انظر ربنا سبحانه وتعالى يقول ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾ والعبودية هي أشرف شيء، أشرف وصف للإنسان هو العبودية لله، فالإنسان إنما يَشرُف بانتسابه للرب العظيم سبحانه وتعالى، فكلما كان الإنسان عبدًا لله كان أقرب إليه، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى يقول للنبي عليه الصلاة والسلام: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق ١٩] أي كلما انخفض الإنسان أكثر وذلَّ لله سبحانه وتعالى ارتفع مقامه عند الله سبحانه وتعالى.
لذلك في مقام الأنس أعلى المقامات ربنا سبحانه وتعالى يقول عن النبي عليه الصلاة والسلام: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء 1]، ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ﴾ [النجم 10]، فذكره الله عز وجل في أشرف المواطن بأشرف الأوصاف، هذا هو الشيء المنطقي، أن ربنا سبحانه وتعالى جعله في مكان لم يصل إليه نبي مُرسَل ولا مَلَك مقرب، أن يسمع صريف الأقلام ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ﴾ [النجم 16] ومع ذلك ربنا سبحانه وتعالى يصفه بأي وصف؟
بوصف العبودية، يقول: ﴿فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ﴾ [النجم 10]، ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء 1] لذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾ [مريم 2] يعني رحمة الله عز وجل بعبده زكريا عليه السلام.