تصوير المبشرين للإسلام والمسلمين

تصوير المبشرين للإسلام والمسلمين | مرابط

الكاتب: محمد البهي

388 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وطريق التبشير لتوهين المسلمين لم يكن الدعوة إلى المسيحية والعمل على ارتداد المسلمين إلى النصرانية مباشرة، وإنما كان طريقه لتشويه الإسلام، ومحاولة إضعاف قيمه، ثم تصوير المسلمين في وضعهم الحالي بصورة مُزْرِيَةٍ بعيدة عن المستوى الحضاري في عصرنا الحاضر.

 

فالمنسينيور كولي في كتابه "البحث عن الدين الحق" يُصَوِّرُ الإسلام على هذا النحو: «الإِسْلاَمُ: فِي القَرْنِ السَّابِعِ لِلْمِيْلاَدِ، بَرَزَ فِي الشَّرْقِ عَدُوٌّ جَدِيدٌ ذَلِكَ هُوَ الإِسْلاَمُ الذِي أُسِّسَ عَلَى القُوَّةِ، وَقَامَ عَلَى أَشَدِّ أَنْوَاعِ التَّعَصُّبِ، لَقَدْ وَضَعَ مُحَمَّدٌ السَّيْفَ فِي أَيْدِي الذِينَ اتَّبَعُوهُ، وَتَسَاهَلَ فِي أَقْدَسِ قَوَانِينِ الأَخْلاَقِ، ثُمَّ سَمَحَ لأَتْبَاعِهِ بِالفُجُورِ وَالسَّلْبِ.

 

وَوَعَدَ الذِينَ يَهْلَكُونَ (يَسْتَشْهِدُونَ فِي سَبِيِلِ اللهِ) فِي القِتَالِ بِالاسْتِمْتَاعِ الدَّائِمِ بِالمَلَذَّاتِ (الجَنَّةِ). وَبَعْدَ قَلِيلٍ أَصْبَحَتْ آسِيَا الصُّغْرَى وَإِفْرِيقْيَا وَإِسْبَانْيَا فَرِيسَةً لَهُ، حَتَّىَ إِيطَالِيَا هَدَّدَهَا الخَطَرُ، وَتَنَاوَلَ الاجْتِيَاحُ نِصْفَ فِرَنْسَا.. لَقَدْ أُصِيبَتْ الْمَدِنِيَّةُ. وَلَكِنَّ هَيَاجَ هَؤُلاَءِ الأَشْيَاعِ (المُسْلِمِينَ) تَنَاوَلَ فِي الأَكْثَرِ كِلاَبِ النَّصَارَى...

 

وَلَكِنْ انْظُرْ! هَا هِيَ النَّصْرَانِيَّةُ تَضَعُ بِسَيْفِ شَارْلْ مَارْتَلْ سَدًّا فِي وَجْهِ سِيْرِ الإِسْلاَمِ المُنْتَصِرِ عِنْدَ بْوَاتْيِهْ (*) (752 م). ثُمَّ تَعْمَلُ الحُرُوبُ الصَّلِيبِيَّةُ فِي مَدَىْ قَرْنَيْنِ تَقْرِيبًا (1099 - 1254 م) فِي سَبِيِلِ الدِّينِ، فَتُدَجِّجَ أُورُوبَا بِالسِّلاَحِ، وَتُنْجِي النَّصْرَانِيَّةَ، وَهَكَذَا تَقَهْقَرَتْ قُوَّةُ الهِلاَلَ أَمَامَ رَايَةِ الصَّلِيبِ، وَانْتَصَرَ الإِنْجِيلُ عَلَى القُرْآنِ، وَعَلَى مَا فِيهِ مِنْ قَوَانِيِنِ الأَخْلاَقِ السَّاذِجَةِ» (1).

 

ويقول و. س. نلسون W.S.Nelson: « وَأَخْضَعَ سَيْفُ الإِسْلاَمِ شُعُوبَ إِفْرِيقْيَا وَآسْيَا شَعْبًا بَعْدَ شَعْبٍ» (2). هذا في وصف الإسلام ووصف مبادئه، أما محمد رسوله فيقول عنه أديسون Addison: « مُحَمَّدٌ لَمْ يَسْتَطِعْ فَهْمَ النَّصْرَانِيَّةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي خَيَالِهِ مِنْهَا إِلاَّ صُورَةً مُشَوََّهَةً بَنَى عَلَيْهَا دِينَهُ الَذِي جَاءَ بِهِ العَرَبُ» (3).

 

وفي وصف المسلمين يقول هنري جيسب Henry Jessup المُبَشِّرُ الأَمِرِيكِيُّ: «المُسْلِمُونَ لاَ يَفْهَمُونَ الأَدْيَانَ وَلاَ يُقَدِّرُونَهَا قَدْرَهَا... إِنَّهُمْ لُصُوصٌ، وَقَتَلَةَ، وَمُتَأَخِّرُونَ، وَإِنَّ التَّبْشِيرَ سَيَعْمَلُ عَلَىَ تَمْدِينِهِمْ» (4)، كما يقول في وصفهم جوليمين H. Guillimain في كتابه " تاريخ فرنسا ": «إِنَّ مُحَمَّدًا، مُؤَسِّسُ دِينَ المُسْلِمِينَ، قَدْ أَمَرَ أَتْبَاعَهُ أَنْ يُخْضِعُوا العَالَمَ وَأَنْ يُبَدِّلُوا جَمِيعَ الأَدْيَانِ بِدِينِهِ هُوَ، مَا أَعْظَمَ الفَرْقَ بَيْنَ هَؤُلاَءِ الوَثَنِيِّينَ (المُسْلِمِينَ) وَبَيْنَ النَّصَارَى! إِنَّ هَؤُلاَءِ العَرَبِ قَدْ فَرَضُوا دِينَهُمْ بِالقُوَّةِ وَقَالُوا لِلْنَّاسِ: أَسْلِمُوا أَوْ مُوتُوا بَيْنَمَا أَتْبَاعُ المَسِيحِ رَبِحُوا النُّفُوسَ بِبِرِّهِمْ وَإِحْسَانِهِمْ.

 

مَاذَا كَانَتْ حَالُ العَالَمِ لَوْ أَنَّ العَرَبَ انْتَصَرُوا عَلَيْنَا؟ إِذَنْ لَكُنَّا مُسْلِمِينَ كَالجَزَائِرِيِّينَ وَالمَرَّاكِشِيِّينَ» (5).

وهكذا المسلمون متأخرون، ولصوص وقتلة.
وهكذا رسولهم سَارِقٌ وَمُحَرِّفٌ فيما سرق.

 

وهكذا: الإسلام دين السيف وليس دين الإيمان. هو دين مادي وليس دينًا رُوحِيًّا لأنه يسمح لأتباعه بالفجور والسلب والقتل. هَذَا مَا يُصَوِّرُ بِهِ التبشير الإسلام والمؤمنين به والتابعين لرسوله. على أنه لم يفت المُبَشِّرِينَ كذلك - بجانب تشويه الإسلام والمسلمين بغية توهينهم وإضعاف وحدتهم - أن يثيروا للغاية نفسها النزعات الشعوبية، مثل الفرعونية في مصر، والفينيقية على ساحل فلسطين ولبنان، والآشورية في العراق، والبربرية في شمال إفريقيا وهكذا.

 


 

المصدر:

محمد البهي، كتاب المبشرون والمستشرقون في موقفهم من الإسلام، ص7

 

الإشارات المرجعية:

(1) ص 220، طبع 1928 م، وقد نال هذا الكتاب رضا البابا ليون الثالث عشر في سَنَةِ 1887، وعاش في المدارس المسيحية في الشرق والغرب إلى اليوم.
(2) " التبشير والاستعمار ": ص 36.
(3) المصدر السابق: ص 37.
(4) المصدر السابق في نفس الصفحة.
(5) ص 8 - 81 من كتابه.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التبشير
اقرأ أيضا
قراءة واحدة صادقة لكتاب الله | مرابط
اقتباسات وقطوف

قراءة واحدة صادقة لكتاب الله


ما الذي يمكن أن تحدثه قراءة واحدة صادقة للقرآن الكريم نعلم جميعا قدر القرآن الكريم وكيف أنه صنع جيلا شامخا من السلف والصحابة الكرام ولكن في نفس الوقت نرى معظم المسلمين في يومنا هذا يقرأون القرآن ويخرجون منه كما دخلوا أول مرة بلا أي تغير ملحوظ فما السبب في هذا الاقتباس للكاتب إبراهيم السكران يحدثك عن قيمة القراءة الصادقة للكتاب العزيز

بقلم: إبراهيم السكران
1669
شبهة حول حقوق المرأة والميراث | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

شبهة حول حقوق المرأة والميراث


قالوا: القرآن يغبن المرأة حين يجعل لها من الميراث نصف ما للرجل وفي ذلك انتقاص من أهلية المرأة ومعاملتها على أنها نصف إنسان وبين يديكم الرد المفصل يقدمه الدكتور منقذ بن محمود السقار ويوضح الخطأ الذي وقع فيه المشككون وأهل الباطل حينما روجوا لهذه الفرية ويوضح لنا مسألة الميراث وحق المرأة في المال

بقلم: د منقذ السقار
612
أبرز آراء النسوية الراديكالية: إعلان الحرب ضد الرجال | مرابط
مقالات النسوية

أبرز آراء النسوية الراديكالية: إعلان الحرب ضد الرجال


أعلنت الأنثوية حربا شعواء ضد الرجل ورفعت شعارات من قبيل الرجال طبقة معادية والحرب بين الجنسين بل وصل حد المطالبة بالقتال من أجل عالم بلا رجال ووصل الحد بالمناداة باستعمال القسوة والعنف مع الرجال إلى حد أن هناك منظمة أنثوية أمريكية معرفة بحركة تقطيع أوصال الرجال تنادي باستئصال شأفة الرجال في المجتمع

بقلم: مثنى أمين الكردستاني
2314
المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج2 | مرابط
تفريغات الديمقراطية

المذاهب والفرق المعاصرة: الديمقراطية ج2


تناحر الأحزاب وتشاحنها فإن الديمقراطية تسمح بتكوين أحزاب وهذه الأحزاب تشحذ همم الناس على ترشيحها وقد تصل إلى السلطة وقد لا تصل إليها وهذا يفرق وحدة المسلمين والله عز وجل قد أمر بالوحدة والألفة فقال الله عز وجل وإن هذه أمتكم أمة واحدة المؤمنون 52 وأمر سبحانه وتعالى بالاجتماع على كلمة سواء ونهى عن التفرق والاختلاف فتكوين الأحزاب بهذه الطريقة هو تفريق لوحدة الأمة

بقلم: عبد الرحيم السلمي
669
مصارع المغرقين | مرابط
فكر مقالات

مصارع المغرقين


سأل رجل الإمام الشافعي عن مسألة فقال: يروى فيها كذا وكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له السائل: يا أبا عبد الله تقول به فرأيت الشافعي أرعد وانتقص فقال: يا هذا أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا فلم أقل به نعم على السمع والبصر على السمع والبصر

بقلم: فهد بن صالح العجلان
732
المذاهب والفرق المعاصرة: المرجئة ج3 | مرابط
تفريغات

المذاهب والفرق المعاصرة: المرجئة ج3


من آثار الإرجاء الانحراف في مفهوم لا إله إلا الله وفي مفهوم العبادة الشرعية فإن مفهوم: لا إله إلا الله صار عند المرجئة معناه: لا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت إلا الله سبحانه وتعالى ومفهوم العبادة عندهم صار هو اعتقاد أن الله هو الخالق الرزاق المحيي المميت وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله

بقلم: عبد الرحيم السلمي
677