مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج4

مناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية للأحمدية ج4 | مرابط

الكاتب: شيخ الإسلام ابن تيمية

559 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وذكرت ذم المبتدعة فقلت: روى مسلم في صحيحه عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه أبي جعفر الباقر عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: ((إن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) وفي السنن عن العرباض بن سارية، قال: ((خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ فقال: أوصيكم بالسمع والطاعة فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)) وفي رواية ((وكل ضلالة في النار))

 

فقال لي: البدعة مثل الزنا، وروى حديثًا في ذم الزنا، فقلت هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزنا معصية، والبدعة شر من المعصية، كما قال سفيان الثوري: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ فإن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها. وكان قد قال بعضهم: نحن نتوب الناس، فقلت: مماذا تتوبونهم؟ قال: من قطع الطريق، والسرقة، ونحو ذلك. فقلت: حالهم قبل تتويبكم خير من حالهم بعد تتويبكم؛ فإنهم كانوا فساقًا يعتقدون تحريم ما هم عليه، ويرجون رحمة الله، ويتوبون إليه، أو ينوون التوبة. فجعلتموهم بتتويبكم ضالين مشركين خارجين عن شريعة الإسلام، يحبون ما يبغضه الله ويبغضون ما يحبه الله، وبينت أن هذه البدع التي هم وغيرهم عليها شر من المعاصي.

 

قلت مخاطبًا للأمير والحاضرين: أما المعاصي فمثل ما روى البخاري في (صحيحه) عن عمر بن الخطاب ((أن رجلًا يدعى حمارًا، وكان يشرب الخمر، وكان يُضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وكان كلما أتي به النبي صلى الله عليه وسلم جلده الحد فلعنه رجل مرة. وقال: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله)) قلت: فهذا الرجل كثير الشرب للخمر ومع هذا فلما كان صحيح الاعتقاد يحب الله ورسوله شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فنهى عن لعنه.

 

وأما المبتدع فمثل ما أخرجا في (الصحيحين) عن علي بن أبي طالب وعن أبي سعيد الخدري وغيرهما -دخل حديث بعضهم في بعض- ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم، فجاءه رجل ناتئ الجبين كث اللحية، محلوق الرأس، بين عينيه أثر السجود، وقال ما قال. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يخرج من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية؛ لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد - وفي رواية - لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان محمد لنكلوا عن العمل - وفي رواية - شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوا))

 

(قلت): فهؤلاء مع كثرة صلاتهم وقيامهم وقراءتهم وما هم عليه من العبادة والزهادة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم، وقتلهم علي بن أبي طالب ومن معه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لخروجهم عن سنة النبي وشريعته، وأظن أني ذكرت قول الشافعي: لئن يبتلى العبد بكل ذنب ما خلى الشرك بالله خير من أن يبتلى بشيء من هذه الأهواء. فلما ظهر قبح البدع في الإسلام، وأنها أظلم من الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنهم مبتدعون بدعًا منكرة فيكون حالهم أسوء من حال الزاني والسارق وشارب الخمر أخذ شيخهم عبدالله يقول: يا مولانا لا تتعرض لهذا الجانب العزيز -يعني أتباع أحمد بن الرفاعي- فقلت منكرًا بكلام غليظ: ويحك؛ أي شيء هو الجانب العزيز، وجناب من خالفه أولى بالعز يا ذو الزرجنة (كذا بالأصل) تريدون أن تبطلوا دين الله ورسوله، فقال: يا مولانا يحرقك الفقراء بقلوبهم، وقلت: مثل ما أحرقني الرافضة لما قصدت الصعود إليهم وصار جميع الناس يخوفوني منهم ومن شرهم، ويقول أصحابهم إن لهم سرًا مع الله فنصر الله وأعان عليهم. وكان الأمراء قد عرفوه بركة ما يسره الله في أمر غزو الرافضة في الجبل.

 

وقلت لهم: يا شبه الرافضة يا بيت الكذب، فإن فيهم من الغلو والشرك والمروق عن الشريعة ما شاركوا به الرافضة في بعض صفاتهم. وفيهم من الكذب ما قد يقاربون به الرافضة في ذلك، أو يساوونهم. أو يزيدون عليهم، فإنهم من أكذب الطوائف حتى قيل فيهم: لا تقولوا أكذب من اليهود على الله، ولكن قولوا أكذب من الأحمدية على شيخهم، وقلت لهم: أنا كافر بكم وبأحوالكم "فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ" [هود: 55]

 

ولما رددت عليهم الأحاديث المكذوبة أخذوا يطلبون مني كتبًا صحيحة ليهتدوا بها فبذلت لهم ذلك، وأعيد الكلام: من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه، وأعاد الأمير هذا الكلام واستقر الكلام على ذلك. والحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.

 


المصدر:

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - 11/445

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-تيمية #الأحمدية
اقرأ أيضا
أساطير العهد القديم | مرابط
فكر مقالات

أساطير العهد القديم


يشتمل هذا المقال على مجموعة من الأخبار عن عدد بنى إسرائيل حين دخلوا مصر وحين خرجوا منها ويقف المؤلف على قدر من التزوير والتلفيق الموجود في التوراة هنا سنرى أساطير العهد القديم كما وردت في الكتاب وكيف تخالف أخبارهم بدائه العقول

بقلم: محمد الغزالي
1282
علمنة العلاج النفسي | مرابط
فكر العالمانية

علمنة العلاج النفسي


حتى المعالج المحب لدينه قد يذكر للمريض آيات وأحاديث لرفع معنوياته وإزالة كآبته لكن المعنى المسيطر عنده وعند المريض هو تسخير ذلك كله لدنيا المريض فحسب. بينما النظرة المتوازنة تتطلب أن يجعل هذا البلاء مسخرا لنفع المريض في دينه وآخرته مع الأخذ في الوقت نفسه بأسباب تخليصه من مرضه.

بقلم: د. إياد قنيبي
521
دلالة الإجماع على حجية السنة | مرابط
تعزيز اليقين

دلالة الإجماع على حجية السنة


إن المتأمل في كتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم وفي طريقة أصحابه ومن اتبعهم وفي مذاهب أئمة الإسلام وفقهائهم ومفسريهم ومؤرخيهم لا يشك في أن عدم اعتبار السنة حجة لمن أولى ما يدخل في قول الله تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولىالنساء:١١٥ الآية

بقلم: أحمد يوسف السيد
2899
التحذير من الاختلاف | مرابط
اقتباسات وقطوف

التحذير من الاختلاف


مقتطف لابن قيم الجوزية من كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين يدور حول الاختلاف وقد أخبرنا الرسول أنه سيقع اختلاف كبير في هذه الأمة كما ذم الشرع سلوك المختلفين وحذر من اتباع سبيلهم وأرشدنا الحق تبارك وتعالى إلى مآلات هذا الأمر من الفرقة والشتات وفي هذا الاقتباس يقدم لنا ابن القيم خلاصة الأمر

بقلم: ابن القيم
1196
بين الخلاف واتباع الحق | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين الخلاف واتباع الحق


فمن هداه الله سبحانه إلى الأخذ بالحق حيث كان ومع من كان ولو كان مع من يبغضه ويعاديه ورد الباطل مع من كان ولو كان مع من يحبه ويواليه فهو ممن هدى لما اختلف فيه من الحق.

بقلم: ابن القيم
253
بكاء النبي صلى الله عليه وسلم | مرابط
تفريغات

بكاء النبي صلى الله عليه وسلم


عيون حمراء تختلف عن العيون الحمراء التي تسهر على الذنوب والمحرمات فهناك عيون حمراء تتعاطى المخدرات عيون حمراء تسهر في المعاكسات عيون حمراء بكت لفراق عشيقها أو محبوبها أو فراق صديقها عيون حمراء لكنها لم تبك لله عز وجل فلن نتكلم عن هذا كله في هذه الليلة لكن سوف نتكلم هذه الليلة عن عيون حمراء بكت لكنها بكت لله عز وجل بكت لكن ليس لأجل الدنيا سوف نتكلم عن أغلى بكاء على وجه هذه الأرض وأغلى من دمعت عينه فهي أغلى الدموع وأغلى البكاء إنه بكاء النبي عليه الصلاة والسلام

بقلم: نبيل العوضي
633