فن أصول التفسير ج2

فن أصول التفسير ج2 | مرابط

الكاتب: مساعد الطيار

614 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

كتب التفسير

نأتي الآن إلى قضية مرتبطة بهذا، وهي: معلومات كتب التفسير. يعني: هل المفسرون لما كتبوا كتبهم، هل عنوا بهذه القضايا التي نحن اليوم نحس أننا نحتاج إليها، نريد أن نصل إلى التدبر، نريد أن نفهم كلام ربنا، هذه أسئلة الآن ولله الحمد والمنة، ومن نعمة الله سبحانه وتعالى علينا في هذا العصر أن الآن صار في أوبة ورجوع إلى القرآن كما تلاحظون ولله الحمد والمنة. يعني: حلقات التحفيظ المتعددة، ليس في هنا، بل في العالم الإسلامي، تجد الحرص على فهم معاني كلام الله سبحانه وتعالى، والحرص على التدبر، هيئات تقوم يمنة ويسرة مرتبطة بالقرآن ولله الحمد، وهذا في جميع أنحاء العالم الإسلامي، لكن نحتاج إلى تأصيل هذه الأعمال.

وهنا قضية مهمة وإن كانت استطرادية، أحب أن نتنبه لها، إن أي عمل مرتبط بالقرآن لا يؤصل من علماء القرآن، فإنه سيقع في خلل، كما أن أي عمل فيزيائي يقوم به غير الفيزيائي سيكون فيه خلل؛ لأن بعض المسلمين وفقهم الله وشكر لهم حرصهم وسعيهم، ليسوا بمتخصصين، فيأتون إلى قضايا مرتبطة بالقرآن، ويفتون فيها، ويكتبون فيها الكتابات، ويتكلمون فيها، في مشارق الأرض ومغاربها، وهم لم يتأسسوا في هذا العلم، فتقع منهم إشكالات كبيرة تضطر من له علم بالتفسير، وبعلوم القرآن أن يسد هذه الخروق التي تقع، ثم تقع إشكالات في فهم أو نقص علم من يسمع هذا، إنه كيف فلان يقول كذا، وفلان يقول كذا، فتأتي بعض الإشكالات التي قد لا يدركها الجمهور، ولكنها في الحقيقة هي: توصل إلى أمر سيئ، فنقول: أي علم إذا لم يقم به أهله فلا شك أنه يكون فيه خلل، ولو أن عالمًأ بالرياضيات أراد أن يدرس الفيزياء قد يدرس بعض قضايا؛ لأنها مرتبطة بالرياضيات، لكن هناك قضايا تأصيلية ما يستطيعها، وكذلك المسلم كونه يعرف لغة العرب، ويرجع إليها ويقرأ تفسير ابن كثير، ويقرأ في تفسير فلان كذا، لا يعني أنه يستطيع أن يفهم المعنى، وأنه يوصل ما بعد هذا المعنى الناس، فهذا يجب أن نتنبه له.

وأنا أقول مع الأسف أن هذا الأمر واقع في عصرنا ونشاهده، وقل يوم إلا ونسمع إما في إذاعة، وإما في قنوات، وإما في جريدة من هو محسوب على المسلمين، وتجده يقع عنده خلل كبير جدًأ في هذه القضايا.

إذًأ إذا نظرنا الآن إلى قضية معلومات كتب التفسير، هل كانت تعنى بهذا الجانب، أو لا؟ نقول: نعم، لكن ليس بالكثرة التي نحتاجه نحن اليوم؛ لأننا صرنا نطلب أشياء قد لا يكون العلماء في السابق انتبهوا لها وأرادوا كتابتها، يعني: انتبهوا لها من جهة الكتابة، وإنما كانت قد تكون موجودة عندهم، لكن لم يدونوها، ودونها بعضهم في كتب مستقلة.

 

المعلومات في كتب التفسير

وهذه المعلومات التي في كتب التفسير يمكن أن نقسمها إلى أنواع:

أنواع المعلومات التي في كتب التفسير
النوع الأول: بيان المعاني: وهذا الذي قلنا عنه صلب التفسير، ولا يوجد كتاب في التفسير ليس فيه بيان للمعاني، وإلا ما يكون تفسيرًأ، هذا إذًأ النوع الأول من المعلومات.

النوع الثاني: علوم القرآن، وهو غير التفسير، وهي مرتبطة بالقرآن من علومه، تكون علوم القرآن، ونأتي إن شاء الله إلى ذكرها.

النوع الثالث: الاستنباطات والفوائد، وهذه يعنى بها كثير الآن من الطلاب، فتجدهم يبحثون عن مثل الاستنباطات والفوائد في كتب التفسير.

النوع الرابع: معلومات عامة.

وبيان المعاني سبق أنه هو المقصود بالتفسير، يعني هل تتصور مثلًأ تفسير الجلالين ما يكون فيه بيان معاني، لا يمكن أن يسمى تفسيرًأ، وليس فيه معاني.

أما علوم القرآن فهذه قد تتداخل أحيانًأ مع علوم التفسير فيقع فيه نوع من التباس، كما قلنا قبل قليل قاعدة: أي معلومة ليس لها أثر بيان فهي من علم التفسير، وقد تكون من علوم القرآن، وقد تكون من معلومات عامة، مثال ذلك: لما نأتي إلى سورة الفاتحة، في مثل قوله سبحانه وتعالى:  غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]،  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، لما آتي وأقول لك:  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، الآن العلوم الموجودة فيها، أول علم اللي فيها اللي علم التفسير، الأصول بالتفسير، وهو جزء من علوم القرآن، لكن نفرده؛ لأنه مقصد خاص به، يعني بنفسه،  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، أي: صراط من أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، كم فسر بعض العلماء هذا، فيكون تبين المعنى، إذا قلت لك: وقع خلاف بين العلماء هل قوله:  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، هي الآية السادسة، أو الآية السابعة؟ المعلومة هذه الآن، هل من علوم التفسير وإلا من علوم القرآن؟ هذه القضية من علوم القرآن، وليس لها في التفسير، لا يتأثر المعنى في كونها الآية رقم ستة أو الآية رقم سبعة، ما يتأثر بها المعنى.

فإذًأ لاحظ أن عد الآيات يعتبر من العلوم التي لا يتأثر بها المعنى، كذلك اسم السورة لا يؤثر في المعاني، وإن كان قد يؤثر في قضايا أخرى في مقاصد السورة وغيرها، لكن كون السورة اسمها البقرة، أو هي وآل عمران تسمى بالزهراوين، ما يؤثر في فهم المعاني، وكون عدد آيات البقرة مائتان وستة وثمانون، أو وخمسة وثمانون على خلاف في العد ما يؤثر. كونها مكية ومدنية قد يؤثر أحيانًأ وقد لا يؤثر أحيانًأ، وقس على ذلك فضائل السورة، كون سورة البقرة من فضائلها أنها لا تستطيعها البطلة، كذلك فضائل السورة لا يؤثر في فهم المعنى، لكنها من علوم السورة، والتي في النهاية تكون من علوم القرآن.

مثلًأ قوله تعالى:  إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، قيل إنها نزلت في جوف الكعبة، وكونها نزلت في جوف الكعبة، هل لها أثر في فهم المعاني، لا، لكنه من علوم الآية، يعني علمنا الآن مكان نزولها الخاص، ومكان نزولها العام، ثم زمن النزول، فهي في جوف الكعبة، مكية المكان، مدنية الزمان؛ لأنها بعد الهجرة. إذًأ قوله:  إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ [النساء:58] فيها ثلاث قضايا مرتبطة بالنزول، المكان الخاص بها، اللي جوف الكعبة، المكان العام كونها في مكة، ثم الزمان كونها بعد الهجرة، فتكون مدنية من هذه الجهة، وهذه المعلومات كلها الثلاث ما لها أثر في فهم الآية وفي تفسيرها.

فإذًأ المقصد من ذلك: أن نفرق بين أن كل معلومة من أنواع علوم القرآن، لا تؤثر في فهم المعنى، فإنها من علوم القرآن، وكل معلومة من علوم القرآن من أنواع القرآن تؤثر في فهم المعنى، فهي من التفسير.

الاستنباطات والفوائد التي قد تكون أحيانًأ فقهية، حكمية، قد تكون أحيانًأ سلوكية وأخلاقية وتربوية، قد تكون أحيانًأ فوائد علمية عامة، يعني متعددة جدًأ، فإذًأ الاستنباطات هذه لو تأملناها نجد أنها استنباطات عامة وكثيرة جدًأ، وبعضها قد يكون قريبًأ إلى الذهن والفهم، وبعضها قد يكون بعيدًأ عن الذهن والفهم، على حسب قدرة المستنبط، لكنها في النهاية أقول: يجمعها أنها استنبطت من الآيات، وهذه المستنبطات أيضًأ ليست من صلب التفسير.

على سبيل المثال أيضًأ الشافعي في قوله سبحانه وتعالى:  كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15]، سئل الشافعي عن هذه الآية، قال: لما حجب قوم في حال السخط، دل على أن قومًأ يرونه في حال الرضا، فاستدل بها على رؤية الباري سبحانه وتعالى، وهنا سياق الآية، هل جاء لإثبات رؤية الباري، أو منطوقها جاء لنفي رؤية الكفار لربهم؟ المنطوق اللي هو التفسير فيه نفي رؤية الكفار لربهم، فلو ما أدركنا أن الآية تدل على الرؤية، هل يتأثر بيان المعنى عندنا؟ ما يتأثر، ما دام ما يتأثر إذًأ المعلومة هذه في الحقيقة استنباط، وما دامت استنباطًأ هي خرجت عن صلب التفسير، ولكنها تعتبر من علوم الآية، اللي هو مفهوم المخالفة.

وقس على ذلك كثير من الاستنباطات والفوائد التي يحكيها المفسرون مثل كتاب السيوطي الإكليل في استنباط التنزيل، فهناك أمثلة كثيرة لاستنباطات العلماء، وهي دقيقة جدًأ، ولا نريد أن ندخل في قضية الاستنباطات كالقرطبي الذي توسع وشقق المسائل لا، إنما نريد الاستنباطات المباشرة من الآيات، أما تشقيق المسائل هذا لا حد له، ولهذا الرازي رحمه الله تعالى لما ادعى أنه يستطيع أن يكتب مجلدًأ في سورة الفاتحة، فلما أكبروا ذلك منه كتب مجلدًأ في تفسير سورة الفاتحة، لكن تفسير سورة الفاتحة كله لا يؤخذ ولا نصف صفحة، فالباقي من المجلد هذا هي تشقيقات مسائل، فإذا دخلنا في تشقيق المسائل، هذا لا حد له ولا حصر، ومعلومات القرآن في مثل هذا لا تنتهي، لكن قصدنا الآن الاستنباطات المباشرة.

المعلومات العامة لا يكاد يخلو منها تفسير، مثلًأ أبو حيان رحمه الله تعالى في كتاب البحر المحيط، اعتنى بعلم النحو مثلًأ، ويمكن أن تعيد ترتيبه على كتاب من كتب النحو، فلا تكاد تجد مسألة من مسائل النحو إلا و أبو حيان قد تكلم عنها في كتابه البحر المحيط.

كذلك الزمخشري اعتنى بالبلاغة مثلًأ، وأيضًأ الطاهر بن عاشور مثلًأ اعتنى بالبلاغة، وقس على ذلك أمثلة كثيرة جدًأ من العلوم التي هي من المعلومات العامة، التي يذكرها المؤلف بسبب براعته في هذا، بل أحيانًأ قد تصل إلى أن تكون هذه العلوم خارج إطار العلوم الإسلامية، مثل: علم الفلسفة وعلم المنطق وغيرها، فيذكرون شيئًأ من جملتها في بعض كتب التفسير، وليس في كلها، يعني: قد تذكر وهي لا علاقة لها لا بعلوم القرآن، ولا بالاستنباط، ولا حتى ببيان المعاني، وإنما هي إضافات يضيفها العلماء.

 

أثر تقسيم المعلومات في كتب التفسير

أثر تقسيم المعلومات الموجودة في كتب التفسير
قد يقول قائل: هل هذا التقسيم الفني له أثر علينا؟

أقول: من خلال التجربة والتطبيق أقل فائدة في هذا هو ترتيب المعلومات بالنسبة للقارئ ولغيره. مثلًأ الآن لما أنا يكون عندي تصور عام، أنه أي كتاب من كتب التفسير لا يخلو من أن يكون فيه واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، إذا جئت أقرأ، ما هو الشيء الذي يجب أن أُعنى به أولًأ؟ بيان المعنى، ولكن الواقع أننا نعنى بما بعد بيان المعنى أكثر من عنايتنا ببيان المعنى، فلو قلنا: سنقيم درسًأ في التفسير، نقرأ فيه على سبيل المثال التفسير الميسر؛ لأنه مختصر وفي بيان المعاني جملةً، وتعليقات يسيرة، كم تتوقع يحضر من الطلاب ويداوم؟ قليل، لكن قل: عندنا دورة مثلًأ في الاستنباط سيكون الحضور أكثر، لكن لو تأملت في الحاضرين، ليس كلهم يفهم المعاني ويتقنها، ولذا أقول من باب النصيحة: اعتنوا بهذا الباب الذي هو باب بيان المعاني، فإن الله سبحانه وتعالى أنزل كتابه لكي يفهم، وأنت لا تسطيع أن تتدبر، وأن تستنبط، وأن تعمل إلا بعد الفهم، والطبري رحمه الله في مقدمة تفسيره أشار إلى هذه الحيثية، أنه لا يمكن تدبر القرآن من دون الفهم، المرحلة الأول هي فهم المعاني، ولذا أقول: يجب علينا جميعًأ أن نركز على هذا الباب، ما نترك فهم المعاني إلى ما بعده، وإذا فهمنا المعنى ننتقل إلى المرحلة التي بعدها، وهي مرحلة التدبر.

إذًأ إذا أردت أنا ألقي درسًأ في التفسير أعتني ببيان المعاني، بعد ذلك آتي للمعلومات الأخرى الموجودة في الآيات، من علوم السورة، أو علوم الآية وأذكرها.

إذًأ هذه أكبر الفوائد التي نستفيدها من معرفة ما تحتويه كتب التفسير.

لكن هل نستطيع نظريًأ أن نطبق مثل هذه في سورة:  إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، بعد أن أخذت المعلومات، رتب لنا الآن هذه السورة بناءً على هذه الترتيبات، أعطنا: بيان المعنى، ثم اذكر بعض علوم للسورة، يعني اسم السورة، مكان نزولها، زمن نزولها، عدد آياتها، فضلها إذا كان لها فضل، يعني معلومات تكون في موضوع السورة، مقصد السورة إذا كان لها مقصد واضح، يعني معلومات عامة، ثم بعد ذلك إذا كان في الآيات خلاف، أو ما هناك خلاف من جهة العدد، هل في الآيات علوم خاصة أو ليس فيها علوم خاصة، يعني فيها ناسخ ومنسوخ، فيها محكم ومتشابه، فيها عام خاص إلى آخره، بحيث أنه فيما بعد تجتمع عندك بيان المعاني، وعلوم القرآن التي في السورة والآية، وبعض الاستنباطات، ثم بعد ذلك إذا كان هناك معلومات عامة، وهكذا لو أنك رتبت الدرس على هذا، يمكن أن يكون درسًأ نموذجيًأ وكما يقال: لكل شيخ طريقة، وهذه أحد الطرق التي يمكن يلقى بها درس التفسير، وفي نظري بإذن الله أنه سيكون هناك نوع من ترتيب المعلومات للمتلقي، ويعرف المتلقي ماذا يستفيد أولًأ، أو ماذا يجب عليه أن يأخذ أولًأ.

قد يقول قائل: إذا وقع خلاف بين المفسرين، ماذا أعمل؟ هو في الحقيقة سيدخل في الأول الذي هو بيان المعاني، يعني لا بد أن تحرر الاختلاف؛ لكي يتبين المعنى، فإذًأ تحرير الخلاف هو من بيان المعاني.

 

دروس التفسير

كذلك من المشكلات الواقعة عندنا، أن بعض الشباب إذا خرجوا مثلًأ في رحلة، أو كذا، يقولون لفلان: حضر درسًأ في التفسير مثلًأ، حضر الآيات الفلانية، الإشكالية التي تقع: أن هؤلاء الشباب الذين نطلب منهم أن يحضروا درسًأ في التفسير، ليس عندهم أداة فهم المعنى، ولا أداة ماذا يمكن أن ينقل أصلًأ، يعني لو كان يحسن أن يقرأ المكتوب فهذا بركة.

فأقول: يجب أن ينتبه أن هذا من التسور على كتاب الله، ولا يبعد أن يدخل في قوله سبحانه وتعالى:  قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأعراف:33]، إلى أن قال:  وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، لماذا؟ لأن كل واحد منا لما يريد أن يحضر، يحرص على أن يأتي بشيء لم يأتِ به زملاؤه، أو لا يأتي بشيء يحس أنه مفيد لزملائه، فتجد من الاستنباطات الشيء العجيب، فهذا لا يصلح؛ لأن مثل هذه الدروس ليست من باب التدريب على الاستنباط، التدريب على الاستنباط يكون مع عالم، ما يكون في مجموعات أكثرهم علمًأ لا يعرف أصلًأ في التفسير وغيره، وهذه المراحل قد عشنا شيئًأ منها، فأرجو أن لا تكرر مثل هذه القضية، فإن قيل: ماذا نفعل؟ فالحل أن يقرأ كتابًأ مختصرًأ في التفسير، ويتناول الجوانب القريبة منه دون الولوج في مثل هذه القضايا، فلا تجعلوا الطلاب، أو تعودوهم على أن يتسوروا كلام الله سبحانه وتعالى، ويقولوا فيه بلا علم!

مع ملاحظة أيضًأ أن بعض الفوائد أو بعض الاستنباطات قد ترد عليك، فورودها عليك، ليس لك فيه قدرة، لكن الإشكالية حينما تتبنى هذه الخواطر، وتنشرها بين الملأ على أنها فوائد واستنباطات وفتوحات ربانية، فهذه هنا المشكلة، يجب أيضًأ أن نفرق بين هذه وهذه؛ لأن بعض الأحيان يسأل بعض الشباب، ويقول: أنا وأنا أقرأ تتطلع لي بعض المعاني، يعني أفهم أن الآية معناها كذا، هل هذا حرام؟ نقول: لا، هذا ليس بحرام؛ لأن هذا المعنى الذي هجم عليك، ليس لك فيه قدرة أن ترده، لكن الحرام أنك تتبناه دون علم، وتظهره بين الناس وتدافع عنه، فإنما إذا ظهرت مثل المعاني، يسأل أهل العلم عنه، ويستفصل منهم، هل هذا المعنى صحيح أو ليس بصحيح؟

 

بعض الأسئلة

 

حول كتب التفسير:

السؤال: أريد كتابًأ في التفسير يهتم بصلب التفسير دون غيره.

الجواب: هذا يوجد في التفاسير المختصَرة، التي بناها من كتب على الاختصار، مثل: التفسير الميسر، الذي صدر عن مجمع الملك فهد رحمه الله، وهناك أيضًأ المنتخب الذي طبع في مصر، هذا أيضًأ يعتني بصلب التفسير، وهناك مجموعة من التفاسير، خصوصًأ في هذا العصر، فقد اعتنى كثير من المعاصرين بإخراج مثل هذه الكتب.

أحسن ما كتب في صلب التفسير
السؤال: ما هو الكتاب الذي ترونه أحسن ما كتب في صلب التفسير دون ما عداه من العلوم؟

لجواب: لا، أحسن كذا، هذه صعبة، لكن الكتاب الذي قلت لكم، وغيره من الكتب التي عنيت ببيان المعاني فقط، مما يمكن أن يقرأ، أما أحسن هذه، فيصعب أنه يحكم بهذه النتيجة.

 

فوائد السور

السؤال: إذا أخرج أحدنا الفوائد الموجودة في سورة معينة، أو كانت فوائده واضحة، ولم يستند لكتاب تفسير، فهل هذا يعتبر حرامًأ؟ حتى ولو كانت هذه الفوائد صحيحة؟

الجواب: هو مشكلة الآن أنك حكمت بأنها صحيحة، من أين حكمت بأنها صحيحة؟ ما دام وصلت إلى أن تحكم بأنها صحيحة، ما عليك حرام إن شاء الله! أحسنت ما شاء الله عليك يعني سألت وأجبت، يعني هو يقول: هذه الفوائد واضحة، وأنها فوائد صحيحة، ما دام وصلت إلى أنها بالفعل فوائد صحيحة، فما تحتاج إلى أن تسأل هذا السؤال، لكن كثير من الأحيان نظن أنها صحيحة، وفي الحقيقة ليست بصحيحة، فاحذروا من هذا.

 

علم العقيدة

السؤال: هل يقدم علم العقيدة على علم التفسير؟

الجواب: تقديم علم على علم هذه ليس لها ميزان ولا قاعدة، ولا ضابط، لكن الأهم أن تعلم من كل علم ما تستطيع أن تفهم به جملة هذا العلم، ثم بعد ذلك تتخصص في ما ترى نفسك ترتاح إليه، وتنساب إليه، أما أن نقول: هذا العلم أفضل من هذا العلم، أو تعلم هذا العلم لا بد إلى آخره، أنا لا أرى هذا أسلوبًأ، وإنما نقول: تعلم أصول هذا العلوم كلها، ثم تخصص في ما تميل إليه.

 

الحفظ والتفسير

السؤال: هل أحفظ وأراجع التفسير بعناية، أم ماذا؟

الجواب: هذا أيضًأ ترجع إلى كل شخص، يعني كل شخص عنده طريقته التي يرتاح إليها، بعض الناس يرتاح إلى أنه يحفظ بطريقة معينة، يقرأ بطريقة معينة، إذا قرأ حفظ جزءًأ من القرآن، راجع تفسيره، وبعضهم يحب أن يحفظ تباعًأ، فليس لها قاعدة معينة، ولا طريقة مثلًأ تصبح طريقتك، ولا طريقك تصلح لطريقة فلان، وهكذا، فلذا هذا السؤال هو في الحقيقة راجع إلى ما يستطيعه الإنسان، لكن يكون يعرف بالفعل كيف يتمم هدفه، ما يكون متنقلًأ.

 

المحكم والمتشابه

السؤال: هل بيان المحكم والمتشابه من بيان المعاني القرآنية؟

الجواب: نعم، هو جزء كبير جدًأ منه مرتبط ببيان المعاني، وليس هذه طبعًأ مجال التفصيل، لكن من باب الفائدة، قضية المتشابه بالذات، هي على قسمين: هناك المتشابه الكلي، وهذا لا علاقة له بالمعاني، ولا علاقة له بالتفسير، وهو الذي لا يعلمه إلا الله.

وهناك المتشابه النسبي: وله علاقة بالمحكم والمتشابه، وهذا الذي يكون فيه علاقة بالتفسير.

 

سورة الفاتحة

السؤال: سورة الفاتحة ثمان آيات، وسميت بالسبع المثاني، فكيف نفرق بين القولين؟

الجواب: ليست ثمان آيات، من قال: إنها ثمان آيات! هي سبع آيات، لكن إذا قلنا إن:  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، آية رقم ستة، تكون البسملة ليست معدودة من الفاتحة، وإن كانت آية مستقلة، يعني إذا قلنا:  بِسْمِ اللهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ [الفاتحة:1]، واحد، تكون:  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، آية كاملة، فهذه ما فيها يعني سؤال فيه، يعني لبس عند السائل.

 

تفسير المنار والظلال

السؤال: هل تنصح طالب العلم المبتدئ بالقراءة في كتب المتأخرين في التفسير، مثل: تفسير المنار، وفي ظلال القرآن؟

الجواب: هو أجاب عن نفسه، ما دام مبتدئًأ، قطعًأ هذه لا تصلح أن تكون للمبتدئين.

 

غريب القرآن

السؤال: سؤال عن تفسير مفردات الراغب الأصفهاني.

الجواب: كتب الأصفهاني عمومًأ كتب جيدة، والأصفهاني رحمه الله تعالى من المتميزين في التأليف، وكتابه في الغريب من أنفس كتب الغريب، ولكن هذا أيضًأ لا يصلح للمبتدئين، ويستفيد منه طلاب العلم، وفيه نفائس كثيرة جدة، خصوصًأ في تأصيل أصل لفظ، وتقسيماته في القرآن، ويعنى بذلك عناية كبيرة جدًأ.

 

تفسير الجلالين

السؤال: إذا قرأت كتابًأ مثل الجلالين، أو زبدة التفسير، ولم يبق منه شيء، فما الطريقة لفهمه واستحضاره؟

الجواب: أنت الآن فقط مجرد قراءة يعني اللي هي استعراض، وليست للفهم. من باب الفائدة: تفسير الجلالين مع وجازته من الكتب الصعبة، يعني ليس كل تفسير مختصر يكون صالحًأ للتدريس، وهذا الكتاب يقرأه الطلاب على المشايخ لفك عباراته، كذلك تفسير البيضاوي، فأنا لا أنصح المبتدئين بمثل هذا الكتاب.

أما زبدة التفسير، نعم وإن كان فيه نقص في بعض المعاني، لكن من حيث الجملة يمكن الاستفادة منه ويفهم. وقضية الاستحضار قضية أخرى مثل قضية الحفظ، كيف تستطيع أن تستحضر المعاني، مثل كيف تحفظ القرآن، أي: لا بد من التكرار والمداومة على قراءة هذه الكتب.

 

مستوى الطلاب

السؤال: كيف يقيس طالب العلم أنه من المبتدئين أو من المتوسطين؟

الجواب: هذه ما لها قياس محدد، ما هناك ميزان، لكن هذه من خلال الممارسة والمعرفة يستطيع أن يعرف، وكذلك إذا كان مرتبطًأ بمشايخ يعرف، وهم يخبرونه، هل يستطيع أن يقرأ هذا، وما يقرأ هذا، هذه تأتي بالخبرة، ما لها يعني ميزان محدد.

التوفيق بين آية (فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس...) وآية (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)
السؤال: قوله تعالى:  وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ [العنكبوت:10]، كيف نوفق بينه وبين قوله:  إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106]؟

الجواب: الأول: ما أكره، والثاني: أكره، فقط، يعني ما هناك بينهم تناقض، يعني الأول لم يكره، والثاني: أكره، وهذا الذي يسمى موهم الاختلاف، أو موهم التعارض، والوهم: إنما يكون من القارئ، وليس طبعًأ في آيات الله؛ لأن آيات الله سبحانه وتعالى، ليس فيها اختلاف أو تناقض، وإنما هي ما يقع وهمًأ عند الإنسان.

 

كتب التفسير المناسبة لطالب العلم

السؤال: ما الكتاب الذي تنصح به طالب العلم في التفسير؟

الجواب: يعني المختصرات الموجودة لـابن كثير، طبعًأ لا أحدد مختصرًأ معينًأ، وإن كان بعضها يتميز عن بعض، أو مثل التفسير الميسر، أو غيره من التفاسير التي كتبت بهذه، يعني: قصدت الوجازة، لكن بشرط: أن تكون سهلة العبارة، ما تكون مثل التفسير.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#أصول-التفسير
اقرأ أيضا
ثغر اللسان | مرابط
مقالات

ثغر اللسان


واعلموا أن أكبر أعوانكم على لزوم هذه الثغور مصالحة النفس الأمارة فأعيوها واستعينوا بها وأمدوها واستمدوا منها وكونوا معها على حرب النفس المطمئنة فاجتهدوا في كسرها وإبطال قواها ولا سبيل إلى ذلك إلا بقطع موادها عنها فإذا انقطعت موادها وقويت مواد النفس الأمارة وانطاعت لكم أعوانها فاستنزلوا القلب من حصنه واعزلوه عن مملكته وولوا مكانه النفس الأمارة فإنها لا تأمر إلا بما تهوونه وتحبونه ولا تجيئكم بما تكرهونه ألبتة

بقلم: ابن القيم
700
حديث الدولتين | مرابط
تاريخ فكر مقالات

حديث الدولتين


مقال هام لشيخ العربية محمود شاكر أبو فهر يتحدث عن القضية الفلسطينية وحل الدولتين ودور أمريكا وبريطانيا في ترسيخ أقدام اليهود في أرض فلسطين المباركة يكشف لنا الكثير من المؤامرات والأحداث التاريخية لنعرف كيف وصلنا إلى وضعنا الحالي

بقلم: محمود شاكر
2159
حقوق الإنسان ونسبية الأخلاق عند عدنان إبراهيم | مرابط
فكر مقالات مناقشات

حقوق الإنسان ونسبية الأخلاق عند عدنان إبراهيم


وفي القرون السالفة كان نمط الأفكار والتقنية الصناعية بما تفرزه من حربية واتصالات بدائية تمنع من اعتبار العبيد طبقة ذات بال إنهم يجدون أن من الإحسان عدم إطلاقهم أحيانا في ظل صعوبة الاندماج في المجتمع هدى شعراوي تذكر في مذكراتها أن الجواري كن يبكين إن قيل لهن سنطلق سراحكن فتقول: الجواري عندما تعطي لهن ورقة العتق من الرق كن يبكين على حياة العبودية والأسر ماذا سيعملن أين سيبتن كأن الأمر أشبه بإلقائهن إلى المجهول كان من قمة الإحسان إلى الأمة جعل عتقها مهرها ويزوجها لسنفه موفرا عليها الاستغلال في...

بقلم: يوسف سمرين
1241
نقض شبهة تعلم النبي القرآن من بشر | مرابط
اقتباسات وقطوف

نقض شبهة تعلم النبي القرآن من بشر


مقتطف هام لشيخ الإسلام ابن تيمية من كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح يشير فيه إلى أحد الطرق التي تنقض بها وتهدم دعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعلم القرآن من بشر ونسبه إلى ربه تلك الدعوى التي روجها أولياء الشيطان وكذبها العقل ونأت عنها الفطرة وكذبتها القرائن وكافة الأدلة

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2481
الشعر الجاهلي واللهجات ج3 | مرابط
مناقشات

الشعر الجاهلي واللهجات ج3


تعتبر مقالات محمد الخضر حسين من أهم ما قدم في الرد على كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي وهذه المقالات تفند جميع مزاعمه وترد عليها وتبين الأخطاء والمغالطات التي انطوت عليها نظريته التي قدمها فيما يخص الشعر الجاهلي وكيف أن هذه الأخطاء تفضي إلى ما بعدها من فساد وتخريب وبين يديكم مقال يناقش موضوع الشعر الجاهلي واللهجات وما قاله طه حسين بخصوص ذلك ثم الرد عليه

بقلم: محمد الخضر حسين
661
خيركم لمن؟ | مرابط
مقالات

خيركم لمن؟


اقرأوا مشاكل الناس شكاوى الزوجات من الإهمال وشكاوى الأزواج أيضا من الإهمال وكيف يؤدي هذا إلى تحطم الأسر وأحيانا إلى الوقوع في الفواحش أو مقدماتها والعياذ بالله بجانب الوقوع في الحقد والحسد والانشغال بالآخرين وانظروا إلى آثار هذا الإهمال على الأولاد والنشء ثم على المجتمع بالتبعية لتستشعروا قدر الخيرية التي يحققها ذلك الحاضن لأسرته المشغول بهم المشغول بهم أي بكل شيء يخصهم وأهمه دينهم وخلقهم ونفسيتهم ونضجهم العقلي والعاطفي وليس فقط مشغولا بأكلهم ولبسهم ومدارسهم.

بقلم: معتز عبد الرحمن
249