

اليوم ابتسامة عفوية، وغدًا مجاملة رقيقة في مناسبة أو ما شابه، ثم مصافحة بريئة، يتبعها لقاء عابر (في حدود الأدب طبعًا، وفي مكان مفتوح بكل تأكيد).. ثم يأتي التعلّق القلبي، وتأتي المرأة تشتكي أنها مغلوبة على أمرها، ولا تملك لقلبها شيئًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إن العارف لطبيعة النفس البشرية لا يقول مثل هذا الكلام -في الصورة- أبدًا؛ فالنفس تألف الشيء مع تكراره، وإن ألفته نزعت عنه الحياء، وما إن تنتهي هذه الخطوة حتى تأتي التي تليها.
وهذه هي خطوات الشيطان؛ تزلّ المرأة وتخطو خطوتها الأولى = ثم تتبعها بالثانية، بنفس مبررات الابتسامة العفوية، إلى أن تجد نفسها في القاع.
أين فقه الواقع وأين سد الذرائع؟
بل أين حدود الإسلام التي أفنى العلماء أعمارهم في ترسيخها وتوصيلها؟
هل صار الذوق النسوي يغلب على كل شيء، حتى فتاوى الشيوخ؟
ألا يخشى أن تُحدث هذه الابتسامة أثرًا في القلب مع تكرارها وإلفها؟
إليك نماذج سريعة لكلام العلماء:
(1) منع العلماء أن يشمّت الرجل المرأة إذا عطست، قال ابن الجوزي: وقد روينا عن أحمد بن حنبل أنه كان عنده رجل من العباد، فعطست امرأة أحمد فقال لها العابد: يرحمك الله فقال أحمد رحمه الله: عابد جاه
(2) وقال ابن قدامة: ولو كان الماء بمجمع الفساق، تخاف المرأة على نفسها منهم، فهي عادمته.. بل لا يحل لها المضي إلى الماء.. أي أنها تتيمم.
(3) وقال أبو حامد الغزالي: ويجب أن يضرب بين الرجال والنساء حائل يمنع من النظر؛ فإن ذلك مظنة الفساد، والعادات تشهد لهذه المنكرات.
(4) ويقول ابن عبد البر: يجب على الإمام أن يحول بين الرجال والنساء في التأمل والنظر
(5) يقول القرطبي "وإذا سألتم أزواج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعًا (فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن"
هذا الكلام في زوجات الرسول، أمهات المؤمنين!
هذه هي حدود الإسلام، وهكذا حرص العلماء على سد الذرائع ومنع الفتن.. ولكننا اليوم في زمن النسونة؛ فأصبحنا نرى من الشيوخ من يجمّل الفتاوى ويُخرجها مناسبة للذوق النسوي السائد.
ولمزيد بيان حول مسألة الاختلاط وسد الذرائع: إليكم مقال الاختلاط بين زمانين: https://bit.ly/3WUnaZV
وحول مسألة الحذر من الفتنة: إليكم مقال لا يأمن البلاء من يأمن البلاء: https://bit.ly/3ZdtHQS
الإشارات المرجعية:
- (ابن مفلح، الآداب الشرعية ج2، ص341)
- (ابن قدامة، المغني، ج1، ص151)
- (إحياء علوم الدين، للغزالي، 3/ 43 - 44)
- (التمهيد، 9/ 124)
- تفسير القرطبي