كيف فهم السلف قيمة الدين؟

كيف فهم السلف قيمة الدين؟ | مرابط

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

330 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

قرأت عند بعض الأفاضل كلامًا حول قوة حفظ الإمام البخاري؛ ردًا على مقطع الشاب الذي لم يستوعب هذه القدرة..وذكروا كلامًا عظيمًا عن قدرات العلماء في الحفظ والعلم والدعوة.. لكن الذي خطر في بالي الكتابة عنه، وأغراني بالتفكر فيه هو:

 

لماذا فعل البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم ذلك؟! 
لماذا وظفوا كل طاقاتهم في هكذا حياة؟!
ما الذي يدفع إنسان لبذل نفسه في الحفظ والارتحال بين البلاد مع كل ما فيه من مشقة وقتئذ بطبيعة الحال؟!
لماذا يتركون التنعم بالدنيا ولذاتها ومُتعها في سبيل ذلك، مع ما فيهم من ذكاء وتوقد كان من الممكن أن يبلغوا به المراتب العظيمة؟!

 

البخاري مات وهو مرتحل، ومسلم مات وهو يبحث لأيام متواصلة في المكتبة عن حديث، والبويطي وابن تيمية ماتا في السجن، وغيرهم كثير.. لماذا هذه النهايات المؤلمة لعظماء كهؤلاء؟!
ما الذي يضطر علي بن المديني حين يُلحون عليه في السؤال عن حال أبيه في الرواية، مع حبه له، فيقول: "الحق أقول، أبي ضعيف".. أو أبو داود صاحب السنن حين يُسأل عن الرواية عن ابنه، مع ما هو معلوم بالضرورة من منزلة الابن للوالد، فيقول: "ابني كذاب".. أو زيد بن أبي أُنيسة حين سُئل عن أخيه فقال: "لا تأخذوا عن أخي، أخي كذاب"؟!

 

هؤلاء لم يفهموا قيمة الدين كما نفهمها، ولم ينظروا للدين على أنه وسيلة لإشباع لذة ما، أي لذة، ولو كانت لذة التمكين أو العِزة أو التحضر، وهي ليست مطعنًا أو نقيصةً قطعًا!
لكن قيمة الدين في دواخلهم كانت أبعد من ذلك وأعظم، فاسترخصوا الدنيا في حين رقعنا بها ديننا.. وباعوا أنفسهم للآخرة في حين لم تكفنا في أعماق نفوسنا.. ولم يبالوا في سبيل ذلك بأي خسارة في الناس في حين جعلنا صلتنا بالناس مبنية على حسابات مع وضد ومن ولمَ!

 

فبارك الله في أعمارهم، وفعلوا ما يصعب تصوُّره بتصوراتنا المادية، حتى بلغت قدراتهم وأفعالهم وأقوالهم وكتبهم مبلغًا من النفع والأثر لم يكن ليخطر لهم أنفسهم ببال! هؤلاء حطوا رحالهم في الجنة، بإذن الله، ونحن مساكين كل همنا أن نُخضع سيرهم ومسيرهم لأوهامنا في الحياة!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العلماء
اقرأ أيضا
المذاهب والفرق المعاصرة: القدرية ج3 | مرابط
تفريغات

المذاهب والفرق المعاصرة: القدرية ج3


أهل السنة والجماعة يؤمنون بالقدر إيمانا كاملا مفصلا وعقيدتهم في الإيمان بالقدر عقيدة واضحة وبينة وهم ينهون ويأمرون بالإمساك عن مسائل القدر إذا كان الخوض فيها بغير منهاج الشرع فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم والناس يتكلمون في القدر قال: فكأنما تفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب وقال: ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض بهذا هلك من كان قبلكم وهذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في المسند بإسناد صحيح

بقلم: عبد الرحيم السلمي
1409
والله ما تمنيت إلا أن أكون صاحب تلك الحفرة | مرابط
تفريغات

والله ما تمنيت إلا أن أكون صاحب تلك الحفرة


كان عند ابن مسعود أمنية تمناها وعاش من أجلها وحققها بإذن الله وقبل أن أذكر الأمنية أريد أن تسأل نفسك أنت: ما هي الأمنية التي تتمناها وكن صادقا مع نفسك فلقد تمنى ابن مسعود أمرا فناله وحققه بإذن الله وأنا أريدك أن تسأل نفسك الآن: ما هي الأمنية التي تتمناها

بقلم: خالد الراشد
562
أمهات المؤمنين رضي الله عنهن: فضائلهن وخصائصهن | مرابط
تفريغات

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن: فضائلهن وخصائصهن


كما أن في الرجال رجالا أفاضل سبقوا إلى الإسلام وأفنوا أعمارهم في العلم والدعوة والجهاد فكذلك في نساء الأمة فضليات كن شامات في هذه الأمة المباركة وكن عونا لرجالهن على مهامهم في خدمة دين الله تعالى وفي مقدمتهن أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن إذ عشن في بيت النبوة وخدمن النبي صلى الله عليه وسلم ونقلن عنه أقواله وأفعاله وأحواله في خاصة بيته وأهله

بقلم: د إبراهيم بن محمد الحقيل
2006
التصور الإسلامي للنسوية: الجزء الثاني | مرابط
فكر مقالات النسوية

التصور الإسلامي للنسوية: الجزء الثاني


تستعرض المؤلفة في هذا المقال بعض القواعد والأسس والكليات والأصول الدينية التي فيها رد ضمني على منطلقات التيار النسوي ومرتكزاته وأعمدته الفلسفية والفكرية سنرى هنا كيف تعامل الإسلام مع المرأة وما هي صورة المرأة في الإسلام هل فعلا هناك ظلم واقع عليها أم لا وهل هناك دونية أو نظرة استعلاء من قبل الرجل للمرأة في الإسلام أم لا وغير ذلك من التساؤلات والمرتكزات النسوية

بقلم: د وضحى بنت مسفر القحطاني
2263
الدليل العقلي عند السلف ج2 | مرابط
أبحاث

الدليل العقلي عند السلف ج2


والحق أنهم -أي السلف- أيقنوا بغناء الدلائل الشرعية بالبراهين العقلية الفطرية وكفايتها عن الابتداع في دين الله وهذا جوهر الخلاف بينهم وبين مخالفيهم فإن المخالفين لما اعتقدوا أن الدلائل النقلية تعرى عن البراهين العقلية قادهم ذلك إلى ابتداع دلائل على مسائل الدين بل جمعوا بين الابتداع في الدلائل والإحداث في المسائل. ولو أنهم علموا أن دلائل القرآن العقلية لها صفة الثبات والاستمرارية إلى يوم الدين بحيث لا يفتقر في الاستدلال على أصول الدين إلى غيرها لما وقعوا في هذه المشاقة.

بقلم: عيسى بن محسن النعمي
380
المذاهب والفرق المعاصرة: العلمانية ج2 | مرابط
تفريغات العالمانية

المذاهب والفرق المعاصرة: العلمانية ج2


نعلم أن هناك متآمرين على المسلمين لكن المنهج القرآني يبين لنا أننا إذا انحرفنا في أنفسنا فإن أعداءنا سيتمكنون منا لكن إذا استطعنا أن نلتزم بديننا الحق الذي جاء من عند الله سبحانه وتعالى فلن يكون لهم قدرة علينا ولهذا مشاكلنا تعود إلى أنفسنا وكثير من المصلحين عندما يناقش انهزامات المسلمين وتأخرهم عن الصدارة في العالم المعاصر يرد ذلك إلى كيد الأعداء فقط

بقلم: عبد الرحيم السلمي
842