهذا النوع من الحياء قد يكون من كمال المروءة وحب الثناء، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ـ يعني ـ والله أعلم ـ لقلة مروءته، وظهور شهوته .... وقال بعض الشعراء:

ورب قبيحة ما حال بيني      *        وبين ركوبها إلا الحياء
إذا رزق الفتى وجها وقاحا    *     تقلب في الأمور كما يشاء

وقال آخر:

إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقا    *     وتستحي مخلوقا فما شئت فاصنع.

وأما حياؤه من نفسه فيكون بالعفة وصيانة الخلوات، وقال بعض الحكماء: ليكن استحياؤك من نفسك أكثر من استحيائك من غيرك، وقال بعض الأدباء: من عمل في السر عملا يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر، ودعا قوم رجلا كان يألف عشرتهم، فلم يجبهم، وقال: إني دخلت البارحة في الأربعين وأنا أستحي من سني، وقال بعض الشعراء:

فسري كإعلاني وتلك خليقتي           *        وظلمة ليلي مثل ضوء نهاري

وهذا النوع من الحياء قد يكون من فضيلة النفس وحسن السريرة، فمتى كمل حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة فقد كملت فيه أسباب الخير، وانتفت عنه أسباب الشر، وصار بالفضل مشهورا، وبالجميل مذكورا، وقال بعض الشعراء:

وإني ليثنيني عن الجهل والخنى    *     وعن شتم ذي القربى خلائق أربع
حياء وإسلام وتقوى وطاعة          *     لربي ومثلي من يضر وينفع

وإن أخل بأحد وجوه الحياء لحقه من النقص بإخلاله بقدر ما كان يلحقه من الفضل بكماله، وقد قال الرياشي: يقال إن أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ كان يتمثل بهذا الشعر:

وحاجة دون أخرى قد سنحت لها    *     جعلتها للتي أخفيت عنوانا
إني كأني أرى من لا حياء له          *     ولا أمانة وسط القوم عريانا

 


 

المصدر:

الماوردي، أدب الدنيا والدين

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الحياء
اقرأ أيضا
القدر والأسباب | مرابط
تعزيز اليقين اقتباسات وقطوف

القدر والأسباب


الإيمان بالقدر لا ينافي الأسباب الشرعية أو الحسية الصحيحة أما الأسباب الوهمية التي يدعي أصحابها أنها أسباب وليست كذلك فهذه لا عبرة بها ولا يلتفت إليها وبين يديكم مقتطف سريع لابن عثيمين يدور حول هذه المسألة

بقلم: ابن عثيمين
360
لماذا نصوم الجزء الرابع | مرابط
تفريغات

لماذا نصوم الجزء الرابع


أما التائهون يسهرون إلى نصف الليل على الباطل ثم يتسحرون وينامون فلا يستيقظون لصلاة الصبح أبدا فتفوتهم صلاة الصبح لكن أمثالكم ينامون بعد صلاة التراويح أربع ساعات أو خمس ساعات ثم يقومون فيتسحرون فإذا أذن الصبح توضئوا وصلوا

بقلم: أبو بكر الجزائري
700
إلام يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم جميع الناس | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

إلام يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم جميع الناس


شرع محمد صلى الله عليه وسلم يكلم الناس في الإسلام ويعرض عليهم الأخذ بهذا الدين الذي أرسله الله به وسور القران الذي نزل بمكة تبين العقائد والأعمال التي كلف الله بها عباده وأوصى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتعهد قيامها ونماءها وهذا المقال المختصر يناقش فيه الكاتب محمد الغزالي بعض المحاور التي يدعو إليها الرسول صلى الله عليه وسلم

بقلم: محمد الغزالي
1331
النساء وهوس العمل | مرابط
المرأة

النساء وهوس العمل


قضية صلاح المرأة ترتبط بداية بعقيدتها ودينها وخلقها فمن كانت تنشد القرار في البيت الأصل مساعدتها لا إعلان الحرب عليها ونبذها ومهاجمتها كأنها الفاسدة. ويعلم الله أن هناك أخوات مسلمات يعانين الأمرين من أب وزوج لا يصلي ومع ذلك لا نسمع صوتا يوجه لهؤلاء! وكم من امرأة صلحت على يد رجل!

بقلم: د. ليلى حمدان
608
فاحكم بينهم أو أعرض عنهم | مرابط
فكر مقالات أباطيل وشبهات

فاحكم بينهم أو أعرض عنهم


يناقش هذا المقال قول من استدل بالآية فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم على أن من رفض أن يحكم بالشريعة فلا يلزم بها فلا بد أن يختارها ويؤمن بها وحين لا يكون مؤمنا بها لا يكون ملزما كما خير الله في هذا الآية نبيه صلى الله عليه وسلم في أن يحكم بينهم أو يعرض عليهم ولو كان الحكم ملزما لما حصل اختيار

بقلم: فهد بن صالح العجلان
2341
كيف كان تطوع الصحابة؟ | مرابط
اقتباسات وقطوف

كيف كان تطوع الصحابة؟


ولم يكن أكثر تطوع النبي صلى الله عليه وسلم وخواص أصحابه بكثرة الصوم والصلاة بل ببر القلوب وطهارتها وسلامتها وقوة تعلقها بالله خشية له ومحبة وإجلالا وتعظيما ورغبة فيما عنده وزهدا فيما يفنى.

بقلم: ابن رجب
270