روح العصبية الغربية

روح العصبية الغربية | مرابط

الكاتب: إدوارد سعيد

1906 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

لم أستطع أن أكتشف فترة في التاريخ الأوروبي أو التاريخ الأمريكي منذ العصور الوسطى ناقش أحد فيها الإسلام أو أي فكر فيه خارج إطارٍ صاغته العاطفة المشبوبة، والتعصب، والمصالح السياسية. وقد لا يبدو ذلك اكتشافًا يدعو إلى الدهشة، ولكنه يضم في ثناياه جميع ألوان المباحث العلمية والأكاديمية التي كانت منذ مطلع القرن الثامن عشر تطلق على نفسها اسمًا كُلّيًا هو مبحث الاستشراق أو كانت تحاول، بانتظام، دراسة الشرق.

ولن يختلف أحد مع القول بأن أوائل الذين علّقوا لى الإسلام، مثل بطرس المبجل، وبارتليمي دربيلو، قد اتخذوا موقف المجادلة المسيحية المشبوبة فيما قالوه. ولكنّ أمامنا افتراضًا لم ينظر أحد في صحته يقول إنه حين تقدمت أوروبا والغرب فاتخذت خطواتها في العصر العلمي الحديث، وحررت نفسها من الخرافة والجهل، كانت مسيرتها بالضرورة تتضمن الاستشراق.

أليس صحيحًا أن سلفستر دي ساسي، وإدوارد لين، وإرنست رينان، وهاملتون جِبْ، ولويس ماسينيون، كانوا من الباحثين والعلماء الموضوعيين، وأليس صحيحًا أن من آثار التقدم الذي شهده القرن العشرون بشتى ألوانه في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا واللغويات والتاريخ أن أصبح الباحثون الأمريكيون الذين يقومون بتدريس الشرق الأوسط والإسلام في جامعات كبرى مثل برنستون وهارفارد وشيكافو، بالضرورة، غير منحازين ولا يمارسون الدعوة إلى شئ فيما يفعلونه؟

أما الإجابة عندي فهي بالنفي.. وليس ذلك لأن الاستشراق أكثر تحيّزًا من العلوم الاجماعية والإنسانية الأخرى؛ لكنه وحسب، مثل غيره من المباحث المذكورة، له سماته الأيديولوجية ويتأثر مثلها بالعالم من حوله. أما الفارق الأوحد فهو أن باحثي الاستشراق يبادرون باستخدام مواقعهم، باعتبارهم خبراء، في إنكار (وأحيانًا حتى في إخفاء) مشاعرهم العميقة تجاه الإسلام بلغة الثقات التي تهدف إلى الشهادة "بموضوعيتهم" وكذلك "بحيادهم العلمي".

 


 

المصدر:

  1. إدوارد سعيد، تغطية الإسلام
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#إدوارد-سعيد
اقرأ أيضا
هل اتجه عمر رضي الله عنه إلى تقليل رواية الحديث | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

هل اتجه عمر رضي الله عنه إلى تقليل رواية الحديث


يناقش الكاتب محمد أبو شهبة بعض الشبهات المثارة حول السنة النبوية قديما وحديثا والتي روج بعضها المستشرقون وتلقفها بعدهم أحفادهم من منكري السنة والعلمانيين وأعداء الملة والدين وفي هذا المقال يناقش دعوى أن سيدنا عمر رضي الله عنه اتجه إلى تقليل رواية الأحاديث والاكتفاء بالقرآن الكريم فقط

بقلم: محمد أبو شهبة
2978
مقصود القصص القرآني | مرابط
اقتباسات وقطوف

مقصود القصص القرآني


مما صد أكثر هذه الأمة عن تفهم القرآن ظنهم أن الذي فيه من قصص الأولين وأخبار المثابين والمعاقبين من أهل الأديان أجمعين أن ذلك إنما مقصوده الأخبار والقصص فقط كلا وليس كذلك إن ذلك إنما مقصوده الاعتبار والتنبيه بمشابهة متكررة في هذه الأمة من نظائر جميع أولئك الأعداد وتلك الأحوال والآثار

بقلم: فخر الدين أبو الحسن الحرالي
289
العنصرية الأمريكية ضد العرب 2 | مرابط
اقتباسات وقطوف

العنصرية الأمريكية ضد العرب 2


مقتطف من كتاب الحروب الهمجية يتحدث فيه الكاتب عن الرؤية الأمريكية للعرب والتي تقوم على العنصرية أو التعصب إذ يعد هذا هو المحرك الأبرز في التعامل مع كافة الأحداث ومن هنا توصف أعمال العنف التي يرتكبها الأمريكان أو إسرائيل على أنها دفاع عن النفس بينما أي عنف يرتكبه العرب يقع تحت وصف الإرهاب

بقلم: ستيفن سالايتا
622
استفسارات الحرية | مرابط
مناقشات

استفسارات الحرية


هذا الكتاب الذي سماه مؤلفه فضاءات الحرية وهو دراسة تفصيلية غزيرة مليئة بالمناقشات والحجج والاستشكالات والإيرادات والشواهد والمعطيات حول الخطوط الفاصلة بين الحرية في التصور الإسلامي والحرية في التصور الليبرالي الغربي الحديث فالمؤلف بشكل عام- يبتدئ كل فصل بعرض ميادين الحرية الواسعة في الإسلام في هذا المجال ثم يتبعها بمناطق الاختلاف والتمايز عن الحرية الليبرالية الغربية في هذا الباب

بقلم: إبراهيم السكران
2319
من حياة عمر بن عبد العزيز ج3 | مرابط
تفريغات

من حياة عمر بن عبد العزيز ج3


وتأتي وفاة عمر الذي كان أعظم ما قاده إلى الله ذكر الموت اشتد عليه المرض وأدخل عليه الأطباء ووضعوا له العلاج المناسب والشفاء بيد رب العالمين فقال: والله لو كان دوائي في أن أرفع يدي اليمني إلى أذني ما فعلت والله ما أنا بحريص على الدنيا فقد مللتها ولكني أسأل الله أن يسلم

بقلم: خالد الراشد
598
من علامات الساعة: ضياع أمانة الدين ج3 | مرابط
تفريغات

من علامات الساعة: ضياع أمانة الدين ج3


إن الأمانة اسم عام لكل تكليف كلفناه ربنا تبارك وتعالى أو الرسول عليه الصلاة والسلام كما في قول الله عز وجل:إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولاالأحزاب:72 فالأمانة هي كلمة: لا إله إلا الله بتكاليفها هذه هي التي أشفقت السماوات والأرض والجبال عن حملها ومن علامات الساعة ضياع الأمانة وبين يديكم تفريغ لجزء من محاضرة للشيخ أبو إسحق الحويني يتحدث فيه عن ضياع الأمانة في زمننا

بقلم: أبو إسحق الحويني
583