هل الإسلام دين هش لنخشى عليه من الشبهات؟

هل الإسلام دين هش لنخشى عليه من الشبهات؟ | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

487 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

هل الإسلام دين هش لنخشى من الشبهات؟
يخطر مثل هذا السؤال أثناء الدعوة للحصانة المنهجية، فتتكرر مثل هذه التساؤلات: لماذا نخشى من نشر كتب الزنديق فلان، ولماذا نخشى من إتاحة البرامج التلفزيونية للمجدف فلان، هل بلغ إسلام المسلمين من الهشاشة لدرجة أن صرنا نخشى من كل نسمة؟ دع الزنادقة يتحدثون حتى يفتضحوا أمام الناس.

والحقيقة: أن مثل هذه التساؤلات تهدر اعتبارات جذرية من صميم "التكوين البشري"، فطبيعة عامة الناس والشباب خلال التاريخ أنهم لا يملكون "علمًا تفصيليًا" بأدلة مبادئ الإسلام، والجواب عن الاعتراضات الواردة عليها، وهذا شيء طبيعي، بل ومطلوب أصلًا؛ لأنه لو تفرغ عموم المجتمع للعلم الشرعي التفصيلي، وجواب الاعتراضات؛ لتعطلت الفروض الكفائية الأخرى كالعلوم المدنية، والصناعات والتخصصات الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية والطبية، والهندسية والتقنية...إلخ التي يقوم عليها المعاش ودنيا المسلمين.

فعامة الناس والشباب معهم "إيمان مجمل" قد تزعزعه رياح الشبهات إذا لم يتيسر له متخصص، أو مطلعٌ يزيل أشباحها عنه، ولذلك يفترض أن يكون السؤال معكوسًا، فالسؤال ليس: "لماذا نخاف على غير المتخصصين من الشبهات؟" بل السؤال: لماذا نخاطر بإيمان غير المتخصصين والمطلعين من أجل شعارات الثقافة الغالبة؟

وفي نص بديع تحدث الإمام ابن تيمية رحمه الله، وحلل هذه الإشكالية يقول فيه: "فعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر، أو ولدوا على الإسلام، والتزموا شرائعه، وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله؛ فهم مسلمون، ومعهم إيمان مجمل، ولكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم إنما يحصل شيئًا فشيئًا إن أعطاهم الله ذلك، وإلا فكثير من الناس لا يصلون لا إلى اليقين، ولا إلى الجهاد، ولو شككوا لشكوا، ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا، وليسوا كفارًا، ولا منافقين، بل ليس عندهم من علم القلب ومعرفته ويقينه ما يدرأ الريب، ولا عندهم من قوة الحب لله ولرسوله ما يقدمونه على الأهل والمال، وهؤلاء إن عوفوا من المحنة، وماتوا؛ دخلوا الجنة، وإن ابتلوا بمن يورد عليهم شبهات توجب ريبهم؛ فإن لم ينعم عليهم بما يزيل الريب، وإلا صاروا مرتابين، وانتقلوا إلى نوع من النفاق، وكذلك إذا تعين عليهم الجهاد، ولم يجاهدوا؛ كانوا من أهل الوعيد، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم عامة أهلها، فلما جاءت المحنة والابتلاء نافق من نافق، فلو مات هؤلاء قبل الامتحان لماتوا على الإسلام، ودخلوا الجنة، ولم يكونوا من المؤمنين حقًا الذين ابتلوا فظهر صدقهم".

وخلاصة الجواب على هذه الإشكالية أنه ليس الإسلام دينًا هشًا لنخشى عليه من الشبهات، بل قلوب بني آدم هي الهشة، وهي التي نخشى عليها، فنحن لا نخشى على الوحي بل نخشى على الأرواح التي تحمل الوحي أن تخسره بشبهة عارضة.


المصدر:
إبراهيم السكران، سلطة الثقافة الغالبة

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#لماذا-نخشى-الشبهات
اقرأ أيضا
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج4 | مرابط
تفريغات

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج4


إن الله سبحانه وتعالى قد فرض فرائض وشرع شرائع وأمر بلزومها ومن أعظم هذه الشرائع هي أركان الإسلام الخمسة التي أمر الله عز وجل بها وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بركنيتها للإسلام كما جاء في حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين وغيرهما في قوله عليه الصلاة والسلام: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا

بقلم: عبد العزيز الطريفي
829
نتائج الاختلاط الغربي | مرابط
فكر

نتائج الاختلاط الغربي


ومن المهم أن نلاحظ هاهنا أنه مع كل ما وضعت النظم الغربية من قوانين لمنع التحرش ومنع علاقات استغلال النفوذ ومع شدة فعاليتها التنفيذية لأنظمتها وقوانينها فإن ذلك كله لم يمنع المشكلة من كونها لا تزال متفاقمة بسبب كون المجتمع الغربي لا يزال مصرا على الاختلاط فهو يهيج الأسباب ويحاول عرقلة النتائج بالقوانين وهذه مناقضة لطبيعة الأمور.

بقلم: إبراهيم السكران
383
القانون والإنسان | مرابط
اقتباسات وقطوف

القانون والإنسان


والشرع غاية ولكنه ليس الغاية الأخيرة إنه ليس سوى حد وسط بين الإنسان كما هو ناشئا يتطلع إلى الحياة الأخلاقيةومصارعا من أجل كمالهوبين الإنسان كما ينبغي أن يكون في قبضة الفضيلة الكاملة والشرع أشبه بقنطرة بين شاطئين نحن نقطة بدايته ونقطة نهايته أوهوأشبه بسلم درجاته مستقرة على الأرض ولكن يعد من يريدون تسلقه أن يرفعهم إلى السماء

بقلم: محمد عبد الله دراز
697
دور محمد علي الجزء الأول | مرابط
تاريخ مقالات

دور محمد علي الجزء الأول


لقد لعب محمد علي دورا بارزا في إحكام السيطرة على الحالة الإسلامية في مصر وفي العالم الإسلامي بشكل عام عندما استطاعت فرنسا أن تحتويه وتوفر له كل الإمدادات اللازمة حتى يحقق أهدافها في بلادنا وكان على رأس هذه الأهداف الانفصال عن الدولة العثمانية والمساهمة في إضعافها بشتى الطرق والهدف الهام الثاني هو بداية التغريب وسحق الروح الإسلامية المتبقية وفي هذا المقال يقف بنا المؤلف على محاور هذا الموضوع كلها وما يتفرع عنها وما نتعلمه منها من دروس الهدف هنا أن ندرك ما حدث في بلادنا حتى نفهم كيف وصلنا إلى...

بقلم: محمد قطب
2178
فقه الخلاف في حياة الصحابة | مرابط
تفريغات

فقه الخلاف في حياة الصحابة


ثمة اختلافات حدثت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها اختلافات قريبة وقد كانت عقول الصحابة كبيرة وإيمانهم عال فكانوا يعذرون بعضهم في الخلافات التي يسوغ فيها الاختلاف.. وبين يديكم نماذج مختلفة تبين لنا فقه الخلاف في حياة الصحابة الكرام

بقلم: أبو إسحق الحويني
313
كيف استطاع هتلر أن يتحكم بالأطفال | مرابط
تاريخ فكر مقالات ثقافة

كيف استطاع هتلر أن يتحكم بالأطفال


في الموروث الثقافي الألماني يكون الأب هو سيد البيت والبقية لا يملكون سوى الطاعة من غير سؤال وهكذا كان هتلر بالنسبة للمجتمع الألماني هو الوحيد المسؤول وهو الوحيد الذي له السمع والطاعة فقد نقل مفهوم الأب من البيت إلى إدارة الدولة وكان دائما يستخدم في خطابه مع الأطفال مفاهيم الأبوة فكان يقول: إنه يهتم بأمرهم وبمستقبلهم وإنه يحبهم ويرعاهم

بقلم: محمد علي فرح
492