من فضائل أم سليم

من فضائل أم سليم | مرابط

الكاتب: أبو إسحق الحويني

323 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

هذه أم سليم رضي الله عنها علمتنا هذا الأصل في الحديث المشهور كان لها ولد مريض، ثم ذهب أبو طلحة للتجارة، فمات الولد فقالت أم سليم: (لا أحد يخبره حتى أكون أنا أول من يخبره). لم تمزق ثوبها! ولا خمشت وجهها! ولا ناحت على ابنها! والبيت طبيعي جدًا، دخل أبو طلحة البيت وجد كل مظاهر الحياة السعيدة!

أول ما دخل -وكان معه جماعة من الضيوف- سأل عن الولد: ما أخبار الولد؟ قالت له: استراح ما عاد يشتكي.

طبعًا الولد مات وهي صادقة، قالت: ما عاد يشتكي. قال لها: الحمد لله، جهزي لنا العشاء، أكلوا وشربوا والضيوف خرجوا، وهي امرأة ذكية، تنظفت وتعطرت، فدخل الغرفة معها، فكان منه ما يكون بين الرجل وأهله، وبعد ذلك جلست تتحدث معه، قالت له: يا أبا طلحة أرأيت لو أن رجلًا أخذ عارية من جاره -استلف منه معونة، استلف منه فأسًا، استلف منه سيارة، استلف منه أي شيء- وبعد ذلك قال له الرجل صاحب العارية: هات حقي، أكان له أن يمنعها إياه؟! هل يمكن أن يقول له: لن أعطيها لك؟

قال لها: لا!
قالت له: فاحتسب ولدك.
فهي لفت عليه وألزمته، جعلته يجيب على نفسه بلسانه، ولذلك أول ما قالت له: احتسب ولدك، لم يتكلم..لماذا؟
لأنها ألجمته، انظر كيف لفت عليه.. لماذا؟
لأنها لو دخلت وقالت له: الولد مات.
لقال لها: ماذا يا امرأة؟!

وربما يبكي ولو كان البكاء يرجع عزيزًا ما كان أحد أوقف البكاء! لكن نفذ قضاء الله، وقضاء الله لا يقابل إلا بالتسليم والرضا.

فهي امرأة ذكية، ألزمته الجواب وجعلته هو الذي يجاوب بلسانه، ولذلك لما رأى الحجة ركبته، ولم يعرف يتكلم، غضب منها، وقال لها ماذا؟ قال: تركتني حتى تلطخت بك ثم نعيت لي ولدي؟! لماذا لم تقولي لي لكي تأباه نفسي؟! وذهب يشكوها للرسول عليه الصلاة والسلام، وقال له: عملتْ في وصنعتْ... يشكو هذه السيدة الكاملة.

فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: (هل كان منك ما يكون من الرجل إلى أهله؟ قال: نعم. فقال: بارك الله لكما في غابر ليلتكما)، قال الراوي: فلقد رأيت عشرة من أولاد أبي طلحة كلهم يقرأ القرآن.

ربنا أخلف عليه أو لا؟ لقد أخلف عليه.

فهناك بعض الناس ينبغي ألا تدخل عليه مباشرة، تقعد تلف عليه؛ خصوصًا ذاك الذي يغتر بذكائه، فلا تحرق دليلك معي، أول ما تأتي إليه يقول لك: أنا أعرف أنك ستقول لي كذا.

إذًا المفروض أن تلف على هذا النوع.

القرآن كان يلزم المشركين هذا الإلزام، مثل هذه الآية التي نحن فيها: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ" [فصلت:39].

ما رأيك في المنظر هذا؟!

أنا أراه أمامي: "إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْييِ الْمَوْتَى" [فصلت:39] تنكره لماذا إذًا البعث؟ "إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [فصلت:39] إذًا ألزمهم بما يرونه، وذلك بأن لف في إقامة البرهان.

ولهذا ربنا سبحانه وتعالى حين يقول: "الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا" [الفرقان:59] أي: لا يدل على الرحمن عز وجل، ويحبب الله إلى الناس إلا خبير بالله عز وجل.


المصدر:
محاضرة الرحمن فاسأل به خيرًا.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الحويني #أم-سليم
اقرأ أيضا
فضل الذكر في العشر الأواخر | مرابط
اقتباسات وقطوف

فضل الذكر في العشر الأواخر


من أفضل الأعمال وأيسرها الذكر خاصة ليل رمضان لسهولته ولو وافق ليلة القدر لرجي له المضاعفة عشرات آلاف المرات وأفضل الذكر كلمة التوحيد وأفضل صيغها لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

بقلم: عبد العزيز الطريفي
358
كيف نقرأ القرآن؟ | مرابط
تعزيز اليقين تفريغات

كيف نقرأ القرآن؟


كيف نستطيع أن نبحث عن المعنى في كل آية نقرأها في كتاب الله وأنا أقرأ أحاول أن أفهم ماذا يريد الله مني في هذه الآية لأتفكر وأتدبر وأعمل بما يريده الله عز وجل كيف أستطيع البحث عن هذا المعنى؟ هذا ما يجيب عنه الدكتور أيمن السويد في هذا المقطع القصير.

بقلم: د. أيمن السويد
469
شعب واحد وقضية واحدة | مرابط
فكر مقالات

شعب واحد وقضية واحدة


فلا مجاز لنا نحن العرب إلا أن نعرف أنفسنا وأن ندرك حقيقة حياتنا وأن نؤمن بأن القوى لا ينال بقوته بل باستسلامنا وأنه لا يحيف علينا ببطشه بل بتهاوننا واستصغارنا لشأن أنفسنا وأن أجهل الجهل أن يظن ظان أن مئة مليون من خلق الله يمكن أن يفنوا على بكرة أبيهم بسطوة ساط أو بغي باغ وأنهم هباء لا يزن في ميزان القوة جناح بعوضة وأنهم غنم مسيرون يهاهىبهم راع عنيف تسوقهم عصاه إلى حيث أراد

بقلم: محمود شاكر
627
جمالية الأمومة | مرابط
مقالات المرأة

جمالية الأمومة


الأمومة في الإسلام مفهوم خاص وكذلك سائر مفاهيم الأسرة كالأبوة والبنوة والعمومة والخؤولة ... إلخ. يخطئ من يظن أن تلك المصطلحات كما وردت في النصوص الشرعية من كتاب وسنة هي بالمعنى البيولوجي التناسلي فقط! كلا! إنها مفاهيم تعبدية! فالأبوة بالمعنى الجنسي أو الأمومة بالمعنى التناسلي كلاهما مفهوم بيولوجي له دلالة جنسية يشترك فيها بالتساوي الإنسان مع سائر البهائم والحيوانات الأهلية والوحشية!

بقلم: فريد الأنصاري
666
الغاية من الوجود | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

الغاية من الوجود


إذا كان كل شيء في هذا الكون -ابتداء من أصغر ذرة في جسم الإنسان مرورا بالمجرات وانتهاء بما لا يزال يكتشف إلى اليوم في هذا الكون الفسيح- يدل على أنه ليس نتاج الصدفة فإنه يدل -كذلك- على وجود الغاية وانتفاء العبثية وراء إيجاده وإثبات الغاية ونفي العبثية هو أمر زائد على مجرد نفي الصدفة والعشوائية فإن نفي الصدفة يعني أن هناك سببا مناسبا وراء الشيء الذي حدث -فقط- وأما نفي العبثية فيعني أن هذا السبب كان له حكمة وغاية وقصد في إيجاد ما أوجد وليس لمجرد العبث

بقلم: أحمد يوسف السيد
2553
مسند الدارمي: نخبة من النصوص النافعة | مرابط
مقالات

مسند الدارمي: نخبة من النصوص النافعة


سأنتخب في هذه الأسطر نصوصا غزيرة النفع مما صح عن علماء القرون الأولى التي ثبت عن النبي ﷺ تفضيلها على بقية قرون هذه الأمة وسيجد فيها القارئ المتفكر عظيم الفائدة مع اختصار الألفاظ والكلمات وكان هذا من سمات علومهم وكلامهم وكل هذه الآثار مستفادة من مسند الدارمي الذي هو أحد الكتب التسعة

بقلم: أحمد يوسف السيد
611