ومن اتباع الهوى والشيطان تكلف الفتاة في تزيين مظهرها، ولو كان في ذلك التعرض للعنة الله، ومن ذلك نمص الحواجب وترقيقها إما بالنتف أو الحلق، وهو تحقيق لوعيد الشيطان لما قال لربه: "لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ" [النساء:118-119].
والنمص تغيير لخلق الله، وهو تعرض للعنة الله، فقد صح عند أبي داود وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة، والمستوشمة، والنامصة، والمتنمصة، المغيرات لخلق الله).
سبحان الله! كيف تفعلين ما يعرضك للعنة الله وأنت تسألين الله المغفرة والرحمة في الصلاة وخارجها؟! أليس هذا تناقضًا بين قولك وفعلك، تطلبين الرحمة وتفعلين ما يطردك منها.. إن هذا لشيء عجاب! بل أفتى العلماء الربانيون بتحريمه، وبين يدي أكثر من عشرين فتوى كلها تحرم نمص الحواجب، فمن مقتضى إيمانك بالله أن تطيعيه فيما أمر، وأن تجتنبي ما نهى عنه وزجر.
بل إن النمص أيضًا من التشبه بالكافرات، و(من تشبه بقوم فهو منهم)، والله يوم القيامة يقول: "احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ" [الصافات:22] أزواجهم: أي شبهاؤهم ونظراؤهم، ومن أحب قومًا حشر معهم.
ولا تقولي: كثيرات يفعلن ذلك. فأقول: نعم، العبرة ليست بالكثرة، فكثيرات أيضًا يعبدن الأصنام، هل تعبدين الأصنام معهن؟ كثيرات يعلقن الصليب هل تفعلين مثلهن؟! إن كثرة العاصيات لا تعذرك عند الله، فأنت مسئولة عن عملك، وكما كنت في ظهر أبيك وحدك، ثم في بطن أمك وحدك، ثم ولدت وحدك فإنك تموتين وحدك، وتبعثين يوم القيامة وحدك، وتمرين على الصراط وحدك، وتأخذين كتابك وحدك، وتسألين بين يدي الله وحدك، قال الله: "إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا" [مريم:93-95].
المصدر:
محاضرة قصة فتاة