الوسائل المعينة على القيام لصلاة الفجر في جماعة ج1

الوسائل المعينة على القيام لصلاة الفجر في جماعة ج1 | مرابط

الكاتب: د راغب السرجاني

782 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

نريد أن نصلي الفجر في جماعة كل يوم، وهناك وسائل تساعدنا على المحافظة على صلاة الفجر، والابتكار في هذه الوسائل يا إخواني مفتوح، فأي شخص عنده وسيلة توقظ لصلاة الفجر فلينصح بها.

 

الإخلاص لله تعالى

الوسيلة الأولى: الإخلاص التام لله عز وجل، فغير المخلص لله يصعب عليه أن يحافظ على صلاة الفجر، فصلاة الفجر اختبار لاكتشاف المخلصين.

والإخلاص أن تكون مستعدًا لأن تضحي بأي شيء في سبيل أن ترضي ربك سبحانه وتعالى، تضحي بمال، تضحي بجهد، تضحي بعلاقات، تضحي بعمل، تضحي بحياتك كلها لأجل ربك سبحانه وتعالى.

وضياع صلاة الفجر عرض لمرض، والمرض هو أنك جعلت الله عز وجل أهون الناظرين إليك؛ لأنك لم تخلص له، ولم تأبه بشرعه وبأمره، لم تخش تحذيره، لم تتبع قانونه وشرعه، ومن ثم أضعت صلاة الفجر.

فهذه علامة خطيرة على غياب الإخلاص.

 

العزيمة الصادقة

الوسيلة الثانية: العزيمة الصادقة، عندي قناعة شخصية أن الذي يريد فعلًا أن يستيقظ لصلاة الفجر سيستيقظ فعلًا، لو تشعر فعلًا بقيمة الفجر في جماعة، ستركز كل جهودك حتى تقوم الفجر، يقول ربنا في المنافقين: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً [التوبة:46]، لكن هم لا يريدون، فلأجل ذلك لم يخرجوا، ولو لم توجد عندك عزيمة صادقة فعمرك لن تسمع الأذان: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ [الأنفال:23]، وحتى يا أخي والله لو سمعت الأذان وأنت ضعيف العزيمة فلن تقوم، لماذا؟ لأن ربنا هو الذي لا يريدك أن تقوم بعزيمة ضعيفة، يقول ربنا عن المنافقين: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ [التوبة:46]، يعني: أنه لا يريد المتثاقلين الكسالى: فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ [التوبة:46]، انتبه يا أخي أن تتأثر بكثرة القاعدين المتخلفين عن صلاة الفجر انتبه لا تقارن نفسك بهؤلاء، إنما قارن نفسك بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قارن نفسك بـعمر ، قارن نفسك بـأنس ، قارن نفسك بـخالد بـالقعقاع بـيوسف بن تاشفين بـقطز وغير هؤلاء الكبار، أعل من همتك، وعظم قدوتك، وكبر أهدافك، وضخم طموحاتك، واعمل لنفسك ورد محاسبة خاص بصلاة الفجر فقط، كن جادًا مع نفسك، اجعل ورقة واحدة سجّل فيها أيام الشهر كلها، واليوم الذي تصلي فيه الفجر في جماعة علم أمامه علامة صح، واليوم الذي يفوتك الفجر في جماعة علم أمامه علامة غلط، وانظر آخر الشهر هل حياتك تمشي في المسار الصحيح أم في المسار الخطأ؟ عندها صحح وضعك وصحح أخطاءك.

 

تجنب الذنوب وتركها

الوسيلة الثالثة: تجنب الذنوب وتركها، وصلاة الفجر هدية من الله عز وجل، وهذه الهدية لا تعطى إلا للطائعين، أما القلب الذي أشرب حب المعاصي فكيف يستيقظ لصلاة الفجر؟ والقلب الذي غطته الذنوب كيف يتأثر بحديث يتكلم عن فضل صلاة الفجر؟! أو كيف يسمع لنداء: حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم؟! ضياع الفجر مصيبة، وربنا سبحانه وتعالى يقول: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:30]، ابحث في حياتك، ابحث عن ذنوب ما زلت مصرًا عليها، والذنوب قد تكون في عينيك، قد تكون في لسانك، في علاقاتك بالناس، في علاقاتك بأبويك، وذنوب في القلب: كبر، عجب، حسد، غضب، رياء، ابحث ولا تستصغرن ذنبًا من الذنوب، قد يكون هذا هو الذي أقعدك عن صلاة الفجر: (إياكم ومحقرات الذنوب؛ فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه).

وسئل الحسن البصري رحمه الله: لماذا لا نستطيع أن نقوم الليل؟ يتكلمون عن قيام الليل وليس عن صلاة الصبح، فقال: أقعدتكم ذنوبكم، فربنا سبحانه وتعالى يريد الذي يصلي له أن يكون نقيًا طاهرًا تائبًا منيبًا إلى الله عز وجل: يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17].

نسأل الله عز وجل لنا ولكم المغفرة.

 

الدعاء

الوسيلة الرابعة: الدعاء، وهو وسيلة في غاية الأهمية، اجعل لنفسك وردًا يوميًا تدعو الله فيه بإخلاص أن يمن عليك بالقيام لصلاة الفجر في جماعة، لا تستهين بهذه الوسيلة العظيمة، من الذي يوقظنا للفجر أو لغيره من؟ إنه ربنا سبحانه وتعالى، بل قل: من الذي يبعثك من نومك؟ والنوم هو نوع من الموت، واليقظة كالبعث، يقول الله عز وجل: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ [الزمر:42]، يعني: من لا تعود نفسه مرة أخرى إليه مات، وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[الزمر:42].

إذًا: ندعو ربنا سبحانه وتعالى الذي يمسك بأرواحنا أن يرسلها للقيام لصلاة الفجر أو قبل صلاة الفجر.

هذه الوسائل الأربع من أهم الوسائل ما ينفع للمسلم تركهن: الإخلاص، العزيمة، التوبة إلى الله عز وجل، الدعاء، هذه وسائل ينبغي الجمع بينها، ما ينفع أن تأخذ واحدة منها وتدع الباقي.

 

الصحبة الصالحة

الوسيلة الخامسة: الصحبة الصالحة، أيضًا هذه وسيلة في غاية الأهمية، قيام الإنسان بالطاعة منفردًا فيه صعوبة، لذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة؛ فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد)، هذا كلام في منتهى الوضوح، فانظر من هم أصحابك؟ هل يذكرونك بصلاة الفجر؟ هل يذكرونك بالقرآن؟ هل يذكرونك بغض البصر؟ هل يذكرونك ببر الوالدين؟ هل يذكرونك بربنا سبحانه وتعالى وإلا فليس هؤلاء بأصحابك، لو كان ليس لهم هم غير اللهو واللعب وتضييع الوقت، وعمل المعاصي والذنوب، فانقذ نفسك منهم، وقبل ذلك حاول أن تدعوهم إلى الله عز وجل، وإلا فانج بنفسك وابحث عن صحبة صالحة، وكن متذكرًا قوله صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#راغب-السرجاني #صلاة-الفجر
اقرأ أيضا
العلمانية الجزء الأول | مرابط
العالمانية

العلمانية الجزء الأول


مدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيسا في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فإن سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما وقد ظهرت في أوروبا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر

بقلم: الندوة العالمية للشباب الإسلامي
2045
من يسمع ولا يعقل | مرابط
اقتباسات وقطوف

من يسمع ولا يعقل


وجعل الأكثرين أضل سبيلا من الأنعام لأن البهيمة يهديها سائقها فتهتدي وتتبع الطريقفلا تحيد عنها يمينا ولا شمالا والأكثرون يدعونهم الرسل ويهدونهم السبيل فلا يستجيبون ولا يهتدون ولا يفرقون بين ما يضرهم وبين ما ينفعهم

بقلم: ابن القيم
744
في مدح قوائم الكتب | مرابط
فكر ثقافة

في مدح قوائم الكتب


تختصر توصيات الكتب والقوائم المختصة الطريق على الراغب وتحميه من الإحباط الذي يواجهه كثير ممن يغامر في غابة العلوم بلا خارطة حين يكتشف ضخامة الكتب المتاحة وضآلة إمكاناته في قراءتها ماديا أو زمنيا فأنت تحتاج إلى مال قارون وعمر نوح -كما قال بعض الأساتذة- حتى يتسنى لك الإلمام بمطالعة ما يستحق من الكتب والعلوم إلا أن التوصيات والقوائم الحكيمة تخبرك أن أصول العلوم والكتب الجليلة في كثير من العلوم

بقلم: عبد الله الوهيبي
308
الثغر الأول: الأسرة | مرابط
مقالات

الثغر الأول: الأسرة


في زحام الفتن وأيام التغير الاجتماعي المريب يجدر بالأسرة أن تكون سياج الاحتواء الأول وحاضنة العقول والقلوب للأفراد صغارا وكبارا فأي صدع في جلمود هذا الحصن عبارة عن منفذ جاذب يتغلغل خلاله العدو وتنسل منه سموم الأفكار والممارسات مما يرنو بالجهد نحو الخذلان ويسر الخيبة وتجلي الهزيمة وتجد أنك في حالة دفاع وعرة وجهاد ضد الأعداء على ثغور عدة.

بقلم: سعود الشمري
374
تعلمت من أوقات الفراغ | مرابط
فكر مقالات

تعلمت من أوقات الفراغ


أوقات العمل تملكنا ولكننا نحن الذين نملك أوقات الفراغ ونتصرف فيها كما نريد فهي من أجل هذا ميزان قدرتنا على التصرف وميزان معرفتنا بقيمة الوقت كله وليست قيمة الوقت إلا قيمة الحياة فالذي يعرف وقته يعرف قيمة حياته ويستحق أن يحيا وأن يملك هذه الثروة التي لا تساويها ثروة الذهب لأن مالك وقته يملك كل شيء ويصبح في حياته سيد الأحرار

بقلم: عباس محمود العقاد
5257
التوبة والندم | مرابط
اقتباسات وقطوف

التوبة والندم


مقتطف من كتاب التوبة لابن أبي الدنيا يعرض لنا بعض الأحاديث والآثار أو الأخبار فيما يخص التوبة وهل الندم يدخل في معنى التوبة أم لا وهل التوبة تخلص العبد من عقوبة الله عز وجل أم لا وهل التوبة تكفي للتخلص من آثار الذنوب

بقلم: ابن أبي الدنيا
709