أهواء الناس في وقت الفتن

أهواء الناس في وقت الفتن | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

141 مشاهدة

تم النشر منذ 5 أشهر

كذلك أيضًا فإن شهوات الناس وتشوفهم للفتن يتنوع، فمن الناس من يلتفت إلى فتنة السمع, ومنهم من يتشوف إلى فتنة البصر، ومنهم من يتشوف إلى فتنة الفرج، ومنهم من يتشوف إلى فتنة الكلام، ومنهم من يتشوف إلى فتنة الفكر وغير ذلك، فتتنوع الفتن، فبحسب أهواء الناس تنوعت الطرق، ولهذا قال الله جل وعلا: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" [البقرة:257]ً، فسماها: ظلمات، وسمى الحق: نورًا، فجعله نورًا واحدًا وجعل الظلمات متعددة، وذلك بحسب المشارب، ولهذا كان على كل طريق منها شيطان يدعو إليها.

والتبصر بمعرفة الطرق هذه يرجع إلى حكمة الإنسان ويرجع أيضًا إلى معرفة العالم المتبصر بخطورة هذه الفتن تراكمًا، فإن العالم اليقظ وكذلك الداعية وكذلك العابد الصالح الذي يعرف مواضع الخطورة يعرف الفتنة المقبلة ويعرف الفتنة المدبرة، ويعرف الفتنة العظيمة ويعرف الفتنة الحقيرة، ومرد ذلك كله إلى معرفة العظيم والحقير, والكبير والصغير, والقوي والضعيف بما قدره الشارع من كلام الله جل وعلا, وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن نقيم الشريعة بما قيمها الشارع، ونقيم الدنيا مما تركه الشارع لنا بما ننظر إليه، وما أعطانا الله جل وعلا من حس ومعرفة وإدراك، فالخلط في هذين البابين يجعل الإنسان يضطرب في هذا.

لهذا يقول العلماء: إن أهل العلم العارفين بمواضع الخير والشر هم أهل الإدراك والعناية، وهم أولى أن يستمع لقولهم؛ وذلك أن كثيرًا من الناس ينظرون إلى دائرة واحدة وهي دائرة الشر، أو ينظرون إلى دائرة واحدة وهي دائرة الخير، فلا يميزون أولى مراتب الخير، وكذلك لا يميزون بين أدنى دركات الشر، وهذا الخلط يقع فيه كثير من العامة ويمتحن فيه كثير من العلماء حتى ينساق كثير من العلماء بأخذ الأدنى تلبيةً لرغبة العامة، وهذا من الجهل.

لهذا ينبغي للإنسان ألا يجامل في دين الله جل وعلا، وأن يقدم أمور الدين وأحكامه بحسب تقديم الله جل وعلا، وأن يأخذ الأشد فالأشد بحسب تأكيد الشارع عليه، ولهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الله جل وعلا عليه شريعته على سبيل التدرج، وهذا التدرج جاء بالأهم مع صعوبته وشدته؛ وذلك أن أعظم الأمور ثباتًا ورسوخًا في قلب الإنسان ما يفعله الإنسان على سبيل التعبد والتدين، فإن كفار قريش قد فتنوا بأمر الأصنام والأوثان، وأصلها هي من الأولياء والصالحين فصوروها ثم جعلوا لها أصنامًا وتماثيل ثم عبدوها من دون الله جل وعلا، وهذه تتعلق بأفعالهم وأقوالهم في نومهم ويقظتهم، لا يغادر الإنسان إلا وقد تطير بشيء من أصنامهم واستقسم بالأزلام.

وكذلك أيضًا في حال ولادة أحد له من ذكر أو أنثى، وكذلك في زواجهم، وكذلك أيضًا في ذبائحهم يهلون بها لغير الله، كذلك أيضًا في أقوالهم ومجالسهم وأيمانهم فتشربت قلوبهم بذلك، فمع كون هذا الأمر قد تشرب بقلوبهم ولكنه يتعلق بأمر التوحيد أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل ما كان من أمر الدين ولو كان متأكدًا دون أمر التوحيد، فرسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر التوحيد قدر وسعه وإمكانه، فدعا إليه بمكة مع جملة من فضائل الإسلام والإيمان، وكذلك مكارم الأخلاق التي تتوافق مع الفطرة وتحث على ما كان عليه كفار قريش مما يعضد هذا هذا، فإن في تصحيح أجزاء الفطرة تأسيسًا وتقعيدًا وتأكيدًا أيضًا لذلك البساط الذي نشأ عليه، أو تلك القاعدة التي نشأ عليها بناء الإسلام.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الطريفي
اقرأ أيضا
الميزان المقلوب الجزء الأول | مرابط
تفريغات

الميزان المقلوب الجزء الأول


فقد ورد في بعض الأحاديث: أن رجلا مر بالرسول صلى الله عليه وسلم فسأل صحابيا عنده: ما تقول في هذا -وكان رجلا وجيها في قومه وصاحب مال وله مكانة في نفوس أهل الدنيا- فقال: هذا حري إن خطب أن يزوج وإن شفع أن يشفع ثم مر رجل آخر فقير فسأله عنه فقال: هذا حري إن خطب ألا يزوج وإن شفع ألا يشفع فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض من مثل ذاك أو كما قال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه

بقلم: عمر الأشقر
368
ليس هناك دليل قطعي | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

ليس هناك دليل قطعي


من المقولات الغريبة في المشهد الفقهي المعاصر المطالبة في مسائل الشريعة بالأدلة القطعية دون الأدلة الظنية فإذا ما حكيت إيجاب مسألة أو تحريمها قال لك بعضهم: هل فيها دليل قطعي وكأن الأحكام الشرعية لا تنبني إلا على القطعيات وأن ما لم يكن بهذه المثابة من الأدلة مطرح الدلالة لا يؤخذ به

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
2157
من أبواب العقل والراحة | مرابط
اقتباسات وقطوف

من أبواب العقل والراحة


باب عظيم من أبواب العقل والراحة: وهو طرح المبالاة بكلام الناس واستعمال المبالاة بكلام الخالق عز وجل بل هو باب العقل كله والراحة كلها من قدر أنه يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون. من حقق النظر وراض نفسه على السكون إلى الحقائق وإن ألمتها في أول صدمة

بقلم: ابن حزم
57
أساطير العهد القديم | مرابط
فكر مقالات

أساطير العهد القديم


يشتمل هذا المقال على مجموعة من الأخبار عن عدد بنى إسرائيل حين دخلوا مصر وحين خرجوا منها ويقف المؤلف على قدر من التزوير والتلفيق الموجود في التوراة هنا سنرى أساطير العهد القديم كما وردت في الكتاب وكيف تخالف أخبارهم بدائه العقول

بقلم: محمد الغزالي
579
لماذا تؤمن بالإسلام وأنت لم تدرس كل الأديان؟ | مرابط
أباطيل وشبهات فكر

لماذا تؤمن بالإسلام وأنت لم تدرس كل الأديان؟


عايز تفهمني إنك درست كل الأديان والعقائد وفضلت تبحث وتقارن بينهم لحد ما وصلت لإن دينك هو بس الصح؟ هذه الشبهة يواجهها كثير من المسلمين عندما يأتي الحديث عن الإسلام وبقية الأديان فيقولون لماذا تقول بأن الأديان الأخرى باطلة؟ طالما أنك لم تدرسها.. وبين يديكم الرد

بقلم: ماهر أمير
146
لماذا خلقني كأنثى؟ | مرابط
فكر المرأة

لماذا خلقني كأنثى؟


هذا جزء من رسالة أرسلت لي من فتاة عبر تويتر تقول فيها: لماذا خلق الله النساء؟ إذا الله كتب على نفسه الرحمة لماذا خلقني كأنثى؟ لماذا جعل الرجل الذي يرى امرأة يريد أن يصل إليها؟ لماذا جعل قوة الرجل أكبر وجعل النساء فرائس سهلة القتل وهتك الأعراض واللمس؟ هل الله رحيم مع النساء؟ أين هو عدل الله مع النساء؟ هل خلقنا ذوات مشاعر وعواطف لتعذيبنا؟ أم ماذا؟

بقلم: محمد بن رمضان
66