آثار مفهوم النسوية على الأديان ج2

آثار مفهوم النسوية على الأديان ج2 | مرابط

الكاتب: أمل بنت ناصر الخريف

529 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

آثار مفهوم النسوية في مجالات الدين الإسلامي: لقد ظهر تأثر النسوية العربية والإسلامية بالنسوية الغربية جليًّا واضحًا في دعوتها إلى التعامل مع القرآن الكريم بنفس الآليات التي تعاملت فيها النسوية الغربية مع الكتاب المقدس، يتضح هذا كما يلي:

 

1- الدعوة إلى إعادة قراءة النص القرآني:

وقد نشألت هذه الدعوة نتيجة لمحاولة بعض المنظمات المسلمة إظهار موائمة المفهوم الغربي لحقوق المرأة مع الإسلام، إذ تعده أمرًا هامًا لأسباب عملية لأن (أي النسوية لا تبرر نفسها ضمن الإسلام محكومة بأن يرفض باقي المجتمع، وهي بالتالي تهزم نفسها بنفسها)

 

ويجدر الإشارة إلى أن هذه الدعوة لم تأخذ طابعًا واحدًا لدى كل النسويات بل تفاوتت تفاوتًا نسبيًا، فمنهن من سلمن بالنص القرآني، وانشغلن بتأويله أو تفسيره، ويرفضن من السنة النبوية ما يعتبرنه مضادا لحقوق المرأة، ويعلن الالتزام بالإسلام بوجه عام. بينما بلغ الغلو في بعضهن إلى رفض الأحاديث النبوية جملة، وقمن بمناقشة النص القرآني نفسه من حيث ثبوت بعض آياته، ودعين إلى إسلام جديد من خلال إخضاع النصوص القرآنية والنبوية إلى النقد التاريخي والفكري كما حدث في تاريخ الثقافة الغربية.

 

ومن أولئك رفعة حسن التي انطلقت من فرض مسلّم لديها عن انحطاط مكانة المرأة في الفكر الإسلامي التقليدي، وتحاول تفسير القرآن بالمنهج الهرمنيوطيقي من منظور نسوي بحث لاكتشاف أحكامه المتصلة بالمرأة، ولتعيد صياغة النظرة الإسلامية للمرأة اعتمادا على المصدر الأول للإسلام، بفهم متحرر يخلص النص من آثار الأحاديث التي تمس مكانة المرأة وحقها في المساواة الكاملة مع الرجل -حسب قولها-

 

كما أنها تحاول محاولات متعسفة لتأويل الآية الأولى من سورة النساء، في قول الله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" باعتبار أن آدم عليه السلام ليس شخصًا بل هو الجنس البشري، وأن زوج في الآية لفظ مذكر لا يعبر عن المرأة! مستخدمة في التأويل بعض المراجع اللغوية، لتصل في النهاية إلى أنه لا أولية في الخلق، وأن كلا الأصلين -للجنس البشري- متساوي.

 

في حين أن الدكتورة أماني صالح ترى أن انصاف المرأة لا يمكن أن يتم إلا (بتفكيك التاريخي -البشري عن النصوص المقدسة المجردة- وتطهير الأصول والمصادر الإسلامية من قرآن وسنة مما ألصق بها من عناصر بشرية تأويلية، وبناءات فكرية مصدرها الحقيقي هو الأعراف والآراء والانحيازات البشرية).

 

2- المخالفة الصريحة لنصوص القرآن الكريم:

لم تكتف النسويات في العالم العربي والإسلامي بتطبيق منهج الهرمنيوطيقيا على القرآن ولا عن إعادة قرائته بل اتجهن إلى مخالفة النصوص القرآنية صراحة!
ففي عام 1966م أصدرت النسويات الإيرانيات لائحة من أربعين مادة خالفت منها نصوص القرآن الكريم صراحة، أدت إلى إثارة غضب المسلمين، وقد تصدى لتفنيد ما ورد في هذه اللائحة الشيخ آية مرتضى المطهري في كتابه "نظام حقوق المرأة في الإسلام".

 

3- الدعوة إلى نبذ الدين والهجوم على القيم الإسلامية:

عقد في القاهرة مؤتمر نسوي نظمته وزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في عام 2002م، في مكتبة القاهرة الكبرى وشهد هذا المؤتمر هجوما نسويا على القيم الإسلامية قاده تجمع الجمعيات النسائية العربية زعمت فيه د. نوال السعداوي أن التزم المرأة المسلمة بالقيم الإسلامية ردة حضارية تستدعي مواجهة نسوية بكل السبل الممكنة!

ورفعت النسويات شعارا تضمن خمس لاءات (لا للدين، لا للرجل، لا للحجاب، لا للزواج، لا لختان الرجل)

 

4- التشكيك في صحة الدين:

لقد قامت النسوية بالتشكيك في صحة الدين عن طريق بثها للشبهات التي تمثلت في عدة أمور:

-أن الدين هو السبب في تخلف المرأة واضطهادها وأنه عبر تشريعاته الذكورية قد كرس دونية المرأة في قوامة الرجل على المرأة وفي نقصها حقها من الميراث ونقصان شهادتها وجواز التعدد الزوجات

-أن الخطاب القرآني تحيز للذكورة على حساب الإناث، ومن ذلك ما تم في المؤتمر النسوي الذي عقد في اليمن برعاية المنظمات الدولية عام 1999م، قدمت فيه أوراق عمل كثيرة هاجمت التشريعات الإسلامية بوضوح، بل انتقدت آيات من القرآن باعتبارها لا تساوي بين الجنسين، منها قوله تعالى "يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ" حيث جاءت كلمة الذكور معرفة في حين وردت كلمة إناث نكرة!

وقد أحدث هذا المؤتمر ضجة في المجتمع اليمني مما أدى بالقائمين عليها إلى إخفاء الأوراق المطروحة ولا شك أن هذه الأفكار والشبهات تؤدي إلى زعزعة الإيمان بعصمة الدين وصحته.

 


 

المصدر:

أمل بنت ناصر الخريف، مفهوم النسوية: دراسة نقدية في ضوء الإسلام، ص119

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية
اقرأ أيضا
بين مسالك الحق والباطل | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين مسالك الحق والباطل


ويوجد من الناس من يؤمن بالحق ظاهرا ﻷنه أول شيء معلوم وارد إليه أو ﻷنه أقوى ظهورا وصوتا من الباطل فإذا أصبح الباطل أقوى صولة وظهورا ينقلب وينتكس إلى الباطل فيظن أنه انتقل من باطل باطن إلى حق باطن والصواب أنه اغتر بالصور المحسنة والمقبحة فانتقل من ظاهر ضعيف إلى ظاهر قوي ولم يهتم بالحقائق ويدقق فيها

بقلم: عبد العزيز الطريفي
294
أصول الانحراف الدرس الأول ج1 | مرابط
تفريغات

أصول الانحراف الدرس الأول ج1


سلسلة ماتعة للدكتور أحمد عبد المنعم تدور حول أصول الضلال أو أصول الانحراف من خلال أصول الوحي نريد أن نتكلم عن الضلال الذي وقع فيه كثير من الناس فالضلال وقع فيه كثير من الناس لماذا ما هي الأصول التي حذر منها القرآن والتي لو وقع فيها الإنسان -في هذه الأصول- ينحرف والعياذ بالله

بقلم: أحمد عبد المنعم
391
مشكلة الشر: المنهج المادي والتطور | مرابط
أباطيل وشبهات اقتباسات وقطوف الإلحاد

مشكلة الشر: المنهج المادي والتطور


لا يمكن للملحد طلب العدل في مقابل الظلم مثلا إلا إذا كان لديه مسبقا مصدر يوجب على المخلوقات كيف تعيش ليحتكم إليه وعليه يقيس ومن هنا: فلا يوجد أي منهج أو فكر إلحادي أو لا ديني عموما فيه مثل هذا الوجوب أو الإلزام المسبق فحيث لا خالق لا يوجد افعل ولا تفعل كل شيء سيصير نسبيا حسب حاجة كل فرد لضمان بقائه ولو على حساب ظلم أو هلاك الآخرين

بقلم: م أحمد حسن
807
عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها | مرابط
اقتباسات وقطوف

عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها


مقتطف هام من كتاب الفوائد لابن قيم الجوزية يضع بين يدينا عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها العبد مهما بذل فيها من وقت وجهد وكدح ثم بعدما يذكرها يقف على أعظم الإضاعات التي قد يقع فيها العبد وهما إضاعة القلب وإضاعة الوقت

بقلم: ابن القيم
623
أهمية اللغة العربية وبعض خصائصها | مرابط
لسانيات

أهمية اللغة العربية وبعض خصائصها


واللغة العربية هي مستودع ذخائر الأمة ومخزونها الثقافي لأن التراث الهائل العربي والإسلامي كله مقيد ومدون بالعربية ولا تخفي قيمة التراث عند الأمم فهو حلقة الوصل بين الأمة وعلمائها وهو الذي يحدد شخصيتها ويرسم ملامحها

بقلم: جامعة أم القرى
443
خارطة الإسلام هل هي قابلة للتعديل | مرابط
فكر مقالات

خارطة الإسلام هل هي قابلة للتعديل


الإسلام ليس مجرد أحكام مبعثرة يطلب من الناس الالتزام بها ولا هو مجرد قطع متناثرة على الأرض يمكن للإنسان أن يحركها كيف يشاء وليس هو عبارة عن طوابق يمكن أن يفصل بعضها عن بعض وإنما هو عبارة عن بنيان مرصوص ومتكامل ومتناسق في أجزائه وكيان متداخل في مكوناته وكل لبنة فيه موضوعة في موضعها الأكمل بحكمة وعناية فالمشرع الحكيم في بنائه للمنظومة الإسلامية لم يكتف بمجرد تقرير الأحكام التشريعية فحسب وإنما اهتم أيضا برسم صورة دقيقة لخارطة تلك الأحكام بحيث تكون كل قطعة فيها متواضعة في المكان الأتقن والأجمل

بقلم: سلطان العميري
659