مسلمو الروهينجا: جذور المشكلة

مسلمو الروهينجا: جذور المشكلة | مرابط

الكاتب: مركز التأصيل للدراسات والبحوث

650 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

مأساة المسلمين الروهينجا في بورما (ميانمار) ليست وليدةَ اليوم أو الأشهر الأخيرة عندما طفت مشكلتُهم على السطح جراء تجدد أعمال العنف ضدهم من قبل حشود البوذيين بتحريض من الرهبان وعلى أعين السلطات والحكومة، وإنما ترجع تلك المأساة إلى سنوات بعيدة وتحديدًا إلى العام 1982م عندما صدر قانون ينص على أن أي أقلية في البلاد لا تستحق الجنسية الميانمارية إلا إذا ثبت أنها كانت موجودة في البلاد قبل عام 1823م، أي قبل الحرب الأنجلو-بورمية الأولى.

وبموجب هذا القانون يُحرم حاليًّا 800 ألف مسلمٍ سنِّي المذهب من الجنسية الميانمارية رغم أن زعماء الروهينجا يؤكدون أنهم عاشُوا في هذه البلاد قبل ذلك التاريخ بكثير (1823م). وتتعامل السلطات البوذية في ميانمار مع الروهينجيين على أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنجلاديش المجاورة بذريعة أن اللكنة التي يتحدث بها الروهينجا تشبه لكنة أهالي مدينة شيتاجونج الواقعة في جنوبي شرقي بنجلاديش قرب الحدود مع ميانمار.

ومع تعرضهم لموجات عنف وحشية من قبل البوذيين المتطرفين في ظل تواطؤ من السلطات الرسمية، يلجأ المسلمون الروهينجا للفرار عبر الحدود البحرية إلى بنجلاديش المجاورة رغم المخاطر التي يواجهونها في الطريق، لكنهم يرون ذلك أهونَ من بطش البوذيين بهم، الذين لا يتورعون عن إحراق قرى المسلمين بما فيها من نساءٍ وذرية دون أدنى رحمةٍ في مشاهد تتقطع لها الأفئدة وتنفري لها الأكباد!! وذلك كله بتحريض من الرهبان البوذيين الذين يرون أن الروهينجا يشكلون خطرًا على البوذية التي يدين بها أغلبية الميانماريين.

ولعلَّ في المعتقدات الباطلة ذات الطابع الوثني التي عليها أتباع البوذية، تلك الديانة المخترعة من قبل البشر البعيدة عن وحي السماء؛ ما يكشف عن سر هذه القسوة والتجرد من الرحمة والشفقة، بل ومن معاني الإنسانية، في جرائمهم بحق المسلمين الروهينجا.

وتشير بعض التقارير الحقوقية إلى أن عدد اللاجئين المسلمين الروهينجا في بنجلاديش تجاوز 700 ألف لاجئ، المسجل منهم لدى وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة 30 ألف لاجئ فقط؛ ولذلك لا يتمتع بقية اللاجئين غير المسجلين حاليًّا بالحماية من جانب المفوضية؛ لأنهم وصلوا بعد توقف حكومة بنجلاديش عن منح مرتبة اللاجئ للروهنجيين المسلمين المهاجرين من ميانمار. وتتعلل السلطات في بنجلاديش بأنها غير قادرة على تحمل أعبائهم المالية، وتقوم بإعادة قوارب محملة بالنساء والأطفال من الروهينجا إلى ميانمار مجددًا حيث يواجهون الموت هناك.

وتتعامل السلطات في بنجلاديش مع المسلمين الروهينجا بشكل قاسٍ، حيث تشن حملات من الاعتقال التعسفي والطرد غير القانوني والاعتقال القسري ضدهم، في محاولة واضحة لردع تدفق المزيد من اللاجئين الفارين من القمع. وقد أدى الاعتقال التعسفي والطرد القسري من قبل السلطات البنجالية إلى تقييد محاولات الخروج من المخيم غير الرسمي؛ ما دفع اللاجئين إلى تسميته بالسجن المفتوح؛ لأن اللاجئين يخشون مغادرة المخيم، بحسب تقارير حقوقية.

وما بين بطش المتطرفين البوذيين وتعنت السلطات في بنجلاديش تبقى تلك الجماعة من المسلمين السُّنَّة ضائعة لا ناصر لهم ولا معين في ظل صمت دولي مريب، رغم أن الأمم المتحدة تصف المسلمين الروهينجا بأنهم من أكثر الأقليات تعرضًا للاضطهاد في العالم.

ويتساءل المرء في أسى بالغ: أين المسلمون من هذا الذي ينال إخوانهم، ولديهم من وسائل الضغط والأسباب المادية ما يمكنهم من تخفيف آلامهم ورفع المعاناة عنهم؟!!

 


 

المصدر:

مركز التأصيل للدراسات والبحوث، نقلًا عن موقع قصة الإسلام: https://islamstory.com/ar/artical/26239/%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%87%D9%8A%D9%86%D8%AC%D8%A7-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D9%85%D8%A7-%D9%88%D8%A8%D9%86%D8%AC%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%B4

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الروهينجا #البوذية
اقرأ أيضا
المدخل إلى فهم إشكالات ما بعد السلفية ج3 | مرابط
مناقشات

المدخل إلى فهم إشكالات ما بعد السلفية ج3


حين أخبرني الشيخ أحمد سالم عن كتاب ما بعد السلفية وكان يتوقع رفضا واسعا للكتاب أبديت مخالفتي لهذا التوقع وأن مثل هذا النقد سيكون متقبلا عند التيار الأوسع من السلفيين كنت أرى أن مثل هذا النقد من كاتبين فاضلين سيكون له أثر إيجابي لحظة ما وصلني الكتاب بدأت متلهفا بقراءته قرأته بشكل دقيق فاحص شعرت بعد الانتهاء منه أنني كنت ساذجا جدا حين ظننت أن مثل هذا النقد سيحدث أثرا إيجابيا أو من الممكن أن تتقبله أكثر النفوس أو أن يكون الفضاء الذي سيحدثه فضاء صحيا السبب هو في الروح التي كتب بها هذا النقد وحك...

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1133
توحيد المحبوب | مرابط
اقتباسات وقطوف

توحيد المحبوب


لا يمكن أن يجتمع في القلب حب المحبوب الأعلى وعشق الصور أبدا بل هما ضدان لا يتلاقيان بل لا بد أن يخرج أحدهما صاحبه فمن كانت قوة حبه كلها للمحبوب الأعلى الذي محبة ما سواه باطلة وعذاب على صاحبها صرفه ذلك عن محبة ما سواه وإن أحبه لم يحبه إلا لأجله أو لكونه وسيلة إلى محبته أو قاطعا له عما يضاد محبته وينقصها والمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب

بقلم: ابن القيم
613
الكلام الممدوح والمذموم عند ابن تيمية | مرابط
أبحاث

الكلام الممدوح والمذموم عند ابن تيمية


يقول ابن تيمية: والسلف لم يذموا جنس الكلام فإن كل آدمي يتكلم...فالكلام الذي ذمه السلف هو الكلام الباطل وهو المخالف للشرع والعقل. تأمل قوله كل آدمي يتكلم لتعلم أنه أراد التفريق بين مطلق الكلام وبين الكلام بالمعنى الاصطلاحي.فلا تفهم أنه أراد أن الكلام بالمعنى الاصطلاحي ليس كله مذموم بل أراد أن الكلام بالمعنى الاصطلاحي نوع يدخل هو وغيره في جنس أعم فكل آدمي يتكلم وليس كل كلام في هذا الجنس الأعم مذموم بل الذم متنزل على نوع من الكلام علم الكلام.

بقلم: ناصر آل متعب
1083
قياس إبليس | مرابط
اقتباسات وقطوف

قياس إبليس


اعلم أن أول من قاس قياسا فاسد الاعتبار ابليس حيث عارض النص الصريح الذي هو السجود لآدم بأن قياس نفسه على عنصره وقاس آدم على عنصره فأنتج من ذلك أنه خير من آدم وأن كونه خيرا من آدم يمنع سجوده له المنصوص عليه من الله.

بقلم: محمد الأمين الشنقيطي
317
صناديق الاستثمار في عشر ذي الحجة | مرابط
تعزيز اليقين

صناديق الاستثمار في عشر ذي الحجة


سجل في الصندوق قبل أن يغلق الاكتتاب .. كانت أعمار بني آدم في الأزمنة السابقة طويلة وأما أعمار أمة خاتم الأنبياء غما بين الستين إلى السبعين إلا أن الله تعالى بفضله وبمنه وكرمه عوض نقص أعمار هذه الأمة بأن جعل لهم مواسم الخيرات محطات يتزودون بها ومن تلك المواسم عشر ذي الحجة حيث فضلت على سائر أيام

بقلم: د. يحيى بن إبراهيم اليحيى
354
عوامل الصعود اللوطي الجزء الثاني | مرابط
مقالات الجندرية

عوامل الصعود اللوطي الجزء الثاني


تستند الموجة اللوطية الجديدة على عدد من العوامل في صعودها السريع وانتشارها الملحوظ في بعض المجتمعات ومن أبرز هذه العوامل: التقدم الطبي الذي أتاح للشواذ واللوطيين إجراء تعديلات جسدية وتجميلية وظاهرية موافقة للميول الجندرية الجديدة وكذلك الإتخام الجنسي وإتاحته بكل الصور في كل مكان عبر الشبكة مثلا أحدث نوعا من الملل والتخمة لدى مشاهدي ومدمني البورنو وهو كا دفعهم إلى أشكال جديدة من الجنس مثل اللوطية وفي هذا المقال يناقش الكاتب عمرو عبد العزيز هذه العوامل وغيرها بشكل موجز

بقلم: عمرو عبد العزيز
2112