فإن في مسائل الخلاف ضابطًا قرآنيا ينفي اتباع الهوى جملة، وهو قوله تعالى "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ" وهذا المقلد قد تنازع في مسألته مجتهدان، فوجب ردها إلى الله والرسول، وهو الرجوع إلى الأدلة الشرعية، وهو أبعد من متابعة الهوى والشهوة، فاختياره أحد المذهبين بالهوى والشهوة مضاد للرجوع إلى الله والرسول وهذه الآية نزلت على سبب فيمن اتبع هواه بالرجوع إلى حكم الطاغوت، ولذلك أعقبها بقوله "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ" ..، وأيضًا فإن ذلك يفضي إلى تتبع رخص المذاهب من غير استناد إلى دليل شرعي، وقد حكي ابن حزم الإجماع على أن ذلك فسق لا يحل. وأيضًا: فإنه مؤد إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها؛ ﻷن حاصل الأمر مع القول بالتخيير أن للمكلف أن يفعل إن شاء أو يترك إن شاء، وهو عين إسقاط التكليف، بخلاف ما إذا تقيد بالترجيح، فإنه متبع للدليل، فلا يكون متبعا للهوى ولا مسقطًا للتكليف
المصدر:
- الشاطبي، الموافقات، (5/81)