قواعد في التربية

قواعد في التربية | مرابط

الكاتب: محمد الحسن الددو الشنقيطي

295 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

التوسط في أسلوب الضرب

منها: أن الضرب الشديد للأطفال في التأديب مزعج لهم، وسبب لتراجعهم وانغلاق نفسيتهم، فما ضرب عليه الولد في العادة من المحفوظات لا يبقى معه كثيرًا، فيحتاج إلى التوسط في هذا الباب، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث بدء الوحي، عندما غط جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل العلم أخذوا من ذلك: أن الصبي لا يضرب على القرآن ولا على العلم أكثر من ثلاث ضربات؛ لأن جبريل غط النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا, ولذلك يقول الشيخ محمد عال رحمه الله: يؤخذ من تثليث غط أحمدا عند نزول وحيه بادي بدا، ألا يزاد الضرب للصبيان على ثلاثة.. فلذلك لا ينبغي أن يتشدد معهم في الضرب والإهانة، ففي ذلك كسر لخواطرهم وتكريههم في المسائل العلمية.

 

ومن هنا فمبدأ التشجيع والتأديب مبدءان مهمان للصغار، فتشجيعهم إذا أحسنوا بالجوائز والتكريم والتشريف من المهمات, وكذلك تأديبهم أيضًا تأديبًا غير فاحش إذا أساءوا من المهمات، وليكن الإنسان معتدلًا في هذا. ولا يحل الدعاء عليهم، فدعاء الوالد على ولده مستجاب، ولذلك ينبغي للأمهات أن يتعودن على عدم الدعاء على الأولاد، فهو مستجاب وهن لا يرضين باستجابته.

 

تعويد الأطفال على الجد والتشمير

وكذلك تعويدهم في وقت الدراسة على الجد والتشمير والمنافسة من المهمات، كأن يعودوا على أن وقت اللعب محصور، وأن وقت الدراسة محصور لا بد من إكماله، وإذا انتهى وقت الدراسة فلا بد أن يعطوا إجازة وراحة، تجم بها نفوسهم وقد قال الحكيم:

أفد طبعك المكدود بالجد راحة يجم وعلله بشيء من المزحِ

ولكن إذ أوليته المدح فليكن بمقدار ما يولى الطعام من الملح

 

التنويع في أساليب تعليم الأطفال

وكذلك لا بد أيضًا من تعويدهم على تسميع ما حفظوا، فإذا كان الإنسان يحفظ بسهولة وسرعة فإنه سينسى أيضًا بسهولة وسرعة, لكن إذا كان يراجع ذلك فهذا الذي يثبته في ذهنه.

 

وكذلك التنويع في المعلومات، أن يكون مثلًا ما يدرس في الليل غير ما يدرس في النهار، وأن يكون ما يحفظ في أيام الأسبوع متباينًا، فهذا مما يعين نفسياتهم على التحمل, ولهذا فإن تقسيم الأوقات على المواد من مهمات التربية.

 

وكذلك ألا تثقل أذهانهم أيضًا، فإذا أرت أن يحفظ الولد شيئًا من القرآن فلا تجبره على حفظ صفحة كاملة دفعة واحدة، بل اختر له أسطر قليلة يحفظها بسرعة، فشجعه على حفظها، ثم أعطه جرعة أخرى وهكذا، فما كان يشق عليه جرعة واحدة إذا قسمته لن يشق عليه فاقسمه.

 

التربية على الأخلاق الفاضلة الحميدة

كذلك فيما يتعلق بتأديبهم على الأخلاق، فلا بد أيضًا أن يربط لهم ذلك بالمروءة والنخوة، وأن يعودوا فيه على الاحترام، فالولد لا ينبغي أن ينادى باسم غير شريف، وما تعود عليه في زماننا هنا من تضمير أسماء الأطفال وخطابهم بالألقاب السيئة فهذا يكسر نفوسهم ويعودهم على عدم المسئولية, لكن إذا كانوا يكنون: قم يا أبا العباس، قم يا أبا حمزة، ويكنون بالكنى الشريفة، وينادونا بأسمائهم التي يحبونها، فهذا مما يزيد شخصياتهم ويزيد عنايتهم بأنفسهم, ومن هنا يقول الحكيم:

أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوأة اللقبا

كذاك أدبت حتى صار من خلقي أني رأيت ملاك الشيمة الأدبا

 

كمخاطبة الإنسان بالاسم الشريف تحميل له المسئولية وزيادة لشخصيته, وهذا يشمل حتى الكفار، فـالنبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الوليد بن المغيرة فيناديه بكنيته، وكان يخاطب عتبة بن ربيعة فيناديه بكنيته, وهذا من قول الحسن للناس، وقد قال الله تعالى:  "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" [البقرة:83].

إذًا: هذه بعض القواعد وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد الله رب العالمين.

 


 

المصدر:

محاضرة فقه الأسرة ج6

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#التربية
اقرأ أيضا
قراءة الأحداث بعيون زرقاء | مرابط
فكر

قراءة الأحداث بعيون زرقاء


رغم أن الأعين الزرقاء لم يأت بجديد في قراءة الأحداث إلا أن ضحايا الاستبداد الثقافي يتلهفون دائما للحصول على ختم الصلاحية لأفكارهم وعقائدهم ولذلك يفرحون إذا وافقتهم الثقافة الغربية في فكرة أو فكرتين.. ويطيرون إذا قال الرجل الأبيض شيئا موافقا لثقافة وأفكار المسلمين! فهذا يأتي بمثابة صك الصلاحية وكأن لسان حالهم: الآن لا نخجل مما نعتقده الآن لا حرج على أفكارنا!

بقلم: محمود خطاب
264
قصص وعبر للنساء ج2 | مرابط
تفريغات المرأة

قصص وعبر للنساء ج2


تفريغ لمحاضرة تأتي ضمن سلسلة من الرسائل النسائية يبدأها الدكتور نبيل العوضي بالرسالة الأولى بعنوان: قصص وعبر وكل قصة من هذه القصص تحمل عبرة فإن من النساء بل من الناس عموما من تمر عليه القصص فلا يعتبر والسعيد من اتعظ بغيره نبدأ هذه القصص لا للتسلية ولا لقضاء الأوقات ولا للطرف ولا للهزل إنما نقص هذه القصص للعبرة

بقلم: د نبيل العوضي
371
الزلازل ومحدودية العلم | مرابط
فكر

الزلازل ومحدودية العلم


حدث مثل الزلازل وآثاره من القتلى والمصابين والخسائر رحم الله موتى المسلمين وخفف عن الناس يكشف لك بوضوح محدودية قيمة العلم وتهافت دعاوى تعظيمه ومقارنته ب الدين ..

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
221
دلالة التواتر على حجية السنة النبوية | مرابط
تعزيز اليقين إنفوجرافيك

دلالة التواتر على حجية السنة النبوية


إن إثبات صحة ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم نصا في شأن لزوم اتباع سنته يتطلب علما خاصا بالرواة والأسانيد وقوانين علم الحديث غير أن هناك أمورا كثيرة ثبتت عنه بنقل متواتر لا يتطلب ذلك العلم الخاص ولا يختلف كل من ينسب نفسه إلى شيء من العلم بالشرع في أنها ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم وفيها ما يبلغ أعلى ما يمكن أن يبلغه التواتر عند عموم البشر مما لا ينازع فيه أحد إلا السفسطائيون وأشباههم كالمنازعة في وجود شخص المسيح عليه السلام وفي وجود فراعنة مصر في التاريخ ونحو ذلك

بقلم: أحمد يوسف السيد
1400
العلم.. بين الإيجاز وكثرة البيان | مرابط
اقتباسات وقطوف

العلم.. بين الإيجاز وكثرة البيان


وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت كيف كانوا كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة والصحابة أعلم منهم وكذلك تابعوا التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين والتابعون أعلم منهم. فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد.

بقلم: ابن رجب الحنبلي
243
صناعة الثقافة | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

صناعة الثقافة


إن أدورنو يرى أن الفرد في المجتمع أصبح يوصم بالجهل ليس فقط لأنه لا يملك القدرة على الكلام على الطراز الحديث بل لأنه لا يسير على هذا الطراز فأصبح مجرد عدم السير مع الموضة التي تفرض على المجتمع والتي يظن أنه هو الذي فرضها أصبح جهلا

بقلم: محمد علي فرح
494