السؤال: كيف نستطيع أن نبحث عن المعنى في كل آية نقرأها في كتاب الله، وأنا أقرأ أحاول أن أفهم ماذا يريد الله مني في هذه الآية، لأتفكر وأتدبر وأعمل بما يريده الله عز وجل، كيف أستطيع البحث عن هذا المعنى؟
د. أيمن السويد: هذا مقصود إنزال القرآن، مقصوده أن نستشعر جميعًا أن هذا المتلوّ هو كلام خالق الأكوان جل جلاله لنا لا لغيرنا، يعني لما يقرأ الإنسان لا بد أن يتصور أنه هو المخاطب، وهذا حقيقي، يعني لما نقرأ "ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" فيسأل نفسه: هل أنا من المتقين؟
هذا الكتاب يصلح لكل البشرية، ولكن لا يستفيد منه إلا المتقون، من حيث الصلاحية فهو صالح لكل الناس، ولكن ربنا أخبرنا أنه لن يستفيد منه إلا المتقون، يقول الله "وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا" حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفًا؟
لأن القلب مقفول، فدائما الإنسان يتصور أنه هو المخاطب، والمُخاطِب هو الله، يعني لما يقول الله "يأيها الذين آمنوا" أنا المخاطب، نعم يا ربي؟ يعني أكون جالسا وكلي سمع وطاعة، ماذا أفعل؟ ما المطلوب؟ أما الاعتقاد؟ = أعتقد، أما الفعل؟ = أفعل، أما الترك؟ = أترك.. بهذا.. وهذا أكثر ما يصيب إخواننا الذين ابتلوا بمخاطبة الجمهور سواء عن طريق خطبة الجمعة أو الدروس والمواعظ، يعني يخاطب الناس وكأنه هذا القرآن موجه للسامعين فقط وليس للخطيب نفسه أو المتحدث، وهذا خطر كبير؛ أن يتكلم المتكلم وكأنه هو الناقل، أو كأنه فوق، يقول للناس: اسمعوا هذا الكلام عليكم، بدل ما تقول عليكم، قل: علينا! ادخل نفسك مع المخاطبين، ﻷننا كلنا مخاطبون.
لذلك مؤمن يس، يقول: "وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً" هذا أسلوب في البلاغة العربية، يعني إياكِ أعني، واسمعي يا جارة، هو حتى يحببهم، لم يقول وما لكم لا تعبدون الذي فطركم ، بل قال، ومالي لا أعبد الذي فطرني، هي حقيقتها: أتتخذون من دونه آلهة؟ لكن حتى لا يكلمهم من استعلاء وكأنه هو فوق وهم تحت، تنزل إليهم وتودد إليهم وكلّم نفسه.. وهذا من أنجح الأساليب: عدم التعالي على المخاطبين أو الشعور أن دوري هو إيصال الكلام إليهم فقط، لا، هذا الكلام إليك أيها القارئ، سواء كنت من عامة المسلمين أو أستاذا أو مدرسا أو خطيب جمعة.. فلما نقرأ القرآن كلنا؛ كبيرنا وصغيرنا، ذكرنا وأنثانا، نقرأه على أن المُخاطِب هو الله، والمُخاطَب هو أنا.. والله يغفر لنا ويرحمنا.