الروح في اليقين والهم في الشك

الروح في اليقين والهم في الشك | مرابط

الكاتب: خالد بهاء الدين

354 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحمد لله وحده.
الرَّوح في اليقين، والهمُّ في الشكِّ!

الزهد في الدنيا، هو طريق راحة قلبك من الهم، فإنها هم دائم ما دامت. 
والزهد فيها يرجع إلى ثلاثة أصول، كلّها قلبيُّ المنشأ، ليس فيها ما هو جارحيٌّ!
وكلّها ينشأ من عبادة اليقين بالله وحده، وهي قلبيّة.

1- فالأصل الأول:

أن تكونَ ثقتك بما عند الله أشدّ من ثقتك بما في يدك.
وهي التي يعبّر عنها أئمّة السلوك والعبادة أحيانًا بـ(الرضا عن الله)!
- قال الفضيل بن عياض: (أصل الزهد؛ الرضا عن الله عز وجل).
- وقال الحسن البصري: (إنَّ مِن ضعف يقينك: أن تكون بما في يدك؛ أوثقَ منك بما في يد الله).
- وقال يونس بن ميسرة رحمه الله: (الزهادة في الدنيا: أن تكون بما في يد الله؛ أوثق منك بما في يدك).
وظاهرٌ واضحٌ أنَّ هذا الأصل، هو عين (اليقين) بما عند الله، وتمام الثقة به، فلا يفتقر لشرح.

2- والأصل الثاني:

ألا تكونَ في حال المصيبة حزينًا على فوات شيء من الدنيا. 
بل تكون راغبًا في ثواب الله، أو في تكفير ذنوبك بتلك المصائب.

وهذا من أعظم معاني الزهد في الدنيا وعدم الحرص عليها!
- وقد قال عليٌّ رضي الله عنه:
(من زهِد الدنيا؛ هانت عليه المصيبات)!!

وأصل ذلك - أيضًا - (اليقين) ، كما في الحديث أن سيّدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من دعائه: 
(اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا)!

فعلَّمَنا بذلك أن اليقين التام؛ هو الباعث على تحمّل المصائب الدنيوية، والصبر عليها.

3- والأصل الثالث:

أن يستوي عندك الحامدُ والذّامُّ، والتاركُ والرّاغبُ، والهاجرُ والمواصل.

فيكون كل هؤلاء سواء، ما دمتَ في استقامة على أمر الله!
فإن الراغب في الدنيا ومعظّمها: يحسب حساب النّاس، فيخشى ذمّهم، ويرغب في مدحهم، حتى إنه ربمّا أتى المكروهات أو المحرّمات، أو ترك المستحبّات أو الواجبات؛ رغبًا في مدح الناس أو ترك ذمّهم!

أما من يستوي عنده النّاس مدحًا وذمًّا؛ فإنه يطلّق الدنيا، ويرغب في الحقّ سبحانه وحده وفيما عنده.

وهو إذا أسقط المخلوقين من حِسبانه؛ فإنه يفعل الحقَّ، ويقول الحقَّ، ولا يخاف لومة لائمٍ.
وهذا هو الذي مدحه الله!!

وهذا من أعظم الزهد في الدنيا، وأصله (اليقينُ) أيضًا، كما:
- قال ابن مسعود رضي الله عنه: (اليقين: أن لا تُرضي الناسَ بسخط الله)!

فاليقين: أصل الزهد، والباعث عليه.
وذو اليقين الكامل: أغنى الناس، وإن لم يكن له من الدنيا شيء!

فما اليقين؟!

قال ابن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(اليقين:
1- ألّا تُرضي النّاسَ بسخطِ الله.
2- ولا تحمدَ أحدًا على رزق الله.
3- ولا تلومَ أحدًا على ما لم يؤتك الله).

وقال رضي الله عنه:
(الرزق لا يسوقُه حرص حريصٍ، ولا يردُّه كراهة كاره، فإن الله - بقسطه وعلمه وحكمه - جعلَ الرَّوحَ والفرحَ: في اليقينِ والرِّضا، وجعلَ الهَمَّ والحزْنَ: في الشّكِّ والسُّخْط)!

وكان بعض السَّلف لا يقوم من مجلس حتى يدعو:
(اللهم هب لنا يقينًا منك حتى: تهون علينا مصائب الدنيا، وحتى نعلم أنه لا يصيبنا إلا ما كتبتَ علينا، ولا يصيبنا من الرزق إلا ما قسمت لنا)!!
اللهم آمين!

سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اليقين #الشك
اقرأ أيضا
أوروبا قبل الاتحاد: تاريخ من العداء | مرابط
تاريخ

أوروبا قبل الاتحاد: تاريخ من العداء


إذا أردنا أن نلخص التاريخ الأوربي في عنوان واحد فلن نجد أفضل من تاريخ من العداء حيث لم تتمتع دول أوربا على مر تاريخها بالوحدة والعيش في ظل حكومة واحدة إلا في حقبة واحدة عاشتها تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية التي استطاعت أن تحكم قبضتها الحديدية على غالب دول أوربا لمدة ثلاثة قرون كاملة من الزمان ثم انهارت وهلكت مخلفة انقسامات حادة وخلافات عميقة وفي هذا المقال نقف على أهم المحطات والمراحل التي مرت بها أوروبا قبل الاتحاد

بقلم: راغب السرجاني
1111
من قصص المرأة الغربية | مرابط
تفريغات المرأة

من قصص المرأة الغربية


إن جولة واحدة في مجتمعات الانحلال تكفي لإدراك ذلة النساء للرجال فالمرأة هناك تشتغل حمالة حقائب في المطار وعاملة نظافة في الطريق ومنظفة حمام في الشركة وإن كانت جميلة اشتغلت في مرقص أو بار فهذا سكير يعربد بها وذاك فاجر يعبث بجسدها والثالث يتخذها سلعة يتكسب منها فإذا قضوا حاجتهم منها صفعوا وجهها أو ركلوها بأقدامهم وإذا كبرت ألقيت في دار العجزة التي هي أشبه بالسجون أو المقابر

بقلم: محمد العريفي
312
أبرز آراء النسوية الراديكالية: الشذوذ الجنسي وبناء الأسرة اللانمطية | مرابط
النسوية

أبرز آراء النسوية الراديكالية: الشذوذ الجنسي وبناء الأسرة اللانمطية


ومع تصاعد الموجة الجنسانية الحديثة وتمرد الغربيين على كل القيم والأعراف والأديان وميلهم لتقديس كل نزواتهم وغرائزهم والاستجابة لها بأية وسيلة ثم الإباحية المفرطة التي أدت إلى انصرافهم عن النساء بحثا عن تنويع اللذة وتكثير التجربة الجنسية وتطور هذا الأمر في العالم الغربي إلى حد أن تورطت فيه شخصيات كبيرة في المجتمع الغربي من السياسيين وأهل الفن والإعلام والرياضيين وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال بل حتى وصل الأمر إلى رجال العبادة في الكنائس وفي أعلى المراتب الكنسية

بقلم: مثنى أمين الكردستاني
2646
خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام ج1 | مرابط
فكر الديمقراطية

خلط الإسلام بالديمقراطية إساءة كبيرة للإسلام ج1


الديمقراطية لما كانت تعني باختصار حكم الشعب - سواء في وضعها البدائي عند اليونان أو في تطبيقاتها المعاصرة - صار الشعب عندهم هو مصدر السلطات بما فيها أهم وأكبر السلطات وهي السلطة التشريعية التي تعد في الإسلام خالص حق الله وحده لاشريك له وبذلك أصبح الشعب في الوضع الديمقراطي المرجع الوحيد في التحليل والتحريم فالمحرم ما حرمه الشعب والمباح ما أباحه بقطع النظر عن وجود حكم شرعي مغاير بالكلية لاختيار الشعب في القرآن والسنة وإجماع الأمة عبر القرون

بقلم: د عبدالله بن عبدالعزيز العنقري
2706
معرفة مذهب السلف | مرابط
اقتباسات وقطوف

معرفة مذهب السلف


فإنا لما أردنا أن نبين مذهب السلف ذكرنا طريقين: أحدهما: أنا ذكرنا ما تيسر من ذكر ألفاظهم ومن روى ذلك من أهل العلم بالأسانيد المعتبرة والثاني: أنا ذكرنا من نقل مذهب السلف من جميع طوائف المسلمين من طوائف الفقهاء الأربعة ومن أهل الحديث والتصوف وأهل الكلام كالأشعري وغيره فصار مذهب السلف منقولا بإجماع الطوائف وبالتواتر لم نثبته بمجرد دعوى الإصابة لنا والخطأ لمخالفنا كما يفعل أهل البدع

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
519
استمداد المذاهب من خارج أهلها | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

استمداد المذاهب من خارج أهلها


يتصور البعض أن المذاهب الفقهية أسوار مغلقة أقرب إلى القنوات المتجاورة التي تسير بجنب بعضها لكنها لا تتمازج أي أنها كانت تجتهد وتفكر وتنتج داخل فضائها الفقهي الخاص فقط وهذا غير دقيق فهناك فقهاء يمكن تسميتهم الفقهاء العابرين للحدود وهم فقهاء أثروا على مذاهب أخرى تأثيرا جوهريا أوجزئيا وفي هذا المقال يناقش المؤلف هذه المسألة ويحلق بنا في فضاء الفقه الإسلامي

بقلم: إبراهيم السكران
1428