الوكلاء المحليون للأكاديميا الغربية!

الوكلاء المحليون للأكاديميا الغربية! | مرابط

الكاتب: مشاري الشثري

478 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

طالع أحدهم في كتابٍ لأحد المستشرقين كلامًا عن وجود مذهب بصري مستقل عن أبي حنيفة، فناله العجب، وظنه من فتوحاته التي كانت تنتظر كشفه لها واستخراجه إياها من مخابئ المصادر!

وزيادةً على كون أبي حنيفة من فقهاء الكوفيين لا البصريين، فإن وجود اتجاهات فقهية مختلفةٍ في العراق مفارقةٍ لطريقة أبي حنيفة وأصحابه  يُعَد من بدائه القول في تاريخ الفقه.

وليس ذلك في البصرة فقط، بل في الكوفة نفسها يوجد من الفقهاء من لم يكن على نهج أبي حنيفة وأصحابه .. وأبو يوسف -صاحبُ أبي حنيفة وظلُّه- كان من قبلُ على طريقة ابن أبي ليلى، ومكث عنده نحو تسع سنين، ثم صار إلى مجلس أبي حنيفة وانتحل طريقته، وكلاهما من فقهاء الكوفة، ثم صنف أبو يوسف في خلافهما كتاب "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى" ويسمى أيضًا “اختلاف العراقيَّيْن”.. وهو مطبوع.

ويحكي الشافعي طرفًا من الحال الفقهية بالكوفة فيقول: (رأيتُ بالكوفة قومًا يميلون إلى قول ابن أبي ليلى يذمّون مذاهبَ أبي يوسف، وآخرين يميلون إلى قول أبي يوسف يذمون مذاهب ابن أبي ليلى). وهذا النص تجده في الأم (٩: ٢٧) وتجد نظائره متواترةً في المصادر المؤرخة للفقه، ولستَ بحاجة لتثبيت ذلك من أطروحة كتبت في كامبردج أو هارفرد أو غيرهما.

فلا أدري ما سرّ هذا الولع بما يكتبه الباحثون الغربيون فيما كان من جنس هذه المعلومات الأولية؟!

وقد رصد ابن تيمية حالة نفسية تعتري بعض من يقرأ لذوي الخطابات المجملة والمعاني المركبة المطوّلة بما يفضي به إلى الخنوع مقابلَ سلطةِ غموضها أنفةً من أن يُنسَب إلى الجهل ونقص العقل [الدرء ١: ٢٨٥] إلا أننا الآن بصدد حالة نفسية تنسحق بأوائل المعارف وبدائه المقررات لمجرد صدورها عن الأكاديميا الغربية!

ولستُ أريد بذلك نفي أن يكون في كتابات الباحثين الغربيين في تاريخ الفقه وغيره ما يكون إضافة حقيقية للبحث العلمي، لكن البليّة حين يتطامن بعض الباحثين ليكون اهتبالهم بمثل ما تقدّم.

كما أني لا أريد الحجرَ على أي باحثٍ في الإعجاب بمعلومةٍ رفع بها الجهل عن نفسه، فهذا شأنٌ، وأن يستطيل بها على عباد الله الباحثين شأنٌ آخر.

هراوة "الموضوعية" تكون في أشد حالاتها حين تُسلَّط على نتاج الباحثين العرب، أما حين تُستقبَل كعبة الأبحاث الأعجمية فثمةَ "رساليّةٌ" محببةٌ عند بعضهم تفضي إلى الانتصار والدعوة لكل ما دُوِّن بأحرفٍ غير عربية.

إننا بإزاء حالةٍ من التسويق الرديء بوكالات محلّيةٍ لنتاج الأكاديميا الغربية، لبواعثَ من أخصّها النكايةُ بالنتاج العربي والاستطالة على الباحثين العرب .. حالةٍ من الخنوع البحثي تبصر القذاة في عين الأبحاث العربية وتنسى الجذوع في أعين الأبحاث الأعجمية!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#المستشرقون #الفقه-الإسلامي
اقرأ أيضا
لماذا أنتم تعانون من فوبيا الجنس؟! | مرابط
أباطيل وشبهات

لماذا أنتم تعانون من فوبيا الجنس؟!


من احتجاجات الاختلاطيين كثرة قولهم: لماذا تعانون من هذا التشكك والارتياب وبث القلق من نشوء العلاقات المحرمة؟ لماذا تتوهمون أن الناس مهجوسين بالجنس بهذا الشكل؟ لماذا ننظر للمرأة على أنها كائن جنسي؟ لماذا لاتنظرون للأمور نظرة طمأنينة وثقة؟! .. بين يديكم الرد على هذه الشبهات المتكررة على ألسنة العلمانيين ومؤيدي الاختلاط

بقلم: إبراهيم السكران
415
فرية ضرب عثمان بن عفان لعمار بن ياسر: رد على عدنان إبراهيم ج2 | مرابط
أباطيل وشبهات

فرية ضرب عثمان بن عفان لعمار بن ياسر: رد على عدنان إبراهيم ج2


ادعى الدكتور عدنان أن عثمان بن عفان رضي الله عنه ضرب عمار بن ياسر رضي الله عنه بقدمه في محاشه أي عورته حتى كان عمار لا يحتبس بوله واستدل على ذلك بما رواه ابن شيبة في تاريخ المدينة الجزء الثالث وطبعا نعلم جميعا ما لدى الدكتور عدنان من خلط وحقد يمرره بشكل ناعم في حلقاته وفي هذا المقال يناقش أبو عمر الباحث هذه الشبهة ويرد عليها

بقلم: أبو عمر الباحث
1731
شبهة اختلاف أسماء بعض الشخصيات بين القرآن والكتاب المقدس | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة اختلاف أسماء بعض الشخصيات بين القرآن والكتاب المقدس


يعطى القرآن أسماء لبعض الشخصيات التاريخية مخالفة لأسمائهم حسب الكتاب المقدس الذى سبق القرآن بعدة قرونفمثلا والد إبراهم عليه السلام كان اسمه teral أو تارح ومع ذلك يسميه القرآن آزر واسم الذى كان يوسف عليه السلام فى بيته كان potiphar أما الاسم المعطى له فى القرآن فهو عزيز وهذه شبهة يروجها البعض كمدخل للطعن في القرآن وفي هذا المقال الرد القاطع عليها

بقلم: محمد عمارة
1562
مناظرة فخر الدين الرازي وعالم نصراني | مرابط
مناظرات

مناظرة فخر الدين الرازي وعالم نصراني


مناظرة هامة جرت بين أحد علماء النصارى واشتهر بالذكاء والتحقيق والتمحيص والنظر وبين فخر الدين الرازي ودار الحديث حول ألوهية المسيح التي يقول بها النصارى وما يترتب على ذلك من لوازم فاسدة واستلزامات يتنزه عنها الإله جل في علاه وسنرى كيف ألزمه فخر الدين بهذه اللوازم التي تنكرها العقول والفطر السوية

بقلم: فخر الدين الرازي
2353
نسف شبهات عدنان إبراهيم حول الصحابي بسر بن أبي أرطأة ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات

نسف شبهات عدنان إبراهيم حول الصحابي بسر بن أبي أرطأة ج1


أثار عدنان إبراهيم في إحدى حلقاته الكثير من الشبهات حول الصحابي بسر بن أبي أرطأة وزعم أنه قتل طفلين ثم جنت أمهما من هول المنظر ثم ادعى بأنه باع نساء المسلمين سبايا في أسواق النخاسة فكانت المسلمة العفيفة تكشف عن ساقها ليرى ليستطيع الناظرون تثمينها وكل ذلك لأنهن كن في معسكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه فما حقيقة هذه الشبهات هذا ما يناقشه المقال

بقلم: أبو عمر الباحث
1844
بداية المغول المسلمين | مرابط
تاريخ

بداية المغول المسلمين


إن دولة جنكيز خان توزعت بعد وفاته إلى أربعة فروع وبدأ الإسلام ينتشر في هذه الفروع الأربعة وأصبح التتر يعتنقون الإسلام بجهود الخاقان حتى دخلوا في ظرف مائة سنة في دين الله وفي هذا المقال المختصر توضيح لبداية انتشار الإسلام في الفروع الأربعة لهذه الدولة

بقلم: راغب السرجاني
1160