كيف فهم السلف قيمة الدين؟

كيف فهم السلف قيمة الدين؟ | مرابط

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

279 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

قرأت عند بعض الأفاضل كلامًا حول قوة حفظ الإمام البخاري؛ ردًا على مقطع الشاب الذي لم يستوعب هذه القدرة..وذكروا كلامًا عظيمًا عن قدرات العلماء في الحفظ والعلم والدعوة.. لكن الذي خطر في بالي الكتابة عنه، وأغراني بالتفكر فيه هو:

 

لماذا فعل البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم ذلك؟! 
لماذا وظفوا كل طاقاتهم في هكذا حياة؟!
ما الذي يدفع إنسان لبذل نفسه في الحفظ والارتحال بين البلاد مع كل ما فيه من مشقة وقتئذ بطبيعة الحال؟!
لماذا يتركون التنعم بالدنيا ولذاتها ومُتعها في سبيل ذلك، مع ما فيهم من ذكاء وتوقد كان من الممكن أن يبلغوا به المراتب العظيمة؟!

 

البخاري مات وهو مرتحل، ومسلم مات وهو يبحث لأيام متواصلة في المكتبة عن حديث، والبويطي وابن تيمية ماتا في السجن، وغيرهم كثير.. لماذا هذه النهايات المؤلمة لعظماء كهؤلاء؟!
ما الذي يضطر علي بن المديني حين يُلحون عليه في السؤال عن حال أبيه في الرواية، مع حبه له، فيقول: "الحق أقول، أبي ضعيف".. أو أبو داود صاحب السنن حين يُسأل عن الرواية عن ابنه، مع ما هو معلوم بالضرورة من منزلة الابن للوالد، فيقول: "ابني كذاب".. أو زيد بن أبي أُنيسة حين سُئل عن أخيه فقال: "لا تأخذوا عن أخي، أخي كذاب"؟!

 

هؤلاء لم يفهموا قيمة الدين كما نفهمها، ولم ينظروا للدين على أنه وسيلة لإشباع لذة ما، أي لذة، ولو كانت لذة التمكين أو العِزة أو التحضر، وهي ليست مطعنًا أو نقيصةً قطعًا!
لكن قيمة الدين في دواخلهم كانت أبعد من ذلك وأعظم، فاسترخصوا الدنيا في حين رقعنا بها ديننا.. وباعوا أنفسهم للآخرة في حين لم تكفنا في أعماق نفوسنا.. ولم يبالوا في سبيل ذلك بأي خسارة في الناس في حين جعلنا صلتنا بالناس مبنية على حسابات مع وضد ومن ولمَ!

 

فبارك الله في أعمارهم، وفعلوا ما يصعب تصوُّره بتصوراتنا المادية، حتى بلغت قدراتهم وأفعالهم وأقوالهم وكتبهم مبلغًا من النفع والأثر لم يكن ليخطر لهم أنفسهم ببال! هؤلاء حطوا رحالهم في الجنة، بإذن الله، ونحن مساكين كل همنا أن نُخضع سيرهم ومسيرهم لأوهامنا في الحياة!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العلماء
اقرأ أيضا
مقصود العبادات عند الفلاسفة | مرابط
اقتباسات وقطوف

مقصود العبادات عند الفلاسفة


اهتم شيخ الإسلام بالرد على الفلاسفة من أهل الإسلام وغيرهم في تفسيرهم للدين ورؤيتهم له وفي هذا المقتطف من كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح يعرض لنا رؤية المتفلسفة للعبادات في الإسلام ومن اشترك معهم في رؤيتهم من الفلاسفة المنتمين للمسلمين

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
949
كسوف الشمس وإثبات النبوة | مرابط
تعزيز اليقين

كسوف الشمس وإثبات النبوة


أريدك أن تتخيل معي دجالا كذابا يدعي أنه مرسل من عند الله ويموت ولده ويوم موت ولده تنكسف الشمس وحين تنكسف الشمس يقول الناس: إن الشمس انكسفت من أجل ولده.. أريد منك أن تقلب هذا الأمر ظهرا لبطن وبطنا لظهر وترى كيف سيتصرف هذا الدجال؟ أعمل عقلك كثيرا في هذه المسألة ور كيف سيتصرف دجال وضع في هذه الفرصة الذهبية للترويج لنفسه!

بقلم: د. حسام الدين حامد
247
حقيقة التخاطر | مرابط
أباطيل وشبهات

حقيقة التخاطر


عقيدة التخاطر تقوم على فكرة وحدة الوجود وغيرها من العقائد الفاسدة للديانات القديمة وادعاء لإمكانية معرفة الغيب الذي هو ركن من أركان الدين وحاول بعضهم أسلمة هذه العقيدة بنصوص لا تدل على ذلك

بقلم: قاسم اكحيلات
235
لن تضيع وسط الزحام | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

لن تضيع وسط الزحام


إذا كان لك صديق مقرب منك وتحب أن تبث له همومك وشكواك أو كان هذا الصديق هو والدك أو ربما زوجتك أو زوجك أو أي إنسان بشكل عام فأنت لست في مأمن من شعور المزاحمة عندما ترى غيرك يبث إليه الهموم ويشكو إليه الحال قد تشعر في قرارة نفسك أن الآخر يزاحمك فيه لكن هل تسرب إليك مثل هذا الشعور تجاه الله مع الله أنت لن تضيع وسط الزحام أبدا

بقلم: د إياد قنيبي
3586
كيف تتفاضل الأعمال؟ | مرابط
مقالات

كيف تتفاضل الأعمال؟


إن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض والرجلان يكون مقامهما في الصف واحدا وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض.

بقلم: ابن القيم
221
مصادر التنظير في التاريخ الإسلامي ج2 | مرابط
مقالات أبحاث

مصادر التنظير في التاريخ الإسلامي ج2


وكثير من المصادر الغربية يغلب عليها الطابع الحداثي في قراءة الأحداث التاريخية أو تحليلها ذلك أنها اعتبرت الشريعة مثل القانون والأمر ليس كذلك نشأت وتطورت تبعا لنمو المجتمع وتطوره فأخضعت كل مجريات تاريخ التشريع الإسلامي لهذا المبدأ! في حين أن الشريعة سابقة على وجود الدولة لا مسبوقة بها حاكمة للمجتمع لا محكومة به والذي يتطور إنما هو وعي الناس بها.

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
237