تهاوي الأحكام الشرعية
ونتيجة للانحراف في فهم النص الشرعي وتسلل المناهج المنحرفة تبدأ الأحكام الشرعية بالتهاوي والسقوط بأدنى عارض ولأقل سبب يرد في الذهن، وتبدأ أساليب التأويل والتقييم والحصر التي تخرجه الحكم عن ظاهره ومقصوده.
وقد قام عدد من المعاصرين بنحر جملة من الأحكام الشرعية بسيف التأويل الذي انحرف بهم عن جادة التسليم للنص الشرعي فلم تسلم منه قطعيات الشرعية ولا ظنياتها ولا أصولها ولا فروعها، فحتى الأحكام القطعية الصريحة في القرآن لم تسلم من النفي أو التأويل، ومن تلك الأحكام:
إنكار الحدود مطلقًا(1)
إنكار حد الرجم(2)
إنكار حد الردة(3)
أمثلة لتحريف النصوص الشرعية
ويجوز في حد السرقة أن تكون العقوبة للسرقة القطع، ويجوز أن يكون بأقل من ذلك، ويجوز في حد الزنا الرجم ويجوز ما دون ذلك فالقطع والرجم هو أعلى عقوبة لا أنه هو العقوبة الوحيدة (4)
وحين تسأل عن سبب اللجوء إلى تقسيم العقوبات إلى أقصى وأقل؟ فهو لأجل أن تذلل العقبات التي تقف في وجه تطبيق الشريعة، حيث إن القطع والرجم مشكل جدًا عليها فحين تكون خيارًا من خيارات العقوبة يمكن تجاوزه وتزول هذه الإشكالية (5)
فعجبًا: ما فائدة الحرص على تطبيق الشريعة إذن ما دام المسلم سيحرفها عن حقيقتها؟
ومن التحريف أيضًا: إنكار تضعيف نصيب الذكر في الميراث والحكم بمساواة الذكر بالأنثى(6)
ويستدل ب "أن المرأة الحديثة التي لها مستوى تعليمي مماثل لمستوى زوجها ولها دخل مشابه لدخله تنفق منه على أسرتها لا يمكن مقارنتها بحال المرأة الجاهلة المحجوبة في بيتها التي تعيش عالة على زوجها من الناحية الاقتصادية"(7)
ويظهر آخر تلفيقًا جديدًا، فيجعل ميراث المرأة لنص ميراث الرجل ليس ملزمًا فقد يكون النصف أو أعلى منه إلى المساواة الكاملة (8)
بل إن المواريث كلها ليست ملزمة فيمكن أن تقسم بحسب الوصية ولو خالفت كافة المقدرات (9)
وإنكار اختلاف الرجل عن المرأة في الشهادة (10)
وإنكار تعدد الزوجات(11)
وضرب الزوجة(12)
والحكم بكراهية شرب الخمر وليس تحريمه(13)
ورفض الطلاق خارج القضاء(14)
ورفض عصمة الرجل بالطلاق وقوامته(15)
والحكم بأن غض البصر ليس محددًا فقد أمرنا الله بالغض من البصر ولم يحدد ما الذي نغض منه ليكون ذلك بحسب كل زمان ومكان وأعرافه (16)
ونفي الحجاب(17)
وعدة المطلقة(18)
وأما الجيوب التي أمر الله بالضرب بالخمر عليها فهي الثديان وما تحتهما وتحت الإبطين والفرجين والأليتين، فهذا ما يجب ستره عند غير المحارم، وأما المحارم فلا يجب ستر شيء (19)
ولم تسلم من هذا النفي والتحريف حتى الصلاة والزكاة والصيام (20)
ثم تمت الدعوة إلى تشكيل لجنة من مختصين في العلوم المختلفة من المسلمين وغيرهم لدراسة قضايا المساواة في الميراث، وعواقب حجاب المرأة، وأثر الصوم على صحة الشيوخ والصبيان، وأثر الصوم على الإنتاج (21)
مسار التأويل العبثي لأحكام الشريعة
هذا جزء يسير من منهج العبث الذي تدار به نصوص الشريعة وأحكامها القطعية، ولست بحاجة لمناقشة آرائها فقد كتب الغيورون على دين الله الكثير من الدراسات والبحوث التي تناقش كل هذه التفصيلات، كما أن هذه القضايا من المسائل القطعية المحسومة شرعًا والتي تخفي دلائلها، إنما المقصود بيان مسار التأويل العبثي إلى أن ينتهي مساره
ومن الملفت أنهم يعتقدون أنهم في صنيعهم هذا يحسنون صنعًا، ويخافون من الله "أتى الزمان الذي زاد فيه عدد القادرين وعدد المتقدمين لأداء الفريضة، ومهما فعلنا في توسعة المكان وتيسير الفريضة فلن يتبقى لنا سوى الزمان، فماذا نجيب الحق عندما يسألنا يوم القيامة: لماذا ضيقتم على أنفسكم وعندكم المتسع من الزمان"(22)
لأنهم يقدمون اجتهادا يصحح صورة الإسلام فـ "للإسلام عذره إذا قرر أن حظ المرأة دون حظ الرجل" (23) فالإسلام حين أعطى المرأة دون حقها كان له أعذار يجب الاستماع إليها، وتفهم دوافعها!!
وحين يثبت بعضهم أحكام الإسلام فعلى كيفية "أني أرفض أن أدين الإسلام لأنه يبيح تعدد الزوجات"(24)
فالمرأة "وإن كان حقها هذا دون حق الرجل لأنه لا يمثل منه إلا النصف، لكن هذا الاستحقاق يعد مكسبًا لا يستهان به بالقياس على المعمول به عادة قبل القرآن" (25) فحكم الإسلام وإن كان ليس بالصورة الجيدة لكنه كان أحسن ممن كان قبله! يا لضعف تلك النفوس المنكسرة "وما قدروا الله حق قدره"
الإشارات المرجعية:
- انظر: الإسلام والحرية، لمحمد الشرفي، ص92
- انظر: الإسلام والحرية للشرفي، ص87
- انظر: الإسلام والحرية للشرفي، ص87
- انظر المجددون في الإسلام، عب المتعال الصعيدي، ص549
- انظر: المجددون في الإسلام، عبد المتعال الصعيدي 549
- انظر: امرأتنا في الشريعة والمجتمع، للطاهر الحداد، ص31 - 32
- انظر الإسلام والحداثة، لعبد المجيد الشرفي ص115
- انظر: الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، لمحمد شحرور، ص458
- انظر: الإسلام والحرية لمحمد الشرفي، ص 116
- انظر: امرأتنا في الشريعة والمجتمع، للطاهر الحداد، ص17
- انظر: امرأتنا في الشريعة والمجتمع، الطاهر الحداد، ص55
- انظر: الإسلام والحرية لمحمد الشرفي، ص66
- انظرا: الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، لمحمد شحرور، ص477
- انظرا: الإسلام والحرية، ص123
- انظر بعض هذه النصوص في: ظاهرة التأويل الحديثة، ص281
- انظر: الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، لمحمد شحرور، ص604
- انظر بعض هذه النصوص في: ظاهرة التأويل الحديثة، ص278
- انظرا بعض هذه النصوص في: ظاهرة التأويل الحديثة، ص281
- انظر: الكتاب والقرآن قراءة معاصرة لمحمد شحرور، ص606
- انظر بعض هذه النصوص في ظاهرة التأويل الحديث، ص286
- انظر: الإسلام في عالم متغير، لحسين أحمد أمين، ص278
- سعد خاطر في جريدة الأهرام المصرية، يوم 29/4/1999
- امرأتنا في الشريعة والمجتمع، للطاهر الحداد، ص29
- عيال الله، للطالبي، ص125
- الإسلام والحرية، للشرفي، ص116
المصدر:
- فهد بن صالح العجلان، التسليم للنص الشرعي والمعاضرات الفكرية المعاصرة، ص111