لماذا يضيع الوقت؟
الوقت المستغل هو الوقت الذي نقضيه في الوفاء بالتزاماتنا الوظيفية والإنتاجية، وكذلك الوقت الذي نقضيه فيما يعد مهمًا للبقاء على قيد الحياة، مثل: النوم، والأكل، والرياضة، والعناية بالصحة. أما وقت الفراغ فهو الوقت الذي يمضي دون أن نقوم بأي عملٍ مفيدٍ أو مهم، إنه وقتٌ يمضي دون أن نعرف ماذا نصنع به. هناك نوعٌ من أوقات الفراغ، يضيع أثناء تأديتنا لأعمالنا، وذلك حين لا نؤدي أعمالنا بطريقةٍ صحيحةٍ وجادة، كما هو شأن كثير من الموظفين.
إذا تساءلنا: لماذا يضيع الوقت؛ أمكننا أن نعثر على عددٍ من الأسباب، أذكر منها الآتي:
1- الكسل: فحينما ينام الإنسان أكثر من ثمان ساعاتٍ في اليوم، أو يتقلب على فراشه تاركًا خلف ظهره المهام التي عليه أن ينجزها، فإن داءه آنذاك هو الكسل، وهبوط الهمة.
الشعوب المتقدمة تقضي الكثير من أوقات الفراغ في الرياضة، وممارسة الهوايات، وتعلم مهاراتٍ جديدة، أما الشعوب النامية فإن الكثير من أبنائها يقضون الكثير من فراغهم في الجلوس على أبواب بيوتهم، أو في الاستلقاء على فرشهم، أو أمام التلفاز، أو السهر إلى ساعات الفجر الأولى.
2- عدم وجود هدف: سببٌ من أسباب ضياع الوقت، فالحاضر سيتفلت من بين أيدينا ما لم نضبطه من خلال الطموحات، والآمال المستقبلية، والأهداف المنتظرة. المهم دائمًا: أن نحدد وقتًا لإنجاز ما نريد إنجازه، وإلا فمن الممكن أن يضيع الكثير من الأوقات، حين نقوم بنقل التنفيذ من يومٍ إلى يوم، ومن شهر إلى شهر.
إذا كانت أهدافنا متواضعة، لا تشغل سوى جزءٍ من أوقات الفراغ، فإن الوقت سيضيع هدرًا، وهذا ما نجده لدى كثيرين، حيث إن البيئة المتخلفة، والأسر المحطمة، تحملان المرء حملًا على جعل أهدافه صغيرة، وطموحاته محدودة.
ليست مهمة الهدف قاصرةً على شغل الوقت، وإنما المساعدة على القيام بالأعمال المهمة أيضًا، فالهدف الواضح، ذو التوقيت المحدد، يخلصنا من مشكلة الانشغال بالأنشطة الغير مهمة عن الاشتغال بالأنشطة المهمة، حتى إذا أصاب أحدنا الكلل؛ لم يجد العزيمة لإنجاز ما هو أحوج إلى إنجازه.
3- سوء التنظيم: حيث إن الأعمال التافهة التي يمكن أن تبدد الوقت أكثر من أن تحصى، لو أننا نظرنا في أنشطتنا اليومية، لوجدنا أن جزءًا كبيرًا منها كان يمكن تفويضه إلى شخصٍ آخر، موظف، أو ابن، أو زوجة، وقسمٌ آخر يمكن حذفه، والاستغناء عنه، أو دمجه في نشاطٍ آخر.
يذهب كثيرٌ من الوقت في السفر والتنقل، مع أنه يمكن توفيره عن طريق الاتصال بالهاتف، أو إرسال رسالة، أو التسوق بالجملة بدل المفرق .... إلخ.
4- تطفل الآخرين وفوضاهم: إن مشكلة الواحد منا ليست دائمًا ذاتية، وإنما قد يكون مصدرها الآخرين، فمن المألوف في كثيرٍ من البلدان، ولا سيما القرى والأرياف، أن يزور الناس بعضهم بعضًا من غير موعدٍ سابق، كما أن من المألوف أن يكلمك شخصٌ بالهاتف، فيطيل الكلام من غير حاجةٍ أو فائدة، كما أن بعض الأشخاص يظهرون من السماحة، والكرم الذاتي، ما يشجع الآخرين على طرح مشكلاتهم عليهم، وطلب المساعدة منهم، مما يبدد الوقت في كثيرٍ من الأحيان دون أي مردود مكافئ، وهكذا البيئات التي لم تترسخ فيها المفاهيم الحضارية لا تساعد من يعيش فيها على تنظيم وقته، واستغلاله الاستغلال الأمثل.
المصدر:
محاضرة العيش في الزمن الصعب للدكتور عبد الكريم بكار