"فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ"
وهل الكهوف يقال لها مأوى؟؟
كهف بارد مظلم في سفح جبل وعر لا مرافق فيه ولا متاع ولا أمن ولا أمان.
كهف لا باب له ولا سكن فيه قد تسعى بداخله هوام الأرض وتغشاه وحوش البرية أو يقتحمه اللصوص وقطاع الطرق
أومثل هذا يقال له مأوى؟
الجواب: نعم!
وذلك حين يعد الله أن يكون كذلك "يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا"
إذن فقد صدر الوعد بالرحمة من الرحمن الرحيم، سيتحول إلى المأوى بإذن الله وستتغير نواميس الكون كرامة لهؤلاء الشباب المضحين وحفظا وإيواء لعلية قوم تركوا ثوراتهم ومناصب آبائهم لا لشيء إلا إيمانهم.
سترى الشمس تميل عنهم عند احتدادها ثم تقرضهم شيئًا من دفئها قبل غروبها
"وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ"
سيقلبون في حركة مستمرة تقيهم قرح الرقاد الطويل وسترى أعينهم مفتحة فلن تتعود الظلام فينطفئ نورها وسيحسبهم الصائل مستيقظين فلا يغير عليهم وكلبهم متأهب الهيئة يحميهم من الكواسر والهوام.
"وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا"
حتى نواميس الزمن ستتغير لأجلهم فسيعيشوا حتى يهلك أعداؤهم المتربصون وربما يهلك أبناؤهم وأحفادهم
"وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا "
لقد صار الكهف المقفر الموحش آمنا مطمئنًا وتوافرت به مرافق العيش وكل ذلك كرامة لأولئك المهاجرين المضحين الذين نالوا الوعد بالرحمة فبلغتهم في قعر القسوة
وصار الكهف مأوى
المصدر:
محمد علي يوسف، طرقات على باب التدبر، الجزء الأول، ص242