إن العزة قد تكون في الحق، فيكون صاحبها عزيزا ولو كان ضعيفا مستضاما، لا يذل للخلق، ولا يتنازل عن شيء من دينه.. عزيز بعزة الله تعالى؛ لأنه قد شرف بعبوديته له، والانتساب لدينه، والفخر بإسلامه، وتطبيق شريعته، ولو سخر منه الساخرون، واستهزأ به المنافقون.. فهذه هي العزة بالحق؛ لأنها اعتزاز بمن يملك العزة، وانتساب لدينه، وتطبيق لشريعته، والله تعالى متصف بالعزة الكاملة التي لا نقص فيها، ولا أحد أعز منه سبحانه وتعالى، بل لا عزة لمخلوق إلا به عز وجل ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الصَّفات: 180]، ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَللهِ العِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10].
ومن أوصاف أهل هذه العزة أنهم ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، ونعتهم الله تعالى بقوله سبحانه ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54] فلا يلينون في الحق، ولا يداهنون الخلق، ولا يستكينون للعدو، ولا يتنازلون عن شيء من دينهم مهما رُغبوا أو رُهبوا، قال الله تعالى في وصفهم في الأمم السابقة ﴿ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ﴾ [آل عمران: 146].
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: (( لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متحزقين ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم ويذكرون أمر جاهليتهم فإذا أريد أحدهم على شيء من دينه دارت حماليق عينيه كأنه مجنون)) أي غيرة لله تعالى، ونصرة لدينه، واعتزازا بالحق.
وعلى المؤمن أن لا ييأس لما يرى من عزة الكافرين والمنافقين وقوتهم وغلبتهم؛ لأنه معتز بالله تعالى وهو سبحانه فوقهم؛ ولأن الأيام دول والعاقبة للتقوى ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ العِزَّةَ لله جَمِيعًا ﴾ [يونس: 65].
المصدر:
شبكة الألوكة