أثر اليهودية في الحياة الأوروبية

أثر اليهودية في الحياة الأوروبية | مرابط

الكاتب: عبد الرحيم السلمي

522 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

استطاع اليهود أن يؤثروا تأثيرًا كبيرًا في الحياة الأوروبية، فكيف تم ذلك؟

 

اليهود كانوا عند الغربيين مذمومين، فالغربيون كانوا يذمونهم وكانوا يسبونهم، وكانوا يعتبرونهم شريرين، وكانوا يذلونهم إذلالًا كبيرًا، فلما بدأت الثورة في فرنسا -وهي التي يسميها كثير من الكتاب اليوم: ثورة النور- كانوا ممن ناصرها، وسنلاحظ ما هي النتائج التي حصلت لهذه الثورة الفرنسية.

 

وممن رتب لها الجمعيات الماسونية التي كانت منتشرة في تلك الفترة في فرنسا، وكانت الجمعيات الماسونية تأخذ تعليماتها من اليهود، وأنتم تعلمون أن النفسية اليهودية مبنية على أنهم شعب الله المختار، وعلى أن الأممين جميعًا بما فيهم المسلمين والنصارى وأيضًا الأديان الأخرى جميعًا كلهم يعتبرونهم حميرًا يركبهم شعب الله المختار، وهذا ما ينص عليه التلمود عندهم.

 

والتلمود هذا هو: عبارة عن خطط وأفكار كتبها زعماء اليهود، وهي ليست من التوراة ولا علاقة لها بالتوراة.

 

فاستغل اليهود رغبة الجماهير في الخروج على رجال الدين وعلى الحكام أو الإقطاعيين الذين كانوا يحكمون الإقطاعيات، وكان بالإمكان لو لم يستغل اليهود هذه الفرصة أن يثور النصارى هؤلاء على رجال الدين، فيمنعون هؤلاء الرجال المفسدين للدين، ويبقى فيهم احترام للدين واحترام للأخلاق واحترام للآداب؛ لأن المرأة -مثلًا- في تلك الفترة -يعني: في زمن الإقطاع- لم تكن متبرجة، بل كانت تضع على رأسها منديلًا، وتلبس الأكمام الطويلة والملابس الضافية، ولا تكشف إلا وجهها، لكن لما دخل اليهود في هذه الثورة وجهوها وجهة سيئة كان لها آثار كبيرة جدًا في المجتمع الغربي نشاهدها الآن، فكيف وجهوها؟

 

وجهوا غضبة الجماهير لقدح الدين نفسه، فإنهم أوحوا لهم من خلال الخطب التي كانوا يلقونها ومن خلال تحريم الناس، ومن خلال النظريات العلمية التي أحدثوها فيما بعد، أوحوا إليهم أن سبب التخلف الواقع في أوروبا هو بسبب الدين، أيًا كان هذا الدين، سواء كان دينًا صحيحًا أو دينًا باطلًا، فلما اقتنع الجماهير بأن الدين هو السبب ظهر الإلحاد، وظهر في المجتمع الغربي من ينكر وجود الإله، ومن يضحك على الرسل ويستهزئ بهم، وظهر في المجتمع الغربي نظريات مبنية على الإلحاد، وسيأتي معنا شيء منها عند التفصيل بإذن الله تعالى.

 

إذًا: وجه اليهود الثورة الفرنسية لضرب الدين نفسه، فكانت الثمرة ظهور الإلحاد، هذا من جهة الدين، فإنهم غضبوا على رجال الدين.

 

وأما من جهة السياسة فاليهود كما تعلمون محتقرون، واليهود يعتبرون شريرين خبثاء، فوجهوا الجماهير أيضًا إلى الديمقراطية، وقالوا: إن الحكومات لا يجوز أبدًا أن تبقى بيد رجل واحد، بل لا بد أن تكون مشتركة من الجماهير جميعًا، الشعب كله يشارك فيها، يشارك في سن القوانين، ويشارك في سن الأنظمة، بغض النظر عن الدين أو الأخلاق أو الجنس أو اللون، فما دام أن الإنسان في بلد واحد، وأنه يحمل جنسية هذا البلد فله حق التصويت حتى ولو كان على أي دين، وحينئذٍ ألغيت الاعتبارات القومية في الديمقراطية، وألغيت الاعتبارات العرقية، وألغيت الاعتبارات الدينية، فكانت هذه فرصة مناسبة لمشاركة اليهود في العمل السياسي مع الغربيين.

 

أما من جهة الأموال فإن الفترة التي ظهرت فيها الثورة الفرنسية كانت فترة نشوء الصناعة في أوروبا، ولما نشأت الصناعة كان في ذلك تحول ونقلة جذرية في المجتمع، فانتقلوا من مجتمع يعتمد على الزراعة -والزراعة قديمة، والربح فيها مضمون- إلى المجتمع الصناعي الجديد الذي لا يعرفون طبيعته وقد يفشلون، فكثير من أصحاب الأموال خصوصًا أصحاب الكنيسة ورجال الإقطاعيين السادة أو النبلاء ما كانوا يريدون أن يضعوا أموالهم في أيدي هؤلاء أصحاب الصناعة؛ لأنهم لا يعلمون هل تنجح أو لا تنجح، فجاء اليهود واتفقوا مع أصحاب الصناعة الذين يريدون إنشاء مصانع وتحريك العمل الصناعي على أن يقرضوهم بالربا.

 

وأنتم تعلمون أن اليهود هم أهل الربا وسادته، فيعطونهم أموالًا ويقولون: تردون هذه الأموال وعليكم زيادة نسبة بقدر كذا، فهم استطاعوا أن يحفظوا أموالهم من جهة فلم تتعرض للخطر والمغامرة، فهم لم يدخلوا معهم شركاء وإنما دخلوا مقرضين، واستطاعوا أن يكسبوا بالربا، فكونوا أول فكرة للإقراض بالربا، وهي التي يعيش عليها أكثر العالم اليوم مع الأسف، فمثلًا: شخص عنده صناعة، وعنده عمل يريد أن يقوم به، يقترض من صاحب مال ويأخذ المال هذا ويعطيه ربحًا أو فائدة -كما يسمونها- بقدر كذا، فهو يعمل فيه، فإذا جاءته نتائج العمل أعطاه نسبة وأخذ الباقي، فكون اليهود بهذه الطريقة رأس مال ضخم جدًا، واستطاعوا أن يؤثروا في الحياة الاجتماعية من خلال الإعلام فيما بعد، فإن الذي يشكل عقليات الناس هو الإعلام كما هو معلوم، وحينئذٍ استطاع اليهود أن يوجهوا العقلية الأوروبية بهذه الطريقة، فأصبح اليهود هو الراكب على ظهر الحمار الأوروبي الذي وجه كما أرادوا؛ ولهذا تلاحظون اليوم أن اليهود يؤثرون تأثيرًا كبيرًا جدًا في مجريات الحياة الغربية، وتلاحظون أن الغرب اليوم متحمس لليهود تحمسًا كبيرًا، فما هو سر هذا التحمس؟

 

هذه قضية واضحة، نشأتها التاريخية من الثورة الفرنسية تقريبًا.

 


 

المصدر:

محاضرة نشأة المذاهب في الغرب وتأثر المسلمين بها

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اليهودية
اقرأ أيضا
هلوع جزوع منوع.. هكذا وصف الإنسان في القرآن | مرابط
مقالات

هلوع جزوع منوع.. هكذا وصف الإنسان في القرآن


هلوع جزوع منوع هكذا وصف الإنسان في القرآن.. تلك الصفات تبدو مطلقة عامة في مفتتح ذكرها بسورة المعارج ذلك الخلق الأجوف يحوي بداخله فراغا يسعى دوما لملئه بأي سبيل لأجل ذلك الفراغ يجمع ويمنع ويسعى ويلهث وإذا استشعر ما يحول بينه وبين ما يملأ جوفه فإنه يهلع ويجزع هكذا خلق بعموم وشمل.. لكن ثمة استثناءات وثمة بشر يمكن وصفهم بأنهم استثنائيون.. بشر تمكنوا بفضل الله ورحمته من مواجهة تلك الصفات المذمومة وأحسنوا التعامل معها وامتلأ فراغ نفوسهم بأشياء أخرى أهم هذه الأشياء الصلاة: وذلك هو أصل الاستثناء إل...

بقلم: محمد علي يوسف
257
هل القرآن منقول من الكتاب المقدس ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين

هل القرآن منقول من الكتاب المقدس ج1


يقول المشككون أهل الباطل أن القرآن منحول عن الكتاب المقدس في كثير من معارفه ونصوصه التي شابهت ما في الكتاب المقدس من أخبار السابقين وبين يديكم مقال تفصيلي في الرد على هذه الفرية يقف فيها الكاتب الدكتور منقذ السقار على حقائق الإيمان بين القرآن والكتاب المقدس وقصص الأنبياء وأخبار الأمم السابقة في الكتابين وكذلك الأحكام التشريعية بين القرآن والكتاب المقدس لندرك حقيقة الأمر وندرك الباطل الذي بنيت عليه هذه الشبهة

بقلم: د منقذ السقار
1502
قصة العلمانية التي لا تعارض الإسلام | مرابط
فكر مقالات

قصة العلمانية التي لا تعارض الإسلام


هل كان يدور بخلد الفقيه المالكي شهاب الدين القرافي ت684 ه أن اسمه سيتردد بعد وفاته بقرون في محاولة التلفيق بين النظام السياسي الإسلامي والعلمانيهل كان القرافي يريد في حديثه عن تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم بالإمامة والقضاء ما ذكره بعض المعاصرين عنه أن دليل على أن الأحكام الشرعية السياسية تصرفات غير ملزمة وإنما هي مرتبطة بالأئمة يقيمونها بحسب الأصلح

بقلم: فهد بن صالح العجلان
762
الدعوة إلى الله | مرابط
مقالات

الدعوة إلى الله


ولم يمر على المسلمين زمن كانوا أبعد فيه عن القرآن كهذا الزمن فلذلك وجب على كل من امتحن الله قلبه للتقوى وآتاه هداه أن يصرف قوته كلها في دعوة المسلمين إلى القرآن ليقيموه ويحققوا حكمة الله في تنزيله ويحكموه في أهواء النفوس ومنازع العقول ويسيروا بهديه وعلى نوره فإنه لا يهديهم إلا إلى الخير ولا يقودهم إلا إلى السعادة.

بقلم: محمد البشير الإبراهيمي
306
المجتمع الديموقراطي | مرابط
اقتباسات وقطوف الديمقراطية

المجتمع الديموقراطي


إذا وقفنا على مفهوم المجتمع الديموقراطي سنجد أكثر من تعريف ويبدو أن هناك طرفين أساسيين يتجاذبان تعريف هذا المجتمع الأول هو الغارق في المثالية المطلقة التي لا تعرف للواقع طريقا والثاني هو الواقعي المستمد من حياة الأنظمة الحاكمة وبين يديكم مقتطف للكاتب نعوم تشومسكي يوضح فيه هذين التعريفين

بقلم: نعوم تشومسكي
668
المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج2 | مرابط
تفريغات المرأة

المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج2


يقولون: إن المرأة تتحجب لتخفي عيوبها عن زوجها الذي يريدها فهؤلاء أقوام رأوا في أوروبا الحضارة والمدنية والرقي فظنوا أن المرأة كانت مستعبدة لا تملك من أمرها شيئا فجاءت الحضارة والمدنية الحديثة وأعطت للمرأة شيئا من حقها ولكنهم لم يقفوا عند مرحلة الاعتدال فظنوا أن من الحرية أن تختلط المرأة بالرجل والرجل بالمرأة ومن العدالة أن تتمرد المرأة على تعاليم السماء ومن المساواة أن تعمل المرأة عمل الرجل والرجل عمل المرأة فكانوا بين إفراط وتفريط

بقلم: عمر الأشقر
670