شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل

شبهة الأخطاء اللغوية في القرآن: نصب الفاعل | مرابط

الكاتب: مجموعة كتاب

966 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

هذه شبهة خفيفة الوزن، تدل على أمرين راسخين فيهم:

الأول: جهلهم الفاضح بقواعد اللغة العربية.

الثانى: تهافتهم الأعمى على تصيُّد الشبهات، والبحث عن العيوب والنقائص.

منشأ هذه الشبهة:

هو قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إمامًا، قال: ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين) (1).

اطلعوا على هذه الآية فى المصحف الشريف، ووقع بصرهم على كلمة " الظالمين " وصورت أوهامهم أن فيها خطأً نحويًا؛ لأنها عندهم فاعل، والفاعل حكمه الرفع لا النصب، فكان حقه أن يكون هكذا.

لا ينال عهدى الظالمون، لأنه جمع مذكر سالم، وعلامة رفعه " الواو " وبهذا تخيلوا، بل توهموا أن القرآن لا سمح الله قد أخطأ فنصب الفاعل " الظالمين " ولم يرفعه " الظالمون "؟! هذا هو منشأ هذه الشبهة.

الرد على الشبهة:

الفعل "نال" فعل متعدٍ إلى مفعول واحد، قال الله تعالى:

(ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا) (2).

الفاعل "واو الجماعة" والمفعول "خيرًا".

أما فى هذه الآية التى اتخذوها منشأ لهذه الشبهة "لا ينال عهدى الظالمين" فالفاعل هو "عهدى"، مرفوع بضمة مقدرة، منع من ظهورها اشتغال المحل (3) بحركة المناسبة ل "ياء" المتكلم، والمفعول به هو "الظالمين" وعلامة نصبه هى "الياء" لأنه جمع مذكر سالم، ينصب ويجر ب "الياء" والمعنى: لا ينفع عهدى الظالمين. ومجئ "الظالمين" منصوبًا هو قراءة الجمهور من القراء.

وليس فى مجئ "الظالمين" منصوبًا على المفعول به خلاف بين العلماء. بل إنهم نصوا على أن خواص الفعل " نال " أن فاعله يجوز أن يكون مفعولًا، ومفعوله يجوز أن يكون فاعلًا، على التبادل بينهما، قالوا: لأن ما نالك فقد نلته أنت.

وقد جاء قوله تعالى: (لن ينال الله لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) (4).

على خلاف نسق آية البقرة، التى نحن بصدد الحديث عنها. حيث كان الوالى للفعل فيها هو الفاعل " لا ينال عهدى والواقع بعد الفاعل هو المفعول " الظالمين ".

أما فى آية الحج فإن الذى ولى الفعل " لن ينال الله " هو المفعول، وما بعده هو الفاعل " لحومُها ".

والمعنى: لن يصل الله لحومُها ولا دماؤها، وكذلك قوله " ولكن يناله التقوى منكم " فالضمير فى " يناله " هو المفعول به، أما " التقوى " فهى الفاعل.

 


 

الإشارات المرجعية:

(1) البقرة: 124.
(2) الأحزاب: 25.
(3) المحل هنا هو " الدال " من " عهدى ".
(4) الحج: 37.

 

المصدر:

مجموعة مؤلفين، شبهات المشككين، ص11

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-القرآن
اقرأ أيضا
الحقيقة الكبرى الناظمة للقرآن | مرابط
مقالات

الحقيقة الكبرى الناظمة للقرآن


يحدثك القرآن عن ظاهرة المصائب والأضرار التي تصيب الإنسان في حياته الشخصية وبالرغم من أن الله شرع لنا اتخاذ الأسباب كالأدوية للشفاء من المرض والتماس الرزق لرفع الفقر إلا أن القرآن يكثف دائرة الضوء على أمر آخر أهم وهو أن يرتبط الفؤاد بالله سبحانه وتعالى وهو يصارع هذه البلاءات

بقلم: إبراهيم السكران
440
الفتور بعد الهمة | مرابط
مقالات

الفتور بعد الهمة


لقد جعل الله تعالى للباقيات الصالحات مواسم زمانية ومكانية ترتفع فيها الهمة والنشاط على العبادة والعمل الصالح وعندما تنتهي تلك المواسم يعود المرء بطبيعة الحال إلى ما كان عليه من قبل وربما يشعر الصادقون عندئذ بحالة من عدم الرضا بل ربما يتهمون أنفسهم بالنفاق وهنا لا بد من تقديم الطرح العلمي المتوازن الذي يستند إلى أدلة الشرع الذي يراعي طبائع النفس البشرية

بقلم: د. جمال الباشا
450
رسالة المصلح | مرابط
اقتباسات وقطوف

رسالة المصلح


إن المصلح الصادق لا تغره أرقام المتابعين ولا أعداد المشاهدين ولا كثرة المنتسبين لبرامجه إذ إن نجاحه الحقيقي هو في تحقيق عبوديته لله تعالى بالقيام بدينه وتبليغ العلم النافع والإصلاح ما استطاع ثم إن بارك الله له فيما قدم فانتفع به الناس فهو يدرك أن هذا الفتح والبركة إنما هي من الله سبحانه وتعالى فيحمده ويشكره ويفرح بنعمة الله عليه وعاجل بشراه له.

بقلم: أحمد يوسف السيد
327
نفي قاعدة أن العقل أصل النقل | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

نفي قاعدة أن العقل أصل النقل


ومن أرسله الله تعالي إلي الناس فهو رسوله سواء علم الناس أنه رسول أو لم يعلموا وما أخبر به فهو حق وإن لم يصدقه الناس وما أمر به عن الله فالله أمر به وإن لم يطعه الناس فثبوت الرسالة في نفسها وثبوت صدق الرسول وثبوت ما اخبر به في نفس الأمر: ليس موقوفا علي وجودنا فضلا عن أن يكون موقوفا علي عقولنا أو علي الأدلة التي نعلمها بعقولنا

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1075
الأسباب والنتائج | مرابط
اقتباسات وقطوف

الأسباب والنتائج


كثيرا ما يرتبط في أذهاننا أن قوة النتائج مرتبطة بما يظهر من قوة الأسباب في مظاهرها وغطائها المادي ولذلك تهفو النفوس للتعلق بالسبب كثيرا ما يمور في عقولنا تصورات مسبقة أن أقوى الناس هم أولئك الذين يملكون أقوى الأسباب المادية وقد أثار انتباهي تنبيه لطيف لأحد السلف يزلزل هذه القناعات والتصورات المطمورة وقد نقله أبو العباس ابن تيمية واحتفى به في عدة مواضع من كتبه

بقلم: إبراهيم السكران
851
عن القوامة والنشوز وضوابط تعامل الزوج معه | مرابط
المرأة

عن القوامة والنشوز وضوابط تعامل الزوج معه


الله جل وعلا قد خلق كل جنس ونوع على وفق مقتضى حكمته البالغة ثم هداه لوظيفته التي تلائم ذلك الخلق ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ومن ذلك أن الله جل وعلا خلق الرجل أقوى جسدا وأجسر قلبا وأشد تحملا للمشاق وأحسن تدبيرا وثباتا في مخاطر الحياة وأعظم تغليبا للعقل على المشاعر والانفعالات وهذا كله يؤهله لوظيفة القوامة والحفظ والحماية والرعاية والكسب.

بقلم: كريم حلمي
449