ولا يبدين زينتهن

ولا يبدين زينتهن | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

717 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

قول الله جل وعلا: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور:31]، في نهي الله جل وعلا عن إبداء الزينة جاءت الزينة في هذه الآية في موضعين: الموضع الأول في النهي، والموضع الثاني في الاستثناء، إلا ما ظهر منها، أمر الله جل وعلا بعدم إبداء الزينة وفي قوله جل وعلا: "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور:31].

جاء في ذلك جملة من النصوص في بيان الزينة الظاهرة وغير الظاهرة، جاء في ذلك جملة من النصوص عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم في ذلك نصًا مرفوعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان مقدار الزينة، ويكون ثابتًا عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما هي من أقوال الصحابة، وأقوال الصحابة في ذلك مما يحتج بها؛ لأنها في أبواب التفسير.

جاءت روايات في ذلك، وينبغي أن يتنبه قبل الولوج في النقول في هذا أن يعلم أن بعض كتب التفسير تنقل الزينة ولا يبدين زينتهن عن بعض المفسرين، وبعضهم ينقلها في سياق الزينة الأولى، وبعضهم ينقلها في سياق الزينة المستثناة، هل هي من الزينة التي لا تظهر، أم من الزينة التي تظهر، فيأخذها بعض النقلة من دواوين العلماء فيختارها بحسب المشارب الفقهية فيضعها في أحد الموضعين، ويقع خلط في ذلك كثير.

أولًا: اختلف المفسرون في الزينة التي تظهر "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور:31]، جاء في ذلك جملة من النصوص منهم من قال: يظهر من ذلك الوجه والكفين، جاء في ذلك عن عبد الله بن عباس وأسانيده عنه ضعيفة، وهذا أعلى ما يشتهر وينقل في هذا الباب عن عبد الله بن عباس، والنص في ذلك عن عبد الله بن عباس على خلافه وبيانه كما يلي:

قد روى ابن جرير الطبري في كتابه التفسير من حديث محمد بن حميد الرازي عن يزيد بن هارون عن أبي هارون عن نهشل عن الضحاك عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أنه قال: الزينة هي الوجه والكفين، وجاء في رواية عنه أنه قال: الكحل والخاتم، وهذا إسناده ضعيف محمد بن حميد الرازي وهو شيخ محمد بن جرير الطبري ضعيف وقد ضعفه غير واحد من العلماء، بل قال بعضهم إنه متروك، وكذلك نهشل فإنه ضعيف الحديث جدًا، وكذلك أيضًا فإن الضحاك لم يسمع من عبد الله بن مسعود.

الأثر الثاني: ما جاء عند ابن جرير الطبري من حديث مسلم بن كيسان عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قال: الوجه والكفين، وجاء في رواية: الكحل والخاتم، وهذا إسناده ضعيف، فإن مسلم بن كيسان قد ضعفه غير واحد من العلماء، بل قال النسائي: إنه متروك الحديث.

وقد جاء أيضًا هذا موقوفًا أيضًا على سعيد بن جبير واضطرب فيه مسلم بن كيسان، فتارة يرويه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس، وتارة يرويه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس، جاء عن عبد الله بن عباس ما يخالف ذلك بإسناد صحيح، قد روى ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم في كتابه التفسير من حديث عبد الله بن صالح كاتب الليث وروايته نسخة عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة وروايته نسخة عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أنه قال: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور:31].

قال: أمر الله جل وعلا نساء المؤمنين إذا خرجن وبرزن إلى الرجال أن يغطين وجوههن، وجاء في رواية عنه ويبدين عينًا، وجاء هذا أيضًا عن عبيدة السلماني كما رواه ابن جرير الطبري أيضًا من حديث ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبيدة قال: يغطين وجوههن ويبدين عينًا، والمراد بإبداء العين في ذلك أن المرأة تبصر طريقها سواءً كان بعين أو بإثنتين، ولو أبدت الإثنتين من غير إسراف فإن ذلك مما لا حرج فيه من غير إبداء زينة، ويؤكد ذلك ويعضده ما جاء عن عبد الله بن مسعود عليه رضوان الله تعالى في تأويل هذه الآية عند ابن جرير الطبري من حديث أبي إسحاق ويرويه عن أبي إسحاق شعبة بن الحجاج وهو من أوثق أصحابه عن أبي الأحوص وهو من الفقهاء عن عبد الله بن مسعود عليه رضوان الله تعالى أنه قال في قول الله جل وعلا: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور:31]

قال: الوجه والكفين، وجاء في رواية عنه الثياب في الاستثناء "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور:31] يعني: الثياب، أنه يجوز للمرأة أن تبرز بثيابها، ولو كان يتخللها شيء من أمر الزينة الذي لا يظهر منه الفتنة، كأن تلبس المرأة معطفًا أو خمارًا ونحو ذلك، ويظهر منه نوعًا مما يفتن بعض الرجال فهذا مما تستتر به المرأة، ولا حرج عليها أن تظهره إذا كان لا يغلب عليه الافتتان، وهذا غالب تأويل المفسرين في ذلك، وقد جاء في ذلك عن جماعة من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في مسألة ضبط الحجاب ويأتي الكلام عليه.

 


 

المصدر:

محاضرة الحجاب بين الفقه الأصيل والفقه البديل

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
التجديد في أصول الفقه؟ | مرابط
تفريغات

التجديد في أصول الفقه؟


بعض المدارس اليوم تقول: التجديد في أصول الفقه ويقولون ما شأننا بقواعد أصول الفقه التي سار عليها الإمام الشافعي فقد مر عليها أكثر من ألف سنة نحن نضع قواعد للفهم تتناسب مع العصر الحاضر أو بعبارة أخرى نحن نريد هدم القواعد التي سار عليها السلف ليست قضيتهم وضع قواعد بالعكس هم يريدون الأمر كما يقولون: قدسية النص وحرية القراءة.

بقلم: عامر بهجت
512
دلالة التواتر على حجية السنة | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

دلالة التواتر على حجية السنة


إن إثبات صحة ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم نصا في شأن لزوم اتباع سنته يتطلب علما خاصا بالرواة والأسانيد وقوانين علم الحديث غير أن هناك أمورا كثيرة ثبتت عنه بنقل متواتر لا يتطلب ذلك العلم الخاص ولا يختلف كل من ينسب نفسه إلى شيء من العلم بالشرع في أنها ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم وفيها ما يبلغ أعلى ما يمكن أن يبلغه التواتر عند عموم البشر مما لا ينازع فيه أحد إلا السفسطائيون وأشباههم كالمنازعة في وجود شخص المسيح عليه السلام وفي وجود فراعنة مصر في التاريخ ونحو ذلك

بقلم: أحمد يوسف السيد
2252
ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا | مرابط
تفريغات

ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا


الإيمان بالإسلام كتابا وسنة هو الذي يوفق أفق المؤمن وعقله وتفكيره والعكس بالعكس تماما لهذا نحن ندعو دائما وأبدا إلى اتباع الكتاب والسنة ليس على طريقة التأويل -هذه الطريقة التي ابتدعها الخلف- وإنما على طريقة التسليم التي سلكها السلف ولذلك نكرر دائما وأبدا: نحن لا ندعو إلى الكتاب والسنة فقط بل إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
703
من علوم اللغة: النحو | مرابط
تفريغات لسانيات

من علوم اللغة: النحو


الشافعي رحمه الله لم يشتغل بدراسة العلم حتى جلس في قبيلة هذيل وحتى حفظ عشرين ألفا من أشعارهم ونحو هذا كثير جدا في حال سلفنا فمن لم يكن ذا سلاح من علم النحو لا يمكن أن يفهم ولا أن يفتي في كثير من المسائل

بقلم: محمد الحسن الشنقيطي
382
قصة الحروب الصليبية الجزء الثاني | مرابط
تاريخ

قصة الحروب الصليبية الجزء الثاني


الحروب الصليبية هي سلسلة الحروب التي شنها المسيحيون الأوربيون على الشرق الأوسط للاستيلاء على بيت المقدس ومنذ أن انتصرت القوات الإسلامية على القوات البيزنطية في معركتي اليرموك وأجنادين في عام 13 هجريا منذ ذلك الوقت والإسلام يهاجم الصليبيين ويفتح أراضيهم وظل الصليبيون يترقبون الفرصة والزمن المناسب للأخذ بالثأر ورد الفعل وهكذا كانت أحسن الفرص للانتهاز في القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي والمقال الذي بين يدينا يقف بنا على أهم مراحل الحروب الصليبية وأبرز أحداثها ونتائجها

بقلم: موقع قصة الإسلام
2155
سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الخامس ج2 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما الدرس الخامس ج2


وهذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان يقول: العابد الذي يعبد الله على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح من أجل هذا قدم الصالحون العلماء ورفعوا قدرهم بصرف النظر عن النسب وعن الشكل وعن السن وعن القبيلة لا توجد اعتبارات لهذه الأشياء مطلقا في عرف الفاهمين العلماء هم أعلى الأمة لا سلطان ولا صاحب مال ولا أي شيء آخر أعلى من العلماء

بقلم: د راغب السرجاني
681