حكاية السينما والمتشددين

حكاية السينما والمتشددين | مرابط

الكاتب: فهد بن صالح العجلان

2029 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

قد نكون مجتمعًا لا يفهم، ولا يقرأ، ومستوى الوعي لدينا في انخفاض مستمرّ، وربّما نكون مغفّلين وبلهاء ..
إلا أنه ما زال فينا شيء من فهم وإدراك، ولم يصل بنا الغباء والبلاهة إلى الحدّ الذي تمرّر علينا (المحرّمات) الشرعية الظاهرة لنتعامل معها بشكل طبيعي فلا يبقى منكر لها إلا كلّ متطرّف متشدد بمجرّد أن يكتب على هذا المحرم (وفق الضوابط الشرعية) وبما ( لا يتعارض مع الشريعة السمحة).

 

(جميلٌ) أن يعتني المرء بأمر الضوابط الشرعية ويجهر في وسائل الإعلام بتعظيمها ومراعاته لها، ومن (السيء )غير الجميل أن يقف الأمر عند هذا الحدّ، فتسير الأمور على ما هي عليه ولا يبقى من أمر الضوابط الشرعية إلا الصوت والحبر والورق!

 

حيلة تمرير المحرمات

قصّة (السينما) في هذه الأيام تبدو كنموذج مجهري لانكشاف حقيقة هذا العبث المستتر بالضوابط الشرعية، وتعرية متقنة للممارسة السلبية الخفيّة التي تنافق هذا المجتمع المبارك فلا تقدر على تمرير المحرّمات إلا عبر بوّابة التأكيد على الالتزام بقيود الشريعة السمحة.

 

حكايتها .. تبرز فئة وفعالًا تحسب أنّها بمجرّد ملفوظة (الضوابط الشرعية) قد أبيح لها انتهاك كلّ الأحكام الشرعية على شاكلة من يكتب على لحم الخنزير ذبح على الطريقة الشرعية، فالقيمة الحقيقية لهذه (الضوابط) أن يصكّ بها في وجه المنكرين الغيورين، وأما الواقع فلا يعرف أحد ما هو الضابط الشرعي الذي يجزم أنهم لن ينتهكوه!

 

تبرّج ظاهر، واختلاط، وتقارب غير محتشم، وموسيقى .. في حال لا يخفى تحريمها على مسلم، ولا يتصوّر أن يكون فيها خلاف بين العقلاء فضلًا عن العلماء ..

 

الضوابط الشرعية

ومع ذلك .. فكلّ ما في هذه السينما هو بحسب (الضوابط الشرعية) ووفق (القيم الفاضلة) وبما فيه (خدمة المجتمع)!
ويطلع علينا بيان [روتانا] ليقرّر( سنحرص على تقديم ما يتناسب مع خصوصية مجتمعنا وعاداته وتقاليده وما يتناسب مع شريعتنا السمحة) كما هي سيرة قنوات روتانا دومًا!

 

ولا يعارض هذه (السينما) الشرعيّة حسب رؤية الكتّاب والصحفيين إلا فئة قليلة من (المتطرّفين المتشدّدين) الذين لا يفقهون الحكم الشرعي، ويعارضون (كلّ جديد) ويرفضون (التقدم والانفتاح العالمي) ويسعون لدفع المجتمع نحو (التخلّف والهمجية).

 

آثام السينما

طبعًا .. ما ترونه هو أول آثام السينما، ومن طبيعة أول كلّ شيء أن يكون محافظًا متزنًا مداهنًا.. فإذا رأيتم في أول الأمر (تبرّجًا) و (اختلاطًا) و(فسادًا) حسب الشريعة الإسلامية السمحة ووفق الرؤية المعتدلة فإن (روتانا) تعدكم أن تمضي بكم في طريق الوسطية والاعتدال إلى (الرقص) و (التفسّخ) و (تهييج الشهوات) و (إثارة الغرائز) المنضبطة –جدًّا- بالقيم والأصول الشرعية بما يشهد به كلّ معتدل وسطي ولا ينكره إلا كلّ متطرّف عنيد!

 

أن يقع المسلم في الخطأ وهو مقّر معترف هو أمر (هيّن) في مقابل من يقع في الخطأ ويأبى إلا أن يكون صوابًا، ويسير بالدليل الشرعي ليكون موافقًا له ودالًا على صحّة فعله بقطعية لا يشكّ فيها إلا الغلاة الجفاة، فهذا ليس مجرّد خطأ أو فعل محرّم لا يسلم منه أحد، بل هو تعدٍ على الشرع وتلبيس وتدليس على عباد الله لا يجوز السكوت عنه.

 

وأربأ بأحد يعظّم النصوص الشرعيّة أن يدافع ويذبّ عن مثل هذا ولو كان في حقيقة نفسه يودّ أن توجد السينما، فليكن هذا في مسار السلوك والهوى لا في دائرة التلبيس والتحريف للحكم الشرعي.

 

أبت حكاية (السينما) إلا أن تضع كلّ من يحرّم سلوكياتها ضمن ساحة المتطرّفين المتشددين، وهم –أي المتطرّفين هؤلاء- فئة قليلة جدًّا ليس فيها إلا (عبد العزيز بن باز) و (محمد بن عثيمين) و(اللجنة الدائمة للإفتاء) و(هيئة كبار العلماء) و (طلّاب العلم ) و (المشايخ) و (الدعاة) و (القضاة) و(أساتذة الجامعات) و ( المتخصصين) في العلوم الشرعيّة ..

 

فقط هؤلاء القلّة هم الذين يحرّمون السينما المعاصرة .. وما نقموا من السينما وما حاربوها إلا لانحرافهم عن (طريق الوسطية والاعتدال) الذي قد مضى على جادّته كتّاب الزوايا الصحفية ونجوم قنوات (روتانا)!
 
 
صحيفة سبق
19/6/1430هـ

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#فهد-العجلان #السينما
اقرأ أيضا
المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج1 | مرابط
تفريغات المرأة

المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج1


يقولون: إن المرأة تتحجب لتخفي عيوبها عن زوجها الذي يريدها فهؤلاء أقوام رأوا في أوروبا الحضارة والمدنية والرقي فظنوا أن المرأة كانت مستعبدة لا تملك من أمرها شيئا فجاءت الحضارة والمدنية الحديثة وأعطت للمرأة شيئا من حقها ولكنهم لم يقفوا عند مرحلة الاعتدال فظنوا أن من الحرية أن تختلط المرأة بالرجل والرجل بالمرأة ومن العدالة أن تتمرد المرأة على تعاليم السماء ومن المساواة أن تعمل المرأة عمل الرجل والرجل عمل المرأة فكانوا بين إفراط وتفريط

بقلم: عمر الأشقر
686
الثغر الأول: الأسرة | مرابط
مقالات

الثغر الأول: الأسرة


في زحام الفتن وأيام التغير الاجتماعي المريب يجدر بالأسرة أن تكون سياج الاحتواء الأول وحاضنة العقول والقلوب للأفراد صغارا وكبارا فأي صدع في جلمود هذا الحصن عبارة عن منفذ جاذب يتغلغل خلاله العدو وتنسل منه سموم الأفكار والممارسات مما يرنو بالجهد نحو الخذلان ويسر الخيبة وتجلي الهزيمة وتجد أنك في حالة دفاع وعرة وجهاد ضد الأعداء على ثغور عدة.

بقلم: سعود الشمري
279
أهل العزة | مرابط
اقتباسات وقطوف

أهل العزة


إن العزة قد تكون في الحق فيكون صاحبها عزيزا ولو كان ضعيفا مستضاما لا يذل للخلق ولا يتنازل عن شيء من دينه.. عزيز بعزة الله تعالى لأنه قد شرف بعبوديته له والانتساب لدينه والفخر بإسلامه وتطبيق شريعته ولو سخر منه الساخرون واستهزأ به المنافقون

بقلم: د. إبراهيم بن محمد الحقيل
418
دلالة الإجماع على حجية السنة | مرابط
تعزيز اليقين

دلالة الإجماع على حجية السنة


إن المتأمل في كتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم وفي طريقة أصحابه ومن اتبعهم وفي مذاهب أئمة الإسلام وفقهائهم ومفسريهم ومؤرخيهم لا يشك في أن عدم اعتبار السنة حجة لمن أولى ما يدخل في قول الله تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولىالنساء:١١٥ الآية

بقلم: أحمد يوسف السيد
2746
الروح في اليقين والهم في الشك | مرابط
مقالات

الروح في اليقين والهم في الشك


الزهد في الدنيا هو طريق راحة قلبك من الهم فإنها هم دائم ما دامت. والزهد فيها يرجع إلى ثلاثة أصول كلها قلبي المنشأ ليس فيها ما هو جارحي! وكلها ينشأ من عبادة اليقين بالله وحده وهي قلبية.

بقلم: خالد بهاء الدين
358
الاختلاط والفطرة والشرائع السابقة | مرابط
تعزيز اليقين مقالات النسوية المرأة

الاختلاط والفطرة والشرائع السابقة


يعتبر موضوع الاختلاط من أكثر الأبواب التي يدخل منها رواد النسوية والعلمانية ويحاولون إلصاق تهمة العنصرية والظلم والجور بشريعة الرحمن نظرا لمنع الاختلاط في ديننا بين الرجال والنساء ولكن الحقيقة أن هذه هي الفطرة الصحيحة التي فطر الله الناس عليها وهذا كان حال النساء في جميع الشرائع السابقة على الإسلام بل وحتى في الجاهلية وهذا بالضبط ما ستعرفه في المقال

بقلم: عبد العزيز الطريفي
2181