"معقول يسمح الإسلام بالزواج من الكتابية ولا يسمح بالترحم عليها إذا ماتت؟ "
كنت أقرأ اليوم وردي من القرآن فاستوقفتني آية، ركز معي: قال الله تعالى في سورة المائدة: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)).
لاحظ كيف أحلت الآية الزواج من الكتابيات "اليهوديات والنصرانيات" ثم بعد ذلك قال تعالى: (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ). قد تظن أن هذه الخاتمة لا علاقة لها بأول الآية وإباحة الزواج من الكتابيات. بل له علاقة. ما هي؟
قال ابن عاشور رحمه الله: (والمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلى أنَّ إباحَةَ تَزَوُّجِ نِساءِ أهْلِ الكِتابِ لا يَقْتَضِي تَزْكِيَةً لِحالِهِمْ، ولَكِنَّ ذَلِكَ تَيْسِيرٌ عَلى المُسْلِمِينَ. وقَدْ ذُكِرَ في سَبَبِ نُزُولِها أنَّ نِساءَ أهْلِ الكِتابِ قُلْنَ لَوْلا أنَّ اللَّهَ رَضِيَ دِينَنا لَمْ يُبِحْ لَكم نِكاحَنا).
يعني لا يظُنَّنَّ ظان أن إباحة الزواج من الكتابيات يعني أن دينهن مرضي عند الله تعالى. بل كل من كفر بالإيمان من توحيد الله تعالى والإيمان بجميع رسله، ومنهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وجميع كتبه، ومنها القرآن...كل من كفر بهذا الإيمان (فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين)...لاحظ: (فقد حبط عمله) فلا أجر له عليه في الآخرة، (وهو في الآخرة من الخاسرين)، وليس من المرحومين كما يقول المبطلون!!
فلمن يقول:
معقول يسمح الإسلام بالزواج من الكتابية ولا يسمح بالترحم عليها إذا ماتت؟
نقول له: سؤالك يشبه: معقول يسمح الإسلام بالزواج من الكتابية ومع ذلك لا يصحح دينها بل ينص على حبوط عملها وخسرانها في الآخرة؟
والجواب: نعم معقول، وهذه الآية من الأدلة، وغيرها الكثييير مما ذكرناه في الحلقة.
طبعًا هذا كله بعيدًا عن حكم الزواج من الكتابيات في زمننا الحالي في أوضاع لا يأمن فيها المسلم على دين ذريته.
نسأل الله أن يجنبنا مضِلات الفتن.