لماذا أنتم تعانون من فوبيا الجنس؟!

لماذا أنتم تعانون من فوبيا الجنس؟! | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

306 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من احتجاجات الاختلاطيين كثرة قولهم: لماذا تعانون من هذا التشكك والارتياب وبث القلق من نشوء العلاقات المحرمة؟ لماذا تتوهمون أن الناس مهجوسين بالجنس بهذا الشكل؟ لماذا ننظر للمرأة على أنها كائن جنسي؟ لماذا لاتنظرون للأمور نظرة طمأنينة وثقة؟!

والحقيقة أن الجواب عن ذلك أن نقول: ومن قال لكم أن القلق والحذر واليقظة من نشوء العلاقات المحرمة هو مذمة وعيب يتبرأ منها العلماء والدعاة؟! بل الحذر واليقظة من نشوء العلاقات المحرمة هذا مطلب شرعي أصلًا!

أليس الله تعالى حين فرض وضع السواتر بين الجنسين حين قال (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [ الأحزاب:53] إنما يضخ في نفوس المؤمنين المخاوف من نشوء العلاقات المحرمة؟ وينبههم على ما في النفوس من الرغبات الغريزية؟!

أليس الله تعالى حين قال (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب، 32] يؤسس للقلق من نشوء العلاقات المحرمة؟ ويربي في نفوس الناس الحذر والحيطة من تأثير لطف العبارات الأنثوية على الرجال؟!

أليس الله تعالى حين قال (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) [النور:31] يدقق في تفاصيل طريقة المشي، وإيقاعات الأقدام، ونمط استجابات النفوس لحركات الجنسين، فأي تنبيه أكثر من ذلك في إيقاظ القلق والحذر تجاه أثر حركات أحد الجنسين على الآخر؟!

أليس النبي -صلى الله عليه وسلم- حين جاء يبايع النساء فتحفظ ولم يصافحهن برغم أنه نبي وهن مهاجرات وفي لحظة إيمان عظمى، كما تصور عائشة ذلك فتقول (فمن أقر بالشرط منهن قال لها رسول الله: قد بايعتك، كلامًا يكلمها به، والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، وما بايعهن إلا بقوله) [البخاري: 2713] فهل سيقول التغريبيون أن الرسول يعاني من مبالغة في الخوف من الجنس حاشاه صلى الله عليه وسلم؟!

وتأمل معي نموذجًا آخر في القصة الشهيرة في زيارة صفية للنبي كما في الصحيح:
(أن صفية زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءت رسول الله تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب، فقام النبي معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد، مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهما النبي: "على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي" فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبُر عليهما، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا" ) [البخاري: 5808]

فهل النبي حين قلق من فهمهما الخاطئ كان يعاني من مخاوف مبالغ فيها يا معاشر التغريبيين؟! حاشاه صلى الله عليه وسلم، ولكنه القلق والحذر والحيطة الشرعية في حفظ الأعراض والتي أسسها القرآن.

بل انظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أعلنها مدوية صريحة فقال في الصحيحين (ما تركت بعدى فى الناس فتنة أضر على الرجال من النساء) [البخاري 5096، مسلم 7122] كيف يغرس في نفوس المسلمين شدة التوقي والتحفظ في العلاقة بين الجنسين؟!

بل أي أمر نبوي أكثر تهييجًا للقلق من نشوء العلاقات المحرمة أكثر من أمر النبي باتقاء النساء كما في الصحيح (اتقوا النساء) [مسلم 7124] هكذا بكل وضوح يأمرنا النبي أن "نتقي النساء" !

وأنت إذا تأملت كلام الاختلاطيين، وكيف يسخرون ممن يرى المرأة فتنة، وكيف يتهكمون ممن يقلق من نشوء العلاقات المحرمة، ستلاحظ أن مؤدى كلامهم انتقاص النبي –صلى الله عليه وسلم- نفسه الذي قال أن أضر فتنة على الرجال هي النساء، والذي أمرنا بأن نتقي النساء، والذي كان يخشى من فهم الصحابة الخاطئ حين رأوا زوجته معه، والذي كان لا يصافح النساء بيده، والذي كان ينهى المرأة أن تسافر بلا محرم، وينهاها عن التعطر في الطريق، والذي كان يحذر من الدخول على النساء، ويسمي الحمو الموت تحذيرًا من التساهل معه، وجعل شر صفوف النساء في الصلاة أولها، وقال طوفي من وراء الرجال، الخ الخ في سلسلة أوامر نبوية كلها تؤسس للحذر والحيطة والتحفظ في العلاقة بين الجنسين.

فالنبي –صلى الله عليه وسلم- ينبهنا أن المرأة فتنة، وهؤلاء يقولون لماذا أنتم مرضى تعتبرون المرأة فتنة، بالله عليكم أليس هذا مقتضاه سخريتهم بالنبي نفسه لكنهم يتحاشون التصريح بذلك؟! أي شعبة نفاق في القلب أظهر من ذلك؟!

فهؤلاء الذين يتهكمون بالتحفظ والاحتياط في العلاقة بين الجنسين ألم يجلسوا مع أنفسهم مرةً جلسة مصارحة ويتأملوا كيف صاروا يطعنون في رسول الله وهم لا يشعرون؟! كيف سيكون موقفهم عند الله يوم القيامة وصحائفهم قد اسودت بالتهكم بأوامر رسول الله؟! والله إني ناصح لكم وصادق في هذه النصيحة، أدركوا أنفسكم قبل أن تروا أنفسكم يوم القيامة أعداءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

على أية حال.. هذا أمر يتكرر عند كتبة التغريب، فتراهم يذمون أهل العلم بما هو من ممادحهم! كقولهم لماذا تقصون أهل البدع، برغم أن إقصاء أهل البدع مطلب شرعي! وقولهم لماذا تمارسون الوصاية على المنكرات، برغم أن الوصاية على المنكرات فرض كفاية إن قام به من يكفي وإلا أثموا جميعًا، وقولهم لماذا تدعون إلى الانغلاق ضد الكتب المنحرفة، برغم أن الانغلاق ضدها مطلب شرعي كما قال النبي لعمر حين رأى معه صحيفة من التوراة (أفي شك أنت يابن الخطاب) وقال تعالى (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) [النساء: 140].

وهكذا تراهم دومًا يجعلون مطالب القرآن التي يجتهد أهل العلم في القيام بها مساوئ يسألون العلماء والدعاة لم يقومون بها؟ ألا ما أفظع الجهل!

والمراد أنه لو لم تأت هذه النصوص التي تبث في نفس المؤمن الحيطة والحذر والتحفظ في العلاقة بين الجنسين لكان سلوك الليبراليين والتغريبيين كافيًا أصلًا في إشعال المخاوف في نفوس العقلاء، فهؤلاء الليبراليون إذا جلست في مجالسهم رأيتهم يتفننون في التغزل بأجساد حسناوات المذيعات والفنانات، ويتباهون في توصيفهن، بل ويتبارون أحيانًا في المراهنة على أيهن الأجمل! وأما إذا دخلت إلى مواقعهم الالكترونية الشهيرة فستجد صورهم الرمزية التي تعبر عن ميول الكاتب كلها صور فتيات مستلقيات في مشاهد نصف متعرية يتقزز منها أهل الإيمان.

وبعد ذلك كله يأتون إلينا ويقولون: لماذا لديكم قلق جنسي من نشوء علاقات محرمة مع الفتيات؟! والله مازادتنا سلوكياتكم إلا قلقًا فوق قلق!


المصدر:
مقال أقيسة الاختلاطيين

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الاختلاط #فوبيا-الجنس
اقرأ أيضا
العجيبة الثامنة ج1 | مرابط
فكر مقالات

العجيبة الثامنة ج1


المكتبة الإسلامية هي عجيبة العجائب ذهب جلها ولم يبق منها إلا قلها وهذا الذي بقى هو الأقل الأقل وهو على ذلك شيء عظيم ففي مكتبات إسطنبول كما نقلوا أكثر من مئتي ألف مخطوطة جلبها العثمانيون من العواصم العربية والإسلامية وفي شمالي إفريقيا مئتا ألف مخطوط في مكتبات القيروان وفاس وحواضر الشمال الإفريقي المسلم وفي مصر ثمانون ألف مخطوط وفي موريتانيا واليمن وغيرهما

بقلم: علي الطنطاوي
723
ماذا نريد من المرأة ج2 | مرابط
تفريغات المرأة

ماذا نريد من المرأة ج2


المرأة أم للدعاة والمصلحين والمرأة زوجة للدعاة والمصلحين والمرأة أيضا داعية هي في موقعها ومع بني جنسها ولاشك أن هذا الدور يتأكد ويتزايد في هذه المرحلة التي نعيشها وليست الأدوار الأولى من هذا الدور ولا أولى منه

بقلم: محمد الدويش
394
آداب النوم | مرابط
تفريغات

آداب النوم


عبد الله إذا كنت لا تدري إذا صعدت روحك إلى بارئها حال النوم أتكون ممن تمسك روحه فلا يقوم أم ممن ترسل لتكمل بقية أجلها فليس يليق بك أن تودع الدنيا بالفجور والعصيان أو يكون آخر ما يقرع سمعك ألحان وغناء وأصوات الموسيقى والتخيلات الباطلة بل ودع الدنيا بخير ما ينبغي أن تودع به ثم نم على ذكر الله تبارك وتعالى واحتسب نومتك عبادة عند الله وتذكر دائما أنها ربما تكون آخر نومة تنامها فاشكر الله على عافيته وكفايته وإيوائه لك

بقلم: خالد الراشد
703
اللسان العربي والعلوم العقلية | مرابط
لسانيات

اللسان العربي والعلوم العقلية


تغيرت طبيعة التعبير اللغوي بتأثير من العلوم العقلية المتغلغلة في الأمة وقد ظهر هذا الأثر في مجالين كبيرين: الأدب والعلوم الشرعية وهناك الكثير من الشواهد التي لا تحصى على تغير اللسان وابتعاده عن اللسان الأول بسبب تأثر العبارة الشرعية بالمنطق اليوناني خصوصا وبالعلوم العقلية عموما

بقلم: البشير عصام المراكشي
514
مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج1 | مرابط
مناظرات

مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج1


أما بعد.. فقد كتبت ما حضرني ذكره في المشهد الكبير بقصر الإمارة والميدان بحضرة الخلق من الأمراء والكتاب والعلماء والفقراء العامة وغيرهم في أمر البطائحية يوم السبت تاسع جمادى الأولى سنة خمس أي بعد السبعمائة لتشوف الهمم إلى معرفة ذلك وحرص الناس على الاطلاع عليه. فإن من كان غائبا عن ذلك قد يسمع بعض أطراف الواقعة ومن شهدها فقد رأى وسمع ما رأى وسمع

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
457
الزهد المشروع | مرابط
مقالات

الزهد المشروع


سئل شيخ الإسلام قدس الله روحه عن رجل تفقه وعلم ما أمر الله به وما نهى عنه ثم تزهد وترك الدنيا والمال والأهل والأولاد خائفا من كسب الحرام والشبهات وبعث الآخرة وطلب رضا الله ورسوله وساح في أرض الله والبلدان فهل يجوز له أن يقطع الرحم ويسيح كما ذكر أم لا؟

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
263