حكاية السينما والمتشددين

حكاية السينما والمتشددين | مرابط

الكاتب: فهد بن صالح العجلان

2130 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

قد نكون مجتمعًا لا يفهم، ولا يقرأ، ومستوى الوعي لدينا في انخفاض مستمرّ، وربّما نكون مغفّلين وبلهاء ..
إلا أنه ما زال فينا شيء من فهم وإدراك، ولم يصل بنا الغباء والبلاهة إلى الحدّ الذي تمرّر علينا (المحرّمات) الشرعية الظاهرة لنتعامل معها بشكل طبيعي فلا يبقى منكر لها إلا كلّ متطرّف متشدد بمجرّد أن يكتب على هذا المحرم (وفق الضوابط الشرعية) وبما ( لا يتعارض مع الشريعة السمحة).

 

(جميلٌ) أن يعتني المرء بأمر الضوابط الشرعية ويجهر في وسائل الإعلام بتعظيمها ومراعاته لها، ومن (السيء )غير الجميل أن يقف الأمر عند هذا الحدّ، فتسير الأمور على ما هي عليه ولا يبقى من أمر الضوابط الشرعية إلا الصوت والحبر والورق!

 

حيلة تمرير المحرمات

قصّة (السينما) في هذه الأيام تبدو كنموذج مجهري لانكشاف حقيقة هذا العبث المستتر بالضوابط الشرعية، وتعرية متقنة للممارسة السلبية الخفيّة التي تنافق هذا المجتمع المبارك فلا تقدر على تمرير المحرّمات إلا عبر بوّابة التأكيد على الالتزام بقيود الشريعة السمحة.

 

حكايتها .. تبرز فئة وفعالًا تحسب أنّها بمجرّد ملفوظة (الضوابط الشرعية) قد أبيح لها انتهاك كلّ الأحكام الشرعية على شاكلة من يكتب على لحم الخنزير ذبح على الطريقة الشرعية، فالقيمة الحقيقية لهذه (الضوابط) أن يصكّ بها في وجه المنكرين الغيورين، وأما الواقع فلا يعرف أحد ما هو الضابط الشرعي الذي يجزم أنهم لن ينتهكوه!

 

تبرّج ظاهر، واختلاط، وتقارب غير محتشم، وموسيقى .. في حال لا يخفى تحريمها على مسلم، ولا يتصوّر أن يكون فيها خلاف بين العقلاء فضلًا عن العلماء ..

 

الضوابط الشرعية

ومع ذلك .. فكلّ ما في هذه السينما هو بحسب (الضوابط الشرعية) ووفق (القيم الفاضلة) وبما فيه (خدمة المجتمع)!
ويطلع علينا بيان [روتانا] ليقرّر( سنحرص على تقديم ما يتناسب مع خصوصية مجتمعنا وعاداته وتقاليده وما يتناسب مع شريعتنا السمحة) كما هي سيرة قنوات روتانا دومًا!

 

ولا يعارض هذه (السينما) الشرعيّة حسب رؤية الكتّاب والصحفيين إلا فئة قليلة من (المتطرّفين المتشدّدين) الذين لا يفقهون الحكم الشرعي، ويعارضون (كلّ جديد) ويرفضون (التقدم والانفتاح العالمي) ويسعون لدفع المجتمع نحو (التخلّف والهمجية).

 

آثام السينما

طبعًا .. ما ترونه هو أول آثام السينما، ومن طبيعة أول كلّ شيء أن يكون محافظًا متزنًا مداهنًا.. فإذا رأيتم في أول الأمر (تبرّجًا) و (اختلاطًا) و(فسادًا) حسب الشريعة الإسلامية السمحة ووفق الرؤية المعتدلة فإن (روتانا) تعدكم أن تمضي بكم في طريق الوسطية والاعتدال إلى (الرقص) و (التفسّخ) و (تهييج الشهوات) و (إثارة الغرائز) المنضبطة –جدًّا- بالقيم والأصول الشرعية بما يشهد به كلّ معتدل وسطي ولا ينكره إلا كلّ متطرّف عنيد!

 

أن يقع المسلم في الخطأ وهو مقّر معترف هو أمر (هيّن) في مقابل من يقع في الخطأ ويأبى إلا أن يكون صوابًا، ويسير بالدليل الشرعي ليكون موافقًا له ودالًا على صحّة فعله بقطعية لا يشكّ فيها إلا الغلاة الجفاة، فهذا ليس مجرّد خطأ أو فعل محرّم لا يسلم منه أحد، بل هو تعدٍ على الشرع وتلبيس وتدليس على عباد الله لا يجوز السكوت عنه.

 

وأربأ بأحد يعظّم النصوص الشرعيّة أن يدافع ويذبّ عن مثل هذا ولو كان في حقيقة نفسه يودّ أن توجد السينما، فليكن هذا في مسار السلوك والهوى لا في دائرة التلبيس والتحريف للحكم الشرعي.

 

أبت حكاية (السينما) إلا أن تضع كلّ من يحرّم سلوكياتها ضمن ساحة المتطرّفين المتشددين، وهم –أي المتطرّفين هؤلاء- فئة قليلة جدًّا ليس فيها إلا (عبد العزيز بن باز) و (محمد بن عثيمين) و(اللجنة الدائمة للإفتاء) و(هيئة كبار العلماء) و (طلّاب العلم ) و (المشايخ) و (الدعاة) و (القضاة) و(أساتذة الجامعات) و ( المتخصصين) في العلوم الشرعيّة ..

 

فقط هؤلاء القلّة هم الذين يحرّمون السينما المعاصرة .. وما نقموا من السينما وما حاربوها إلا لانحرافهم عن (طريق الوسطية والاعتدال) الذي قد مضى على جادّته كتّاب الزوايا الصحفية ونجوم قنوات (روتانا)!
 
 
صحيفة سبق
19/6/1430هـ

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#فهد-العجلان #السينما
اقرأ أيضا
من يسمع ولا يعقل | مرابط
اقتباسات وقطوف

من يسمع ولا يعقل


وجعل الأكثرين أضل سبيلا من الأنعام لأن البهيمة يهديها سائقها فتهتدي وتتبع الطريقفلا تحيد عنها يمينا ولا شمالا والأكثرون يدعونهم الرسل ويهدونهم السبيل فلا يستجيبون ولا يهتدون ولا يفرقون بين ما يضرهم وبين ما ينفعهم

بقلم: ابن القيم
744
ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا | مرابط
تفريغات

ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا


الإيمان بالإسلام كتابا وسنة هو الذي يوفق أفق المؤمن وعقله وتفكيره والعكس بالعكس تماما لهذا نحن ندعو دائما وأبدا إلى اتباع الكتاب والسنة ليس على طريقة التأويل -هذه الطريقة التي ابتدعها الخلف- وإنما على طريقة التسليم التي سلكها السلف ولذلك نكرر دائما وأبدا: نحن لا ندعو إلى الكتاب والسنة فقط بل إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
704
ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر الجزء الأول | مرابط
تعزيز اليقين تفريغات

ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر الجزء الأول


القدر مما تعبدنا الله به استسلاما له فلابد أن نعرف حكم القضاء والقدر وأن الإيمان بالقضاء والقدر واجب لنتعبد الله بالاستسلام لهذا القضاء والقدر وفي هذا المقال بجزئيه استعراض ماتع من الشيخ محمد صالح المنجد لفوائد وثمرات الإيمان بالقدر مثل حسن الظن بالله والتسليم لحكمه سبحانه

بقلم: محمد صالح المنجد
1434
قضايا يدور حولها الجدل: الحرية | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

قضايا يدور حولها الجدل: الحرية


إن رسالة الرسل كان فيها من معاني الحرية ما هو أكثر من ذلك وهي تخليص الإنسان من معاني العبودية الخفية التي لا يشعر بها كالخضوع للمال وعبادته أو للشهوة وعبادتها وفي هذا المقال يقف بنا المؤلف على مفهوم الحرية لفحص ما أثارته من الجدل وتوضيح معناها السليم

بقلم: أحمد يوسف السيد
1896
هل أرواح الموتى تتلاقى وتتزاور | مرابط
اقتباسات وقطوف

هل أرواح الموتى تتلاقى وتتزاور


والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة: تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها وروح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى قال الله تعالى : ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا النساء: 69

بقلم: ابن القيم
745
سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الثالث ج3 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الثالث ج3


العلوم الحياتية دائمة التطور فإن بقيت أمة الإسلام سنة أو سنتين أو ثلاثا راكدة والعلم فيها راكدا لا يتحرك اتسعت الفجوة بشكل هائل بينها وبين الأمم فلا بد من حركة سريعة وكما ذكرت بالأمس لا داعي للتسويف فتبدأ من اليوم والأخ الذي أخبرتكم عنه الذي ذهب ليتعلم الإنجليزية في نفس الليلة ذهب للتعلم وهذه أمثلة طيبة جدا

بقلم: د راغب السرجاني
763