ولا يبدين زينتهن

ولا يبدين زينتهن | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

543 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

قول الله جل وعلا: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور:31]، في نهي الله جل وعلا عن إبداء الزينة جاءت الزينة في هذه الآية في موضعين: الموضع الأول في النهي، والموضع الثاني في الاستثناء، إلا ما ظهر منها، أمر الله جل وعلا بعدم إبداء الزينة وفي قوله جل وعلا: "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور:31].

جاء في ذلك جملة من النصوص في بيان الزينة الظاهرة وغير الظاهرة، جاء في ذلك جملة من النصوص عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم في ذلك نصًا مرفوعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان مقدار الزينة، ويكون ثابتًا عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما هي من أقوال الصحابة، وأقوال الصحابة في ذلك مما يحتج بها؛ لأنها في أبواب التفسير.

جاءت روايات في ذلك، وينبغي أن يتنبه قبل الولوج في النقول في هذا أن يعلم أن بعض كتب التفسير تنقل الزينة ولا يبدين زينتهن عن بعض المفسرين، وبعضهم ينقلها في سياق الزينة الأولى، وبعضهم ينقلها في سياق الزينة المستثناة، هل هي من الزينة التي لا تظهر، أم من الزينة التي تظهر، فيأخذها بعض النقلة من دواوين العلماء فيختارها بحسب المشارب الفقهية فيضعها في أحد الموضعين، ويقع خلط في ذلك كثير.

أولًا: اختلف المفسرون في الزينة التي تظهر "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور:31]، جاء في ذلك جملة من النصوص منهم من قال: يظهر من ذلك الوجه والكفين، جاء في ذلك عن عبد الله بن عباس وأسانيده عنه ضعيفة، وهذا أعلى ما يشتهر وينقل في هذا الباب عن عبد الله بن عباس، والنص في ذلك عن عبد الله بن عباس على خلافه وبيانه كما يلي:

قد روى ابن جرير الطبري في كتابه التفسير من حديث محمد بن حميد الرازي عن يزيد بن هارون عن أبي هارون عن نهشل عن الضحاك عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أنه قال: الزينة هي الوجه والكفين، وجاء في رواية عنه أنه قال: الكحل والخاتم، وهذا إسناده ضعيف محمد بن حميد الرازي وهو شيخ محمد بن جرير الطبري ضعيف وقد ضعفه غير واحد من العلماء، بل قال بعضهم إنه متروك، وكذلك نهشل فإنه ضعيف الحديث جدًا، وكذلك أيضًا فإن الضحاك لم يسمع من عبد الله بن مسعود.

الأثر الثاني: ما جاء عند ابن جرير الطبري من حديث مسلم بن كيسان عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قال: الوجه والكفين، وجاء في رواية: الكحل والخاتم، وهذا إسناده ضعيف، فإن مسلم بن كيسان قد ضعفه غير واحد من العلماء، بل قال النسائي: إنه متروك الحديث.

وقد جاء أيضًا هذا موقوفًا أيضًا على سعيد بن جبير واضطرب فيه مسلم بن كيسان، فتارة يرويه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس، وتارة يرويه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس، جاء عن عبد الله بن عباس ما يخالف ذلك بإسناد صحيح، قد روى ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم في كتابه التفسير من حديث عبد الله بن صالح كاتب الليث وروايته نسخة عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة وروايته نسخة عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أنه قال: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور:31].

قال: أمر الله جل وعلا نساء المؤمنين إذا خرجن وبرزن إلى الرجال أن يغطين وجوههن، وجاء في رواية عنه ويبدين عينًا، وجاء هذا أيضًا عن عبيدة السلماني كما رواه ابن جرير الطبري أيضًا من حديث ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبيدة قال: يغطين وجوههن ويبدين عينًا، والمراد بإبداء العين في ذلك أن المرأة تبصر طريقها سواءً كان بعين أو بإثنتين، ولو أبدت الإثنتين من غير إسراف فإن ذلك مما لا حرج فيه من غير إبداء زينة، ويؤكد ذلك ويعضده ما جاء عن عبد الله بن مسعود عليه رضوان الله تعالى في تأويل هذه الآية عند ابن جرير الطبري من حديث أبي إسحاق ويرويه عن أبي إسحاق شعبة بن الحجاج وهو من أوثق أصحابه عن أبي الأحوص وهو من الفقهاء عن عبد الله بن مسعود عليه رضوان الله تعالى أنه قال في قول الله جل وعلا: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور:31]

قال: الوجه والكفين، وجاء في رواية عنه الثياب في الاستثناء "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور:31] يعني: الثياب، أنه يجوز للمرأة أن تبرز بثيابها، ولو كان يتخللها شيء من أمر الزينة الذي لا يظهر منه الفتنة، كأن تلبس المرأة معطفًا أو خمارًا ونحو ذلك، ويظهر منه نوعًا مما يفتن بعض الرجال فهذا مما تستتر به المرأة، ولا حرج عليها أن تظهره إذا كان لا يغلب عليه الافتتان، وهذا غالب تأويل المفسرين في ذلك، وقد جاء في ذلك عن جماعة من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في مسألة ضبط الحجاب ويأتي الكلام عليه.

 


 

المصدر:

محاضرة الحجاب بين الفقه الأصيل والفقه البديل

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
محاورة دينية اجتماعية الجزء الثالث | مرابط
مناظرات مقالات الإلحاد

محاورة دينية اجتماعية الجزء الثالث


محاورة بين رجلين كانا متصاحبين مسلمين يدينان الدين الحق ويشتغلان في طلب العلم فغاب أحدهما عن صاحبه مدة طويلة ثم التقيا فإذا هذا الغائب قد تغيرت أحواله وتبدلت أخلاقه فسأله صاحبه عن ذلك فإذا هو قد تغلبت عليه دعاية الملحدين الذين يدعون لنبذ الدين ورفض ما جاء به المرسلون فحاوره صاحبه لعله يرجع فأعيته الحيلة في ذلك وعرف أن ذلك علة عظيمة ومرض يفتقر إلى استئصال الداء ومعالجته بأنفع الدواء وعرف أن ذلك متوقف على معرفة الأسباب التي حولته والطرق التي أوصلته إلى هذه الحالة المخيفة وإلى فحصها وتمحيصها و

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
1404
التضليل والخداع في تسمية العلمانية | مرابط
العالمانية

التضليل والخداع في تسمية العلمانية


إمعانا في التضليل والخداع سماها الفكر الغربي بالعلمانية وهو اصطلاح يوحي بأن لها صلة بالعلم حتى ينخدع الآخرون بصواب الفكرة واستقامتها فمن الذي يقف في وجه دعوة تقول للناس إن العلم أساسها وعمادها ومن هنا انطلى الأمر على بعض السذج وأدعياء العلم فقبلوا المذهب منبهرين بشعاره دون أن ينتبهوا إلى حقيقته وأبعاده

بقلم: حمود الرحيلي
730
ليلة في بيت النبي الجزء الرابع | مرابط
تفريغات

ليلة في بيت النبي الجزء الرابع


والرسول عليه الصلاة والسلام كما رواه الإمام مسلم عن شريح بن هانئ قال: قلت لعائشة: بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ إذا دخل بيته قالت: بالسواك فأول ما يدخل البيت يستاك وهذا نوع من إزالة الرائحة الكريهة التي يمكن أن تكون في الفم فالإنسان ينبغي عليه أن يحرص على هذا فهذه المرأة تمدح زوجها بأنه طيب العشرة ولم يفتها أن تصفه بطيب الرائحة

بقلم: أبو إسحق الحويني
615
لا يدري ولا يدري | مرابط
مقالات

لا يدري ولا يدري


من الناس من لا يدري ويدري أنه لا يدري وهذا جاهل ويعلم أنه جاهل ويسمى جهله بالجهل البسيط. أما قسيمه فهو الذي لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فيكون جاهلا بجهله ويسمى جهله بالجهل المركب.

بقلم: د. جمال الباشا
288
دلالة الدقيق من الخلق على الله | مرابط
فكر مقالات

دلالة الدقيق من الخلق على الله


لا تحقر شيئا أبدا لصغر جثته ولا تستصغر قدره لقلة ثمن ثم اعلم أن الجبل ليس بأدل على الله من الحصاة ولا الفلك المشتمل على عالمنا هذا بأدل على الله من بدن الإنسان وأن صغير ذلك ودقيقه كعظيمه وجليله ولم تفترق الأمور في حقائقها وإنما افترق المفكرون فيها ومن أهمل النظر وأغفل مواضع الفرق وفصول الحدود فمن قبل ترك النظر ومن قبل قطع النظر ومن قبل النظر من غير وجه النظر ومن قبل الإخلال ببعض المقدمات ومن قبل ابتداء النظر من جهة النظر واستتمام النظر مع انتظام المقدمات- اختلفوا

بقلم: أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ
2851
محاسن الفراسة | مرابط
اقتباسات وقطوف

محاسن الفراسة


ومن ألطف ما يحكى في ذلك: أن بعض الخلفاء سأل رجلا عن اسمه فقال: سعد يا أمير المؤمنين فقال: أي السعود أنت قال: سعد السعود لك يا أمير المؤمنين وسعد الذابح لأعدائك وسعد بلع على سماطك وسعد الأخبية لسرك فأعجبه ذلك ويشبه هذا: أن معن بن زائدة دخل على المنصور فقارب في خطوه فقال له المنصور: كبرت سنك يا معن قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين قال: إنك لجلد قال: على أعدائك قال: وإن فيك لبقية قال: هي لك

بقلم: ابن القيم
621