حجاب الغفلة

حجاب الغفلة | مرابط

الكاتب: د. طلال بن فواز الحسان

243 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

حجاب الغفلة من أعظم جند الشيطان لإغواء بني آدم، وما أحوج العبد إلى تمزيق هذا الحجاب بين الفينة والأخرى حتى لا يفجؤه الموت وهو بعيد عن الله، حينها تتجلى له الحقيقة. ويعض أصابع الندم على ما قدم وأخر.

إن زيارة واحدة للمقبرة ورؤية ذلك اللحد الضيق تكشف لك حقيقة الدنيا وتبين لك عوارها.. أهده نهاية الدنيا التي يتقاتل الناس من أجلها وفعلوا لأجلها الأفاعيل؟

لو تكلم أصحاب المقابر لقالوا: يا أهل الدنيا إن أكثر ما عندكم الففلة. وأكثر ما عندنا الندامة والحسرة.

إن الرجل لينبل في عيني وأستدل بذلك على عقله وصحة منطلقاته إذا رأيت ذكر القبر والآخرة وحضور الموت في خطابه وإنها أمارة خير واصطفاء، ألم يقل ربنا في سورة ص بعد ذكر ما من به على آنبباءه من العطايا (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار).

أي: خصصاهم بخصيصة عظيمة اختصصناهم بها وهي إعمار قلوبهم بذكرى اليـوم الآخر والاستعداد له بالعمل الصالح..

قارن هذا بالخطابات المادية المعاصرة التي تستسذج هذه الخطاب وتصفه بالدروشة وعقيدة انتظار الموت. وهذا وربي من تريين الشيطان للعمل السيء (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا).

مع هذا الانفتاح الدنيوي وتزيين الدنيا في قلوب الناس الذي يتولى كدره مشاهير السوشل ميديا وغيرهم أصبح من الضروري في باب الدعوة الى الله كسر أوثان المادة في قلوب الناس وإخراج الدنيا من قلوبهم، وإن هذا من أشرف ما يدعى إلى الله به خاصة في هذا الزمن.

كل شيء حولك يزين لك الدنيا ويجمّلها في عينيك ويجعلك تسعى وتكدح لتعب منه عبًّا على حساب دينك وعبادتك وعلاقتك بالله .. 

ثم ماذا؟

قد يتخطفك الموت في أي لحظة وتنتقل إلى الدار الآخرة في لحظات أي وربي في لحظات وتوسد في قبرك وتبقى رهينة أعمالك، حينها تعلم أن ما ألهاك وأشغلك لن ينفعك وقد أشغلك عن حياتك الأبدية ومستقبلك الأخروي.

ومن الحكم المناسبة لما نحن بصدده: (من تذكر خنق الفخ هان عليه هجران الحبة).

ومن جميل المأثورات عن الإمام الشافعي فوله: (لو أوصى رجل بشيء لأعقل الناس صرف للزهاد). 

نعم، وهل هناك أعقل ممن ترك الفاني وأقبل على الباقي وسعى لأن يبني لنفسه مستقبلا عامرا بعد فناء البشرية. 

ألا يستحق الفردوس الأعلى هذا العناء؟
تخيل مستقبلك الأبدي مع النبيين والصديقين والشهداء، هناك حيث لا موت، بل حياة أبدية، إنها ليست أبدية فحسب. بل أبدية بأعلى درجات السعادة في قصور الجنة ونعيمها.

أبدية بلا أدنى أدنى مثقال ذرة من منغصات لا مرض ولا فقد ولا فراق ولا موت ولا نصب. 

يقول الله جل وعلا في الحديث القدسي: ( أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر). 

لو أن أديبا من الأدباء آتاه الله قلما سيالا وخيالا واسعا وبلاغة عظيمة أخذ يصف لك عرضا قريبا لوجدت نفسك تتشوف إليه وتطمع به، فكيف والله جل وعلا الذي خلق الكون كله يقول لك مرغبا: ( أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر). 

وفي الختام: من لا يُعان لا يفهم المعاني. 

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الغفلة
اقرأ أيضا
عن يوم عرفة | مرابط
تعزيز اليقين

عن يوم عرفة


في هذا اليوم أطل الدعاء والمناجاة اليوم اشك همك وبثك إلى الله أزح الهموم عن كاهليك وفوض أمرك إليه وكن على يقين من الإجابة إما أن يعطيك ما سألت أو يعطيك ما هو خير لك منه والله يعلم وأنتم لا تعلمون وتوسل إلى بابه بكلمة التوحيد كلمة لا يكذبها العمل فعلق قلبك به وحده ولا تطلب غير وجهه ولا تقصد سوى بابه ولا تعدل برضاه شيئا ..

بقلم: كريم حلمي
361
في ذكر من غلب من العوام بذكائه كبار الرؤساء | مرابط
مقالات

في ذكر من غلب من العوام بذكائه كبار الرؤساء


وقال الصاحب بن عباد ما أخجلني غير ثلاثة منهم أبو الحسين البهديني فإنه كان في نفر من جلسائي فقلت له وقد أكثر من أكل المشمش لا تأكله فإنه يلطخ المعدة فقال ما يعجبني ما يطب الناس على مائدته وآخر قال لي وقد جئت من دار السلطان وأنا ضجر من أمر عرض لي من أين أقبلت فقلت من لعنة الله فقال رد الله غربتك فأحسن علي إساءة الأدب وصبي مستحسن داعبته فقلت لبيك تحتي فقال مع ثلاثة أخر يعني في رفع جنازتي فأخجلني قال رجل شربت البارحة فاحتجت إلى القيام لإراقة الماء كأنني جدي فقال له عامي لم تصغر نفسك يا سيدنا

بقلم: ابن الجوزي
793
ما أورثني علم الكلام إلا حيرة! | مرابط
اقتباسات وقطوف

ما أورثني علم الكلام إلا حيرة!


واعلم أني عند الاشتغال بعلم الكلام وممارسة تلك المذاهب والنحل لم أزدد بها إلا حيرة ولا استفدت منها إلا العلم بأن تلك المقالات خزعبلات فقلت إذ ذاك مشيرا إلى ما استفدته من هذا العلم: وغاية ما حصلته من مباحثي... ومن نظري من بعد طول التدبر .. هو الوقف ما بين الطريقين حيرة... فما علم من لم يلق غير التحير .. على أنني قد خضت منه غماره... وما قنعت نفسي بدون التبحر

بقلم: الإمام الشوكاني
265
القياس الفاسد لشرعنة الاختلاط | مرابط
المرأة

القياس الفاسد لشرعنة الاختلاط


هؤلاء الكتبة رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن في اختلاط الرجال والنساء في المطاف والطريق ولم ينكر ذلك وهو اختلاط في زمن يسير عارض فجاء هؤلاء وقاسوا على ذلك مشروعية الاختلاط في التعليم والعمل وهو اختلاط مكث في زمن يطول وأهدروا اعتبار الفارق بين الزمن اليسير والزمن الكثير بين الاختلاطين.. وهذا قياس فاسد وشبهة رائجة بين يديكم رد مفصل عليها.

بقلم: إبراهيم السكران
289
الاحتجاج بزلل العلماء والفقهاء | مرابط
مناظرات اقتباسات وقطوف

الاحتجاج بزلل العلماء والفقهاء


لا ينبغي أن يقف المسلم عند زلة العالم ويحتج بها أو يعتقد فيها رخصة له ليفعل المثل أو يواجه النص الصحيح الثابت بها فهذا ما لا يقبله عقل بالطبع وكل العلماء وكل أهل العلم لهم زلاتهم ولو وقف الواحد منا عند كل ذلة لأنشأ لنفسه دينا جديدا بعيدا عما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2057
الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور | مرابط
فكر مقالات

الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور


ما سبب تأثر بعض الناس بمثل محمد شحرور مع ما يقدم من مناقضة صريحة لأصول الإسلام وقراءة عبثية لنصوص الشريعة وأحكامها لو طلب مني أن أحدد أهم سبب في ذلك فسأقول: هو الاستعداد النفسي للانحراف هو القابلية للانحراف لدى بعض الناس فعندهم استعداد نفسي ومقتض ذاتي فلو لم يتأثر بشحرور فسيتأثر بشخص آخر وفي هذا المقال يقف الكاتب على أهم عوامل الاستعداد النفسي للانحراف ومآلاتها

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1869