وإذا كانت الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع، فإن الأم هي اللبنة الأساسية في الأسرة. ومن هنا يأتي تركيز النظام العالمي الجديد على قضايا الأنثى. فالخطاب المتمركز حول الأنثى هو خطاب تفكيكي يعلن حتمية الصراع بين الذكر والأنثى، وضرورة وضع نهاية للتاريخ الذكوري الأبوي وبداية التجريب بلا ذاكرة تاريخية، وهو خطاب يهدف إلى توليد القلق والضيق والملل وعدم الطمأنينة في نفس المرأة، عن طريق إعادة تعريفها بحيث لا يمكن أن تتحقق هويتها إلا خارج إطار الأسرة. وإذا انسحبت المرأة من الأسرة تآكلت الأسرة وتهاوت، وتهاوى معها أهم الحصون ضد التغلغل الاستعماري والهيمنة الغربية، وأهم المؤسسات التي يحتفظ الإنسان من خلالها بذاكرته التاريخية وهويته القومية ومنظومته القيمية. وبذلك يكون النظام العالمي الجديد قد نجح من خلال التفكيك في تحقيق الأهداف التي أخفق في تحقيقها النظام الاستعماري القديم من خلال المواجهة المباشرة
المصدر:
عبد الوهاب المسيري، قضية المرأة بين التحرير والتمركز حول الذات، ص37