أيها المسلم.. لا تنقطع عن نبيك

أيها المسلم.. لا تنقطع عن نبيك | مرابط

الكاتب: مصطفى صادق الرافعي

178 مشاهدة

تم النشر منذ 9 أشهر

 تريد الإنسانية امتدادًا غير امتدادها التجاري في الأرض، وتحتاج إلى معنى يقود إنسانها غير الحيوان الذي فيه؛ وإذا قاد الغراب قومًا فإنما هو — كما قال شاعرنا — يمرُّ بهم على جيف الكلاب … والإنسانية اليوم في مثل ليلٍ حُوشيٍّ (أي متوحش) مظلم اختلط بعضه في بعض، وليست معاني الإسلام إلا الإشراق الإلهي على هذه الكثافة المادية المتراكمة، وإذا رُفع المصباح لم تجد الظلام إلا وراء الحدود التي تنتهي إليها أشعته.

 

وقد علمنا من طبيعة النفس أن إنسانية الفرد لا تعظُمُ وتسمو وتتخيل وتفرح فرحها الصادق وتحزن حزنها السامي، إلا أن تعيش في محبوب؛ فإنسانية العالم لا تكون مثل ذلك إلا إذا عاشت في نبيها الطبيعي، نبي أخلاقها الصحيحة وآدابها العالية ونظامها الدقيق؛ وأين تجد هذا المحبوب الأعظم إلا في محمد ودين محمد؟

 

وعجيب أن يجهل المسلمون حكمة ذكر النبي العظيم خمس مرات في الأذان كل يوم، يُنادى باسمه الشريف ملء الجو؛ ثم حكمة ذِكره في كل صلاة من الفريضة والسنَّة والنافلة، يُهمَس باسمه الكريم ملء النفس! وهل الحكمة من ذلك إلا الفرضُ عليهم ألا ينقطعوا عن نبيهم ولا يومًا واحدًا من التاريخ، ولا جزءًا واحدًا من اليوم؛ فيمتد الزمن مهما امتد والإسلام كأنه على أوله، وكأنه في يومه لا في دهر بعيد؛ والمسلم كأنه مع نبيه بين يديه تبعثه روح الرسالة، ويسطع في نفسه إشراق النبوة، فيكون دائمًا في أمره كالمسلم الأول الذي غيَّر وجه الأرض؛ ويظهر هذا المسلم الأول بأخلاقه وفضائله وحميته في كل بقعة من الدنيا مكان إنسان هذه البقعة، لا كما نرى اليوم؛ فإن كل أرضٍ إسلامية يكاد لا يظهر فيها إلا إنسانها التاريخي بجهله وخرافاته وما ورث من القدم؛ فهنا المسلم الفرعوني، وفي ناحيةٍ المسلم الوثني، وفي بلدٍ المسلم المجوسي، وفي جهةٍ المسلم المعطِّل … وما يريد الإسلام إلا نفس المسلم الإنساني.

 

أيها المسلم!

لا تنقطع عن نبيك العظيم، وعِشْ فيه أبدًا، واجعله مثلك الأعلى؛ وحين تذكره في كل وقت فكُنْ كأنك بين يديه؛ كُنْ دائمًا كالمسلم الأول؛ كن دائمًا ابن المعجزة.

 


 

المصدر:

مصطفى صادق الرافعي، وحي القلم، مقال الإشراق الإلهي وفلسفة الإسلام

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الرافعي
اقرأ أيضا
الكوارث والذنوب | مرابط
فكر

الكوارث والذنوب


فإن كثيرا من الناس يجهل تنوع أسباب البلاء والمصائب وحكم الخالق في ذلك ويجهل تبعا لذلك تنوع آثار النوازل والمصائب الشرعية والقدرية على من حلت بهم فثمت أمور مهمة يجب إدراكها وإذا تحقق في الإنسان العلم بها عرف أن لا تلازم بين نزول المصائب واختصاص من نزلت به بتعاظم ذنوبه على غيره ممن لم تنزل به مصيبة

بقلم: عبد العزيز الطريفي
854
كيف استطاع هتلر أن يتحكم بالأطفال | مرابط
تاريخ فكر مقالات ثقافة

كيف استطاع هتلر أن يتحكم بالأطفال


في الموروث الثقافي الألماني يكون الأب هو سيد البيت والبقية لا يملكون سوى الطاعة من غير سؤال وهكذا كان هتلر بالنسبة للمجتمع الألماني هو الوحيد المسؤول وهو الوحيد الذي له السمع والطاعة فقد نقل مفهوم الأب من البيت إلى إدارة الدولة وكان دائما يستخدم في خطابه مع الأطفال مفاهيم الأبوة فكان يقول: إنه يهتم بأمرهم وبمستقبلهم وإنه يحبهم ويرعاهم

بقلم: محمد علي فرح
222
غموض النصوص الفلسفية | مرابط
اقتباسات وقطوف

غموض النصوص الفلسفية


إن الجملة اللغوية البسيطة فيها مسند ومسند إليه أو تصور وتصديق أو موضوع ومحمول أو موضوع وحكم أو محکوم عليه و محکوم به ونحوها وهي اصطلاحات متقاربة فالمراد أنك تجد في الجملة البسيطة كلمة تقدم تصورا عن موضوع ما وكلمة أخرى تقدم حكما تسنده إلى هذا الموضوع

بقلم: إبراهيم السكران
444
مقالة مفيدة لسفيان الثوري | مرابط
مقالات

مقالة مفيدة لسفيان الثوري


عليك بالصدق في المواطن كلها وإياك والكذب والخيانة ومجالسة أصحابها فإنها وزر كله وإياك يا أخي والرياء في القول والعمل فإنه شرك بعينه وإياك والعجب فإن العمل الصالح لا يرفع وفيه عجب ولا تأخذن دينك إلا ممن هو مشفق على دينه فإن مثل الذي هو غير مشفق على دينه كمثل طبيب به داء لا يستطيع أن يعالج داء نفسه وينصح لنفسه كيف يعالج داء الناس وينصح لهم؟

بقلم: أحمد بن عبد الله الأصفهاني أبو نعيم
90
سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الرابع ج4 | مرابط
تفريغات

سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الرابع ج4


إن الإسلام دين يحرر العقل ويهتم جدا بالحجة والبرهان والدليل فهو يأمر المسلمين بالتدبر والتفكر في كل شيء حتى إنه يناقش أمورا في غاية الحرج يناقش أمور العقيدة والعقيدة: أن تؤمن بالله عز وجل عن طريق الحجة والبرهان والدليل

بقلم: د راغب السرجاني
358
وظيفة الإنسان | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

وظيفة الإنسان


ما هي وظيفة الإنسان في الحياة ربما تجد أن إجابة هذا السؤال ليست واحدة عن جميع الناس فكل يرى الحياة على حسب أولوياته وعلى حسب عقيدته ومذهبه الفكري أو العقدي وفي هذا المقال يستعرض المؤلف الوظيفة الحقيقية للإنسان التي خلقه الله من أجلها وفي المقابل الوظيفة الإنسانية الأولى من وجهة نظر التيار المدني الليبرالي أو العلماني

بقلم: إبراهيم السكران
1780