يظلّ كثير من الناس على نفورهم من تلك التقليعات الجديدة، مثل البلاك بيري، والآي فون، والآي باد، وتويتر وسكايب، وماي سبيس، وكتاب الوجوه، فمنهم من يبقى وفيًّا لمبدئه، ويبقى على نفوره، ومنهم من يُقرر تجريب هذه التقليعات؛ لعلّه يجد فيها ما يُبرّر ما يحيط بها من ضجيج وتهافت، ومن الذين يجربون كتاب الوجوه من يجد فيه وفي غيره نفعًا فيقيم فيه، ومنهم من يندم على ما أنفق فيه من وقت بلا طائل، ويعود إلى سابق عهده من القطيعة معه، ومع غيره من المجتمعات الافتراضية.
وفي نهاية الدراسة التي قام بها الدكتور محمد مزيد، فقد قام بعرض الآراء حول سؤال هو: هل من الممكن استبدال المجتمع الافتراضي بالواقعي؟
فيقول: إنه لا يجب أن يحدث هذا، ويجب التمسك بالعالم الواقعي، والحذر من المخاطر التي يحتوي عليها المجتمع الافتراضي، ويوضّح أن الناس في كلّ بقاع العالم يقومون بالبحث عن كنوز العالم الافتراضي بينما ننشغل نحن في العالم العربي بالبحث عن القمامة
إن المجتمع -كما نعرفه، وكما يعرفه التاريخ- لم يعد له وجود، نعم؛ لقد تلاشت الصورة التي كان عليها المجتمع الذي نعرفه، أو قل: إنها تتلاشى بانتهاء الجيل الذي شهد المجتمع الحقيقي الذي كانت المعرفة أهم سماته، والفكر قوامه، والعلاقات الحقيقية هي التي كانت تربط أفراده، سواء على مستوى العائلات أو الصداقة أو غيرهما.
والحقيقة أن المجتمع اليوم هو مجتمع افتراضي، أو قل: يتجه نحو شكل المجتمع الافتراضي، لا روابط بين أفراده إلا تلك الروابط التي أنشأتها الشبكة الاجتماعية الافتراضية الزرقاء، فهي الآن تعد وسيلة الاتصال الأساسية بين البشر وغيرها، تشكل وسائل إضافية؛ ﻷنه لم يعد هناك لوازم اجتماعية لوجود اتصال بين الناس، فلا يلزم من كون الفرد الذي ستتصل به أن يكون جارا لك، صديقًا يسكن في مكان قريب منك، أو أحد أفراد العائلة الذين حضروا للاطمئنان، وتبادل الأخبار، والمكوث لتناول وجبة الغذاء، وشرب الشاي...، هذا الشكل الجديد للمجتمع الافتراضي لا يمكن وصفه بحال أنه مجتمع حقيقي.
المصدر:
محمد علي فرح، الإعلام وضبط المجتمع، ص238