كيف نثبت النبوة عقلا

كيف نثبت النبوة عقلا | مرابط

الكاتب: الإسلام سؤال وجواب

1498 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الحمد لله.. 
الوحي يخاطب عقول الناس بأقرب الطرق وأيسرها

أولًا: قد جاء الوحي مخاطبا عقول الناس وألبابهم، في اقامة الحجة عليهم فيما يلزمهم من أمور الاعتقاد ومنها عقيدة النبوة، وهذا أمر مجمع عليه بين كل من طالع نصوص الوحي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

“جميع الطوائف - حتى أئمة الكلام والفلسفة - معترفون باشتمال ما جاءت به الرسل على الأدلة الدالة على معرفة الله وتصديق رسله” 
انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (9 / 53).

والوحي في مخاطبته لعقول الناس، خاطبهم بأقرب الطرق إلى العقل وأسهلها؛ حيث يفهم حججه العامي قبل العالم، ويزداد الذكي والعالم يقينا، كلما ازداد مطالعة وتدبرا لها.. قال ابن القيم:

"والله سبحانه حاج عباده على ألسن رسله وأنبيائه، فيما أراد تقريرهم به وإلزامهم إياه، بأقرب الطرق إلى العقل، وأسهلها تناولا،  وأقلها تكلفا وأعظمها غناء ونفعا، وأجلها ثمرة وفائدة، فحججه سبحانه العقلية التي بينها في كتابه، جمعت بين كونها عقلية سمعية ظاهرة، واضحة، قليلة المقدمات، سهلة الفهم، قريبة التناول، قاطعة للشكوك والشبه، ملزمة للمعاند والجاحد، ولهذا كانت المعارف التي استنبطت منها في القلوب أرسخ ولعموم الخلق أنفع. 
  
وإذا تتبع المتتبع ما في كتاب الله مما حاج به عباده في إقامة التوحيد، وإثبات الصفات، وإثبات الرسالة والنبوة، وإثبات المعاد وحشر الأجساد، وطرق إثبات علمه بكل خفي وظاهر، وعموم قدرته ومشيئته، وتفرده بالملك والتدبير، وأنه لا يستحق العبادة سواه: وجد الأمر في ذلك على ما ذكرناه، من تصرف المخاطبة منه سبحانه في ذلك على أجلّ وجوه الحجاج، وأسبقها إلى القلوب، وأعظمها ملاءمة للعقول، وأبعدها من الشكوك والشبه، في أوجز لفظ وأبينه وأعذبه وأحسنه وأرشقه وأدله على المراد" 
انتهى من "الصواعق المرسلة" (2 / 460).

فلذا على المسلم وغير المسلم إذا أراد أدلة عقلية على صحة النبوة؛ فعليه أن يطالع نصوص الوحي ويتدبرها؛ فلن يجد أدلة أقوى مما أرشد إليه الوحي.

أدلة الوحي على عقيدة النبوة

ثانيا: عند تدبر أدلة الوحي على عقيدة النبوة؛ نراها ترجع إلى أمرين؛ الأمر الأول: شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر الثاني: ماجاء به.

ويجمعهما قول الله تعالى: "أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ، أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ، أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ" المؤمنون/68 - 70.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

"وقال في إثبات نبوة رسوله باعتبار التأمل لأحواله وتأمل دعوته وما جاء به: ( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ... ) الآيات. 

فدعاهم سبحانه إلى تدبر القول، وتأمل حال القائل، فإن كون القول للشيء كذبا وزورا، يعلم من نفس القول تارة، وتناقضه واضطرابه، وظهور شواهد الكذب عليه، فالكذب باد على صفحاته، وباد على ظاهره وباطنه، ويعرف من حال القائل تارة، فإن المعروف بالكذب والفجور والمكر والخداع، لا تكون أقواله إلا مناسبة لأفعاله، ولا يتأتى منه من القول والفعل ما يتأتى من البار الصادق، المبرأ من كل فاحشة وغدر، وكذب وفجور، بل قلب هذا وقصده وقوله وعمله يشبه بعضه بعضا، وقلب ذلك وقوله وعمله وقصده، يشبه بعضه بعضا. 

فدعاهم سبحانه إلى تدبر القول وتأمل سيرة القائل وأحواله وحينئذ تتبين لهم حقيقة الأمر وأن ما جاء به في أعلى مراتب الصدق" انتهى من "الصواعق المرسلة" (2 / 469 - 470).

الأمر الأول: تأمل شخصية النبي صلى الله عليه وسلم.

فالنبي صلى الله عليه وسلم يمثل في شخصيته: أسمى مثال لكمال الإنسان الخَلقي والخُلقي والعقلي، ومجتمعه كان متفقا ومجمعا على الشهادة له بهذا، فكانوا لا يتصورون أن يصدر منه كذب أو اختلال عقلي أو نفسي أو خُلقي.

ولهذا كان كفر كفار قريش هو من باب العناد والمكابرة؛ وإلا فهم يعتقدون صدق النبي واستحالة كذبه، وأن الكذب لا يتوافق مع شخصيته.

قال الله تعالى: "قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ" الأنعام /33.

ويجسد هذا المعنى حادثة جهر النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته أمام عشيرته؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ:  وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ، صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ - لِبُطُونِ قُرَيْشٍ - حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ. 

فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ 
قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا. 
قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ. 
فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ 
فَنَزَلَتْ: "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ"  "رواه البخاري (4770) ومسلم (208).

والنبي صلى الله عليه وسلم مع كمال عقله؛ إلا أنه ولد في مجتمع سمته الجاهلية والأميّة، وعاش بين أظهرهم أربعين سنة، لا يعرف علما ولا علماء، ثم فجأة يأتيهم بأخبار ما مضى وما سيأتي، والتشريعات التي يتحير فيها أكثر الناس حضارة؛ ولا يجد فيها أهل الكتاب ما ينتقد.

قال الله تعالى مبينا صفة النبي صلى الله عليه وسلم قبل نبوته: "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ"  الشورى /52 - 53.

وقال الله تعالى: "وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ" العنكبوت /48.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" بين سبحانه من حاله، ما يعلمه العامة والخاصة، وهو معلوم لجميع قومه الذين شاهدوه، متواتر عند من غاب عنه، وبلغته أخباره من جميع الناس: أنه كان أميا لا يقرأ كتابا، ولا يحفظ كتابا من الكتب، لا المنزلة ولا غيرها، ولا يقرأ شيئا مكتوبا، لا كتابا منزلا ولا غيره، ولا يكتب بيمينه كتابا، ولا ينسخ شيئا من كتب الناس المنزلة ولا غيرها. 

ومعلوم أن من يعلم من غيره: إما أن يأخذ تلقينا وحفظا، وإما أن يأخذ من كتابه، وهو لم يكن يقرأ شيئا من الكتب من حفظه، ولا يقرأ مكتوبا، والذي يأخذ من كتاب غيره، إما أن يقرأه، وإما أن ينسخه، وهو لم يكن يقرأ ولا ينسخ " 
انتهى من "الجواب الصحيح" (5 / 338 - 339).

وقال الله تعالى: "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ" يوسف/3.

وقال الله تعالى مقيما الحجة على أهل الكفر من قريش: "قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ"  يونس /16.

قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" في هذه الآية الكريمة حجة واضحة على كفار مكة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث إليهم رسولا حتى لبث فيهم عمرا من الزمن، وقدر ذلك أربعون سنة، فعرفوا صدقه، وأمانته، وعدله، وأنه بعيد كل البعد من أن يكون كاذبا على الله تعالى، وكانوا في الجاهلية يسمونه الأمين، وقد ألقمهم الله حجرا بهذه الحجة في موضع آخر، وهو قوله: ( أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ) ولذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان، ومن معه عن صفاته صلى الله عليه وسلم، قال هرقل لأبي سفيان: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال أبو سفيان: فقلت: لا. 

وكان أبو سفيان في ذلك الوقت زعيم الكفار، ورأس المشركين ومع ذلك اعترف بالحق، والحق ما شهدت به الأعداء. 
فقال له هرقل: فقد أعرف أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب فيكذب على الله. اهـ. 
ولذلك وبخهم الله تعالى بقوله هنا: ( أَفَلَا تَعْقِلُونَ ). " انتهى من "أضواء البيان" (2 / 563 - 564).

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" الحجة الثانية: أني قد لبثت فيكم عمري إلى حين أتيتكم به، وأنتم تشاهدوني وتعرفون حالي، وتصحبوني حضرا وسفرا، وتعرفون دقيق أمري وجليله، وتتحققون سيرتي هل كانت سيرة من هو من أكذب الخلق وأفجرهم وأظلمهم؟! فإنه لا أكذب ولا أظلم ولا أقبح سيرة ممن جاهر ربه وخالفه بالكذب والفرية عليه وطلب إفساد العالم وظلم النفوس والبغي في الأرض بغير الحق. 

هذا وأنتم تعلمون أني لم أكن أقرأ كتابا ولا أخطه بيميني، ولا صاحبت من أتعلم منه؛ بل صحبتكم أنتم في أسفاركم لمن تتعلمون منه وتسألونه عن أخبار الأمم والملوك وغيرها ما لم أشارككم فيه بوجه، ثم جئتكم بهذا النبأ العظيم الذي فيه علم الأولين والآخرين وعلم ما كان وما سيكون على التفصيل. 
فأي برهان أوضح من هذا! " انتهى من  "الصواعق المرسلة" (2 / 471).

الأمر الثاني: تأمل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

فما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار الغيب الماضية والمستقبلة، تقطع بأن هذه الأخبار قد نبئ بها من خالق هذا الكون سبحانه وتعالى العالم، بما كان وما سيكون.

كما قال الله تعالى: "ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ" آل عمران/44.

وقال تعالى: "تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ" هود/49.

وقال تعالى: "ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ" يوسف /102.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" كان يخبرهم بالأمور الماضية خبرا مفصلا، لا يعلمه أحد إلا أن يكون نبيا، أو من أخبره نبي، وقومه يعلمون أنه لم يخبره بذلك أحد من البشر، وهذا مما قامت به الحجة عليهم، وهم مع قوة عداوتهم له وحرصهم على ما يطعنون به عليه، لم يمكنهم أن يطعنوا طعنا يقبل منهم، وكان علم سائر الأمم بأن قومه المعادين له، المجتهدين في الطعن عليه، لم يمكنهم أن يقولوا: إن هذه الغيوب علمها إياه بشر. 

فوجب على جميع الخلق : أن هذا لم يعلمه إياها بشر؛ ولهذا قال تعالى: ( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا). 
فأخبر أنه لم يكن يعلم ذلك هو ولا قومه، وقومه تقر بذلك " 
انتهى من "الجواب الصحيح" (1 / 403).

وكان صلى الله عليه وسلم يبلغ بما سيقع في المستقبل، فيقع كما نُبئ به. 
كقوله تعالى: "الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ" الروم/2 - 4.

وإخبار الوحي بمثل هذا كثير فمنه ما وقع، ومنه ما هو واقع ومستمر، يدل دلالة قاطعة لكل عاقل : أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو وحي من خالق هذا الكون العالم به؛ وبهذا ألزم الله عقول الناس.

قال الله تعالى: "وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا" الفرقان/5 - 6.

والتشريعات التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم قاطعة بصدق نبوته، فقد أتى بنظام تشريعي وأخلاقي وتربوي متكامل لا تنافر فيه، وفي الوقت نفسه قابل للتطبيق وموافق لفطر الناس، وواقع الناس، أفرادا ومجتمعات، على مر التاريخ : شاهد على ذلك ؛ فكلما طبّقت هذه التشريعات والآداب في الواقع، صلح الناس وسعدوا، وكلما ابتعدوا عنها فسدوا وشقوا، وهذا كله يظهر صدق قول الله تعالى: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا" النساء/82.

وفي المقابل: ما زال أهل الذكاء من الناس يبحثون ويفتشون عن منهج تشريعي وأخلاقي يصلح الناس، يبدأ السابق، ويبني على نتائجه اللاحق، والجهود متظافرة في جميع التخصصات - كما نرى في هذا الزمن - للوصول إلى هذا الهدف، لكنهم عاجزون عن ذلك، لا يرقّعون جانبا إلا وظهر الخرق في جانب آخر، وهذا الواقع يقضي أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ليس مصدره بشريا؛ وإنما نبئ به من خالق هذا الخلق العالم به وبما يصلحه.

قال الله تعالى: "أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" الأعراف/54. 

لمن رغب في الاستزادة

وللفائدة في مثل هذا الموضوع ينصح بمطالعة كتاب "النبأ العظيم" للشيخ محمد بن عبد الله دراز رحمه الله تعالى.

وكتاب "الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد" للشيخ سعود بن عبد العزيز العريفي. 
وكتاب "براهين النبوة" للدكتور سامي عامري، وفقه الله، وهو مهم للغاية في هذا الباب، والكتاب متاح على الشبكة، ومتاح أيضا بصيغة صوتية، مسموعا، ومتاح تلخيص له.

والله أعلم.


المصدر: 
موقع الإسلام سؤال وجواب

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#إثبات-النبوة
اقرأ أيضا
العلمانية الجزء الثاني | مرابط
العالمانية

العلمانية الجزء الثاني


مدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيسا في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فإن سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما وقد ظهرت في أوروبا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر

بقلم: الندوة العالمية للشباب الإسلامي
2042
المعاصي تنسي الله | مرابط
اقتباسات وقطوف

المعاصي تنسي الله


ومن عقوباتها المعاصي: أنها تستدعي نسيان الله لعبده وتركه وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه وهنالك الهلاك الذي لا يرجى معه نجاة وأعظم العقوبات نسيان العبد لنفسه وإهماله لها وإضاعته حظها ونصيبها من الله وبيعها ذلك بالغبن والهوان وأبخس الثمن فضيع من لا غنى له عنه ولا عوض له منه واستبدل به من عنه كل الغنى أو منه كل العوض

بقلم: ابن القيم
194
علمانية الحكم الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات العالمانية

علمانية الحكم الجزء الأول


امتدت العلمانية إلى كل مجالات الحياة تقريبا بداية من الحكم مرورا بالاقتصاد وصولا إلى الأخلاق والشعور بل وحتى عالم الفن والأدب والكتابة اجتاحته العلمانية كذلك وفي هذا المقال يفصل لنا الكاتب سفر الحوالي علمانية الحكم وبداياتها في القرون الوسطى في ظل تمتع الكنيسة بسلطاتها الكبيرة رغم ذلك كان الحكم علمانيا حتى لو كان ظاهريا تحت مظلة الكنيسة

بقلم: د سفر عبد الرحمن الحوالي
2081
معرفة مذهب السلف | مرابط
اقتباسات وقطوف

معرفة مذهب السلف


فإنا لما أردنا أن نبين مذهب السلف ذكرنا طريقين: أحدهما: أنا ذكرنا ما تيسر من ذكر ألفاظهم ومن روى ذلك من أهل العلم بالأسانيد المعتبرة والثاني: أنا ذكرنا من نقل مذهب السلف من جميع طوائف المسلمين من طوائف الفقهاء الأربعة ومن أهل الحديث والتصوف وأهل الكلام كالأشعري وغيره فصار مذهب السلف منقولا بإجماع الطوائف وبالتواتر لم نثبته بمجرد دعوى الإصابة لنا والخطأ لمخالفنا كما يفعل أهل البدع

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
519
دير ياسين والتطهير العرقي | مرابط
توثيقات

دير ياسين والتطهير العرقي


إن مذبحة دير ياسين والمذابح الأخرى المماثلة لم تكن مجرد حوادث فردية أو استثنائية طائشة بل كانت جزءا أصيلا من نمط ثابت ومتواتر ومتصل يعكس الرؤية الصهيونية للواقع والتاريخ والآخر حيث يصبح العنف بأشكاله المختلفة وسيلة لإعادة صياغة الشخصية اليهودية وتنقيتها من السمات الطفيلية والهامشية التي ترسخت لديها نتيجة القيام بدور الجماعة الوظيفية

بقلم: عبد الوهاب المسيري
471
من أخلاق الكبار: ابن تيمية | مرابط
تفريغات

من أخلاق الكبار: ابن تيمية


مات ابن مخلوف في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فعلم بذلك تلميذه ابن القيم تلميذ شيخ الإسلام فجاء يهرول إلى شيخ الإسلام يبشره بموت أكبر أعدائه وألد أعدائه وهو ابن مخلوف يقول له: أبشر قد مات ابن مخلوف فماذا صنع شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله؟ هل سجد سجدة الشكر وقال: الحمد الله الذي خلص المسلمين من شره؟ لم يقل ذلك وما قال كما يقول بعضنا: حصاة ألقيت عن طريق المسلمين مستريح ومستراح منه لم يقل شيئا من ذلك بل يقول ابن القيم: فنهرني وتنكر لي واسترجع وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون ثم ق...

بقلم: خالد السبت
1111