الدفاع عن السنة الجزء الأول

الدفاع عن السنة الجزء الأول | مرابط

الكاتب: أبو إسحق الحويني

678 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

شهادة أن لا إله إلا الله

إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.

(كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد -كما تقول عائشة رضي الله عنها- حتى جاءه الوحي، فرجع إلى خديجة رضي الله عنها يرجف فؤاده وقال: (لقد خشيت على نفسي). قالت: (كلا والله لا يخزيك الله أبدًا) -وفي الرواية الأخرى: وهي في بعض نسخ البخاري- قالت: (كلا والله لا يحزنك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق) ثم انطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان امرأً قد تنصر، وقرأ وكتب الكتاب العبراني، فلما قص عليه النبي عليه الصلاة والسلام ما جرى له في غار حراء قال: هذا هو الناموس الأكبر الذي نزل على موسى عليه السلام، ثم قال: ليتني فيها جذعًا إذ يخرجك قومك، فقال عليه الصلاة والسلام: أومخرجي هم؟ قال: نعم، ما جاء رجلٌ بمثل ما جئت به إلا عودي)..

يقول أبو عمرو بن العلاء : ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال. فالنبي عليه الصلاة والسلام لما جاء بدين الله عز وجل -وهو الإسلام- قال له ورقة هذه الكلمة التي تعد من أصدق ما قاله إنسان، جاء النبي عليه الصلاة والسلام فخالف كثيرًا من أعراف العرب وأهواء الجاهلية، ولذلك رموه عن قوس واحدة، وجاء يقول لهم: (يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله؛ تفلحوا). فأبت العرب أن تقول هذه الكلمة، ورضيت أن تدخل في حروب دمرت اقتصادياتها، وقتلت أشراف الناس فيها، وسُبيت النساء، وكان العرب أصحاب غيرة، إذًا هم فهموا معنى: لا إله إلا الله، وما معنى أن يقول الواحد منهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، لو كانوا لا يفهمونها كسائر جماهير المسلمين اليوم لقالوها، ولوفّروا على أنفسهم هذه الحروب المتطاولة، فقدوا كل شيء في هذه الحروب، فقدوا أنفس أنواع الرجال، فقدوا العقول الذكية الجبارة، وفقدوا أموالًا طائلةً كثيرة، وفقدوا نساءً وأولادًا وأطفالًا أيضًا.. كل هذا وهم يصبرون على منِّ الغلاصم ونهش الأراقم، ومتون الصوارم، والبلاء المتلاطم المتراكم، ولا يقولوا: لا إله إلا الله، لماذا؟ لأن هذه الكلمة معناها نبذ الأنداد التي كان الناس يعبدونها، معناها توحيد الكلمة:  إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [يوسف:67].

كان العرب كما لا يخفى عليكم إن شاء الله تعالى يقرون بتوحيد الربوبية، ولا يجهلون أن الله هو الذي خلق الكون ودبر ورزق، وهو اللطيف الخبير، لكنهم أنكروا أن يكون إلهًا معبودًا: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5] وما هو العجاب فيه؟ تفرد بالزرق.. تفرد بالخلق.. تفرد بالتدبير.. تفرد بالإحياء.. تفرد بالإماتة؛ فمناسب جدًا أن يتفرد بالألوهية، تفرد بكل شيء، وينكرون أن يكون إلهًا، وجاء النبي عليه الصلاة والسلام بتقرير هذه الحقيقة، وكان ما كان مما أشرت إليه آنفًا من الحروب المتطاولة، فليتنا نفهم كلمة التوحيد كما فهمها أبو جهل! لو أن جماهير المسلمين اليوم فهموا كلمة التوحيد كما فهمها العرب الأوائل، حتى الذين ماتوا على الكفر منهم لتغير واقع المسلمين، أنت تقول وتردد خلف المؤذن يوميًا: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.

أشهد: أرى؛ لأن الشهادة ضد الغيب، قال تعالى: عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ [الزمر:46] فإذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله؛ كأنك تقول: أنا أراه، فإذا تحققت لديك هذه الرؤية فلا يستطيع قلبك أن يقوى على مشهد العصيان أبدًا، وفي الحديث: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله! أوصني، قال: أُوصيك أن تستحيي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك) أنت لا تجرؤ على أن تأتي بالفاحشة أمام الناس؛ إنما العاصي يغلق الباب والنافذة، ويحسن الغلق، فإذا شعر أنه في مأمنٍ عصى ربه، أوصيك أن تستحيي من الله كما تستحيي من رجلٍ من صالح قومك، قد يجرؤ المرء على أن يعصي الله أمام فاجرٍ مثله؛ لكن أمام صالحٍ لا.

فأنت إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، كأنك تقول: أنا أراه، والدين على ثلاثة أنماط: الإسلام والإيمان والإحسان، فالإحسان أخص من جهة أهله، وأعم من جهة نفسه، يعني: تخيل الإسلام والإيمان والإحسان في دوائر ثلاثة متداخلة، أكبر دائرة هي الإسلام، والدائرة التي تليها في الصغر وهي بداخلها الإيمان، والدائرة التي تليها وهي بداخلها: الإحسان، فإذا خرج من دائرة الإحسان وقع في دائرة الإيمان، وإذا خرج من دائرة الإيمان وقع في دائرة الإسلام، وإذا خرج من دائرة الإسلام فلم يبق إلا الفضاء الواسع، وهو الكفر، فكل محسن مؤمن ومسلم، وكل مؤمنٍ مسلم وليس بمحسن، لا يشترط أن يكون محسنًا، وكل مسلمٍ لا يُشترط أن يكون لا مؤمنًا ولا محسنًا، كلما كبرت الدائرة كانت أخص من جهة أهلها، وأعم من جهة نفسها، المحسنون من جهة أهلها أخص؛ لأنهم أقل الخلق، ولكن هو مؤمنٌ ومسلم، فهو أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أهله، كذلك الإيمان.

في حديث جبريل عليه السلام الذي رواه مسلم في حديث ابن عمر، ورواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنهم.. قال: (ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه) هو هذا معنى أشهد: أي أرى، أن تعبد الله كأنك تراه، ولكن ذلك متعسر، فإن لم تكن فإنه يراك. إن عجزت أن تكون محسنًا في غاية الإحسان كأنك ترى ربك، وأنا معتقد يقينًا أن المرء إذا كان محسنًا لا يجرؤ على العصيان أبدًا، لا يقوى قلبه على العصيان، وتأمل في الصيام، يحقق أكثر الناس مرتبة الإحسان.

قال الله عز وجل في الحديث الإلهي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به) ونحن نعلم علمًا ضروريًا أن الصيام للعبد، بدليل أنه إذا لم يكن عُذِّب، فالصيام للعبد أيضًا، فلماذا خصص الله هذه الشعيرة وقال: (إنه لي) ألم يمر بك يومٌ شديد الحرارة كمثل هذا الشهر والذي سبقه، وكادت عنقك أن تنقطع من العطش، وأنت وحدك في البيت، والماء المثلج أمامك وتحمل الماء، ويقترب الماء من فمك، ومع ذلك لا تجرؤ على الشرب، لماذا؟

مع أن المرء قد يرائي في الصلاة، وقد يرائي في الزكاة، وقد يرائي في الحج!! لكن في الصيام لا يستطيع أن يشرب مع شدة العطش، ووجود المقتضى الدافع على العصيان، وهو الانفراد وأن لا أحد معه، ومع ذلك لا يجرؤ على الشرب، هذا هو تحقيق مرتبة الإحسان، أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهذا على سبيل التنزُّل.

 

شهادة أن محمدًا رسول الله

معنى كلمة التوحيد.. أنني كما أفرد ربي بالعبادة ولا أشرك به أحدًا، سأفرد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع.. كما أن الله واحدٌ لا شريك له في العبادة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا شريك له في الإتباع، وإذا اتبعنا عالمًا بعده، إنما اتبعناه بقوله، فكل شيءٍ راجعٌ إليه في الحقيقة.

وأشهد أن محمدًا رسول الله.. إذا وصلك نصٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم من عالمٍ ثقةٍ عالمٍ بالصحيح والضعيف، فتيقن أن الذي يأمرك الآن هو النبي عليه الصلاة والسلام، إذا أردت أن تحقق معنى (أشهد أن محمدًا رسول الله) كأنك تراه، يعني في هذا الجمع الذي أسأل الله تبارك وتعالى أن يكون جمعًا مباركًا، قد يوجد في هذا الجمع من يلبس خاتمًا من ذهب أو دبلة من ذهب، ابتُلِي بذلك إما لضعف إيمانه، وإما لجهله، وأرجو أن لا يكون لهواه، المهم أنه يلبس الذهب، فإذا قلت له الآن: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج على الصحابة يومًا ومعه الحرير في يدٍ والذهب في يدٍ وقال: (هذان حرامٌ على ذكور أمتي، حل لإناثها) فأقول له: إن كنت ذكرًا فاخلع الذهب؛ لأنه قال: (هذا حرامٌ على ذكور أمتي) فتوهّم وأنت تسمع هذا الحديث الآن أن الذي أمرك به هو النبي صلى الله عليه وسلم، فهل يسعُك أن تتخلف، تخلع الذهب أم لا؟

يا من تلبس الذهب الآن، لو أنك واقف أمام النبي عليه الصلاة والسلام الآن، وقال: اخلع عنك هذا، قل لي بأمانة، أتخلع الذهب لو كان النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي أمرك الآن؟

الذي أعتقده أنه سيقول: نعم. فأقول له: ما الذي جعلك تتباطأ حتى الآن ولا تخلع الذهب فور سماعك لهذا الحديث؟ لأنك لم تحقق معنى (أَشهد)، ما حققتها، لو اعتقدت أنه هو الذي أمرك ما أظنك تتخلف.

وخذ هذا المثل العالي الذي رواه مسلم في صحيحه: (أن رجلًا كان يلبس خاتم ذهب، وجاء مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى الخاتم نزعه نزعًا شديدًا وطرحه على الأرض، وقال: يعمد أحدكم إلى جمرةٍ من نارٍ فيجعلها في يده، فلما همّ الرجل أن ينطلق؛ قال له بعض الجلوس: خذ خاتمك انتفع به..... قال: (لا والله لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله) لا يأخذه بعدما طرحه أرضًا، رغم أنه يجوز له أن يبيعه وينتفع به، لكن كبُر عليه أن يمد يده ويأخذه وقد طرحه النبي صلى الله عليه وسلم!!.

فهلا خلعت خاتمك يا لابس الذهب بعد هذا الكلام بلا خجل؟ كنت عاصيًا فرجعت، هذه منقبة ومحمدة، وهذه هي الهجرة الواجبة إلى أن تلقى ربك، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (المهاجر من هجر ما نهى الله عنه) فأنت مهاجرٌ إلى الله كل يوم... ما من معصيةٍ تدعها إلى طاعة إلا وقد تحقق لك رسم المهاجر وسمته، فأنت مهاجرٌ إلى الله عز وجل، فإذا خلعت هذا الذهب فاحمد الله أن نفسك حيَّة، وإذا لم تجرؤ على خلع الذهب فابك على نفسك.. أشهد أن محمدًا رسول الله، يعني: ما من نصٍ يصلني عن هذا النبي الكريم إلا وأعظمه وأُبجِّله كما لو كان هو الآمر به.

وقد سُئِل تقي الدين السبكي رحمه الله كما في رسالته بيان قول الإمام المطلبي الذي هو الإمام الشافعي : (إذا صح الحديث فهو مذهبي).. سُئل عن إذا كان رجل مثلًا يتمذهب بمذهب من المذاهب المشهورة، شافعيًا كان أو حنفيًا أو حنبليًا أو مالكيًا أو ظاهريًا، وكان المذهب على خلاف الحديث أيترك المذهب للحديث؟ قال: نعم، طيب.. أيكون مخالفًا للمذهب؟ يعني: هو شافعي وجاءه نص بخلاف المذهب الشافعي، فأخذ بالحديث وترك المذهب، أيكون قد خرج عن كونه شافعيًا؟

قال: لا، لأن الشافعي يقول: (إذا صح الحديث فهو مذهبي).. فلو أن الشافعي وقف على ما وقفت لصار إليه، ثم قال: وليتوهم أحدكم نفسه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: افعل كذا وكذا.. أيسعه أن يتخلف؟ ما أظن أنه يجرؤ. ضرب الصحابة أروع الأمثلة في هذا الاتباع للنبي عليه الصلاة والسلام، وكان الواحد منهم شديد الحساسية، مرهف الحس.

ابن عمر رضي الله عنهما سئل مرةً عن أكل لحم الغراب: أحلال أم حرام؟ فاستدل على تحريمه بحجةٍ عجيبة، فقال: من يأكل الغراب وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسقًا؟ من الذي تطيب نفسه أن يأكل الغراب والنبي عليه الصلاة والسلام سماه فاسقًا؟ هذا الحس العالي كان يسير حياة هؤلاء حتى في اختيار اسم ابنه سالم بن عبد الله بن عمر.

روى الطبراني في المعجم الأوسط بسندٍ فيه لين أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان في مجلسٍ فيه عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله، فقال الحجاج لـسالم : خذ هذا السيف، وخذ هذا الرجل واضرب عنقه على باب القصر، فأخذ سالم السيف وأخذ الرجل ووصل به إلى الباب ثم قال له سالم : هل صليت الصبح؟ قال: نعم، قال: فخذ أي طريق شئت -اهرب بجلدك- ثم رجع سالم إلى الحجاج بسيفه، فسأله الحجاج.. أقتلت الرجل؟ قال له: لا، قال: لم؟ قال: إني سمعت أن أبي هذا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله) ما أستطيع أن أجور على رجلٍ في ذمة الملك، هذا في ضمان الملك، وفي حماه.. ما أستطيع، والحجاج مع أنه كان غاشمًا وظلومًا، لكنه أحيانًا كان يقف، عنده أشياء تنم عن دين، فمثلًا مرة طلب القبض على رجلٍ فلم يجدوه، فقبضوا على أخيه، أول ما قبضوا على أخيه هدموا داره، ومنعوا عطاءه من بيت المال، وحلَّقوا على اسمه (أي: وضعوه في القائمة السوداء، كلما يقبضوا على الناس يأخذوه) فالرجل قال: أريد أن أكلم الأمير. أوصلوه إلى الحجاج، قال: أيها الأمير! طلبتم القبض على أخي فلم تجدوه، فقبضتم علي وأنا مظلوم، هدموا داري، ومنعوا عطائي، وحلّقوا على اسمي، فقال له الحجاج : هيهات.. أولم تسمع قول الشاعر:

جانيك من يجني عليك وربما تعدي الصحاح مبارك الجرب
ولرب مأخوذ بذنب عشيرةٍ ونجا المقارف صاحب الذنب

فقال: أصلح الله الأمير، فإني سمعت الله يقول غير ذلك! قال: وما يقول الله؟ قال: قال الله تبارك وتعالى: قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ [يوسف:78-79] فحينئذٍ أطرق الحجاج، ثم صفق بيديه وقال: علي بفلان، وهو قائد الشرطة فقال له: ابن لهذا داره، ومر له بعطاه، وامح اسمه، ومر مناديًا ينادي أن صدق الله وكذب الشاعر.

فيقول سالم : إن أبي هذا حدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله) فعقّب عبد الله بن عمر، وقال لابنه: (كيس) يعني ذكي.. تفهم، (إنما سميتك سالمًا لتسلم)، هذا الشاهد: (سميتك سالمًا لتسلم)، كل شيء في حياة هؤلاء الصحابة كان يحركه الاتباع.

فأنت إذا قلت: أشهد أن محمدًا رسول الله، يعني: لا يصلك عنه كلامٌ صحيح على لسان رجلٍ أمينٍ ثقةٍ إلا وتعتقد أن هذا الرجل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمرك، ما أظنُّك حينئذٍ تتخلف، تخلع الذهب فور ما تسمع هذا الكلام، وكذلك تخلع الدبلة، ذهبًا كانت أو فضة، أما الدبلة على وجه الخصوص فلأنها من شعائر النصارى وليست من دين الإسلام، الدبلة لها قداسة معروفة عند النصارى؛ ولذلك عندما يكون خاطبًا يلبس الدبلة باليد اليمنى، ولما يتزوج ويعقد يضع الدبلة في يده الشمال، لماذا؟

لأنهم يعتقدون أن هذه الإصبع فيها عرق لطيف جدًا تحت الجلد، وهذا العرق هو الوحيد الذي يمتد من اليد إلى القلب مباشرةً، فدرجوا على كتابة اسم المرأة على دبلة الرجل، واسم الرجل على دبلة المرأة، طبعًا من داخل الدبلة، لماذا؟ لأنه حين يلبس دبلته واسمها في الداخل متاخم لهذا العرق، فالنتيجة ماذا؟

يأخذ حنانًا على القلب مباشرةً فالرجل هذا لن يفكر في امرأة إلا هذه المرأة دون غيرها،فمعنى هذا الكلام أن هذا العرق يخرج من اسمها وينبض عليه، ويأخذ الجرعة والشحنة فليس في قلبه إلا هذه المرأة، وكذلك الرجل، فهذا تقليد نصراني لا يحل، لا تلبس دبلة فضة ولا حديد ولا أي شيء، الدبلة بالذات، لكن لا بأس أن تلبس الخاتم، لأن الخاتم زينة للرجال، يعني: لو تلبس الخاتم تزيّن أصابعك، وتلبسه بلا مناسبة.

فخلاصة الكلام أن معنى أشهد أن محمدًا رسول الله.. إذا وصلك كلام فانفعلت له ونفذته فأنت فعلًا تشهد أن محمدًا رسول الله، إذا لم تفعل ذلك فشهادتك ناقصة، تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، كأي كلمة تقال.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#السنة-النبوية #دفاع-عن-السنة
اقرأ أيضا
الساعة الخامسة والسابعة صباحا | مرابط
تعزيز اليقين

الساعة الخامسة والسابعة صباحا


في الساعة الخامسة صباحا والتي تسبق تقريبا خروج صلاة الفجر عن وقتها تجد طائفة موفقة من الناس توضأت واستقبلت بيوت الله تتهادى بسكينه لأداء صلاة الفجر إما تسبح وإما تستاك في طريقها بينما أمم من المسلمين أضعاف هؤلاء لا يزالون في فرشهم بل وبعض البيوت تجد الأم والأب يصلون ويدعون فتيان المنزل وفتياته في سباتهم وما إن تأتي الساعة السابعة -والتي يكون وقت صلاة الفجر قد خرج- وبدأ وقت الدراسة والدوام إلا وتتحول الرياض وكأنما أطلقت في البيوت صافرات الإنذار حركة موارة وطرقات تتدافع ومتاجر يرتطم الناس فيه...

بقلم: إبراهيم السكران
1757
حجية الظن في ثبوت الأخبار | مرابط
أبحاث

حجية الظن في ثبوت الأخبار


فبعض الناس يتعامل مع اليقين-القطع-العلم كدرجة واحدة كأنه الدرجة المائة في النسبة المئوية فإذا وصفنا نوعا معينا من الأدلة باليقيني أو أنه يفيد العلم فهو الدرجة ١٠٠ ويلزم أن كل ما دونه لا يفيد العلم ولا اليقين ولو كان درجة ٩٩ والحقيقة أن اليقين يتفاوت وليس على درجة واحدة فتحقق أعلى درجات اليقين في نوع من الأدلة لا يعني بالضرورة أن كل ما دونه من الأنواع قد خرج من دائرة إفادة العلم واليقين

بقلم: معتز عبد الرحمن
257
حديث السفينة: من وحي الواقع | مرابط
تعزيز اليقين فكر

حديث السفينة: من وحي الواقع


عندما تكون السفينة هي مسرح الأحداث.. لن يسعك أن ترى من يحاول خرقها وتقول: دعه يفعل ما يشاء هو حر في مساحته الشخصية يمكننا أن نتعايش معه.. فالمآل هنا مشترك للجميع إما أن نغرق جميعا وإما أن ننجو جميعا.. والآن دعنا نتأمل حال سفينتنا التي أوشكت على الغرق بعدما كثرت فيها الخروق حتى صار جسد السفينة كالغربال ويزداد كل يوم من يريدون خرقها بزعم أنها مساحات شخصية كما يزداد أيضا من يكتفون بالمشاهدة بحجة التعايش.

بقلم: محمود خطاب
419
وظهر الدجال | مرابط
فكر

وظهر الدجال


بت أستشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى حالة المجتمع الذي سيظهر فيه الدجال ويتلقى دعوته بالحفاوة والترحيب وكأني به يطوف بلاد العالم ويفرش له السجاد الأحمر باعتباره أحد أقطاب الإصلاح الاقتصادي والنهضة الحضارية. أشعر وكأن بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة في عالمنا الإسلامي البائس سوف يتصدرون المشهد ويقودون حملته المضللة بالتلبيس على العوام بطرائق شتى سيكون منها بلا شك مهرجانات الرحمة للجميع !!

بقلم: د. جمال الباشا
278
الجنة قريبة ممن عمل | مرابط
مقالات

الجنة قريبة ممن عمل


يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قولك: الحمد لله تملأ الميزان. وهو ميزان يوم القيامة الذي ستقف عنده يوم الحساب تزن حسناتك وسيئاتك وتجادل عنده وربما ستفتش عن كلمة واحدة تثقل بها كفة الحسنات لتنجو!

بقلم: خالد بهاء الدين
344
المجتمع المشهدي والاستهلاك | مرابط
فكر

المجتمع المشهدي والاستهلاك


وبتحويل العلاقات الإنسانية إلى أشياء فأصبح من الممكن للمنظومة عرض هذه الأشياء كسلع وهذا ما أدى بدوره إلى زيادة معدل الاستهلاك لهذه السلع لا من أجل ما تحويه هذه السلع من منافع بل من أجل الاستعراض بغية إثبات الوجود والحصول على الاهتمام المرجو من المجتمع.

بقلم: محمد علي فرح
720