امرأة عمران تبني بيتا

امرأة عمران تبني بيتا | مرابط

الكاتب: محمد المنجد

266 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

لقد وردت أيتها الأخوات الكريمات سيرة المرأة في القرآن الكريم في عدة مواضع دالة على ما أولاه هذا الدين لهذه المرأة وعلى ما أعطاها من الرعاية والاهتمام البالغين، انظرن مثلاً في هذه القصص التي نسردها الآن مع بعض تحليلات وذكر للعبر منها.. إن على رأسها قصة امرأة عمران التي تطالعنا في سورة آل عمران، شخصية المرأة المسلمة.. المرأة المؤمنة التي تبدأ في تكوين البيت المسلم بداية من الحمل.

إن رعاية هذا الطفل والقيام عليه من الأمور المنوطة بالمرأة ولا شك، وتحتاج إلى جهد بالغ؛ ولذلك فإن امرأة عمران قالت: "رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" [آل عمران:35].
ثم لما وضعت حملها، قالت: "رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" [آل عمران:36].

أولا:ً ملاحظة كيف أن هذه المرأة المسلمة رضيت بما آتاها الله عز وجل، لم تسخط أن آتاها أنثى كما تفعل كثير من النساء، تريد ذكرًا لأن زوجها يريد ذكرًا؛ لأن المجتمع يطلب منها أن تأتي بذكر؛ لأن أمها وأباها وأم زوجها وأبا زوجها والجميع ينتظرون ذكرًا، ولكن ليس دائمًا تأتي الأمور بما تشتهي النفوس، وبذلك فإن امرأة عمران قد وضعت أنثى ولكنها امرأة تعرف ربها، وتعرف بأنه يجب عليها أن ترضى بالقضاء والقدر وبما قسم الله لها، ولذلك قالت: “إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى” [آل عمران:36] والصحيح أنها تعترف بالقاعدة.. تعترف بقضية ليس الذكر كالأنثى، ولكن هذا قدر الله، ماذا تفعل؟ أتمسكه على هون؟! أتدسه في التراب؟! .. كلا.

اختيار الاسم

انتقت الاسم المناسب، "وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ" [آل عمران:36] الاسم الجيد لهذه المولودة.

وإنني أقول لكن أيتها النساء: إنه قد حدث من الخلط في قضية التسمية من البعد عن شريعة الله أمورٌ كثيرة في المجتمع، فقد رأينا نساءً سمين بناتهن بأسماء أجنبية، رأينا من سمت ابنتها: سوزان، ورأينا من سمت ابنتها: مايا، ورأينا من سمت ابنتها: ليندا، ورأينا من سمت ابنتها: سالي، وغير ذلك من الأسماء التي جاءت من بلاد الكفار، ورأينا من انتقت لابنتها اسمًا تافهًا يدل على تفاهة ما تفكر به هذه المرأة من الواقع، اسمًا مقتبسًا من كثير من المسلسلات والمسرحيات التي تذكر فيها أسماء الدلع لكثير من النساء فيها، وبعد ذلك تكبر هذه البنت لكي تنادى وهي جدة بذلك الاسم التافه الذي ألصق بها.

إن الجرائم والذنوب من الممكن أن تمحى ومن الممكن أن يزول أثرها، ولكن الاسم باقٍ ومشهور، فإذا تفشى بين الناس وانتشر فكيف يُغير؟! لا يُغير بسهولة، فلا بد من البداية أن يحصل رفع شعار الإسلام بتسمية المواليد تسمية إسلامية.

دعاء الوالد لولده

ثم الدعاء لهذه المولودة: "وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" [آل عمران:36] ليس الدعاء لها هي فقط وإنما الدعاء لذريتها، هل تفقه الأم المسلمة في هذا الزمان أهمية تعويذ الطفل من الشيطان والدعاء له حتى لا يتسلط عليه الشيطان؟
فإذا أخلصت الأم المسلمة فإن الله سيتقبل وليدها بقبول حسن، ألم يقل الله عن امرأة عمران: “فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا” [آل عمران:37].

بعض النساء تظن أن الأخذ بالأسباب البشرية في التربية كافية، ولا لجوء إلى الله، وهذا جهل فظيع، فإن بعض الناس يبذلون من الأسباب الكفيلة لصلاح الأولاد شيئًا عظيمًا ومع ذلك لا يصلح الأولاد، لماذا؟

لم يكن هناك لجوء إلى الله بالدعاء، فما معنى قوله عز وجل: "وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا" [آل عمران:37]؟!

إن الله سبحانه وتعالى قد رعى هذه البنت وجعلها تنبت في منبت حسن، جعلها تنشأ على طاعته عز وجل متمسكة بشرعه، حفظها من السوء ومن أهل السوء، بل إن الله قيَّض لها رجلًا كريمًا شريفًا عفيفًا إنه نبيٌ وهو زكريا عليه السلام، صار يكفلها، كفلها زكريا وجعل أمر رعايتها إليه، ألقوا الأقلام، وجعلوا يستهمون من يكفل مريم، فكانت من حظ ونصيب زكريا عليه السلام: “كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا” [آل عمران:37].

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#امرأة-عمران
اقرأ أيضا
كيف نقرأ القرآن؟ | مرابط
تعزيز اليقين تفريغات

كيف نقرأ القرآن؟


كيف نستطيع أن نبحث عن المعنى في كل آية نقرأها في كتاب الله وأنا أقرأ أحاول أن أفهم ماذا يريد الله مني في هذه الآية لأتفكر وأتدبر وأعمل بما يريده الله عز وجل كيف أستطيع البحث عن هذا المعنى؟ هذا ما يجيب عنه الدكتور أيمن السويد في هذا المقطع القصير.

بقلم: د. أيمن السويد
392
أتباع الرسل أكمل الناس عقولا | مرابط
اقتباسات وقطوف

أتباع الرسل أكمل الناس عقولا


وكلما كان الرجل عن الرسول أبعد كان عقله أقل وأفسد فأكمل الناس عقولا أتباع الرسل وأفسدهم عقولا المعرض عنهم وعما جاءوا به ولهذا كان أهل السنة والحديث أعقل الأمة وهم في الطوائف كالصحابة في الناس وهذه القاعدة مطردة في كل شيء عصي الرب سبحانه به فإنه يفسده على صاحبه

بقلم: ابن القيم
304
لماذا نحج | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

لماذا نحج


الحج تجريد للنفس من ماضيها المشوب بالإثم ومن ثم فهو تجديد للحياة وبقدر ما تصدق نية المسلم في ابتغاء هذا التجديد من الحج يكون حجه مبرورا والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة لقد يسر الله سبل الحج في هذا العصر وتوطدت فيه دعائم الأمن بما لا عهد لحجاج المسلمين بمثله إلا في صدر الإسلام وزمان التابعين لهم بإحسان والمسلمون الآن في إقبال عظيم على إقامة هذه الشعيرة من شعائر الإسلام حتى بلغ عدد الذين يقفون في عرفة ويطوفون بالكعبة بيت الله الحرام في هذه السنين رقما قياسيا لا نظير له في التاريخ

بقلم: محب الدين الخطيب
1081
تعدد طرق الضلال | مرابط
اقتباسات وقطوف

تعدد طرق الضلال


الشبهات هي شبهات عظيمة في ذاتها وشبهات هي يسيرة في ذاتها ولكنها عظيمة في قلب الإنسان لقلة معرفته بالحق فالله سبحانه وتعالى جعل للإنسان طريقا مختصرا بينا يميز به الإنسان الخير من الشر ويجعل هذا الطريق هو طريق الفيصل بين الطرق كلها وقد ذكر الله عز وجل في هذه الآية أن الصراط صراط واحد وأما السبل فهي متعددة لأن طريق الحق هو طريق واحد كحال العافية فالعافية واحدة وأما الأمراض فمتعددة

بقلم: عبد العزيز الطريفي
358
حول بيع وشراء القطط | مرابط
مقالات

حول بيع وشراء القطط


انتشر بين المسلمين اليوم ظاهرة شراء وبيع القطط والحيوانات بشكل عام فما حكم ذلك شرعا؟ يجيبك الدكتور قاسم اكحيلات ويوضح لك مذهب الجمهور وتفصيلات المسألة والصواب فيها.

بقلم: قاسم اكحيلات
298
مسارات دراسة الدين من منظور جندري | مرابط
النسوية الجندرية

مسارات دراسة الدين من منظور جندري


وفي الغالب ما تعنيه النسويات بالأديان لا يتضمن بالضرورة فكرة النبوة والاعتقاد الحقيقي بوجود إله خالق للكون ولكنه بشكل أكبر يحيل إلى الجانب الروحاني من الوجود البشري المتضمن داخل تجارب الأفراد وبذلك يكون الحديث عن إعادة بناء الأديان أو تأسيس أديان خاصة متعارضا بشكل كامل مع المعنى المعروف للأديان والنبوة

بقلم: الحارث عبد الله بابكر
614