شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل

شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل | مرابط

الكاتب: مجموعة كتاب

884 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

هذه شبهة خفيفة الوزن، تدل على أمرين راسخين فيهم:

الأول: جهلهم الفاضح بقواعد اللغة العربية.

الثانى: تهافتهم الأعمى على تصيُّد الشبهات، والبحث عن العيوب والنقائص.

منشأ هذه الشبهة:

هو قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إمامًا، قال: ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين) (1).

اطلعوا على هذه الآية فى المصحف الشريف، ووقع بصرهم على كلمة " الظالمين " وصورت أوهامهم أن فيها خطأً نحويًا؛ لأنها عندهم فاعل، والفاعل حكمه الرفع لا النصب، فكان حقه أن يكون هكذا.

لا ينال عهدى الظالمون، لأنه جمع مذكر سالم، وعلامة رفعه " الواو " وبهذا تخيلوا، بل توهموا أن القرآن لا سمح الله قد أخطأ فنصب الفاعل " الظالمين " ولم يرفعه " الظالمون "؟! هذا هو منشأ هذه الشبهة.

الرد على الشبهة:

الفعل "نال" فعل متعدٍ إلى مفعول واحد، قال الله تعالى:

(ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا) (2).

الفاعل "واو الجماعة" والمفعول "خيرًا".

أما فى هذه الآية التى اتخذوها منشأ لهذه الشبهة "لا ينال عهدى الظالمين" فالفاعل هو "عهدى"، مرفوع بضمة مقدرة، منع من ظهورها اشتغال المحل (3) بحركة المناسبة ل "ياء" المتكلم، والمفعول به هو "الظالمين" وعلامة نصبه هى "الياء" لأنه جمع مذكر سالم، ينصب ويجر ب "الياء" والمعنى: لا ينفع عهدى الظالمين. ومجئ "الظالمين" منصوبًا هو قراءة الجمهور من القراء.

وليس فى مجئ "الظالمين" منصوبًا على المفعول به خلاف بين العلماء. بل إنهم نصوا على أن خواص الفعل " نال " أن فاعله يجوز أن يكون مفعولًا، ومفعوله يجوز أن يكون فاعلًا، على التبادل بينهما، قالوا: لأن ما نالك فقد نلته أنت.

وقد جاء قوله تعالى: (لن ينال الله لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) (4).

على خلاف نسق آية البقرة، التى نحن بصدد الحديث عنها. حيث كان الوالى للفعل فيها هو الفاعل " لا ينال عهدى والواقع بعد الفاعل هو المفعول " الظالمين ".

أما فى آية الحج فإن الذى ولى الفعل " لن ينال الله " هو المفعول، وما بعده هو الفاعل " لحومُها ".

والمعنى: لن يصل الله لحومُها ولا دماؤها، وكذلك قوله " ولكن يناله التقوى منكم " فالضمير فى " يناله " هو المفعول به، أما " التقوى " فهى الفاعل.

 


 

الإشارات المرجعية:

(1) البقرة: 124.
(2) الأحزاب: 25.
(3) المحل هنا هو " الدال " من " عهدى ".
(4) الحج: 37.

 

المصدر:

مجموعة مؤلفين، شبهات المشككين، ص11

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-القرآن
اقرأ أيضا
الأسباب والنتائج | مرابط
اقتباسات وقطوف

الأسباب والنتائج


كثيرا ما يرتبط في أذهاننا أن قوة النتائج مرتبطة بما يظهر من قوة الأسباب في مظاهرها وغطائها المادي ولذلك تهفو النفوس للتعلق بالسبب كثيرا ما يمور في عقولنا تصورات مسبقة أن أقوى الناس هم أولئك الذين يملكون أقوى الأسباب المادية وقد أثار انتباهي تنبيه لطيف لأحد السلف يزلزل هذه القناعات والتصورات المطمورة وقد نقله أبو العباس ابن تيمية واحتفى به في عدة مواضع من كتبه

بقلم: إبراهيم السكران
758
المجتمع المختلط | مرابط
مقالات المرأة

المجتمع المختلط


كثر كلام الناس في هذه الأيام في الصحف وفي دور العلم وأقسام الفلسفة ومعاهد تخريج المدرسين والإخصائيين الاجتماعيين منها خاصة - عن الكبت الجنسي ومضاره وشاع بين كثير ممن ينتحلون الدراسات النفسية والفرويدية منها خاصة أن السبيل إلى تلافي الأضرار المتولدة عن هذا الكبت هي اختلاط الذكور بالإناث وتخفف النساء من الحجاب ومن الثياب وهو تخفف لا يعرف الداعون إليه مدى ينتهي عنده ولعله ينتهي إلى ما انتهى إليه الأمر في مدن العراة التي نكست فيها المدنية فارتدت إلى الهمجية الأولى!

بقلم: محمد محمد حسين
218
استشعار عظمة الله | مرابط
اقتباسات وقطوف

استشعار عظمة الله


وللأسف الشديد أن المشركين الأوائل كانوا يفقهون معنى كلمة لا إله إلا الله أكثر من بعض المنتسبين إلى العلم الآن من المسلمين كان أبو جهل أفقه لمعنى لا إله إلا الله من هذا الذي ينسب إلى العلم ويقول: إن الطواف بالقبور ليس شركا لماذا قامت الحروب ولماذا صبر العرب على حشد الغلاصم وقطع الحلاقم ونفذ الأراقم ومتون الصوارم

بقلم: أبو إسحق الحويني
506
النفس لا تخلو عن الشعور والإرادة | مرابط
اقتباسات وقطوف

النفس لا تخلو عن الشعور والإرادة


النفس لها مطلوب مراد بضرورة فطرتها وكونها مريدة من لوازم ذاتها لا يتصور أن تكون نفس الإنسان غير مريدة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: أصدق الأسماء: الحارث وهمام وهي حيوان وكل حيوان متحرك بالإرادة فلا بد لها من حركة إرادية وإذا كان كذلك فلا بد لكل مريد من مراد

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
651
من ذكريات الحج | مرابط
مقالات

من ذكريات الحج


ألا ترون العروق الشعرية كيف تحمل الدم من أطراف الجسم ثم تصبه في الأوردة الكبار حتى يدور دورته في القلب مجتمعا وفي الرئة منتشرا فيصفو بعد العكر وينقى من الوضر ويعود في الشرايين دما أحمر جديدا بعد أن كان في الأوردة دما أسود فاسدا كذلك الحج يأتي المسلمون من آفاق الأرض الأربعة أفرادا ثم ينتظمون جماعات ثم يدورون حول الكعبة قلب الأرض المسلمة ثم ينتشرون في عرفات رئة الجسم الإسلامي فتصفي نفوسهم من أكدار الشهوات وتنقى أوضار الذنوب ويعودون إلى بلادهم أطهارا قد استبدلوا بتلك النفوس نفوسا جديدة كأنها م...

بقلم: علي الطنطاوي
680
خطر البدعة وأهلها | مرابط
تفريغات

خطر البدعة وأهلها


ثم أصحاب البدع يحملون أوزارهم وأوزار الذين أضلوهم كما قال تبارك وتعالى:ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علمالنحل:25 إن المبتدعة ليس عندهم علم ولا برهان وإنما هو استحسان شيء ظنه قربة إلى الله عز وجل لذلك نخرج من هذا بالقاعدة المعروفة عند أهل السنة: إن الزيادة في الخير ليست خيرا إلا أن تكون مشروعة

بقلم: أبو إسحق الحويني
652