تربية الأبناء: مآلات الإهمال

زوجتُك وأسرتُك أَولَى بوقتِك من أي أحد، وينبغي أن تكون سعادتُك معهم وبهم، لابد أن تُكثر الكلام والجلوس والأُنس واللعبَ معهم، وأن يكون لديك معهم أعمالٌ نافعة تجتمعون عليها ويُشاركونك وتُشاركهم، وكلُّ من أهمل بيتَه أو انفصلَ عنهم سواء بهاتفه أو على المقهى أو عند أصحابه فسيجد آثار ذلك الإهمال عليهم وعليه.

وكُلُ وقت تبخل به عليهم  ستبذُل أضعافه بعد ذلك لمحاولة ترميم العلاقة بينكم {ورُبّما لن تستطيع ترميمه} هذا فضلا عن ما يمكن أن ينشأ عن ذلك الإهمال من ضياع الأبناء.. وستبذل أضعافه لمحاولة تقليل شرّهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذُه

والوقاية خير من العلاج وتذكّر هذا الحديث (كلُكم راعٍ ومسؤول عن رعيتِه) .. وأقل معنى للرعاية أن تُعطيهم حقَّهم من وقتِك. والرعاية: (اهتمام وعناية وصيانة وحفظ وملاحظة وتشجيع ومتابعة وحكمة ...) فانظرْ رعايتَك لهم، وأجهِزْ على كل ما يشغلُك عنهم؛ فهم أنفعُ الناس لك، وأنت أنفع الناس لهم، واستعن بالله واللهُ معك يزيدُك هدى

بعضُ من كان ينوي أن يكونَ ولدُه من الصالحين المصلحين أئمة الهدى.. وكان قبل زواجه يتحدّث عن بناء الأجيال: تواصَلَ معي قبل أيام يقول: ألا يمكن أن تُساعدني في إنقاذ ولدي من الإلحاد والفواحش، كيف يُمكن أن أعالج ذلك؟

هذا المثال تكرر كثيرا، وكثيرٌ ممن يتواصل معي أقصى همّه ألا يكفر ولدُه! وأعرف منهم من كان دائما غائبا إما في العمل أو على المقهى أو في رحلات أو نايم أو على النت في غُرفته، وعلاقته بأسرته إطعام وكسوة وسكن (بنى لهم عمارة كاملة وشقة فخمة لكل ولد وبنت) واللهِ بعضهم من أهل الثراء البالغ ومع ذلك ليل نهار يفتح مشاريع هنا وهناك (ولا يكاد يراه أهله) والآن هرب وترك المنزل لزوجته تُعاني وحدها مع ابنةٍ فاسدة وولد مُلحد يضرب أمه وكل يوم يأتي بمصيبة!

وأقول: مَن قام بحق البيان والتعليم والرعاية وتعاهَد ولدَه= فهذا ليس مسؤولا أمام الله عن معصيةِ ولده وفُسوقه وكفره؛ فلا تزِر وازرةٌ وِزر أُخرى، والهداية بيد الله.. نعم، لكن: بالله عليك هل أنت تقوم بحق الرعاية ومسؤولية الإصلاح؟ هل تُعطيهم الوقت والجهد وتُنفق من مالِك في سبيل إصلاحهم؟ هل تسعى لتوفير أسباب الهداية والنجاح لهم؟ أنت وحدك تعرف الجواب

وهل يمكن أن يسعد مُسلمٌ في الدنيا وولدُه على كفرٍ أو فِسق وضلال؟ هذا الكلام ليس للجلد والتأنيب، لا والله {ولستُ بحمد الله من أهل الجلَد والتأنيب} بل للتذكير وللفت النظر والنصيحة
لتُدرك الأمر قبل أن يعظُم والمؤمنون نصَحةٌ والمنافقون غششةٌ فطريق الألف مِيل في الضلال يبدأ بخطوة وتلك النهاية المؤسفة لا يمكن أن تكون حدثتْ دون أسباب ومقدمات فانتبه بارك الله فيك واستعن بالله واصبر وأكثر من الدعاء لأهلك وولدك.